نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الْتَّاءِ
(ت)

التاء: التاءُ في أوَّل الكَلِمَةِ لِلْقَسَمِ {وَتاللَّهِ لأََكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبيَاء: 57]، ولِلْمُخاطَبِ في الفعلِ المُسْتَقْبَلِ {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يُونس: 99]، ولِلتَّأنِيثِ {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ} [فُصّلَت: 30]. وفي آخِر الكَلِمَةِ تكونُ إمّا زائدَةً لِلتَّأنِيثِ فَتَصِيرُ في الوقْفِ هاءً نَحْوُ: قائِمَـةٍ، أو تَكونُ ثابِتَةً في الوقفِ والوصْلِ، وذلك في أخْـتٍ وبنْـتٍ، أو تكونُ في الجَمْعِ مع الألِف نَحْوُ مُسْلِماتٍ وَمُؤْمناتٍ. وفي آخِر الفعلِ الماضِي لِضَميرِ المُتَكَلمِ مَضْمُوماً {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا} [المدَّثِّر: 12]، ولِلْمُخاطَبِ مَفْتُوحاً {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفَاتِحَة: 7]، ولِضَمِير المُخاطَبَةِ مكسوراً {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مَريَم: 27].
تابوت: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} [البَقَرَة: 248] قِيلَ كان شَيئاً مَنْحوتاً مِنَ الخَشَبِ فيه حِكْمَةٌ. وقِيلَ عِبارةٌ عنِ القَلْبِ والسكِينَةِ وعَمَّا فيه مِنَ العِلْمِ. وسُمِّيَ القلبُ سَفَطَ العِلْمِ وبَيْتَ الحِكْمَةِ وتابُوتَه ووِعاءَهُ وصُنْدُوقَهُ، وعلى هذا قِيلَ: اجْعَلْ سِرَّكَ في وعَاءٍ غير سَرِبٍ، وعلى تَسْمِيَتِهِ بالتَّابوتِ. قال عُمَرُ لابن مسعودٍ رضي الله عنهما: «كُنَيْفٌ مُلىءَ عِلْماً». وعلى ذلك ما قاله الزمخشريّ: «ما أودَعْتُ تابوتي شيئاً فقدتُهُ» اي ما أودعتُ صدري علماً فعَدِمْتُهُ.
تارة: {نُخْرِجُكُمْ تَارَةً} [طه: 55] أيْ مَرّةً وكَرَّةً أُخْرَى، وهو فيما قِيلَ: تارَ الجُرْحُ: التَأمَ.
تَبّ: التَّبُّ والتَّبابُ: الاستمرارُ في الخُسْرَان، يُقال تَبّاً له وتَبَّ له وتَبَّبْتُهُ، إذا قُلْتَ له ذلك. ولِتَضَمُّنِ الاستمرارِ قيلَ اسْتَتَبَّ لِفُلانٍ كذا، أي اسْتَمَرَّ، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المَسَد: 1] أي ضلّت واسْتَمَرَّتْ في خُسْرَانِهِ وهلاكه، {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هُود: 101] أي غير تَخْسير مؤدٍّ للهلاك، {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ} [غَافر: 37] أي وما مؤامرات فرعون في إبطال آيات الله التي أتى بها موسى إلا في خسران.
تبر: التَّبْرُ والتّتْبيرُ: التَّدْميرُ والإهلاكُ. وتَبَرَهُ وتبَّرَهُ: دَمَّرَهُ أو أهلكه. ويقالُ لِكُلِّ شيءٍ مُكَسَّر: مُتَبَّرٌ، وكسارتهُ تِبْرُهُ. قال تعالى: {إِنَّ هَؤُلاَءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} [الأعرَاف: 139] أي مُدَمّرٌ، وقال: {وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} [الفُرقان: 39] وقال: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسرَاء: 7]، وقال سبحانَهُ: {وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا} [نُوح: 28] أي دماراً وإهلاكاً.
تبع: يُقالُ تبِعَهُ واتَّبَعَهُ: قَفا أثَرَهُ، وذلك تارةً بالارتسامِ والائْتمارِ، وعلى ذلك {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البَقَرَة: 38]، {قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} [يس: 20-21]، {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} [طه: 123]، {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعرَاف: 3]، {وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشُّعَرَاء: 111]، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي} [يُوسُف: 38]، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الجَاثيَة: 18]، {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} [البَقَرَة: 102]، {وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البَقَرَة: 168]، {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]، {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} [الكهف: 66]، {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ} [لقمَان: 15]، ويُقالُ أتْبَعَهُ إذا لَحِقَهُ {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشُّعَرَاء: 60]، {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 89]، {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} [القَصَص: 42]، {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} [الأعرَاف: 175]، {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} [المؤمنون: 44]. يُقالُ أتْبَعْتُ عليه، أي أحَلْتُ عليه. ويُقالُ أُتْبِعَ فُلانٌ بِمالٍ، أي أحِيلَ عليه {ثُمَّ لاَ تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} [الإسرَاء: 69] أي تابعاً أو ناصراً لهم. والتَّبيعُ خُصّ بِوَلَدِ البَقَر، إذا تَبعَ أمَّهُ.
وتُبَّعٌ كانُوا رُؤَساء سُمُّوا بذلك لاتباعِ بَعْضِهِمْ بعْضاً في الرياسةِ والسِّياسَةِ. وقيل: تُبَّعٌ مَلِكٌ يَتْبَعُهُ قَوْمُهُ، والجمعُ التَّبابِعَة {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدّخان: 37].
تترى: تَتْرَى، على فَعْلَى، مِنَ المُواتَرَةِ، أي المُتَابَعَةِ وِتراً وِتْراً، وأصلُها واوٌ فَأُبدلَتْ نحوَ تُراثٍ وتِجاهٍ. فَمَنْ صَرَفَهُ جَعَلَ الألِفَ زائدَةً لا للتأنِيثِ، ومَنْ لم يَصرِفهُ جَعَلَ ألِفَهُ لِلتَّأْنِيثِ. قال: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} [المؤمنون: 44] أي مُتَواتِرينَ. وقال الفَراءُ: يُقالُ: تَتْرًى في الرَّفْعِ وتَتْرًى في الجرِّ وتَتْرَى في النصْبِ، والألِفُ فيه بَدَلٌ مِن التَّنْوِين.
تجر: التِّجارةُ التَّصَرُّفُ في رأسِ المالِ طلباً لِلرِّبحِ. يقال تَجَرَ يَتْجُرُ. وتاجِرٌ وتَجْرٌ كَصاحِبٍ وصَحْبٍ، قيلَ: وليسَ في كلامِهِمْ تاءٌ بعدَها جِيمٌ غيرَ هذا اللَّفْظِ. فأمّـا تِجاهُ فأصْلُهُ وِجاهُ، وفي لفظة «تَجُوبُ» التَّاءُ للْمُضارَعَةِ. وقولهُ: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنَجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصَّف: 10] فقد فَسَّـرَ هذِهِ التِّجـارةَ بقوله: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [الصَّف: 11] إلى آخِـر الآيـةِ، وقـال: {اُشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البَقَرَة: 16]. وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النِّسَاء: 29] وقوله: {تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البَقَرَة: 282] قال ابنُ الأعرابي: فُلانٌ تاجرٌ بكَذا، أي حاذِقٌ به عارفٌ الوجهَ المكتَسَبَ منهُ.
تحت: تَحْت: مقابلٌ لِفَوْق {لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المَائدة: 66]، {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البَقَرَة: 25]، {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مَريَم: 24]. وتَحْتُ يُسْتَعْمَلُ في المُنْفَصِلِ، وأسْفَلُ في المُتَّصِلِ، يُقالُ: المالُ تَحْتَهُ، وأسْفَلُهُ أغْلَظُ مِنْ أعْلاهُ، وفي الحديثِ: «لا تَقومُ الساعَةُ حتى تَظْهَرَ التُّحُوتُ وتهلك الوعولُ»(40)، والتُّحوتُ هُمُ الأرْذالُ مِنَ النَّاسِ، وقِيلَ بَلْ ذلكَ إِشارَةٌ إلى ما قال سُبْحانه: {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ *وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} [الانشقاق: 3-4].
تخذ: تَخِذَ بِمَعْنَى أخَذَ، واتَّخَذَ: افْتَعَلَ، ومنه {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} [الكهف: 50]، {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} [البَقَرَة: 80]، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البَقَرَة: 125]، {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [المُمتَحنَة: 1]، {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77].
ترب: قال: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [فَاطِر: 11]، {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النّبَإِ: 40] يتمنى الكافر يوم الحساب لو كان تراباً لإبعاد نفسه عن العقاب الشديد، ولا يحاسب هذا الحساب العسير. وَتَرِبَ: افْتَقَرَ، كأنه لَصِقَ بالتُّرَابِ مِنَ الفقر {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البَلَد: 16] أي ذَا لُصُوقٍ بالتُّرابِ لِفَقْرهِ، وأتْرَبَ الرجُلُ: قلَّ ماله؛ وأَتْرَبَ: اسْتَغْنَى كأنه صار له المَالُ بِقَدَرِ التُّرابِ، والتُّرابُ: الأرضُ نَفْسُها. والجمع أَتْرِبَةٌ. ورِيحٌ تُرَبَةٌ: تَأتِي بالتُّرابِ. ومنه قولهُ (ص) : «عليكَ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»(41) تَنْبيهاً على أنه لا يَفُوتَنَّكَ ذاتُ الدِّينِ، فلا يَحْصُلُ لك ما تَرومُهُ، فَتَفْتَقِرُ مِنْ حيثُ لا تَشْعُرُ. وبارِحٌ تَرِبٌ: رِيحٌ فِيها تُرابٌ. والترائِبُ ضلوعُ الصدرِ، الواحِدةُ تَريبَةٌ {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطّارق: 7] وقوله: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا *عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقِعَة: 36-37]، {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} [النّبَإِ: 33]، {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} [ص: 52] أي لِداتٌ يَنْشَأنَ مَعاً تَشْبيهاً في التساوِي والتماثُلِ بالترائِبِ التي هيَ ضلوعُ الصدرِ، أو لوقُوعِهِنّ مَعاً على الأرضِ، وقيل لأنَّهُنَّ في حالِ الصِّبَا فكأنما يَلْعَبْنَ بالتُّراب مَعاً.
ترف: التَّرَفُ: التَّوسُّع في النِّعمَةِ. يقالُ أُتْرفَ فُلانٌ، فهو مُتْرَفٌ {وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [المؤمنون: 33]، {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} [هُود: 116] أي واتّبع الظالمون ما تعوَّدوا عليه من النِّعَم والتنعُّم، وإيثار اللذات في الدنيا على أمورِ الآخرة، وانشغلُوا بذلكَ عن الطاعات {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} [الأنبيَاء: 13]، و{أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 64] أي المتوسِّعِينَ في ملاذِّ الدنيا وشهواتِها، وقوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} [الإسرَاء: 16] فهُمُ المَوْصُوفُونَ بقوله سبحانَهُ: {فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} [الفَجر: 15].
ترقوة: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القِيَامَة: 26] جَمْعُ تَرْقُوَةٍ وهي عَظْمٌ وَصَلَ ما بَيْنَ ثُغْرَةِ النحرِ والعاتِق. وهو مقدَّمُ الحَلْقِ مِنْ أعلى الصدرِ تتَرَقَّى إليه الروحُ عند الموت وإليه يترَقَّى البُخارُ مِن الجَوْفِ وهناك تَقَع الحَشْرَجَةُ. والراقي طالبُ الشِّفاءِ بأسماء الله المقدسة وآيات الله الكريمة، قولُه تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [القِيَامَة: 27] أيْ: وقالَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهلِهِ: هلْ مِنْ راقٍ أي مِنْ مُعَوِّذٍ يَرْقِيهِ ويشفيه، أو طبيبٍ يداويه، فلم يغنوا عنه مِنْ عذاب الله شيئاً.
ترك: تَرْكُ الشيء: رَفْضُهُ قَصْداً واخْتِياراً أو قَهْراً واضْطراراً، فَمِن الأوَّلِ {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] و {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدّخان: 24]. ومِنَ الثاني {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ} [الدّخان: 25]. وأما قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} [الصَّافات: 78] أي تركنا له ذكراً جميلاً وأبقيناه مستمراً إلى يوم القيامة. ومنه تَركَةُ فلانٍ، لِمَا يُخَلِّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. والتركة في الأصل هي بيضةُ النعام، واستُعيرتْ منها لأنّ النعامةَ لا تبيضُ في السنة إلاَّ واحدة، ثم تتركُها وتذهَبُ.
تسعة: التِّسعَةُ في العَدَدِ معروفةٌ، وكذا التّسْعُونَ. قال تعالى: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النَّمل: 48]، {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23]، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدَّثِّر: 30]، {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25].
تعس: التِّعْسُ: الإتْعاسُ، والانحطاطُ، والإِزْلال (زلَّ) أي الهلاك. والتَّعِسُ هو مَنْ لا يَنْتَعِشُ مِنَ العثرةِ، وَيَنْكَسِرُ في سِفالٍ، فيقال: تَعِسَ تَعْساً وتَعْسَةً. والتّعَسُ هو العِثَارُ الذي لا يقومُ صاحبُهُ من عثرته. فإذا سقط أَحدُهم، وأُريدَ له الانتعاشُ قيل له: لَعاً، وإذا أُريدَ له المكروهُ والسّوءُ قيل له: تَعْساً. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محَمَّد: 8].
وقال الأعشى:
بذاتِ لَوْثٍ عِفِرْناةٍ إذا عَثَرَتْ فالتَّعْسُ أَدْنى لها مِنْ أَنْ أقولَ لعا
تفث: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحَجّ: 29] أَيْ لِيُزِيلُوا شَعَثَ الإِحْرَامِ مِنْ تَقْلِيمِ ظُفْرٍ، وَقَصِّ شَعْرٍ، وَغُسْلٍ وَاسْتِعْمالِ طيبٍ، يُقالُ: قضَى الشيءَ يَقْضِي، إذا قَطَعَهُ وأزالَهُ، وأصلُ التَّفَث الوسَخُ والشَّعثُ، ومنها قصّ الأَظفار والشارب وحلق الرَّأس من مناسك الحج أي كلّ ما شَأنُهُ أنْ يُزَالَ عَنِ البَدَنِ. قال أعرابيّ: ما أتْفَثَكَ وأدْرَنَكَ.
تقوى: تاءُ التَّقْوَى مَقْلُوبٌ مِنَ الواوِ وذلكَ مَذْكورٌ في بابِهِ.
تكأ: الْمُتَّكَأُ: المكانُ الذي يُتَّكَأُ عليه، والمِخَدَّةُ المُتّكَأُ عليها. وقوْلُهُ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يُوسُف: 31] أيْ أُتْرُجّاً، وقيل طعاماً متناوَلاً، من قولك: اتكأ على كذا فأَكَلَهُ {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18]، {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطُّور: 20]، {عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]، {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} [الواقِعَة: 16].
تلَّ: أصلُ التَّلِّ: المكانُ المُرْتَفِعُ. والتَّلِيلُ: العُنُق. {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصَّافات: 103] أسْقَطَهُ على التَّلِّ، كَقَوْلِكَ: تَرَّبَهُ: أسْقَطَهُ على الترابِ. وقِيلَ: أسْقَطَهُ على تَلِيلِهِ أي عُنُقِه. والمِتَلُّ: الرُّمْحُ الذي يُتَلُّ به.
تلا: تَبِعَهُ مُتابَعَةً أي قفا أثره، وذلكَ يَكُونُ تارَةً بالجِسْمِ، وتارَةً بالحُكْمِ أو العَمَل. ومَصْدرُهُ تُلُوٌّ وتِلْوٌ، وتارَةً بالقراءَةِ أو تَدَبُّر المَعْنَى. ومصْدَره تِلاوَةٌ. {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا} [الشّمس: 2] أرادَ به هاهُنا الاتِّباعَ على سَبيلِ الاقْتِداءِ والمَرْتَبَةِ، وذلكَ أنه يُقالُ إنّ القَمَرَ هُوَ يَقْتَبِسُ النورَ مِنَ الشَّمسِ، وهُوَ لها بِمَنْزلَةِ الخَلِيفَةِ. وقِيلَ، وعلى هذا {جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يُونس: 5] والضِّياءُ أعْلَى مَرْتَبَةً مِنَ النُّورِ، إذ كانَ كُلُّ ضِياءٍ نوراً وليسَ كلُّ نورٍ ضِياءً. {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هُود: 17] أي يَقْتَدِي به ويَعْمَلُ بمُوجبِ قولِه: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 113]، والتِّلاوَةُ تَخْتَصُّ باتِّباعِ كُتُبِ اللَّهِ المُنَزَّلَةِ تارةً بالقرَاءةِ، وتارَةً بالارْتِسامِ لِمَا فيها مِنْ أمْر ونَهْي وتَرْغيبٍ وتَرْهيبٍ. وهو أخَصُّ مِنَ القرَاءةِ، فَكُلُّ تِلاوَةٍ قِراءَةٌ وليس كُلُّ قراءَةٍ تلاوَةً. لا يُقالُ تَلْوتُ رِقْعَتَكَ، وإنَّما يُقالُ في القرآنِ في شيء إذَا قَرَأْتَهُ وَجَبَ عليكَ اتِّباعُهُ {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يُونس: 30]، {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا} [الأنفَال: 31]، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العَنكبوت: 51]، {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} [يُونس: 16]، {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} [الأنفَال: 2] فهذا بالقراءة. وكذلك {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} [الكهف: 27]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} [المَائدة: 27]، {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} [الصَّافات: 3]. وأمّا قولهُ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [البَقَرَة: 121] فاتِّباعٌ له بالعلمِ والعَمَلِ. {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عِمرَان: 58] أي نُنَزِّلُهُ {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} [البَقَرَة: 102] واسْتُعْمِلَ فيه لَفْظُ التِّلاوَةِ، لأن الشيطان كان يزعمُ أنّ الذي يَتْلونَهُ هو مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، والتُّلاوَةُ والتَّلِيَّةُ بَقِيَّةٌ مِمَّا يُتْلَى، أي يُتَتَبَّعُ. وأتْلَيْتُهُ، أي أبْقَيْتُ منه تِلاوَةً، أي تَرَكْتُهُ قادِراً على أنْ يَتْلُوَهُ. وأتْلَيتُ فُلاناً على فُلانٍ بِحَقٍّ، أي أحَلْتُهُ عليه. ويُقالُ: فُلانٌ يَتْلُو على فُلانٍ ويَقُولُ عليه، أي يَكْذِبُ عليه {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [آل عِمرَان: 75]. ويُقالُ: لا أدْرِي ولا أتْلِي، ولا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ. وأصلُه ولا تَلَوْتَ، فقِيلَ للمُزَاوَجَةِ، كما قِيلَ: مَأزُوراتٍ غَيْرَ مَأجُوراتٍ. وإنَّما هو مَوْزُورَاتٌ.
تمَّ: تَمامُ الشيء: انْتهاؤُهُ إلى حَدٍّ لا يَحْتاجُ إلى شيءٍ خارِجٍ عنه. والنَّاقِصُ: ما يَحْتاجُ إلى شيءٍ خارِجٍ عنه. ويُقالُ ذلك للْمَعْدُودِ والمَمْسُوحِ، تَقُولُ: عَدَدٌ تامٌّ ولَيْلٌ تامٌّ. {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [الأنعَام: 115]، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصَّف: 8]، {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الأعرَاف: 142]، {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ} [الأعرَاف: 142]، {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البَقَرَة: 124]، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المَائدة: 3].
توب: التوبُ: جَمْعُ تَوْبَةٍ وهي النَّدَمُ بالقَلْبِ والاستغفارُ باللِّسان، أو هي تَرْكُ الذَّنْبِ على أجْمَلِ الوُجُوهِ، وهو أبْلَغُ وُجُوهِ الاعْتِذارِ، فإِنّ الاعْتِذارَ على ثلاثةِ أوجهٍ: إمّا أن يَقُولَ المُعْتَذِرُ: لم أفْعَلْ، أو يقولَ: فعلتُ لأجْلِ كذا، أوْ فَعَلْتُ وأسأتُ وقد أقْلَعْتُ، ولا رابعَ لذلك، والأخيرُ هُو التَّوْبَةُ. والتوبَةُ في الشرعِ: تَرْكُ الذَّنْبِ لِقُبْحِهِ، والنَّدَمُ على ما فَرَطَ منه، والعَزيمَةُ على تَرْكِ المُعاوَدَةِ، وتَدَارُكِ ما أمْكَنَهُ أن يُتَداركَ مِنَ الأعْمالِ بالإِعادَةِ. فَمَتَى اجْتَمَعَت هذه الأرْبعُ فَقَدْ كَمُلَت شرائِطُ التوْبَةِ، وتابَ إلى اللَّهِ: تذكَّرَ ما يَقْتَضِي الإنابَةَ نَحْوُ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} [النُّور: 31]، {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ} [المَائدة: 74]. وتابَ اللَّهُ عليه، أيْ قَبِلَ تَوْبَتَهُ منه {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} [التّوبَة: 117]، {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا} [التّوبَة: 118]، {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البَقَرَة: 187]. والتائِبُ، يقالُ لِباذِلِ التَّوْبَةِ ولقابِلِ التَّوْبَةِ، فالعَبْدُ تائِبٌ إلى اللَّهِ، واللَّهُ تائِبٌ على عَبْدِهِ. والتوَّابُ: العبدُ الكَثِيرُ التَّوْبَةِ، وذلك بِتَرْكِهِ كلَّ وقْتٍ بعْضَ الذُّنُوبِ على التَّرْتِيبِ حتى يَصِيرَ تارِكاً لِجَميعِها. والله هو التّوّاب لِكَثْرَةِ قَبُولِهِ تَوْبَةَ العبادِ حالاً بَعْدَ حالٍ. وقولُهُ: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفُرقان: 71] أي التوْبَةَ التامّةَ، وهو الجَمْعُ بَيْنَ تَرْكِ القَبيحِ وتَحَرِّي الجَمِيلِ {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرّعد: 30]، {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البَقَرَة: 37].
توراة: التَّوْرَاةُ: معرَّبُ «تُورَه» بالعبرية وهي أسفارُ موسى (ع) الخمسة، وقد أُطْلِقَتْ على العَهْدِ القَديمِ كُلِّهِ؛ وبعدَ تَعْريبهِ صارَ التاءُ فيه مَقْلُوباً، وأصلُه مِنَ الوَرْيِ. وبناؤُها عِنْدَ الكوفيين وَوْراةٌ تَفْعَلَةٌ. وقال بَعْضُهُمْ هيَ تَفْعَلُ نحوُ: تَنْفَلُ وليسَ في كلامِهِمْ تَفْعَلُ اسْماً وعِندَ البَصْريينَ وَوْرَى هيَ فَوْعَلَ نحوُ: حَوْقَلَ. قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} [المَائدة: 44]، {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ} [الفَتْح: 29].
تين: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التِّين: 1] قِيلَ هُما جَبَلانِ مقدسان، وقيلَ هُما المأكولانِ. والمَتَانةُ الأرض الكثيرةُ التينِ.
تيه: أصلُ التِّيه: التحيُّر، فيقال: تاهَ، يتيهُ، إذا تحيَّر.
والتَّيْهاءُ مِنَ الأَرضِ: هي التي لا يُهتدى فيها، ولذا يقالُ لها أرضٌ تَيْهاء. أي مُضِلّةٌ يَتِيهُ فيها الإنسانُ. وقد فرضَ الله تعالى التِّيهَ على بني إسرائيل، كما بيّنه القرآنُ الكريم بقوله تعالى: {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المَائدة: 26] أي يَحارون إلى أي جهةٍ يتوجهون، فلم يهتدوا للخروجِ مِنْ ضَيَاعِهِم في الصحراء. ويقال أيضاً: توَّهَهُ وتيَّهَهُ إذا حيَّرَه. ووقع في التِّيهِ والتَّوْهِ، أي في مواضِعِ الحَيْرة.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢