نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الْغَيْنِ
(غ)
غبر: الغابِرُ: الماكِثُ بَعْدَ مُضيِّ ما هو مَعَه. {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ *إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ } [الشُّعَرَاء: 170-171] يَعْنِي فيمَنْ طالت أعْمارُهم، وقيلَ: من الذين بَقُوا في دِيارِهِم ولم يُسْروا ليلاً مَعَ لُوطٍ فهلكوا، وقيلَ: فيمَنْ بَقِيَ بَعْدُ في العَذابِ الأَليمِ. قال تعالى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } [العَنكبوت: 33]، {قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ } [الحِجر: 60] ومنه: الغُبْرُ: البَقِيَّةُ من الشيءِ، وجَمْعُه: أغْبارٌ، وغُبْرُ الحَيْضِ، وغُبْرُ الليلِ. والغُبارُ: ما دقَّ مِنَ الترابِ المُثارِ. وجُعِلَ على بِناءِ الدُّخانِ والعُثارِ ونحوهِما من البَقايا. وقد غَبَرَ الغُبارُ أي ارْتَفَعَ. وقيلَ: يُقالُ لِلماضِي غابِرٌ، ولِلباقِي غابِرٌ فإِنما قيلَ لِلماضِيغابِرٌ تَصَوُّراً بِمُضِيِّ الغُبارِ عن الأرضِ، وقيلَ لِلباقِي غابِرٌ تَصَوُّراً بِتَخَلُّفِ الغُبارِ عن الذي يَعْدُو فَيَخْلُفُه، ومن الغُبارِ اشْتُقَّ الغَبَرَةُ، أي لَطْخُ الغُبارِ وهو ما يَعْلَقُ بالشيءِ مِنهُ، وما كان على لَوْنِهِ. {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عَبَسَ: 40] كِنايَةٌ عن تَغَبُّر الوَجْهِ لِلْغَمِّ يومَ القيامة، كقولِه: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النّحل: 58]. يُقالُ: غَبَرَ يَغبُرُ غُبوراً، واغْبَرَّ، واغْبارَّ الشيءُ: صار أَغْبَرَ، وبنو غبراء: الفقراءُ لاستغراقهم وجْهَ الأرضِ بلا غِطاء ولا مِطاء، قال طَرَفَةُ:
رَأيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكِرُونَنِي
أي بَني المَفازَةِ المُغْبَرَّةِ، وذلك كقولهم: بَنُو السَّبيلِ. وداهِيَةُ الغَبَرِ: إما من قولِهم: غَبَرَ الشيءُ: وقَعَ في الغُبارِ، كأنَّها تُغَبِّرُ الإِنْسانَ، أو مِنَ الغُبْر، أي البَقِيَّةِ من الشيء. والمَعْنَى: بليَّةٌ باقِيَةٌ لا تكادُ تَنْقَضي. أو مِنْ غَبَرَةِ اللَّوْنِ، فهو كقولِهم: داهِيَةٌ زَبَّاءُ، أو مِنْ الغُبْرِ وهو بقيَّةُ اللَّبَنِ في الضَّرع، فَكُلُّها: الدَّاهِيَةُ التي إذا انْقَضَتْ بَقِيَ لَها أثَرٌ، أو مِنْ قولِهم: جرحٌ غَبِرٌ، أي يَنْتَقِضُ مَرَّةً بَعْدَ أخْرَى وقد غَبِرَ العِرْقُ. والغُبَيْراءُ: شرابُ الذُّرة، وفي الحديث «إيَّاكم والغُبيراءُ فإنَّها خمرُ العالم».
غبن: الغَبْنُ: أنْ تَبْخَسَ صاحِبَكَ في مُعامَلَةٍ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ بِضَرْبٍ مِنَ الإِخْفاءِ، فإِن كان ذلك في مالٍ يُقالُ: غَبَنَ فُلانٌ، وإن كان في رَأيٍ يُقالُ: غَبِنَ وغَبِنْتُ كذا غَبْناً، إذا غَفَلْتَ عنه، فعَدَدْتَ ذلك غَبْناً أي غفلةً. ويومُ التَّغابُنِ: يومُ القِيامَةِ، لِظُهُورِ الغَبْنِ المشار إليه في قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التّغَابُن: 9] على وزن تفاعل من الْغَبْنِ. وفي تفاعل الغَبْن يَأخذ المؤمنُ حظَّهُ مِنَ الآخرةِ فيكونُ أَخَذَ ما هُوَ خيرٌ، وَتَرَكَ ما هُوَ شَرٌّ له؛ والكافِرُ يَتركُ حظَّهُ مِنَ الآخرةِ، ويسعى لأَخْذِ حَظِّهِ مِنَ الدُّنيا فقط، فيترُكُ الخيرَ الدّائمَ، فَكان مَغْبوناً. وبذلك يظهرُ يومَ القِيامَةِ الغابِنُ والمَغبونُ.
وقيل يومُ التّغابُنِ: غَبْن أَهلِ الجنَّةِ لأهلِ النَّارِ، لقولِ رسول الله (ص) : «ما من عَبْدٍ مؤمنٍ يَدخُلُ الجنَّةَ إلاَّ أُريَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لو أَساءَ، ليزدادَ شُكْراً، وما من عَبْدٍ يَدخُلُ النَّارَ إلاّ أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الجنَّةِ لو أَحْسَنَ، ليزدادَ حَسْرَةً، فيشعُرَ بأنَّهُ مَغْبونٌ، وهو الذي غَبِنَ نفسَهُ في الدُّنيا قبل الآخرة»(31).
غثو: قال تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون: 41]، {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } [الأعلى: 5]. الغُثاءُ: غُثاءُ السَّيْلِ والقِدْرِ وهو ما يَطْفَحُ ويَتَفَرَّقُ من النَّبات اليابِسِ وزَبَدِ القِدْرِ، ويُضْرَبُ به المَثَلُ فيما يَضِيعُ ويَذْهَبُ غَيْرَ مُعْتَدٍّ به. ويقالُ: غَثا الوادِي غَثواً. وغَثَتْ نَفْسُه تَغْثي غَثَياناً: خَبُثَتْ.
غدر: الغَدْرُ: الإِخْلالُ بالشَّيءِ، وتَرْكُه. والغَدْرُ يُقالُ لِتَرْكِ العَهْدِ، ومنه قيلَ: فُلانٌ غادِرٌ، وجَمْعُه: غَدَرَةٌ. وغَدَّارٌ: كَثِيرُ الغَدْرِ. والأغْدَرُ والغَدِيرُ: الماءُ الذي يُغادِرُه السَّيْلُ في مُسْتَنْقَعٍ يَنْتَهِي إليه، وجَمْعُه: غُدْرٌ وغُدْرانٌ. واسْتَغْدَرَ الغَديرُ: صارَ فيه الماءُ. والغَدِيرَةُ: الشَّعَرُ الذي تُرِكَ حتى طالَ، أي الذُّؤَابَةُ وجَمْعُها: غَدائِرُ. وغادَرَهَ: تَرَكَه {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]، {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } [الكهف: 47]. والغَدِرةُ: الليلةُ الظلماءُ والغَدورُ: الغادِرُ، وهي غادِرَةٌ ج غُدُرٌ.
غدق: {وَأَلَّوِِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأََسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } [الجنّ: 16] أي غَزِيراً يُنْبِتُ الخَيْراتِ الوَفِيرَة ومنه: غَدِقَتْ عَيْنُ الماءِ تَغْدَقُ. والغَيْداقُ: يُقالُ فيما يَغْزُرُ من ماءٍ وعَدْوٍ ونُطْقٍ. وغَيْثٌ غَيْداقُ: كثيرُ الماءِ.
غدو: الغَدْوَةُ والغَداة: مِنْ أوَّلِ النهارِ. وقُوبِلَ في القُرآنِ: الغُدُوُّ بالآصالِ، نحوُ قولهِ: {بِالْغَدُوِّ وَالآصَالِ} [الأعرَاف: 205] وقُوبلَ: الغَداةُ بالعَشِيِّ {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعَام: 52]، وقال عَنِ الرِّياحِ التي سَخَّرها لِسُليمانَ (ع) {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سَبَإ: 12]. والغادِيَةُ: السَّحابُ يَنْشَأُ غُدْوَةً. والغَداءُ: طَعامٌ يُتَناوَلُ في الغُدْوَةِ. وقد غَدَوْتُ أغْدُو غُدُوّاً أي ذهبتُ غُدْوَةً {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ} [القَلَم: 22]. وغَدٌ: يقالُ لِلْيَوْمِ الذي يَلي يَوْمَكَ الذي أنْتَ فيه. ثم توسَّعُوا فيه حتى أُطلِقَ على البعيدِ المُتَرَقَّبِ، وأصلُهُ غَدْوٌ، {سَيَعْلَمُونَ غَدًا} [القَمَر: 26] ونحوَه.
غرب: الغَرْبُ: غَيْبُوبَةُ الشَّمْسِ. يُقالُ: غَرَبَتْ تَغْرُبُ غَرْباً وغُرُوباً. ومَغْرِبُ الشَّمْسِ. {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [الشُّعَرَاء: 28]، {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } [الرَّحمن: 17]، {فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعَارج: 40] وقد تَقَدَّمَ الكلامُ في ذِكْرهما مُثَنَّيَيْنِ ومَجْمُوعَيْنِ. قال تعالى: {زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقَيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ} [النُّور: 35]، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ} [الكهف: 86]. وقيلَ لِكُلِّ مُتَباعِدٍ: غَريبٌ. ولِكُلِّ شيءٍ فيما بَيْنَ جِنْسِه عَدِيمِ النَّظير: غَريبٌ. وعلى هذا قولهُ عَليه وعلى آله السلامُ «بدأَ الإسلامُ غَريباً وسَيَعُودُ كما بَدأ»(32). وقيلَ: العُلَماءُ غُرباءُ، لِقلَّتِهمْ فيما بَيْنَ الجُهَّالِ. والغُرابُ: سُمِّيَ لِكَوْنِه مُبْعِداً في الذَّهابِ {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المَائدة: 31] والغرابُ طائِرٌ أسودُ مَشْهورٌ بنباهتِهِ يُضربُ به المثَلُ في السَّواد والحذر والبُكور، ولتشاؤمهم به اشتقُّوا مِن اسمهِ: الغَرِيبَ والغُرْبَةَ؛ ومِنْ بديعِ القُرآنِ وبَلاغتِهِ استِعْمالُ الغُرابِ مِنْ بَيْنِ سائرِ الطَّيرِ، ليدلَّ على سوءِ الحالةِ الَّتي كان عليها قابِيلُ وهو لا يدري ماذا يفعَلُ بجثمانِ أخيه هابيلَ بعدْ قَتْلِهِ لَهُ، وأغْرَبَ الساقِي: تَناوَلَ الغَرَبَ، أي الخمْرَ، والغَرَبُ: الذَّهَبُ، لِكَوْنِهِ غَريباً فيما بَيْنَ الجَواهِر الأرْضِيَّةِ، ومنه «سهمُ غَرَبٍ وسَهْمٌ غَرَبٌ» لا يُدْرَى مَنْ رَماه. ومنه نَظَرٌ غَرَبٌ: ليسَ بِقاصِدٍ. والمُغْرِبُ: الأبْيَضُ الأشْفارِ، كأنَّما أغْرَبَتْ عَيْنُه في ذلك البَياضِ. {وَغَرَابِيبُ سُودٌ } [فَاطِر: 27] قيلَ جَمْعُ غِرْبِيبٍ، وهو ضرْبٌ من العنب شديدُ السواد وهو من أجْوَدِهِ؛ وفي الآية: (سود) بَدَلٌ من غرابيب لأن توكيد الألوان لا يتقدَّمُ وهي كناية عن الصخور الشديدة السواد.
غرر: غَرَّ فُلانٌ فلاناً: خَدَعَهُ وأطمعَهُ بالباطل فأوقَعهُ في الغِرَّةِ أي الغفلةِ، أو كأنَما أصاب غُرَّتَهُ أي وجهَهُ لأنَّ الغِرَّةَ غَفْلَةٌ في اليقظةِ. والغِرارُ: غَفْلَةٌ مَعَ غَفْوَةٍ. وأصْلُ ذلك من الغُرِّ، وهو الأثَرُ الظاهِرُ من الشيءِ، ومنه غُرَّةُ الفَرَسِ وغِرارُ السَّيْفِ، أي حدُّه. وغَرُّ الثَّوْبِ: أثَرُ كَسْرِهِ. وقيلَ: اطْوهِ على غَرِّه. وغَرَّهُ كذا غُروراً: أوقعَهُ في الغُرور، وهو سكونُ النَّفسِ إلى ما يوافِقُ الهوى ويَميلُ إليه الطَّبْعُ عن شبهةٍ وخدعةٍ. {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } [الانفِطار: 6]، أي كيف اجتَرَأْتَ، بالمَعْصِيَةِ على ربك، الذي أكرمَكَ بالنعم. {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ } [آل عِمرَان: 196]، {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا } [النِّسَاء: 120]، {بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا } [فَاطِر: 40]، {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعَام: 112]، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عِمرَان: 185]، وقوله: {وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [الأنعَام: 70] أي عرَّضَتْهم للتهلكة، {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا } [الأحزَاب: 12] {وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } [فَاطِر: 5] فالغَرُورُ: كُلُّ ما يَغُرُّ الإنْسانَ مِنْ مالٍ وجاهٍ وشَهْوَةٍ وشَيْطانٍ، وقد فُسِّرَ بالشَّيْطانِ إذ هو أخْبَثُ الغارِّينَ، وبالدُّنْيا لما قيلَ: الدُّنْيا تَغُرُّ وتَضُرُّ وتَمُرُّ. والغَرَرُ: الخَطَرُ، وهو مِنْ الغَرِّ، ونُهِيَ عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ أي بيع الغفلة والخداع. والغَريرُ: الخَلْقُ الحَسَنُ، اعْتِباراً بأنَّه يُغَرُّ. وفي المثل: «أقبَلَ هريرُهُ وأدبَرَ غريرُهُ» أي جاءَ سَيِّئُهُ وأدبَرَ حَسَنُهُ. فباعْتِبَارِ غُرَّةِ الفَرَسِ وشُهْرَتِه بها قيلَ: فُلانٌ أغَرُّ، إذا كان مَشْهوراً كَريماً. وقيلَ: الغُرَرُ، لِثلاثِ ليالٍ مِنْ أوَّلِ الشَّهْر، لِكونِ ذلك منه كالغُرَّةِ من الفَرَسِ. والغِرارُ: القليلُ مِنَ النوم.
غرف: الغَرْفُ: أَخْذُ الشيءِ وتَناوُلُه، يقالُ: غَرَفْتُ الماءَ والمَرَقَ. والغُرْفَةُ: ما يُغْتَرَفُ. والغَرْفَةُ: للْمَرَّةِ. والمِغْرَفَةُ: لِما يُتناوَلُ أو يُغْرَفُ به الطعامُ، ج مغارفُ {إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البَقَرَة: 249]، ومنه اسْتُعِيرَ: غَرَفْتُ عَرْفَ الفَرَسِ، إذا جَرَرْتَه، وغَرَفْتُ الشَّجَرَةَ، والغَرَفُ: ورقُ الشَّجَرِ. والغُرْفَةُ: عُلِّيَّةٌ من البِناءِ. وسُمِّيَ مَنازِلُ الجَنَّةِ غُرَفاً {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفُرقان: 75]، {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} [العَنكبوت: 58]، {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } [سَبَإ: 37].
غرق: الغَرَقُ: الرُّسُوبُ في الماءِ وفي البَلاءِ. وغَرِقَ فُلانٌ يَغْرَقُ غَرَقاً فهو غارقٌ وغريقٌ، وأغْرَقَهُ في الماء بمعنى غرَّقَهُ {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يُونس: 90]. وفُلانٌ غَريقٌ في نِعْمَةِ فُلانٍ، هو من المجاز، يقالُ: «هو غريقُ أياديك» أي نِعَمِك. قال تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} [البَقَرَة: 50]، {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا } [الإسرَاء: 103]، {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ } [الشُّعَرَاء: 66]، {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ } [الشُّعَرَاء: 120]، {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ} [يس: 43]، {أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا} [نُوح: 25]، {فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } [هُود: 43]. ويُسمَّى مسجدُ الكوفة: الغاروق لما كان يكثُرُ فيه من الناس، ويغرقون في الصلاة والاستماع.
غرم: الغُرْمُ: ما يَنُوبُ الإِنْسانَ في مالهِ مِنْ ضَرَرٍ لِغَيْر جِنايَةٍ منه أو خِيانَةٍ. يقالُ: غَرِم فلانٌ الدِّيَةَ والعَينَ وغيرَهما غُرْماً ومَغْرَماً وغَرامَةً: أدَّاها، وفي التجارةِ: خَسِرَ. قال الخليل: «الغُرْمُ لزومُ نائِبَةٍ في مالٍ من غير جِنايةً». وأغْرمَ فُلانٌ غَرامَةً. وقوله: {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } [الواقِعَة: 66] المعنى: تقولون إنَّا قد ذهبَ زَرْعُنَا كلُّه وضاعَ وقتُنا، ولم نحصلْ على شيءٍ! فَوَقَعَ علينا غُرْمَ ذلك من الإِنفاقِ عليهِ جُهْداً ومالاً. {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ } [الطُّور: 40]، أثقلتهم تكاليف الرسالة ـ أوامر الله ونواهيه ـ فحالت بينهم وبين ما جئت به. فكيف إذا سألتهم جزاءً على أدائها. وقال تعالى: {يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} [التّوبَة: 98]. والغَرِيمُ: يُقالُ لِمَنْ له الدَّيْنُ ولِمَنْ عليه الدَّيْنُ {وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التّوبَة: 60]. والغَرامُ: الولوعُ، أو الحبُّ المُعَذِّبُ للقلب، والغرامُ: العَذابُ، أو مَا يَنُوبُ الإِنْسانَ مِنْ شِدَّةٍ ومُصِيبَةٍ {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } [الفُرقان: 65] أي إنَّ عَذَابَ جَهَنَّمَ كانَ ملازماً مُلِحّاً، غيرَ مُفارِقٍ.
غرو: غَرِيَ بكذا، أي لَصِق به ولزِمَهُ؛ وأَغْرَى فلاناً بالشيء إِغْراءً: أوْلَعَهُ بِهِ، والاسم الغَرْوَى، ومنه الإِغراء أي تسليط بعضهم على بعض. وقيل معناهُ التحريش وأصْلُهُ اللُّصوق. ويُقال غَرَيْتُ بالرجل غِرىً، إذا ألصقْتُ به. وقال: غريْتُ به غِراء، وأَغَريْتُ زيداً بكذا حتى غُريَ به. ومنه الغِراء الذي تُلْصقُ به الأشياء. قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المَائدة: 14] المراد مِنْ مَعْنى هذهِ الآيةِ، أَنَّهُ عندما تَخَلَّى النّصارى عن كثيرٍ ممّا أُمِروا به وتَفَرَّقوا شِيَعاً وانْقسمُوا على أَنْفُسِهم، كاليَعقوبِيّة، والمَلْكائيّة أو المَلكِيَّةُ والنّسْطُوريّة، حينَها أغْرى اللهُ سبحانه وتعالى بينهم العداوةَ، أي ألصَقَهافي قُلوبِهِم بالأهواءِ المختلفةِ في الدِّينِ، وذلك أنَّ النّسطوريَّةَ قالتْ إنَّ عيسى ابنُ الله، واليَعقوبيَّةَ قالت: إنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مريمَ، والمَلْكائيَّة قالوا: إنَّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة. وجميع هؤلاء يُكفِّرُ بعضهم بعضاً. وأما قولُه تعالى: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} [الأحزَاب: 60]، فالمعنى: لَنُسَلِّطَنّكَ عليهم يا مُحَمَّد. أي لَيُسَلِّطَنَّ اللهُ سبحانَه وتعالى نَبِيَّهُ على جميعِ الَّذينَ أَتى على ذكرهم في أوَّلِ الآيةِ مِنْ قولِهِ تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} [الأحزَاب: 60] أي لَنُسَلِّطَنَّكَ عليهم. وعندما يُسلّط اللَّهُ سَبحانه وتعالى رسولَهُ محمداً (ص) عليهم يُنهِي الآية بقوله تعالى: {ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً}[الأحزَاب: 60]. أي لا يساكنونك فيها إلا قليلاً من الوقت.
غزل: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النّحل: 92] هِيَ امْرَأَةٌ حمقَاءُ مِنْ قريشٍ كانتْ تغزِلُ مَعَ جَوارِيها إلى انتصافِ النَّهارِ ثم تأمُرُهنَّ أَنْ يَحْلُلْنَ ما غَزَلْنَ، واسمُها «ريطةُ»، وضُربَ بها المثلُ وقالُوا: خرقاءُ مكَّةَ. والغَزالُ: وَلَدُ الظَّبْيَةِ. والغَزالَةُ: قُرْصَةُ الشمسِ لأنها تمدُّ حبالاً فكأنها تغزل. وكُنِّيَ بالغَزَلِ والمُغازَلَةِ عن مُشافَنَةِ(33) المرأةِ التي كأنَّها غَزالٌ، وهو في الأصل التصابي والاستهتارُ بمَوَدَّةِ المَعْشُوقِ.
غزو: الغَزْوُ: الخُروجُ إلى مُحارَبَةِ العَدُوِّ. وقد غَزا يَغْزُو غَزْواً، فهو غازٍ، وجَمْعُه: غُزاةٌ، وغُزَّى. قال تعالى: {أَوْ كَانُوا غُزّىً} [آل عِمرَان: 156].
غسق: غَسَقُ الليلِ: أولُّ دخولِهِ حينَ يختلطُ الظَّلامُ {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسرَاء: 78]. والغاسِقُ: الليلُ المُظْلِمُ أو الباردُ {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } [الفَلَق: 3] وذلك عبارَةٌ عَنِ النائِبَةِ بالليلِ، كالطارِقِ، وقيلَ: القَمَرُ إذا كُسِفَ فاسْوَدَّ. والغَسَّاقُ: ما يَقْطُرُ مِنْ جُلُودِ أهْلِ النَّارِ وصدِيدِهِم مِن قَيْحٍ وغيرِهِ {إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا } [النّبَإِ: 25]. وأما قوله تعالى: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } [ص: 57] الحميم: الماء الحار، والغسّاقَ: الماء البارد الزمهرير. فيكون المعنى: أنهم يُعذبون بحارّ الشراب الذي وصلت حرارته إلى منتهاها، وببارد الماء الذي وصلت برودتُه إلى أقصاها.
غسل: غَسَلْتُ الشيءَ غُسْلاً: أسَلْتُ عليه الماءَ، فأزَلْتُ دَرَنَه وطهَّرْتُهُ. والغَسْلُ: الاسْمُ. والغِسْلُ: ما يُغْسَلُ به {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المَائدة: 6] الآيَةَ. والاغْتِسالُ: غَسْلُ البَدَنِ {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النِّسَاء: 43]. والمُغْتَسَلُ: المَوْضِعُ الذي يُغْتَسَلُ منه، والماءُ الذي يُغْتَسَلُ به {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } [ص: 42]. والغِسْلِينُ: صديد أهل النارِ. أو قد يُقال: الغِسْلينُ هو شَجَرٌ في جهنَّم يأكُلُ منه أهلُ النَّارِ {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } [الحَاقَّة: 36].
غشي: غَشِيَه يَغْشَاهُ غَشْياً وغِشَايَةً، وتُستبدلُ الياءُ واواً فتصِيرَ غِشاوَةً، أي أَتاهُ إتْيانَ ما قد غَشِيَه، أي سَتَرَهُ. والغِشاوَةُ: ما يُغَطَّى به الشَّيءُ {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجَاثيَة: 23]، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البَقَرَة: 7]، ويُقالُ: غَشِيَه وتَغَشَّاه الأمرُ: تَغَطَّاهُ، وغَشَّيْتُه الأمرَ: جعلتُهُ يَغْشَاهُ {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ} [لقمَان: 32]، {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } [طه: 78]، أي جاءهم من البحر ما جاءهم فأغرقهم، {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ } [إبراهيم: 50]، {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } [النّجْم: 16]، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } [الليْل: 1]، {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ} [الأنفَال: 11]. وغَشِيتُ موضِعَ كذَا: أتَيْتُه. وكُنِّيَ بذلك عَنِ الجِماعِ. يُقالُ: غَشَّاها، وتَغَشَّاها {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ} [الأعرَاف: 189] وكذا الغِشْيانُ والإِتيانُ. والغاشِيةُ: كُلُّ ما يُغَطِّي الشيءَ، كَغاشِيَةِ السرجِ. وقولهُ: {أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ} [يُوسُف: 107] أي نائِبَةٌ تَغْشاهُم وتُجَلِّلُهُمْ، وقيلَ: الغاشِيَةُ في الأصْلِ محمودَةٌ، وإنما اسْتُعِيرَ لَفْظُها، هَهُنا على نحو قولهِ: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعرَاف: 41]، وقولهُ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } [الغَاشِيَة: 1] كِنايَةٌ عنِ القِيامَةِ، وجَمْعُها: غَواشٍ؛ وغُشِيَ على فُلانٍ، إذا نابه ما غَشَّى فَهْمَه، قال: {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزَاب: 19]، {نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [محَمَّد: 20]، {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [يس: 9] من الغَشْيِ وهو تعطُّلُ أكثرِ القُوى المُحَرِّكَةِ والحسَّاسةِ لضعفِ القلبِ، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البَقَرَة: 7]، {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ} [يُونس: 27]، {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} [نُوح: 7] أي جَعَلُوها غِشاوةً على أسْماعِهِمْ وذلك عِبارَة عَن الامْتِناعِ من الإصْغاءِ. وقيلَ: اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ، كِنايَةٌ عن العَدْوِ، كقولِهم: شَمَّرَ ذَيْلاً وألْقَى ثَوْبَه.
غصب: يُقالُ غَصَبَهُ غَصْباً: أخذَهُ قَسْراً وقَهْراً، فهو غاصبٌ، وذاك مَغصُوبٌ، وغَصْبٌ مصدر، يقالُ: «شيءٌ غَصْبٌ» أي مغْصُوبٌ وذلك تسميةٌ بالمصدر. قال تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } [الكهف: 79] أي ظُلْماً وقَهْراً.
غص: الغُصَّةُ: الشَّجاةُ التي يُغَصُّ بها الحَلْقُ {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المُزّمل: 13] أي يعلق منه شيء في الحلق فيضيق به. والغُصَّةُ: الحَزَنُ والهَمُّ.
غضب: الغَضَبُ: ثَوَرانُ دَمِ القَلْبِ إرادَةَ الانْتِقامِ، لذلك قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «اتَّقُوا الغَضَبَ فإنَّهُ جَمْرَةٌ تُوقَدُ في قَلْبِ ابن آدَمَ، ألم تَرَوْا إلى انْتِفاخِ أوْداجِه، وحُمْرَةِ عَيْنَيْهِ»(34). وإذا وُصِفَ اللَّهُ تعالى به فالمُرادُ به الانْتِقامُ دُونَ غَيْره. فغضب الله مصدره العدل لا العاطفة حاشا لله {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} [البَقَرَة: 90] أي فاستحق اليهود اللعنة على تحريفهم التوراة من قبل. واستحقوا اللعنة على تكذيبهم محمد (ص) من بعد، {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 112]، وقال {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي} [طه: 81]، {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجَادلة: 14]. وقولهُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفَاتِحَة: 7] قيلَ: هُمُ اليَهُودُ. والغَضْبَةُ كالضَّجْرَةِ: المَرَّةُ مِنَ الغَضَبِ، والغَضُوبُ: المرأةُ الكَثِيرةُ الغَضَبِ. وقيلَ: فُلانٌ غَضِبٌ: سَرِيعُ الغَضَبِ. وحُكِيَ أنَّهُ يقالُ: غَضِبْتُ لفُلان، إذا كان حَيّاً. وغَضِبْتُ به، إذا كان مَيِّتاً.
غض: الغَضُّ: النُّقْصانُ مِنَ الطَّرْفِ والصَّوْتِ وما في الإِناءِ. يقالُ: غَضَّ وانْغَضَّ الطرفُ: انغَمَضَ، وأَغُضُّ الطرْفَ: أُغْمِضُهُ، قال الشاعر:
وأَغُضُّ طَرْفي ما بَدَتْ لي جَارَتِي حتَّى يُوارِي جارَتِي مَأْواها
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النُّور: 30] أي يغضوا الطّرف عما لا يحلُّ النظر إليه، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النُّور: 31]، {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمَان: 19] وقولُ الشاعِر:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ فلا كَعْباً بلغْتَ ولا كِلابا
فَعَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ. وغَضَضْتُ السِّقاءَ: نَقَصْتُ مما فيه. والغَضُّ: الطَّريُّ الذي لم يَطُلْ مُكْثُه.
غطش: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} [النَّازعَات: 29] أي جَعَلَه مُظْلِماً، وليلٌ أغْطَشُ أي مُظلِمٌ، وليلةٌ غَطْشَى أي مظلمةٌ، وغَطِشَ الرجلُ يَغْطَشُ غَطْشاً: كان بعينِهِ غَطَشٌ أي شِبْهُ العَمَش، فهو أغْطَشُ. ومنه قيلَ: فَلاةٌ غَطْشَى: عَمِيَّةُ المسالك، لا يُهْتَدَى لها، والتَّغاطُشُ: التَّعامي عنِ الشَّيءِ.
غطى: الغِطاءُ: ما يُجْعَلُ فَوْقَ الشَّيءِ مِنْ طَبَقٍ ونحوهِ، كما أنَّ الغِشاءَ ما يُجْعَلُ فَوْقَ الشَّيءِ مِنْ لباسٍ ونحوهِ. وقد اسْتُعِيرَ للجَهالَةِ. قال تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق: 22].
غفر: الغَفْرُ: إلْباسُ الشيء ما يَصُونُهُ عَنِ الدَّنَسِ. ومنه قيلَ: اغْفِرْ ثَوْبَكَ في الوِعاءِ، واصْبُغْ ثَوْبَكَ، فإنَّه أغْفَرُ لِلوَسَخِ، والغُفْرانُ والمَغْفِرَةُ من اللَّهِ: هو أنْ يَصُونَ العَبْدَ ويعفُوَ عنه منْ أنْ يَمَسَّه العَذابُ {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البَقَرَة: 285]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عِمرَان: 133]، {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ} [آل عِمرَان: 135] وقد يُقالُ: غَفَرَ لَه، إذا تَجافَى عنه في الظاهِر، وإنْ لم يَتَجافَ عنه في الباطِنِ، نحوُ: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجَاثيَة: 14]؛ ومعنى يغفروا هنا: يتركوا مجازاتهم على أذاهم. فيكون المعنى: اتركوا مجازاة الذين لا يخافون عذاب الله إذا نالوكم بأذىً أو مكروه ولا يرجون ثوابه بالكف عنكم. قال سيبويه: والاستغفارُ: هو طَلَبُ ذلك بالمَقالِ والفِعال، وفي قوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا } [نُوح: 10] لم يُؤْمَرُوا بأنْ يَسْأَلُوه ذلك باللِّسانِ فَقَطْ، بَلْ باللِّسانِ وبالفِعالِ. فقد قيلَ: الاسْتِغْفارُ باللّسانِ من دُونِ ذلك بالفِعال فِعْلُ الكَذَّابِينَ. وهذا مَعْنَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غَافر: 60]. قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التّوبَة: 80]، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غَافر: 7]. والغافِرُ والغَفُورُ: في وَصْفِ اللَّهِ نحوُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ} [غَافر: 3]، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } [الشّورى: 23]، {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [يُونس: 107]. والغَفِيرَةُ: الغُفْرانُ. ومنه قوله: {اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نُوح: 28]، {أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشُّعَرَاء: 82]، {وَاغْفِرْ لَنَا} [البَقَرَة: 286] وقيلَ: «اغْفِرُوا هذا الشَّيء بغُفْرَتِه»، أي أَصْلِحُوهُ بما يجبُ أَنْ يُصلَحَ بِهِ؛ والمِغْفَرُ: زَرَدٌ يُنْسَجُ من الدُّروع على قَدَرِ الرأس يُلبس تحت القلنسوةِ؛ والغِفارةُ مِثلُ المِغْفَرِ، وهي أيضاً خِرْقَةٌ تَسْتُرُ بها المرأةُ الخِمارَ أنْ يَمَسَّه دُهْنُ الرأسِ، ورُقْعَةٌ يُغَشَّى بها مَحَزُّ الوَتَر، والغِفارَةُ: السَّحابَةُ فَوْقَ السَّحابَةِ.
غفل: الغَفْلَةُ: سَهْوٌ يَعْتَري الإِنْسانَ مِنْ قِلَّةِ التَّحَفُّظِ والتَّيَقُّظِ .يُقالُ: غَفَلَ فهو غافِلٌ. {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق: 22]، {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [الأنبيَاء: 1]، {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} [القَصَص: 15]، {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف: 5]، {هُمْ غَافِلُونَ } [الرُّوم: 7]، {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } [البَقَرَة: 144]، {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ} [النِّسَاء: 102]، {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } [يُوسُف: 3]، {فَهُمْ غَافِلُونَ } [يس: 6]، {عَنْهَا غَافِلِينَ } [الأعرَاف: 136]. وأرضٌ غُفْلٌ: لا مَنارَ بها، ورَجُلٌ غُفْلٌ: لم تَسُمْهُ التَّجارُبُ. وإغْفالُ الكِتابِ: تَرْكُه؛ وقولهُ: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] أي تَرَكْناه غَيْرَ مَكْتُوبٍ فيه الإِيمانُ. كما قال: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ} [المجَادلة: 22] وقيلَ: مَعْناهُ: مَنْ جَعَلْناه غافِلاً عَنِ الحَقائِقِ.
غلب: الغَلَبَةُ: القَهْرُ، يقالُ: غَلَبْتُه غَلْباً وغَلَبَةً وغَلَباً، فأنا غالِبٌ. قال تعالى: {الم *غُلِبَتِ الرُّومُ } [الرُّوم: 1-2]، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البَقَرَة: 249]، {يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ} [الأنفَال: 65]، {يَغْلِبُوا أَلْفًا} [الأنفَال: 65]، {لأََغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجَادلة: 21]، {لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ} [الأنفَال: 48]، {إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ } [الأعرَاف: 113]، {إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ } [الشُّعَرَاء: 44]، {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ} [الأعرَاف: 119]، {أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ } [الأنبيَاء: 44]، {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} [آل عِمرَان: 12]، {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفَال: 36]. وغَلَبَ عليه ـ كذا ـ أي اسْتَوْلَى. {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] غلبت علينا شقاوتُنا، ومعناهما واحد، وهو المضرَّة اللاحقة في العافية، ويُقال لمن أصابتهُ في الدنيا مضرَّة فادحة شقي. والمعنى: استعلت علينا سيِّئاتُنا التي أوجبَتْ لنا الشقاءَ. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [يُوسُف: 21] والمعنى العام: واللهُ غالبٌ على أمر يوسف يحفظه ويرزقه ولا يكله إلى أحد غيره، ولا يعلم أكثرُ الناس ما يصنع اللَّهُ بيوسف، وما يؤول إليه حاله. {وَحَدَائِقَ غُلْبًا } [عَبَسَ: 30] أي وبساتين وارفة تشتمل على أشجارٍ عِظَامٍ، غِلاظٍ مختلفة.
غلظ: الغِلْظَةُ: ضِدُّ الرِّقَّةِ، وقوله تعالى: {غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عِمرَان: 159] أي قاسِيَ الفُؤادِ، غيرَ ذي رحمةٍ ولا رأفةٍ. ويقالُ: بينهما غِلْظَةٌ ومغالظَةٌ أي عداوةٌ. وأصْلهُ أنْ يُسْتَعْمَلَ في الأجْسامِ، لكن قد يُسْتَعارُ للْمَعانِي كالكَبِيرِ والكَثِيرِ. {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التّوبَة: 123] أي خُشُونَةً، {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [لقمَان: 24] أي شديد، {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هُود: 58]: شديدِ الألم، {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التّوبَة: 73] أي اشدُد عليهم. واسْتَغْلَظَ الشيءُ: صار غَليظاً، واسْتَغْلَظَ النباتُ والشجرُ، إذا استحكمت نَبْتَتُهُ وصارَ غليظاً {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفَتْح: 29].
غلف: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البَقَرَة: 88] قيلَ: هو جَمْعُ أغْلَفَ، كقولِهِم: سَيْفٌ أغْلَفُ، أي هو في غِلافٍ. ويكونُ ذلك كقولهِ {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} [فُصّلَت: 5]، وقيلَ: مَعْناهُ قُلُوبُنا أوْعِيَةٌ للعلْمِ. أو قيل معناه: قلوبُنَا مغطَّاةٌ، وقوله تعالى: {ياوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبيَاء: 97] أي في غيبةٍ عن بالِنَا وعَدَمِ تذكُّرنا لهذا اليومِ؛ أو بمعنى: في غيبةٍ عنه وفي تَرْكِهِ إِعراضاً وإِهمالاً مِنَّا؛ وغُلامٌ أغْلَفُ: كِنايَةٌ عنِ الأقْلَفِ أي الذي لم يُختَنْ، والغُلْفَةُ: كالقُلْفَةِ. وغَلَّفْتُ السَّيْفَ والقارُورَةَ والرَّحْلَ والسَّرْجَ: جَعَلْتُ لها غِلافاً. وغَلَّفْتُ لِحْيَتَه بالحِنَّاءِ، وتَغَلَّفَ نحوُ تَخَضَّبَ. وقيلَ: «قُلُوبُنا غُلْفٌ» هي جَمْعُ غِلافٍ، والأصْلُ: غُلُفٌ بِضَمِّ اللاَّمِ. وقد قُرِىءَبه، نحوُ كُتُبٍ، أي هي أوْعِيَةٌ لِلْعِلْمِ، تنبيهاً أنَّا لا نَحْتاجُ أنْ نَتَعَلَّمَ منكَ فَلَنا غُنْيَةٌ بما عِنْدَنا.
غلق: المِغْلَقُ، والمِغْلاقُ: ما يُغْلَقُ به. وقيلَ: ما يُفْتَحُ به، لكن إذا اعْتُبِرَ بالإِغْلاقِ يقالُ له مِغْلَقٌ ومغْلاقٌ، وإذا اعْتُبِرَ بالفَتْح يُقالُ له مِفْتَحٌ ومِفْتاحٌ. وأغْلَقْتُ البابَ وغَلَّقْتُه على التَّكْثِيرِ، وذلك إذا أغْلَقْتَ أبْواباً كَثِيرةً، أو أغْلَقْتَ باباً واحِداً مِراراً، أو أحْكَمْتَ إغْلاقَ بابٍ. وعلى هذا {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ} [يُوسُف: 23] وللتَّشْبِيهِ به قيلَ: غَلِقَ الرَّهْنُ في يَد المرتهن، يَغْلقُ غَلَقاً، وذلك إذا لم يقدِر الراهنُ على افتكاكِهِ في الوقت المشروط؛ وغَلِقَ ظَهْرُهُ دَبَراً. والمِغْلَقُ: السَّهْمُ السابِعُ لاسْتِغْلاقِه ما بَقِيَ مِنْ أجْزاءِ المَيْسِرِ. جمعُهُ مَغالِق، وقيل: المغالق ليست من أسماءِ القِداح ولكنها من نعوتها التي يكون بها الفوزُ؛ وقولهم «لهم فُتَحٌ وغُلَقٌ» أي خُدَعٌ يفتحون بها الأمورَ ويغلقونها؛ ويَمينُ الغَلَقِ، هي يمينُ الغَضَبِ لأنَّ صاحبَها أغلَقَ على نفسِهِ باباً مِنِ إقدامٍ أو إِحجامٍ.
غلل: الغَلَلُ: أصْلهُ تَدَرُّعُ الشيءِ وتَوَسُّطُه، ومنه الغَلَلُ، للماءِ الجارِي بَيْنَ الشَّجَرِ، وقد يقالُ له الغِيلُ. وانْغَلَّ فيما بَيْنَ الشَّجَرِ: دَخَلَ فيه. فالغُلُّ مُخْتَصٌّ بما يُقَيَّدُ به، فَيَجْعَلُ الأعْضاءَ وَسْطَه، وجَمْعُه: أغْلالٌ، وَغُلَّ فُلانٌ: قُيِّدَ به {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } [الحَاقَّة: 30]، {إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [غَافر: 71]، وقيلَ للبَخِيلِ: هو مَغْلُولُ اليَدِ {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعرَاف: 157]، {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسرَاء: 29]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المَائدة: 64] أي وَصَفُوهُ بالبُخْلِ، وقيلَ: إنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أنَّ اللَّهَ قد قَضَى كُلَّ شيءٍ في قُرآنِهِ المبين قالوا: إذاً يَدُ الله مَغْلُولَةٌ، أي في حُكْمِ المُقَيَّدِ لِكَوْنِها فارِغَةً، فقالَ اللَّهُ تعالى «غُلَّت أيديهم» بل هم الذين يمسكونَ عَنِ الإِنفاقِ لِشِدَّةِ بُخْلِهِمْ وشِحّةِ نفوسهم، فكانَ ذلك تَطَاولاً منهم على العِزَّة الإلهيَّةِ. وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً} [يس: 8] أي مَنعَهُمْ فِعْلَ الخَيْر، وذلك نحوُ وصْفِهِمْ بالطَّبْعِ والخَتْمِ على قُلُوبهم وعلى سَمْعِهِم وأبْصارِهِم، وقيلَ: بَلْ ذلك، وإن كان لَفْظُه ماضِياً، فَهوَ إشارَةٌ إلى ما يُفْعَلُ بهم في الآخِرَةِ، كقولِهِ {وَجَعَلْنَا الأَغْلاَلَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سَبَإ: 33]. والغِلالَةُ: ما يُلْبَسُ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ. فالشِّعارُ لما يُلْبَسُ تَحْتَ الثَّوْبِ، والدِّثارُ لِما يُلْبَسُ فَوْقَهُ، والغِلالَةُ لِما يُلْبَسُ بينَهما. وقد تُسْتَعارُ الغِلالَةُ للدِّرْعِ، كما يُسْتَعارُ الدِّرْعُ لَها. والغُلُولُ: تَدَرُّعُ الخِيانةِ. والغِلُّ: الحِقدُ، والغِشُّ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعرَاف: 43]، {وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } [الحَشر: 10]. وغَلَّ يَغِلُّ: إذا صار ذا غِلٍّ، أي ضِغْن. وأغَلَّ: أي صارَ ذا إغْلال، أي خِيَانَةٍ. وغَلَّ يَغُلُّ، إذا خانَ. وأغْلَلْتُ فُلاناً: نَسَبْتُه إلى الغُلُولِ. قال: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عِمرَان: 161] وقُرىءَ: أن يُغَلَّ، أي يُنْسَبَ إلى الخِيانَةِ، مِنْ: أغْلَلْتُه {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عِمرَان: 161]. ورُويَ: لا إغْلالَ ولا إسْلالَ(35)، أي لا خِيانَةَ ولا سَرقَةَ. وقولهُ عليه وعلى آله السلامُ: «ثَلاَثٌ لا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ المُؤْمنِ»(36)، أي لا يَضْطَغِنُ. ورُويَ لا يُغِلُّ، أي لا يَصِيرُ ذا خِيانَةٍ. وأغَلَّ الجازِرُ والسالِخُ، إذا تَرَكَ في الإِهابِ من اللَّحْمِ شَيئاً، وهو مِنَ الإغْلاَلِ، أي الخِيانَةِ، فَكأنَّهُ خانَ في اللَّحْمِ وتَرَكه في الجِلْدِ الذي يَحْمِلُه. والغُلَّةُ والغَلِيلُ: ما يَتَدَرَّعُه الإنْسانُ في داخِلِه من العَطَشِ، ومِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ والغَيْظِ. يقالُ: شفى فُلانٌ غَلِيلَهُ، أي غَيْظَهُ. والغَلَّةُ: ما يَتَناوَلُه الإِنْسانُ مِنْ دَخْلِ أرْضِهِ. وقد أغَلَّتْ ضَيْعَتُه. والمُغَلْغَلَةُ: الرِّسالَةُ التي تَتَغَلْغَلُ بَيْنَ القَوْمِ الذينَ تَتَغَلْغَلُ نُفُوسُهم، كما قال الشاعِرُ:
تَغَلْغَلُ حَيْثُ لم يَبْلُغْ شَرابٌ ولا حُزْنٌ ولم يَبْلُغْ سُرورُ
غلم: الغُلامُ: الإنسانُ من حينَ يولَدُ إلى حينَ يَشِبُّ، فيقالُ عندئذٍ له الطَّارُّ الشَّارِبِ، يقالُ: غُلامٌ بَيِّنُ الغُلُومَةِ والغُلُومِيَّةِ. {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} [آل عِمرَان: 40]، {وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤُمِنَيْنِ} [الكهف: 80]، {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ} [الكهف: 82]، وقال في قِصَّةِ يُوسُفَ {هَذَا غُلاَمٌ} [يُوسُف: 19] والجَمْعُ غِلْمَةٌ وغِلْمانٌ. واغْتَلَمَ الغُلامُ، إذا بَلَغَ حَدَّ الغُلومَةِ، ولَمَّا كان مَنْ بَلَغَ هذا الحَدَّ كَثِيراً ما يَغْلِبُ عليه الشَّبَقُ قيلَ للشَّبَقِ: غُلْمَةٌ. واغْتَلَمَ الفَحْلُ. قيل: لا يُقال إلاَّ في غيرِ الإِنسان، وقيل: بل قد يقال اغْتَلَمَ في الإنسان.
غلـو: الغُلُوُّ: تَجاوُزُ الحَدِّ، يقالُ ذلك إذا كان في السِّعْرِ غَلاءٌ أي ارتفاعٌ، وإذا كان في القَدْرِ والمَنْزلَةِ غُلُوٌّ، وفي السَّهْمِ غَلْوٌ عندما يتجاوزُ المـدى، وأفْعالُـها جَمِيعاً غَلا يَغْلُو {لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} [النِّسَاء: 171] ذُكر على أن (غيرَ) نصبت على الحال، فيكون المعنى: لا تغلوا في دينكم مخالفين الحق. وأما من نصب (غير) على الاستثناء أراد أن يقول إن (غير) بمعنى (إلا) فيكون النهي عن الغلُوّ في غير الحق، أما الغلو في الحق فيجوز اتباعه. وأما نحن فنؤيد الأول وننكر الثاني. والغَلْيُ والغَلَيانُ يُقالُ في القِدْرِ إذا طَفَحَتْ، ومنه اسْتُعِيرَ قولهُ: {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ *كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } [الدّخان: 45-46] وبه شُبِّهَ غَلَيانُ الغَضَبِ والحَرْبِ، وتَغَالى النَّبْتُ تَغَالياً: ارتفَعَ، يَصِحُّ أنْ يكونَ من الغَلْيِ، وأنْ يكونَ من الغُلُوّ من حيث ارتفاعه والتفافه في الشجرِ؛ والغَلْواءُ: تَجاوُزُ الحَدِّ في الجِماحِ، وبه شُبِّهَ غَلَواءُ الشَّبابِ.
غمر: أصْلُ الغَمْرِ الستر والتغطية، إزالَةُ أثَرِ الشيءِ، ومنه قيلَ للماءِ الكَثير الذي يُزِيلُ أثَرَ سَيْلِه: غَمْرٌ، وغامِرٌ. قال الشاعِرُ:
والماءُ غامِرٌ خَدَادَها
يُقالُ: الخِدادُ للمَيْسِمِ في خَدِّ البَعِير، والخَدَدُ للطريق أي شَرَكُهُ؛ وبه شُبِّهَ الرَّجُـلُ السَّخـيُّ، والفَـرَسُ الشَّدِيدُ العَدْو، فقيلَ لَهما: غَمْرٌ، كما شُبِّها بالبَحْرِ. والغَمْرَةُ: مُعْظَمُ الماءِ الساتِرَةُ لِمَقَرِّها، وجُعِلَ مَثَلاً لِلجَهالَةِ التي تَغْمُرُ صاحِبَهـا، قال: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} [المؤمنون: 54] أي جهلهم وضلالتهم {الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } [الذّاريَات: 11] في حيرتهم وغفلتهم. وقيلَ: غَمْرَةُ الشيءِ: شِدَّتُهُ ومُزْدَحَمُهُ، وجمعُها غَمَراتٌ {فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعَام: 93]، ورَجُلٌ غَمْرٌ، وجَمْعُه أغْمارٌ، والغَمْرُ: الحِقْدُ المَكْنُونُ، وجَمْعُه: غُمُورٌ. وغَمِرَ عِرْضُه: دَنِسَ. ودَخَلَ في غُمارِ الناسِ وخمارِهِم، أي الذينَ يَغْمُرُونَ. وقولهُم فلانٌ مُغامِرٌ، إذا رَمَى بِنَفْسِه في الحَرْبِ إمَّا لتَوَغُّلِه وخَوْضهِ فيه، كقولِهم: يَخُوضُ الحَرْبَ، وإمَّا لتَصُّورِ الغَمارَةِ منه، فيكونَ وصْفُه بذلك كَوَصْفِه بالهَوْجِ، ونحوهِ.
غمز: أصْلُ الغَمْزِ الإِشارَةُ بالجَفْنِ أو اليَدِ طَلَباً إلى ما فيه معابٌ. ومنه قيلَ: ما في فُلانٍ غَمِيزَةٌ، أي نَقِيصَةٌ يُشارُ بها إليه، وجَمْعُها: غَمَائِزُ {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } [المطفّفِين: 30] وأصْلهُ من: غَمَزَهُ بعينِهِ وجفنِهِ وحاجبِهِ، وغَمَزَ الراعي الكَبْش، إذا لَمَسَهُ هَلْ به طِرْقٌ، نحوُ: غَبَطَهُ؛ وغَمَزَ عليه: إذا سعى به شرّاً وطَعَنَ عليه.
غمض: الغَمْضُ: النَّوْمُ العارِضُ، تقولُ: ما ذُقْتُ غَمْضاً ولا غِماضاً، وباعْتِبارِه قيلَ: أرضٌ غامِضَةٌ وغَمْضَةٌ، ودارٌ غامِضَةٌ. وغَمَضَ عَيْنَه وأغْمَضَها: وضَعَ إحْدَى جَفْنَتَيْه على الأخْرَى، ثم يُسْتَعارُ للتَّغافُلِ والتَّساهُلِ، {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البَقَرَة: 267].
غم: الغَمُّ: سَتْرُ الشيءِ، والغَمُّ: الكَرْبُ والحُزْنُ لأنه يُغَطّي السُّرورَ والحِلْمَ، ومنه الغَمامُ لكَوْنِه ساتراً لِضَوْءِ الشَّمسِ {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البَقَرَة: 210]. والغَمَّى مثْلُه: أي الظُّلْمَةُ، ومنه: صُمْنا للغُمَّى أو للغُمَّةِ أو للغُمِّيَّةِ أي على غيرِ رؤيةِ الهِلالِ.
قال {ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} [يُونس: 71] أي كُرْبَةً. يقالُ: غَمٌّ وغُمَّةٌ، أي كَرْبٌ وكُرْبَةٌ. والغَمامَةُ: قطعةٌ من الغَمام، والغَمامَةُ: خِرْقَةٌ تُشَدُّ على فم النَّاقَةِ ليُمنَعَ بها الطعامُ. وناصِيَةٌ غَمَّاءُ: إذا سالَ منها الشَّعَرُ حتى تضيقَ الجبهةُ. وقوله تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} [آل عِمرَان: 153] أي حزْناً بعد حزن. والغمّ الأول: القتلى والجرحى في معركة أحُد. والثاني: شائعة أن محمّداً (ص) قد قُتل.
غنم: الغَنَمُ: الشَّاءُ من المَعَزِ والضأن {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعَام: 146]. والغُنْمُ: إصابَتُه والظَّفَرُ به، ثم اسْتُعْمِلَ في كُلِّ مَظْفُورٍ به من جهةِ العِدَى وغَيْرِهِمْ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفَال: 41]، {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا} [الأنفَال: 69]. والغنيمَةُ والمَغْنَمُ: ما يُغْنَمُ، وجَمْعُه مَغانِمُ {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ} [النِّسَاء: 94].
غني: الغِنَى: يُقالُ على ضُروبٍ. أحَدُها: عَدَمُ الحاجاتِ، وليسَ ذلك إلاّ للَّهِ تعالى، وهو المذكورُ في قولهِ: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [الحَجّ: 64]، وقولِهِ: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [فَاطِر: 15]. والثانِي: قِلَّةُ الحاجاتِ، وهو المُشارُ إليه بقولهِ: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى } [الضّحى: 8] وذلك هو المذكورُ في قولهِ عليه وعلى آله السلامُ: «الغِنَى غِنَى النَّفْسِ»(37). والثالِثُ: كَثْرَةُ القَنِيَّات بِحَسَبِ ضُروبٍ الناسِ، كقولهِ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النِّسَاء: 6]، {الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ} [التّوبَة: 93]، {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عِمرَان: 181] قالوا ذلك حَيْثُ سَمِعُوا: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَناً} [البَقَرَة: 245]. وقولهُ: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البَقَرَة: 273] أي لَهُمْ غِنَى النَّفْسِ، ويَحْسَبُهم الجاهِلُ أن لهم القَنِيَّاتِ لِما يَرَوْنَ فيهمْ مِنَ التَّعَفُّفِ والتَّلَطُّفِ. وعلى هذا قولهُ عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ لِمُعاذٍ: «خُذْ مِنْ أغْنِيائِهِمْ ورُدَّ في فُقَرائِهِمْ»(38). وهذا المَعْنَى هو المَعْنِيُّ بقولِ الشاعِرِ:
قد يَكْثُرُ المالُ والإنْسانُ مُفْتَقِرٌ
يُقالُ: غَنِيَ الرجلُ يَغْنَى غِنًى: تَزَوَّجَ؛ واغْتَنَى اغْتِناءً: ضِدُّ افتقَرَ؛ واسْتَغْنَى اسْتِغْناءً مثل اغْتَنَى. قال تعالى: {وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [التّغَابُن: 6]. ويقالُ: أغْناني كذا، وأغْنَى عنه كذا، إذا كَفاه {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ } [الحَاقَّة: 28] أي ما كفاني وما أعانني مالي الذي جمعته في الدنيا في رد العذاب في الآخرة. {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} [المَسَد: 2]، {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عِمرَان: 10]، {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ } [الشُّعَرَاء: 207]، {لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ} [يس: 23]، {وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ } [المُرسَلات: 31]. والغانِيَةُ: المُسْتَغْنِيَةُ بِزَوْجِها عن الزِّينَةِ، وقيلَ: المُسْتَغْنِيَةُ بحُسْنِهاعن التَّزَيُّنِ. وغَنيَ في مَكانِ كذا، إذا طالَ مُقامُه فيه، مُسْتَغْنِياً به عن غَيْرِهِ بِغنىً. قال تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعرَاف: 92] أي كأن لم يعيشوا أو يُقيمُوا فيها مكتفين؛ وقال تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يُونس: 24]، أي فجعلناها هباءً منثوراً كأنَّ أهلها لم يعيشوا ويقيموا فيها مستغنين.
غوث: الغَوْثُ: يقالُ في النُّصْرةِ، مِنَ غَوَّثَ الرجلُ إذا قال: واغَوْثَاهُ؛ واسْتَغَثْتُه: طَلَبْتُ الغَوْثَ أو الغَيْثَ فأغاثَني مِنَ الغَوْثِ، وغاثَنِي من الغَيْثِ. واستَغاثَهُ، واستَغَاثَ به استِغاثَةً: استعانَ واستنصَرَ به {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} [الأنفَال: 9]، {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القَصَص: 15]. وقولهُ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف: 29] فإنه يَصِحُّ أنْ يكونَ مِنَ الغَيْثِ، ويصحُّ أن يكونَ مِنَ الغَوْثِ. وكذا يُغاثُوا يصِحُّ فيه المَعْنَيانِ. والغَيْثُ: المَطَرُ، كما في قولهِ: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحَديد: 20] والكفّار: الزرّاع. وأما قوله تعالى: {عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ} [يُوسُف: 49] فالمعنى: يأتي من بعد السنين الشِّداد عامٌ فيه يُمطَرُ الناسُ من الغيث.
غور: الغَوْرُ: المُنْهَبِطُ من الأرضِ، يقالُ: غارَ الرجلُ وأغَارَ: أَتَى الغَوْرَ، وغارَتْ عَيْنُه غَوْراً وغُؤوراً: دخلتْ في الرأْسِ وانخسفتْ. وقولهُ تعالى: {مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [المُلك: 30] أي غائِراً، وقال {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} [الكهف: 41]. والغارُ في الجَبَلِ: الكَهْفُ {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التّوبَة: 40]. وكُنِّيَ عَنِ الفَرْجِ والبَطْنِ بالغارَيْنِ. والمَغارُ والغارةُ من المَكانِ كالغَوْرِ، وجمعها مغاورُ ومغاراتٌ {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً} [التّوبَة: 57]. وأغارَ على العَدُوِّ إغارَةً وغارَةً {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا } [العَاديَات: 3] عِبَارَةٌ عَنِ الخَيْلِ المسرعة.
غوص: الغَوْصُ: الدُّخُولُ تَحْتَ الماءِ، وإخْراجُ شيءٍ منه. والغَوَّاصُ: فعَّالٌ للمبالغة، الذي يَكْثُرُ منه ذلك {وَالشَّيْاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ } [ص: 37]، {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} [الأنبيَاء: 82] أي يَسْتَخْرِجُونَ له الأحجار الكريمة واللآلئ المكنونة.
غوط: الغائِطُ: أصلهُ المَكانُ المطمئنُّ الواسع، أي المنخفضُ مِنَ الأَرضِ، ويقالُ: غائطٌ والجمع غُوطٌ وغيطانٌ، وكانوا يتبَّرزونَ هناك ليغيبوا عن أعين الناسِ، ثم كَثُرَ ذلك حتى قيل للحَدَثِ: غائِطٌ، وكنَّوْا بالتَّغَوُّطِ عن الحَدَثِ في الغائط. ومنه: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النِّسَاء: 43]، وهو كنايةٌ عن قضاء الحاجة، والمجيء مِن الغائط سَبَبٌ لوجوبِ التطهّر بالغُسْل بالماء.
غول: الغَوْلُ: إهْلاكُ الشيء من حَيْثُ لا يُحَسُّ به، يقالُ: غالَ يَغُولُ غَوْلاً. واغْتالَه اغْتِيالاً: قتلَهُ على غِرَّة. ومنه سُمِّيَ السِّعْلاةُ أو الداهيةُ، وكلُّ ما زالَ به العقلُ، غُولاً. والغَوْلُ: الصداعُ، والشقَّةُ. قال في صِفَةِ خَمْرِ الجَنَّة: {لاَ فِيهَا غَوْلٌ} [الصَّافات: 47] نَفْياً لصفات الخمر التي نَبَّهَ منها بقولهِ: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البَقَرَة: 219] أي ضررهما أكبر من تفعهما، وبقولِهِ: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المَائدة: 90].
غوى: الغَيُّ: جَهْلٌ مِن اعْتِقادٍ فاسِدٍ، وذلك أنَّ الجَهْلَ قد يكونُ مِنْ كَوْنِ الإنْسانِ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ اعْتِقاداً لا صالِحاً ولا فاسِداً، وقد يكونُ مِنَ اعْتِقادٍ فاسِدٍ، وهذا النَّحْوُ الثاني يقالُ له: غَيٌّ. {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } [النّجْم: 2]، {وَإِخوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ} [الأعرَاف: 202] ومعناه: وإخوان المشركين من شياطين الجنّ والإنس يمدّونهم بالضّلال لما يزينون لهم من المعاصي. وأما قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [مَريَم: 59] أي عَذاباً، فَسَمَّاهُ الغَيَّ لَمَّا كان الغَيُّ هو سَبَبه، وذلك كَتَسْمِيَةِ الشيءِ بما هو سَبَبُه، كقولِهم للنَّباتِ نَدىً. وقيلَ إن مَعْناهُ: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ أثَرَ الغَيِّ وثَمَرَته. {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } [الشُّعَرَاء: 91]، {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } [الشُّعَرَاء: 224]، {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ } [القَصَص: 18]. وقولُه: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } [طه: 121] أي جَهِلَ أو ضَلَّ، وقيلَ: مَعْناهُ خابَ، نحوُ قولِ الشاعِر:
ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدمْ على الغَيِّ لائِما
وقيلَ: مَعنَى غَوَى: فَسَدَ عَيْشُه. وأَغْواه: أضلَّهُ، وقولهُ: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هُود: 34] فَقَدْ قيلَ، مَعْناه أن يُعاقِبكم على غَيِّكم، وقيلَ: مَعْناه يَحْكُمُ عَلَيْكُمْ بِغَيِّكم. وقولهُ تعالى: {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا} [القَصَص: 63]، {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [القَصَص: 63] إعْلاماً من رؤساء الضلال بقولهم أنَّا قد فَعَلْنا بهم غايَةَ ما كانَ في وُسْعِ الإنْسانِ أنْ يَفْعَلَ بِصَدِيقِهِ، فإنَّ حَقَّ الإنْسانِ أنْ يُريدَ بِصَدِيقِهِ ما يُريدُ بنَفْسِه فَيَقُولُ: قد أفَدْناهم ما كانَ لنا، وجَعَلْناهُمْ أُسْوةَ أنْفُسِنا، فاتّبعونا على غوايتنا. وعلى هذا قولهُ تعالى: {فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } [الصَّافات: 32]، {بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأَُغْوِيَنَّهُمْ} [الحِجر: 39].
غيب: الغَيْبُ: مَصْدَرٌ، وغابَتِ الشمسُ وغَيْرُها، إذا اسْتَتَرَتْ عَنِ العَيْنِ. يقالُ: غابَ عَنِّي: بَعُدَ عني وبَايَنَني {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ } [النَّمل: 20]. واسْتُعْمِلَ في كُلِّ غائِبٍ عن الحاسَّةِ، وعَمَّا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِ الإنْسانِ بِمَعْنَى الغائِبِ {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [النَّمل: 75]. ويقالُ للشيءِ: غَيْبٌ وغائِبٌ باعْتِبارِه بالناس لا باللَّهِ تعالى، فإِنه لا يَغِيبُ عنه شيءٌ، كما {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ} [سَبَإ: 3]، وقولهُ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعَام: 73] أي عالِمٌ بما يَغِيبُ عَنْكُمْ، وما تَشْهَدُونَه. والغَيْبِ في قولهُ: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البَقَرَة: 3] ما لا يَقَعُ تَحْتَ الحَواسِّ ولا تَقْتَضِيهِ بدَايةُ العُقُولِ، وإنما يُعْلَمُ بِخَبَرِ الأنْبياءِ عليهمُ السلامُ، وبدَفْعِه يَقَعُ على مُعْتَقَدِ الإنْسانِ اسْمُ الإِلْحادِ. ومَنْ قال: الغَيْبُ هو القُرآنُ، ومَنْ قال: هو القَدَرُ، فإشارةٌ منهم إلى بَعْضِ ما يَقْتَضِيه لَفْظُه. وقال بعضُهم: مَعْناهُ: يُؤْمِنُونَ إذا غابُوا عَنْكُمْ، ولَيْسُوا كالمُنافِقين الذينَ أخبر الله تعالى عنهم {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [البَقَرَة: 14] وعلى هذا قولهُ: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [الأنبيَاء: 49]، {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ} [ق: 33]، {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النّحل: 77]، {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مَريَم: 78]، {فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } [الجنّ: 26]، {لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النَّمل: 65]، {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} [يُوسُف: 102]، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عِمرَان: 179]، {إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } [المَائدة: 109]، {إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } [سَبَإ: 48]. وأغابَت المَرأةُ: غابَ زَوجُها. وقولهُ تعالى في صِفَةِ النِّساءِ: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النِّسَاء: 34] أي لا يَفْعَلْنَ في غَيْبَةِ الزَّوجِ ما يَكْرَهُهُ. والغِيبَةُ: بمعنى الاغْتِيابِ، وهو أن يَذْكُرَ الإنْسانُ غَيْرَهُ بِمَا فيه مِنْ عَيْبٍ مِنْ غَيْرِ أنْ أُحوِجَ إلى ذِكْرِهِ، فإنْ كانَ فيه فَقَدِ اغتَابهُ، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَهُ أي قالَ عليه ما لم يَفْعَلْهُ ولذَلكَ أَمَرَ اللَّهُ تعالى بقولِهِ العزيزِ: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحُجرَات: 12]. والغَيابَةُ: مُنْهَبطٌ مِنَ الأرضِ ومنه: الغابَةُ للأجَمَةِ {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ} [يُوسُف: 10] ويقالُ: هُمْ يَشْهَدُونَ أحياناً ويَتَغايَبُون أحْياناً. وقولهُ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } [سَبَإ: 53] أي مِنْ حَيْثُ لا يُدْرِكُونَه ببَصرِهم وبَصِيرَتِهم.
غير: غَيْرٌ: يُقالُ على أوْجُهٍ: الأوَّلُ: أنْ تَكونَ لِلنَّفْيِ المُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ إثْباتِ مَعْنىً به، نحوُ مَرَرْتُ برَجُلٍ غَيْرِ قائِمٍ أي لا قائِمٍ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [القَصَص: 50]، {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزّخرُف: 18]. الثانِي: بِمَعْنَى إلاَّ، فَيُسْتَثْنَى به وتُوصَفُ به النَّكِرَةُ نحوُ: مَرَرْتُ بِقَوْمٍ غَيْرِ زَيْدٍ أي إلاَّ زَيْداً {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القَصَص: 38]، {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعرَاف: 65]، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فَاطِر: 3]. الثالِثُ: لِنَفْيِ صُورَةٍ مِنْ غَيْر مادَّتِها نحوُ: الماءُ إذا كان حارّاً غَيْرُهُ إذا كان بارداً {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النِّسَاء: 56]. الرابعُ:أن يكونَ ذلك مُتَناوَلاً لذاتٍ، نحوُ: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} [الأنعَام: 93]، أي تقولون على اللَّهِ الباطِلَ، {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [القَصَص: 39]، {أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} [الأنعَام: 164]، {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [التّوبَة: 39]، {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} [يُونس: 15] والتَّغْيِيرُ: يُقالُ على وجْهَيْنِ: أحَدُهما لِتَغْيِيرِ صُورَةِ الشيءِ دُونَ ذاتِهِ، والثانِي: التّغْييرُ في وَضعِهِ النَّفْسِيِّ، نحوُ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرّعد: 11] فَإِنْ غيَّروُا ما بِأنفُسِهِم غَيَّرَ اللّهُ في أَوْضَاعِهِمْ. وأما قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفَال: 53]، أي أَنَّ اللهَ لا يُزِيلُ نِعْمَةً أَنْعَمَها على قومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ، أي مَفَاهِيمَهُمْ نحْوَ الأَصْلَحِ أو الأَسْوَأِ، وبالتالي سُلوكَهُمْ، لأَنَّ المفاهِيمَ تَتَحَكَّمُ بالسلوكِ. وقَدْ يسلُبُ اللهُ العليمُ الحكيمُ النِعْمَةَ، وليسَ شرطاً أنْ يكونَ دائماً على وَجْهِ العِقَابِ، فقد يَكونُ اْمتِحاناً، أوْ لِمَصلَحةٍ يَعْلَمُها.
غيض: الغَيْضُ: ذَهابُ المائعِ في جهةِ العُمْقِ، وقولُه تَعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ} [هُود: 44] أي نَقصتِ المِياهُ وذهبتْ في باطنِ الأرضِ، وقولهُ تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرّعد: 8] أي أَنَّ الله تبارك وتعالى يَعلَمُ ما ينقصُ من مدّةِ الحَمْلِ التي هي تسعةُ أشهُر، وما يزيد على ذلك، وذلكَ أنّ حَمْلَ النِّساءِ، ووِلادَتَهُنّ لا يكونُ لأجلٍ واحدٍ عِنْدَ كُلِّ النّساءِ.
غيظ: الغَيْظُ: أشَدُّ الغَضَبٍ، أو سَوْرةُ الغضب، وهو الحَرارَةُ التي يَجِدُها الإنْسانُ من فَوَرانِ دَمِ قَلْبِه {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عِمرَان: 119]، {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفَتْح: 29]. وقد دَعا الله الناسَ إلى إمْساكِ النَّفْسِ عِنْدَما يعتريهم الغَيْظ {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عِمرَان: 134]، وإذا وُصِفَ اللَّهُ سُبْحانَه به، فإنه يُرادُ به الانْتِقامُ. {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ } [الشُّعَرَاء: 55] أي داعُونَ بِفِعْلِهم إلى الانْتِقامِ منهمْ، والتَّغَيُّظُ: هو إظْهارُ الغَيْظِ، وقد يكونُ ذلك مَعَ صَوْتٍ مَسْمُوعٍ، كما قال: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا } [الفُرقان: 12]. وتغيُّظها هنا: تقطّعها عند شدّة اضطرابها. وزفيرها: صوتها عند شدّة التهابها.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢