نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الطَّاءِ
(ط)

طبع: الطَّبْعُ: أنْ تُصَوِّرَ الشَّيءَ بِصورَةٍ مّا، كَطَبْعِ السِّكَّةِ، وطَبْعِ الدّراهِمِ، وهو أعَمُّ مِنَ الخَتْمِ، وأخصُّ مِنَ النَّقْشِ. والطَّابَعُ والخاتَمُ: ما يُطْبَعُ به ويُخْتَمُ. والطَّابِعُ: فاعِلُ ذلك. وقيلَ لِلطابَعِ طابِعٌ، وذلك كَتَسْمِيَةِ الفِعْلِ إلَى الآلَةِ، نحوُ سَيْفٌ قاطِعٌ. قال: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المنَافِقون: 3]، {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الرُّوم: 59]، {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} [يُونس: 74]، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ في قولِهِ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البَقَرَة: 7] وبه اعْتُبرَ الطَّبْعُ والطَّبِيعَةُ التي هي السَّجِيَّةُ، فإنَّ ذلك هو نَقْشُ النَّفْسِ بِصُورَةٍ ما، إمّا مِنْ حَيْثُ الخِلْقَةُ، أو مِنْ حَيْثُ العادَةُ. وهو فيما يُنْقَشُ به مِنْ حَيْثُ الخِلْقَةُ أغْلَبُ، ولهذا قيلَ:
وتَأبَى الطِّباعُ علَى النَّاقِلِ
وطبِيعَةُ النَّارِ، وطَبِيعَةُ الدّواءِ: ما سَخَّرَ اللَّهُ له مِنْ مِزاجِهِ. وَطِبْعُ السَّيْفِ: صَدَؤُهُ ودَنَسُهُ. وقيلَ: رَجُلٌ طَبِعٌ. وقد حَمَلَ بَعْضهم {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [التّوبَة: 93]، {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ} [يُونس: 74] على معنى: تركَهَا تصدأُ. كقولِهِ {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطفّفِين: 14] وقولِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المَائدة: 41]. وقيلَ: طَبَعْتَ المِكْيالَ: إذا مَلَأْتَهُ، وذلك لِكَوْنِ المِلْءِ كالعَلامَةِ المانِعَةِ مِنْ تَناوُلِ بَعْضِ ما فيه. والطَّبْعُ: المَطْبُوعُ أي المَمْلُوءُ. قال الشاعِرُ:
كَزَوايا الطَّبْعِ هَمَّتْ بالوَجَل
طبق: المُطابَقَةُ: مِنَ الأسْماءِ المُتَضايِفَةِ، وهو أنْ تَجْعَلَ الشَّيءَ فَوْقَ آخَرَ بِقَدْرِهِ، ومنه: طابَقْتُ النَّعْلَ. قال الشاعِرُ:
إذا لاوَذَ الظِّلَّ القَصِيرَ بِخُفِّهِ وكانَ طِباقَ الخُفِّ أو قلَّ زائِدا
ثم يُسْتَعْمَلُ الطِّباقُ في الشيءِ الذي يَكُونُ فَوْقَ الآخَر تارَةً، وفيما يُوافِقُ غَيْرَهُ تارَةً، كسائِرِ الأشْياءِ المَوْضُوعَةِ لِمَعْنَيَيْنِ. ثم يُستَعْمَلُ في أحَدهِما دُونَ الآخَرِ، كالكأْسِ والرَّاوِيَةِ ونحوهِما. قال: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [المُلك: 3] أي بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ. وقولُهُ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] أي لتركبنّ يا محمد سماءً بعد سماء لتصعد فيها. ويجوز أن تكون: درجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة كما هو حال الإنسان في الدنيا. أي يَتَرَقَّى مَنْزلاً عَنْ مَنْزِلٍ، وذلك إشَارَةٌ إلَى أحْوالِ الإِنْسانِ مِنْ تَرَقِّيهِ في أحْوالٍ شَتَّى في الدُّنْيا، نحوُ ما أشارَ إليه بقولِهِ: {خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} [فَاطِر: 11]، وأحْوالٍ شَتَّى في الآخِرَةِ مِنَ النُّشُورِ والبَعْثِ والحِسابِ وجوازِ الصِّراطِ إلَى حِينِ المُسْتَقَرِّ في إحْدى الدَّارَيْنِ. وقيلَ لِكُلِّ جَماعَةٍ مُتطابقَةٍ: هُمْ في أُمِّ طَبَقٍ. وقيلَ: النَّاسُ طَبَقاتٌ. وطابَقْتُهُ على كذا، وتَطابَقُوا، وأطْبَقُوا عليه، ومنه: جَوابٌ يُطابِقُ السُّؤالَ. والمُطابَقَةُ في المَشْيِ، كَمَشْيِ المُقَيَّدِ. ويُقالُ لِما يُوضَعُ عليه الفَواكِهُ، ولِما يُوضَعُ على رَأسِ الشَّيءِ: طَبَقٌ. ولِكُلِّ فَقْرَةٍ مِنْ فَقارِ الظَّهر: طَبَقٌ، لِتَطابُقِها. بِمُطابَقَةِ النَّعْلِ. وطِبْقُ اللَّيْلِ والنَّهار: ساعاتُهُ المُطَابِقَةُ. وعُبِّرَ عَنِ الدَّاهِيَةِ بِبِنْتِ الطَّبَقِ. وقولُهُمْ: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً، فهُما قَبِيلَتانِ، وكذلكَ إذا تزوَّجَ رجلٌ عاقلٌ من امرأةٍ عاقلةٍ فيُضرَبُ بهما أيضاً هذا المثَلُ.
طحا: الطَّحْوُ: كالدَّحْوِ، وهو بَسْطُ الشَّيءِ والذَّهابُ بِهِ {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشّمس: 6]. قالَ الشاعِرُ:
طَحا بِكَ قَلْبٌ في الحِسانِ طَرُوبُ
أي ذَهَبَ بِكَ قَلْبٌ يَطربُ لِلْحِسانِ.
طرح: الطَّرْحُ: إلْقاءُ الشَّيْءِ وإِبْعادُهُ. والطَّرُوحُ: المَكانُ البعِيد. ورَأيْتُهُ مِنْ طَرْحٍ، أي بُعْدٍ. والطَّرْحُ: المَطْرُوحُ لِقِلَّةِ الاعتِدادِ به. {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} [يُوسُف: 9] قال إخوة يوسف: أو ضعوه في أرض بعيدة عن الناس تأكله سباع الأرض.
طرد: الطَّرْدُ، هو الإزْعاجُ والإبْعادُ على سَبِيلِ الاسْتِخْفافِ. يقالُ: طَرَدْتُهُ. قال تعالى {وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُّهُمْ} [هُود: 30]، {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعَام: 52]، {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} [الشُّعَرَاء: 114]، {فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعَام: 52]. ويُقالُ: أطْرَدَهُ السُّلْطانُ، وطَرَدَهُ، إذا أخْرَجَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وأمَرَ أنْ يُطْرَدَ مِنْ مَكانٍ حَلَّهُ. وسُمِّيَ ما يُثارُ مِنَ الصَّيْدِ طَرْداً، وطَريدَةً. ومُطارَدَةُ الأقْرانِ: مَدافَعَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضاً. والمِطْرَدُ: ما يُطْرَدُ به. واطِّرادُ الشَّيْءِ: مُتابَعَةُ بَعْضِهِ بَعْضاً.
طرف: طَرَفُ الشَّيءِ: جانِبُهُ. ويُسْتَعْمَلُ في الأجْسامِ والأوْقاتِ وغَيْرهِما {فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130]، {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هُود: 114]. ومنه اسْتُعِيرَ: هو كَريمُ الطَّرَفَيْنِ، أي الأبِ والأمِّ. وقيلَ: الذَّكَرِ واللِّسانِ إشارَةً إلَى العِفَّةِ. وطَرْفُ العَيْنِ: جَفْنُها. والطَّرْفُ: تَحْريكُ الجَفْنِ، وعُبِّرَ به عَنِ النَّظَر إذْ كانَ تَحْريكُ الجَفْنِ لازَمُهُ النَّظَرُ. قال: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النَّمل: 40]، وقوله: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرَّحمن: 56] عِبارَةٌ عَنْ إغْضائِهِنَّ لِعِفَّتِهِنَّ. وطُرِفَ فُلانٌ: أصِيبَ طَرْفُهُ. وقولُهُ: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عِمرَان: 127] فَتَخْصِيصُ قطْعِ الطَّرَفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ تَنْقِيصَ طَرَفِ الشيءِ يُتَوَصَّلُ به إلَى تَوْهِينِهِ وإزالَتِهِ. ولذلك قال: {أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الأنبيَاء: 44]. والطِّرافُ: بَيْتُ أدَمٍ يُؤْخَذُ طَرَفُهُ. ويقال: مِطْـرَفُ الخَـزِّ. ومُطْرَفٌ: ما يُجْعَلُ له طَرَفٌ. وقد أطْرَفْتُ مالاً. وناقَةٌ طَرفَةٌ، ومُسْتَطْرفَةٌ: تَرْعَى أطْرافَ المَرْعَى كالبَعِير، والطَّريفُ: ما يَتَنَاوَلُهُ، ومنه قيلَ: مالٌ طَريفٌ وهُوَ الحديثُ، وعَكْسُهُ التَّليدُ والتِّلادُ. ورَجُلٌ طَريفٌ: لا يَثْبُتُ على امْرَأةٍ. والطِّرْفُ: الفَرَسُ الكَريمُ، وهو الذي يُطْرَفُ مِنْ حُسْنِهِ. فالطِّرْفُ في الأصْلِ هو المَطْرُوفُ، أي المَنْظُورُ إليه كالنِّقْضِ في مَعْنَى المَنْقُوضِ، وبهذا النَّظَرِ قِيلَ: هو قَيْدُ النَّواظِر لكلِّ شيءٍ يَحْسُنُ حتى يَثْبُتَ عليه النَّظَرُ.
طـرق: الطَّريـقُ: السَّبِيـلُ الـذي يُطْـرَقُ بالأرْجُـلِ، أي يُضْـرَبُ. قـال: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77]. وعنه اسْتُعِيرَ كُلُّ مَسْلَكٍ يَسْلُكُهُ الإِنْسانُ في فِعْلٍ محموداً كانَ أو مَذْمُوماً. {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } [طه: 63] وقيلَ: طَريقَةٌ مِنَ النَّخْلِ، تَشْبِيهاً بالطَّريقِ في الامْتِدادِ. والطَّرْقُ في الأصْلِ، كالضَّرْبِ، إلاَّ أنَّهُ أخَصُّ، لأنَّهُ ضَرْبُ تَوَقُّعٍ، كَطَرْقِ الحَديدِ بالمِطْرَقَةِ، ويُتَوَسَّعُ فيه تَوَسُّعَهُمْ في الضَّرْبِ، وعنه اسْتُعِيرَ: طَرْقُ الحَصَـى للتَّكَهُّـنِ، وطَرْقُ الدَّوابِّ الماءَ بالأرْجُلِ حتى تُكَدِّرَهُ، حتى سُمِّيَ الماءُ الدَّنِقُ طَرْقاً. وطارَقْتُ النَّعْلَ، وطَرَقْتُها. وتَشْبِيهاً بِطَرْقِ النَّعْلِ في الهَيْئَةِ قيلَ: طارَقَ بَيْنَ الدِّرْعَيْنِ. وطَرْقُ الخَوافي: أنْ يَركَبَ بَعْضُها بَعْضاً. والطارِقُ: السالِكُ للطَّرِيقِ، لَكِنْ خُصَّ في التَّعارُفِ بالآتِي لَيْلاً، فقيلَ: طَرَقَ أهْلَهُ طُروقاً، وعُبِّرَ عَنِ النَّجْمِ بالطارِقِ لاخْتِصاصِ ظُهُورِهِ باللَّيْلِ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطّارق: 1] ومنه قولُهُم:
نَحْنُ بَناتُ طارِقْ
وسُمّيت الحَوادِث التي تَأْتي لَيْلاً بالطَّوَارِقِ. وطُرق فُلانٌ: قُصِدَ لَيْلاً. قال الشاعِرُ:
كأنِّي أنا المَطْرُوقُ دُونَكَ بالذي طُرِقْتَ به دُونِي وعَيْنِيَ تَهْمُلُ
وباعْتِبارِ الضَّرْبِ قيلَ: طَرَقَ الفَحْلُ الناقَةَ. ويُقالُ لِلناقَةِ: طَروقَةٌ، وكُنِّيَ بالطَّرُوقَةِ عَنِ المَرأةِ. وأطْرَقَ فُلانٌ: أغْضَى، كأنَّهُ صارَ عَيْنُهُ طارِقاً لِلأرْضِ، أي ضارِباً لها، كالضَّرْبِ بالمِطْرَقَةِ. وباعْتِبارِ الطَّريقِ، قيلَ: جاءَتِ الإبِلُ مَطارِيقَ، أي جاءَتْ على طَريقٍ واحِدٍ. وتَطَرَّقَ إلَى كذا، نحوُ تَوَسَّلَ. وتَطَرَّقَ إلى الموضوعِ: عَرَّجَ عليهِ بالبَحْثِ. وطَرَّقْتُ له: جَعَلْتُ له طَرِيقاً. وجَمْعُ الطَّرِيقِ: طُرُقٌ: وجَمْعُ طَريقةٍ: طَرائِقُ {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجنّ: 11] إشارَةً إلَى اخْتِلافِهِمْ في دَرَجاتِهِمْ، كقولِهِ: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 163]. وأطْباقُ السماءِ يُقالُ لَها طَرائِقُ {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون: 17] أي سبع سماوات. وكل سماء طريقة، وسميت بذلك لتطارقُها أي أن بعضها فوق بعض. وقيل: إنها طرق الملائكة.
طري: {لَحْمًا طَرِيًّا} [النّحل: 14] أي غَضّاً جَدِيداً، مِنَ الطَّراءِ والطَّراوَةِ. يُقالُ: طَرَّيْتُ كذا فَطَرِيَ، ومنه المُطَرَّاةُ مِنَ الثِّيابِ. والإِطْراءُ: مَدْحٌ يُجَدَّدُ ذِكْرُهُ. وطَرَأ، بالهَمْزِ: طَلَعَ.
طعم: الطَّعْمُ: تَناوُلُ الغِذاءِ، ويُسَمَّى ما يُتَناوَلُ منه طَعْمٌ وطَعامٌ {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المَائدة: 96]. وقد اخْتَصَّ بالبُرِّ فيما رَوَى أبُو سَعِيدٍ أنَّ النبيَّ (ص) أمَرَ بِصَدَقَةِ الفِطْرِ صاعاً مِنْ طَعامٍ أو صاعاً مِنْ شَعِير(4). قال تعالى: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحَاقَّة: 36]، {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المُزّمل: 13]، {طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدّخان: 44]، {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [المَاعون: 3] أي إطْعَامِهِ الطَّعامَ. قال تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزَاب: 53]، {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المَائدة: 93]. قيلَ: وقد يُسْتَعْمَلُ (طَعِمْتُ) في الشَّرابِ، كقولِهِ: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البَقَرَة: 249] وقال بَعْضُهُمْ: إنَّما قال: ومَنْ لم يَطْعَمْهُ، تَنْبِيهاً أنه مَحْظُورٌ أنْ يَتَناوَلَ إلاَّ غَرْفَةً مَعَ طَعامٍ، كما أنه مَحْظُورٌ عليه أنْ يَشْرَبَهُ، إلاَّ غَرْفَةً. فإِنَّ الماءَ قد يُطْعَمُ إذا كانَ مَعَ شيءٍ يُمْضَغُ، ولو قال: ومَنْ لم يَشْرَبْهُ لَكانَ يَقْتَضِي أنْ يَجُوزَ تَناوُلُهُ إذا كانَ في طَعامٍ، فلما قال: ومَنْ لم يَطْعَمْهُ، بَيَّنَ أنه لا يَجُوزُ تَناوُلُهُ على كُلِّ حالٍ إلاَّ قَدْرَ المُسْتَثْنَى، وهو الغَرْفَةُ باليَدِ. وقولُ النبيِّ (ص) في زَمْزَمَ: «إنه طَعامُ طُعْمٍ وشِفاءُ سُقْمٍ» فَتَنْبِيهٌ منه أنه يُغَذِّي بِخلافِ سائِر المِياهِ. واسْتَطْعَمَهُ، فَأطْعَمَهُ {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [الكهف: 77]، {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحَجّ: 36]، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا} [الإنسَان: 8-9]، {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47]، {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} [قُرَيش: 4]، {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ} [الأنعَام: 14]، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذّاريَات: 57]. وقال عليه وعلى آله السلامُ: «إذا اسْتَطْعَمَكُمُ الإمامُ فَأطْعِمُوهُ»(5) أي إذا اسْتَحْلَفَكُمْ عِنْدَ الارْتِياحِ فَلَقِّنُوهُ. ورَجُلٌ طاعِمٌ: حَسَنُ الحالِ. ومُطْعَمٌ: مَرْزُوقٌ. ومِطْعامٌ: كَثِيرُ الإِطْعامِ.
طعن: الطَّعْنُ: الضَّرْبُ بالرُّمْحِ، وبالقَرْنِ، وما يَجْرِي مَجْراهُما. وتَطاعَنُوا، واطَّعَنُوا. واسْتُعِيرَ للْوقِيعَةِ. قال: {وَطَعْناً فِي الدِّينِ} [النِّسَاء: 46]، و {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} [التّوبَة: 12] أي عابوه وقدحوا فيه..
طغى: طَغَوْتُ، وطَغَيْتُ طَغَواناً وطُغْياناً، وأطْغاهُ كذا: حَمَلَهُ على الطّغْيانِ، وذلك تَجاوُزُ الحَدُّ في العصْيانِ. قال تعالى: {إِنَّهُ طَغَى} [طه: 24]، {إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العَلق: 6]، {قَالاَ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه: 45]، {وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81]، {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْرًا} [الكهف: 80]، {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البَقَرَة: 15]، {إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيرًا} [الإسرَاء: 60]، {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} [ص: 55]، {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [ق: 27] ما أضللته، أي ما جعلته طاغياً. والطَّغْوى: الاسْمُ منه {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشّمس: 11] تَنْبيهاً أنَّهُمْ لم يُصَدِّقُوا إذَا خوّفُوا بِعُقُوبةِ طغْيانِهِمْ. وقولُهُ: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} [النّجْم: 52] تَنْبِيه أنَّ الطُّغْيانَ لا يُخَلِّصُ الإنْسَانَ، فَقَدْ كانَ قَوْمُ نُوحٍ أطْغَى منهمْ فأُهْلِكُوا. وقولُهُ: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} [الحَاقَّة: 11] فاسْتُعِيرَ الطُّغْيانُ فيه لتَجاوُزِ الماءِ الحَدَّ. وقولُهُ: {فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحَاقَّة: 5] أي بالصيحة التي تجاوزت الحدّ أي المقدار الذي يتحمّله السمع. والطاغُوتُ: عِبارَةٌ عَنْ كُلِّ مُتَعَدٍّ، وكُلِّ مَعْبُودٍ منْ دُونِ الله، ويُسْتَعْمَلُ في الواحِدِ والجَمْعِ. {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} [البَقَرَة: 256]، {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ} [الزُّمَر: 17]، {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} [البَقَرَة: 257]، {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النِّسَاء: 60] عِبارَةً عَنْ كُلِّ متَعَدٍّ. ولما تَقَدَّمَ سُمّي السَّاحِرُ، والكاهِنُ، والمارِدُ مِنَ الجِنِّ، والصارِفُ عَنْ طَرِيقِ الخَيْرِ: طاغُوتاً. وَوَزْنُهُ، فيما قيل فَعَلُوتٌ، نحوُ جَبَرُوتٍ ومَلَكُوتٍ. وقيلَ: أَصْلُهُ طَغَوُوتُ، ولكِنْ قُلِبَ لام الفِعْلِ نحوُ صاعِقَةٍ وصاقِعَةٍ، ثم قُلِبَ الواوُ ألفاً لِتَحَرُّكِ وانفِتاحِ ما قَبْلَهُ.
طفىء: طَفِئَتْ النار، وأطفأتُها. قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [التّوبَة: 32]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ} [الصَّف: 8] والفَرْقُ بَينَ المَوْضِعينِ أنَّ في قولِهِ: (يُرِيدُونَ أن يُطْفِئوا) يَقْصِدُونَ إطْفاءَ نُورِ اللهِ، وفي قولِهِ (لِيُطْفئوا) يَقْصِدُونَ أمراً يَتَوَصَّلُونَ به إلَى إطْفاءِ نورِ الله.
طف: الطَّفِيفُ: الشَّيءُ النَّزْرُ، ومنه الطُّفافَةُ لما لا يُعْتَدُّ به. وطَفَّفَ الكَيْلَ: قَلَّلَ نَصِيبَ المَكِيلِ له في إيفائِهِ واسْتِيفائِهِ. قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطفّفِين: 1].
طفق: يُقالُ: طَفِقَ يَفْعَلُ كذا، كقولِكَ: أخَذَ يَفْعَلُ كذا. ويُسْتَعْمَلُ في الإيجابِ دُونَ النَّفْيِ. ولا يُقالُ: ما طَفِقَ. قال تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 33]، {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعرَاف: 22].
طفل: الطِّفْلُ: الوَلَدُ ما دامَ ناعِماً، وقد يَقَعُ على الجَمْعِ. قال: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} [غَافر: 67]، {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النُّور: 31]. وقد يُجْمَعُ على أطْفالٍ {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ} [النُّور: 59]. وباعْتِبارِ النُّعُومَةِ قيلَ: امرأةٌ طِفْلَةٌ، وقد طَفِلَتْ طُفُولَةً وطَفالَةً. والمُطْفِلُ مِنَ الظَّبْيَةِ: التي مَعَها طِفْلُها. وطَفَلَتِ الشمسُ: همَّت بالوجوبِ وَدَنَتْ للغُروبِ، وهو (ضدٌّ) بين طَفَلَتْ بمعنى طَلَعَتْ، وطَفَلَتْ بمعنى احْمَرَّت عند الغُروبِ. قال:
وعلى الأرضِ غَياباتُ الطَّفَلِ
وأما طَفَّلَ الرجلُ، فمعناهُ صارَ طُفَيْلِيّاً، فَقِيلَ: إِنما هُوَ مِنْ طَفَلِ النهارِ، بُعَيدَ طُلوعِ الشَّمْسِ، وهُوَ أنْ يَفعلَ فِعلَ طُفَيْلِ العَرائِسِ، أو الذي يَنْتابُ الوَلائِمَ ولم يُدعَ إليها، وهو منسوبٌ إلى طُفَيلٍ: رَجُلٍ مِنَ أَهْل الكُوفَةِ مِنْ بني عبد الله بن غَطفانَ كانَ يَأتي الولائمَ مِنْ غَيرِ أن يُدعى إليها، والعربُ تُسمّي الطفيليَّ بالوارِشِ، وليلةٌ مُطفِل: تقتل الأطفالَ برداً.
طلب: الطَّلَبُ: الفَحْصُ عَنْ وجُودِ الشيءِ عَيْناً كانَ أو مَعْنًى {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} [الكهف: 41] و {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحَجّ: 73]. وأطْلَبْتَ فُلاناً، إذا أَسْعَفْتَهُ لما طَلَبَ، وإذا أحْوَجْتَهُ إلى الطَّلَبِ. وأطْلَبَ الكَلأُ: إذا تَباعَدَ حتى احْتاجَ أن يُطْلَبَ.
طلح: الطَّلْحُ شَجَرٌ، الواحِدَةُ: طَلْحَةٌ. قال: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقِعَة: 29]. المنضودُ: منْ نَضَـدْتُ المتـاعَ، إذا جَعَلْتَ بَعْضَهُ على بعضٍ؛ وَنَضَدَ بالحَمْلِ مِنْ أَوَّلِهِ إلى آخرِهِ فَلَيْسَتْ لهُ سُوقٌ بارِزَةٌ فَمِنْ عُروقِهِ إلى أفنانِهِ ثَمَرٌ. وإِبِلٌ طَلاحيَّةٌ وطُلاحيَّةٌ: تَأْلَفُ شَجَرَ الطَّلحِ وتَرْعاه، وإِبلٌ طَلاحَى: مُشْتكِيةٌ مِنْ أكْلِهِ. والطَّلْحُ والطَّلِيحُ: المَهْزُولُ المَجْهُودُ. و(ناقَةٌ طَلِيحُ أسْفارٍ): إذا جَهَدَها السَّفَرُ وَهَزَلَهـا؛ والطَّلاحُ ضِدُّ الصَّلاحِ، والطّالِحُ خِلافُ الصَّالحِ، ج طُلَّحٌ وطالحون.
طلع: طَلَعَت الشَّمْسُ طُلُوعاً ومَطْلَعاً. قال: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} [طه: 130]، {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القَدر: 5]. والمَطْلِعُ: موضِعُ الطُّلُوعِ {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ} [الكهف: 90] وعنه اسْتُعِيرَ طَلَعَ عَلَيْنَا فُلانٌ: أقبَلَ. واطَّلَعَ الأمرَ: عَلِمَهُ {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} [الصَّافات: 54]. فاطَّلَعَ: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غَافر: 37]، {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مَريَم: 78]، {لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [القَصَص: 38]. يقال: واسْتَطْلَعْتُ رأيَهُ. وأطْلَعْتُكَ على كذا. وطَلَعْتُ عنه: غِبْتُ. وطِلاعُ الشيءِ: قَدْرُهُ، يقال «هذا طِلاعُ هذا» أي قَدْرُهُ، والمَطْلَع (بالفتح والكسر): موضِعُ طُلوعِ الشَّمْسِ والكواكِبِ. وطَلِيعَةُ الجَيْشِ: أوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ منه. والطَّلوعُ: الطَّالِعُ، ومنه طَلْعُ النَّخْلِ {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10]، {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصَّافات: 65] أي ما طَلَعَ منها. {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشُّعَرَاء: 148]. وَأَطَلَعَ النَّخْلُ: خَرَجَ طَلْعُهُ. و«قَوْسٌ طِلاعُ الكَفِّ» أي مِلْءُ الكَفِّ.
طلـق: أصْلُ الطَّلاقِ: التَّخْلِيةُ مِنَ الوِثَاقِ (بفتحِ الواوِ وكسرِها). يُقالُ: أطْلَقْـتُ البَعِيرَ مِنْ عِقالِهِ، وطَلَّقْتُهُ، وهو طالِقٌ، وطَلْقٌ: بلا قَيْدٍ. ومنه اسْتُعِيـرَ: طَلَّقْـتُ المرأةَ، نحوُ خَلَّيْتُها فهي طالِقٌ، أي مُخَلاّةٌ عَنْ حِبالَةِ النِّكاحِ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطّلاَق: 1]، {اَلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البَقَرَة: 229]، {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البَقَرَة: 228] فهذا عامٌّ في الرَّجْعِيَّةِ وغَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ. وقولُهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البَقَرَة: 228] خَاصٌّ في الرَّجْعِيَّةِ. وقولُهُ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البَقَرَة: 230] أي بَعْدَ طَلاقِ البَيْنُونَةِ الكُبْرى. {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البَقَرَة: 230] يَعْنِي فإنْ طَلَّقَها الزَّوْجُ الثاني يحقُّ للأولِ الزواجُ منها مجدَّداً. وانْطَلَقَ فُلانٌ: مضى {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القَلَم: 23]، {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المُرسَلات: 29]. وقيلَ للحَلالِ: طَلْقٌ، أي مُطْلَقٌ لا حَظْرَ عليه. وعَدا الفَرَسُ طَلْقاً أو طَلْقَيْنِ، اعْتباراً بتَخْلِيَةِ سَبيلِهِ. والمُطْلَقُ في الأحكامِ: ما لا يَقَعُ منه اسْتِثْناءٌ. ورَجُلٌ طَلْقُ اليَدَينِ: عِبارَةٌ عنِ جُودِهِ وسَخَائِهِ. وطَلْقُ الوَجْهِ: أي مُشرِقُهُ، إذا لم يَكُنْ كالِحاً. وطُلِقَ السَّلِيمُ (مجهولاً): خلاّهُ الوَجَعُ. قال الشاعِرُ:
تُطَلّقُهُ طَوْراً وطَوْراً تُراجِعُ
ولَيْلَةٌ طَلْقٌ وطَلْقَةٌ: أي لا حرَّ فيها ولا قرَّ.
طلل: الطَّلُّ: أضْعَفُ المَطَر أوِ النَّدى، وهو ما لَهُ أثَرٌ قَلِيلٌ. قال: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البَقَرَة: 265] أي فإن لم يُصِبْها مطرٌ شديدٌ أصابَها مطرٌ ليِّنٌ. ومنه: طُلَّ دَمُ فُلانٍ، إذا قَلَّ الاعْتِدادُ به وصار أثَرُهُ كأنَّهُ طَلٌّ، ولما بَيْنَهُما مِنَ المُناسَبَةِ قيل لأثر الدَّار: طَلَلٌ، وقيلِ لشَخْص الرَّجُلِ المُتَرائي: طَلَلٌ، والجمع أَطْلالٌ وطُلولٌ. وأطَلَّ فُلانٌ: أشْرَفَ طَلَلُهُ.
طمث: الطّمْثُ: دَمُ الحَيض، وافتضَاضُ البَكَارَةِ. والطامِثُ: الحائِضُ. وطَمِثَ المرأةَ، إذا أَزَالَ بكارَتَها {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} [الرَّحمن: 56] ومنه اسْتُعِيرَ: ما طَمِثَ هذه الرَّوْضَةَ أحَدٌ قَبْلَنا، أي ما افْتَضَّها، وما طَمِثَ الناقَةَ جَمَلٌ.
طمس: الطَّمْسُ: إزالَةُ الأَثَرِ بالمَحْوِ {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} [المُرسَلات: 8]، {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} [يُونس: 88] أي أزِلْ صُورَتَها، {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] أي أزَلْنا ضَوْءَها وصُورَتَها كما يُطْمَسُ الأثَرُ. وقولُهُ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} [النِّسَاء: 47] منهمْ مَنْ قال عَنَى ذلك في الدُّنْيا، وهو أنْ يصِيرَ على وجُوهِهِم الشَّعَرُ فَتَصِيرَ صُوَرُهُمْ كَصُورَةِ القِردَةَ والكِلابِ. ومنهمْ مَنْ قال: ذلك هو في الآخِرَةِ، إشارَةً إلَى قوله: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق: 10] وهو أن تَصِيرَ عُيُونُهُمْ في أقفيتهم. وقيلَ: مَعْناهُ يَرُدُّهُمْ عنِ الهِدايَة إلى الضَّلالَةِ، كقولِهِ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} [الجَاثيَة: 23]. وقيلَ: عَنى بالوجُوهِ الأعْيانَ والرُّؤساءَ، ومَعْناهُ: نَجْعَلُ رُؤَساءَهُمْ أذْناباً، وذلك أعْظَمُ سَبَبِ البَوارِ.
طمع: الطّمَعُ: نُزُوعُ النَّفْسِ إلَى الشيء شَهْوَةً له، يقال: طَمِعَ فيه وطَمِعَ به يطمَعُ طَمَعاً وطَمَاعِيَةً، فهو طَمِعٌ وطامِعٌ {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا} [الشُّعَرَاء: 51]، {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البَقَرَة: 75]، {خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعرَاف: 56].
طم: الطِّمُّ: البَحْرُ، يُقالُ «جاء بالطِّمِّ والرِّمِّ» أي بالمال الكثير؛ وطَمَّ الشَّيءَ بالتُّرابِ: إذا كبَسَهُ، وطَمَّتِ الفتنةُ: اشتدَّت. وسُمّيَتِ القيامَةُ بذلك لأنها تَطُمُّ على كلِّ شيءٍ. قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} [النَّازعَات: 34]، وفي حديثِ أبي بكرٍ (رضي الله عنه): «ما مِن طامّةٍ إلاَّ وفوقَها طامَّةٌ» أي ما داهيةٌ إلاَّ وفوقَها داهيةٌ.
طمن: الطُّمأْنِينَةُ والاطْمِئْنانُ: السُّكُونُ بَعْدَ الانْزِعاجِ {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} [الأنفَال: 10]، {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البَقَرَة: 260]، {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفَجر: 27] وهي التي اطمأنت إلى أعمالها. وقال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرّعد: 28] تَنْبِيهاً أنَّ بِمعْرفَتِهِ تعالى والإكْثارِ مِنْ عِبادَتِهِ يُكْتَسَبُ اطْمِئْنانُ النَّفْسِ المَسْؤُول بقولِهِ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البَقَرَة: 260] و {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النّحل: 106] و {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} [النِّسَاء: 103]، {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} [يُونس: 7]. واطْمَأنَّ، وتَطامَنَ، يَتَقاربانِ لَفْظاً ومَعْنًى.
طهر: يُقالُ: طَهُرَتِ المَرأةُ طُهْراً وطَهارَةً، وطَهَرَتْ، والفَتْحُ أقْيسُ، لأنها خِـلافُ طَمِثَتْ، ولأنه يُقالُ: طاهِرَةٌ وطاهِرٌ، مثْلُ قائِمةٍ وقائِمٍ، وقاعِدَةٍ وقاعِدٍ. والطَّهَارَةُ نوعان: طَهَارَةُ جِسْمٍ وطَهارَةُ نَفْسٍ، وحُمِلَ عليهما عامَّةُ الآياتِ. يُقالُ: طَهَّرْتُهُ فَطَهُرَ وتَطَهَّرَ واطَّهَّرَ، فهو طاهِرٌ ومُتَطَهِّرٌ. قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المَائدة: 6] أي اسْتَعْمِلُوا الماءَ وما يَقومُ مَقامَه. قال: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البَقَرَة: 222] فَدَلَّ باللَّفْظَيْنِ على أنه لا يَجُوزُ وَطْؤُهُنَّ إلاَّ بَعْدَ الطَّهارَةِ والتَّطْهِير، ويُؤَكدُ ذلك قِراءَةُ مَنْ قرأ: حتى يَطَّهَّرْنَ، أي يَفْعَلْنَ الطَّهارَةَ التي هي الغُسْلُ. قال: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البَقَرَة: 222] أي التارِكِينَ لِلذَّنبِ، والعامِلِينَ للصَّلاحِ. وقال: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التّوبَة: 108]، {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعرَاف: 82]، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التّوبَة: 108] فإنه يَعْنِي تَطْهِيرَ النَّفْسِ. {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عِمرَان: 55] أي مُخْرجُكَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَمُنَزِّهُكَ أنْ تَفْعَلَ فِعْلَهُمْ. وعلى هذا {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزَاب: 33]، {وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ} [آل عِمرَان: 42]، {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} [البَقَرَة: 232]، {أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ} [الأحزَاب: 53]، وقوله: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقِعَة: 79] أي أنه لا يَبْلُغَ حقائِقَ مَعْرِفَتِهِ إلاَّ منْ طَهَّرَ نَفْسهُ وتَنَقَّى مِنْ دَرن الفَسادِ. وقولُهُ: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعرَاف: 82] فإنهمْ قالوا ذلك على سَبِيلِ التَّهَكُّمِ حَيْثُ قال لَهُمْ: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هُود: 78]، وقولُهُ تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البَقَرَة: 25] أي مُطَهَّراتٌ مِنْ دَرَنِ الدُّنْيا وأنجاسِها، وقيل مِنَ الأخلاقِ السَّيِّئَةِ بِدَلالَةِ قولِهِ: {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقِعَة: 37]. وقال في صِفَةِ القُرآنِ أو آياته: {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عَبَسَ: 14]. وقولُهُ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدَّثِّر: 4] قيلَ مَعناهُ: طهِّر ثيابك حتى تتناسب مع طهارة نفسك، وقولُهُ: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحَجّ: 26] و {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي} [البَقَرَة: 125] فَحَثٌّ على تَطْهِير الكَعْبَةِ مِنْ نَجَاسَةِ الأوْثانِ. وقال بَعْضُهُمْ: فيذلك حَثٌّ على تَطْهِير القَلبِ لِدُخُولِ السَّكِينَةِ فيه، المَذْكُورَةِ في قولِهِ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفَتْح: 4]. والطَّهُورُ قَد يَكُونُ مَصْدراً، فيما حَكَى سيبَوَيْهُ في قولِهِمْ: تَطَهَّرْتُ طَهُوراً، وتَوضَّأْتُ وَضُوءاً، فهذا مَصْدَرٌ على فَعُولٍ، ومِثْلُـهُ: وَقَـدْتُ وَقُـوداً، ويَكُونُ اسْماً غَيْرَ مَصْدَرٍ كالفَطُورِ في كَوْنِهِ اسْماً لمـا يُفْطَـرُ به، ويَكُونُ صِفَةً، كالرَّسُولِ ونحو ذلكَ مِنَ الصِّفاتِ. وعلى هذا {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسَان: 21] تَنْبِيهاً أنه بِخلافِ ما ذَكَرَهُ في قولِهِ: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16]، وفي قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفُرقان: 48] قال أصحابُ الشَّافِعِيِّ رضيَ الله عنه: الطَّهُورُ بِمَعْنَىالمُطَهّر، وذلك لا يَصُحُّ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، لأنَّ فَعُولاً لا يُبْنَى مِنْ أفْعَلَ وفَعَّلَ، وإنَّما يُبْنَى ذلك مِنْ فَعُلَ. وقيلَ: إنَّ ذلك اقْتَضَى التَّطْهِيرَ مِنْ حَيْثُ المَعْنى، وذلك أنَّ الطاهِرَ نوعان: نوعٌ لا يَتَعَدَّاهُ الطَّهارَةُ، كَطَهارَةِ الثَّوْبِ، فإنه طاهِرٌ غَيْرُ مُطَهَّرٍ به. ونوع يَتَعَدَّاهُ فَيَجْعَلُ غَيْرَهُ طاهِراً به، فَوَصَف الله تعالى الماءَ بأنَّه طَهُورٌ، تَنبِيهاً على هذا المَعْنَى.
طود: {كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشُّعَرَاء: 63]. الطَّوْدُ: هو الجَبَلُ العَظِيمُ: ووصْفُهُ بالعِظَمِ لِكَوْنِهِ فيما بَيْنَ الأطْوادِ عَظِيماً، لا لكَوْنِهِ عَظِيماً فيما بَيْنَ سائِرِ الجِبالِ.
طـور: طَوارُ الدَّارِ، وطِوارُهُ: ما امْتَدَّ معها مِنَ الفِناءِ. يُقالُ: عَدَا فُلانٌ طَـوْرَهُ: أي تَجـاوزَ حَـدَّهُ. ولا أطُورُ به: أي لا أقْرَبُ فِناءَهُ. يُقالُ: «أتيتُهُ طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ» أي تارَةً بَعْدَ تارَةٍ. وقولُهُ: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نُوح: 14] قيلَ: هو إشارَةٌ إلى نَحْوِ قولِهِ تعالى: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ} [الحَجّ: 5] وقيلَ: إشارَةٌ إلَى نحو قولِهِ: {وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الرُّوم: 22] أي مُخْتَلِفِينَ في الخَلْقِ والخُلُقِ. والطُّورُ: اسْمُ جَبَلٍ مَخْصُوصٍ مُقَدَّسٍ، كان موسى (ع) يقِفُ فيهِ يُكَلِّمُ اللّهَ جلَّ جلالُهُ. وقيلَ: اسْمٌ لِكُلِّ جَبَلٍ. قال تعالى: {وَالطُّورِ *وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطُّور: 1-2]، {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ} [القَصَص: 46]، {وَطُورِ سِينِينَ} [التِّين: 2]، {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ} [مَريَم: 52]، {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ} [النِّسَاء: 154].
طوع: الطَّوْعُ: الانْقيادُ. ويُضادُّهُ الكُرْهُ {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فُصّلَت: 11]، {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا} [آل عِمرَان: 83]، والطَّاعَـةُ مِثْلُهُ، لَكِنْ أكْثَرُ ما تُقالُ في الائْتِمارِ لِما أُمِرَ، والارْتِسَامِ فيما رُسِمَ. {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} [النِّسَاء: 81]، {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محَمَّد: 21] أي أطِيعُوا. وقد طاعَ له يَطُوعُ، وأطاعَهُ يُطِيعُهُ بنفس المعنـى: انقـادَ لـه. ومنه {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النِّسَاء: 59]، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النِّسَاء: 80]، {وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزَاب: 48]، وقولُهُ في صِفَةِ جِبْريلَ (ع) : {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التّكوير: 21]. والتَّطَـوُّعُ، في الأصْـلِ: تَكَلُّـفُ الطَّاعَـةِ، وهو في التَّعارُفِ: التَّبَرُّعُ بما لا يَلْزَمُ كالتَّنَفُّلِ. قال: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البَقَرَة: 184] وقُرىءَ: ومَنْ يَطَّوَّعْ خَيْراً. والاسْتِطاعَةُ: اسْتِفعالة مِنَ الطَّوْعِ. وذلك وجُودُ ما يَصِيرُ به الفِعْلُ مُتَأتِّياً، وهي عِنْدَ المُحَقِّقِينَ اسْمٌ لِلْمَعانِي التي بِها يَتَمَكَّنُ الإِنْسانُ مِمَّا يُريدُهُ مِنْ إحْداثِ الفِعْلِ، وهي أرْبَعَةُ أشْياءَ: بِنْيَةٌ مَخْصُوصَةٌ للفاعِلِ، وتَصَوُّرٌ لِلْفِعْلِ، ومادَّةٌ قابِلَةٌ لِتَأْثِيرِهِ، وآلَةٌ إنْ كانَ الفِعْلُ آلِيّاً كالكِتابَةِ. فإنَّ الكاتِبَ يَحْتاجُ إلَى هذه الأرْبَعَةِ في إيجادِهِ لِلكِتابَةِ. وكذلك يُقالُ: فُلانٌ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ لِلكِتابَةِ إذا فَقَدَ واحِداً مِنْ هذه الأرْبَعَةِ فَصاعِداً. ويُضادُّهُ العَجْزُ، وهو أنْ لا يَجِدَ أحَدَ هذه الأرْبَعَةِ فَصاعداً. ومَتَى وَجَدَ هذه الأرْبَعَةَ كُلَّهافَمُسْتَطِيعٌ مُطْلَقاً. ومَتَى فَقَدَها فَعاجِزٌ مُطْلَقاً. ومَتَى وَجَد بَعْضَها دُونَ بَعْضٍ، فَمُسْتَطِيعٌ مِنْ وجْهٍ وعاجِزٌ مِنْ وجْهٍ، ولأَنْ يُوصَفَ بالعَجْز أوْلَى. والاسْتِطاعَةُ أخَصُّ مِنَ القُدْرَةِ {لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ} [الأنبيَاء: 43]، {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ} [الذّاريَات: 45]، {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عِمرَان: 97] فإنه يَحْتاجُ إلَى هذه الأرْبَعَةِ. وقولُهُ عليه وعلى آله السلامُ: «الاسْتِطاعَةُ الزَّادُ والرَّاحِلَةُ»(6) فإنه بَيانُ ما يُحْتاجُ إليه مِنَ الآلَةِ، وخَصَّهُ بالذِّكْر دونَ الأُخَر، إذْ كانَ مَعْلُوماً مِنْ حَيْثُ العَقْلُ ومُقْتَضَى الشَّرْعِ أنَّ التَّكْلِيفَ مِنْ دُونِ تِلْكَ الأُخَر لا يَصِحُّ. وقولُهُ: {لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ} [التّوبَة: 42] فإشارَةٌ بالاسْتِطاعَةِ هَهُنا إلَى عَدَمِ الآلَةِ مِنَ المالِ، والظَّهْر، والنَّحْو، وكذلك قولُهُ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النِّسَاء: 25] و {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} [النِّسَاء: 98]. وقد يُقالُ: فُلانٌ لا يَسْتَطِيعُ كذا، لِما يَصْعُبُ عليه فِعْلُهُ لِعَدَمِ الرِّياضَةِ، وذلك يَرْجِعُ إلَى افْتِقادِ الآلَةِ، أو عَدَمِ التَّصَوُّرِ، وقَد يَصِحُّ معه التَّكْلِيفُ، ولا يَصِيرُ الإِنْسانُ به مَعْذوراً. وعلى هذا الوَجْهِ قال: {لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 67]، {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} [هُود: 20]، وقال: {وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: 101] وقد حُمِلَ على ذلك قولُهُ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النِّسَاء: 129]، {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المَائدة: 112] قيلَ: إنَّهُمْ قالوا ذلك قَبْلَ أنْ قَويَتْ مَعْرفَتُهُمْ باللَّهِ، وقيلَ: إنَّهُمْ لم يَقْصِدُوا قَصْدَ القُدْرَةِ، وإنَّما قَصَدُوا أنه هَلْ تَقْتَضِي الحِكْمَةُ أنْ يَفْعَلَ ذلك. وقيلَ: يَسْتَطِيعُ، ويُطِيعُ بِمَعْنًى واحِدٍ، ومَعْناهُ: هَلْ يُجِيبُ؟ كقولِهِ: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غَافر: 18] أي يُجابُ. وقُرىءَ: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبَّكَ، أي سُؤالَ رَبِّكَ. كقولِكَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ الأمِيرَ أنْ يَفْعَلَ كذا. وقولُهُ: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المَائدة: 30] أي زينت له نفسه قتل أخيه وانقادت له، وسَوَّلَتْ. وطَوَّعَتْ أبْلَغُ مَنْ أطاعَتْ. وطَوَّعَتْ له نَفْسُهُ: بإزاءِ قولِهِمْ: تَأبَّتْ عَنْ كذا نَفْسُهُ. وتَطَوَّعَ كذا: تَحَمَّلَهُ طَوْعاً. قال: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّاللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البَقَرَة: 158]، {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التّوبَة: 79]. وقيلَ: طاعَتْ، وتَطَوَّعَتْ: بِمَعْنًى. ويُقالُ: اسْتَطاعَ، واسْطاعَ بِمَعْنًى {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97].
طوف: الطَّوْفُ: المَشْيُ حَوْلَ الشيءِ، ومنه: الطائِفُ: لِمَنْ يَدُورُ حَوْلَ البُيُوتِ حافِظاً، يُقالُ: طافَ به يَطُوفُ. قال: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ} [الواقِعَة: 17]، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البَقَرَة: 158] ومنه اسْتُعِيرَ الطائِفُ مِنَ الجِنِّ، والخَيالِ والحادِثَةِ، وغَيْرها. {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} [الأعرَاف: 201] وهو الذي يَدُورُ على الإِنْسانِ مِنَ الشَّيْطانِ يُريدُ اقْتِناصَهُ. وقد قُرىءَ: طَيْفٌ، وهو خَيالُ الشَّيءِ وصُورَتُهُ المُتَرائِية له في المَنامِ أو اليَقَظَةِ. ومنه قيلَ لِلْخَيالِ طَيْفٌ. وقال: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ} [القَلَم: 19] تَعْريضاً بِما نالَهُمْ مِنَ النَّائِبَةِ. وقولُهُ: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ} [البَقَرَة: 125] أي لِقُصَّادِهِ الذينَ يَطُوفُونَ به. والطَّوَّافُونَ في قولِهِ: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النُّور: 58] عِبارَةٌ عَنِ الخَدَمِ. وعلى هذا الوَجْهِ قال عليه وعلى آله السلامُ في الهِرَّةِ «إنها مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ والطَّوَّافاتِ»(7)، والطائِفَةُ مِنَ الناسِ: جَماعَةٌ منهمْ، ومِنَ الشَّيْءِ: القِطْعَةُ منه. وقولُهُ تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التّوبَة: 122] كانَ هذَا حينَ كثُرَ المسلمونَ فأَمَرَهُمُ اللّهُ تعالَى أَنْ تَنْفِرَ مِنْهُمْ طائفةٌ وتبقَى طائفةٌ في المدينةِ للتّفَقُّهِ في الدِّين. قال بَعْضُهُمْ: قد يَقَعُ ذلك على واحِدٍ فَصاعِداً. وعلى ذلك قولُهُ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الحُجرَات: 9]، {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ} [آل عِمرَان: 122]. والطائِفَةُ، إذا أرِيدَ بِها الجَمْعُ، فجَمْعُ طائِفٍ، وإذا أرِيدَ بها الواحِدُ، فَيَصِحُّ أنْ يَكُونَ جَمْعاً، والطُّوفانُ: كُلُّ حادِثَةٍ تُحِيطُ بالإِنْسانِ. وعلى ذلك قولُهُ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} [الأعرَاف: 133] وصارَ مُتَعارَفاً في الماءِ المُتَناهي في الكَثْرَةِ لأَجْلِ أنَّ الحادِثَةَ التي نالَتْ قَوْمَ نُوحٍ كانَتْ ماءً {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ} [العَنكبوت: 14]. وطائِفُ القَوْسِ: ما يَلي أبْهَرَها. والطَّوْفُ: كُنِّيَ به عَنِ العَذِرَةِ.
طوق: أصْلُ الطَّوْقِ: ما يُجْعَلُ في العُنُقِ خِلْقَةً، كَطَوْقِ الحَمامِ، أو صَنْعَةً، كَطَوْقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ. ويُتَوَسَّعُ فيه، فَيُقالُ: طَوَّقْتُهُ كذا، كقولِكَ: قَلَّدْتُهُ {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ} [آل عِمرَان: 180] وذلك على التَّشْبيهِ. كما رُوِيَ في الخَبَر: «يَأتِي أحَدَكُمْ يومَ القِيامَةِ شُجاعٌ أقْرَعُ له زَبِيبتَانِ، فَيَتَطَوَّقُ به فَيَقُولُ أنا الزَّكاةُ التي مَنَعْتَني»(8). والطَّاقَةُ: اسْمٌ لِمِقْدَارِ ما يُمْكِنُ للإِنْسانِ أنْ يَفْعَلَهُ بِمَشَقَّةٍ، وذلك تَشْبِيهٌ بالطّوْقِ المُحِيطِ بالشيءِ، فَقَوْلُهُ: {وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البَقَرَة: 286] أي ما يَصْعُبُ عَلَيْنا مُزَاوَلَتُهُ، وليسَ مَعْناهُ: لا تُحَمِّلْنا ما لا قُدْرَةَ لَنا به. وذلك لأنـه تعالـى قد يُحَمِّلُ الإِنْسانَ ما يَصْعُبُ عليه، كما قال {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} [الأعرَاف: 157]، {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشَّرح: 2] أي خَفَّفْنـا عَنـكَ العِبـاداتِ الصَّعْبَـةَ التي في تَرْكِها الوزْرُ. وعلى هذا الوَجْهِ {قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البَقَرَة: 249] وقد يُعَبَّرُ بِنَفْيِ الطَّاقَةِ عَنْ نَفْيِ القُدْرَةِ. وقولُهُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البَقَرَة: 184] ظاهِرُهُ يَقْتَضِي أنَّ المُطِيقَ له يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أفْطَرَ أوْ لَم يُفْطِرْ، لَكِنْ أجْمَعُوا أنه لا يَلْزَمُهُ إلاَّ مع شَرْطٍ آخَرَ. ورُوِيَ: وعلى الذين يُطيقونه وأصْبَحُوا لا يُطيقونَهُ فطعامُ فدية.
طول: الطُّولُ والقِصَرُ مِنَ الأسْماء المُتَضايِفَةِ، كما تَقَدَّمَ، ويُسْتَعْمَلُ في الأعْيانِ والأعْراضِ، كالزَّمانِ وغَيْرِهِ. قال: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً} [المُزّمل: 7]. ويُقالُ: طَوِيلٌ وطُوالٌ، وعَرِيضٌ وعُراضٌ، ولِلْجَمْعِ: طِوالٌ. وقيلَ طِوالُ الدَّهْرِ: لِمُدَّتِهِ الطَّويلَةِ. وتَطاوَلَ فُلانٌ: إذا أظْهَرَ الطُّولَ، أو الطَّوْلَ {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [القَصَص: 45]. والطَّوْلُ خُصَّ به الفَضْلُ والمَنُّ {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غَافر: 3] أي النِّعَم والغنى والسعة والفضل على عباده، وأما قوله: {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} [التّوبَة: 86]، {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} [النِّسَاء: 25]: كِنايَةٌ عَمَّا يُصْرَفُ إلَى المَهْر والنَّفَقَةِ. وطالُوتُ: اسْمُ عَلَمٍ، وهو أعْجَمِيٌّ وهو اسْمُ قائدٍ كريمٍ، تزوجَ ابنتَه النبيُّ داود (ع) .
طوى: طَوَيْتُ الشَّيْءَ طَيّاً، وذلك كَطَيِّ الصحيفة، وعلى ذلك قولهُ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ} [الأنبيَاء: 104] ومنه: طَوَيْتُ الفَلاةَ. ويُعَبَّرُ بالطَّيِّ عَنْ مُضِيِّ العُمُرِ يُقالُ: طَوَى اللَّهُ عُمْرَهُ. قالَ الشاعِرُ:
طَوَتْكَ خُطُوبُ دَهْرِكَ بَعْدَ نَشْر
وقيلَ: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزُّمَر: 67] يَصِحُّ أنْ يَكُونَ مِنَ الأوَّلِ، وأنْ يَكُونَ مِنَ الثانِي، والمَعْنَى: مُهْلَكاتٌ. وقولُهُ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} [طه: 12] قيلَ هو اسْمُ الوادِي الذي كلّم فيه الله تعالى موسى تكليماً. وقيلَ: إنَّ ذلك جُعِلَ إشارَةً إلَى حالَةٍ حَصَلَتْ له عن طريقِ الاجْتِباءِ، فَكأنَّهُ طَوَى عليه مَسافَةً لو احْتاجَ أنْ يَنالَها في الاجْتِهادِ لَبَعُدَ عليه. وقولُهُ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} [طه: 12] قيلَ: هو اسْمُ أرْضٍ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَصْرفُهُ، ومنهمْ مَنْ لا يَصْرفُهُ. وقيلَ: هو مَصْدَرُ طَوَيْتُ، فَيُصْرَفُ، ويُفْتَحُ أوَّلُهُ، ويكْسَرُ، نحوُ: ثَنىً وثِنىً. ومَعْناهُ: نادَيْتُهُ مَرَّتَيْنِ.
طيب: يُقالُ طابَ الشيءُ يَطِيبُ طَيْباً، فهو طَيِّبٌ. {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء: 3]، {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النِّسَاء: 4]. وأصْلُ الطَّيِّبِ: ما تَسْتَلِذُّهُ الحَواسُّ، وما تَسْتَلِذُّهُ النَّفْسُ. والطَّعامُ الطَّيِّبُ في الشَّرْعِ: ما كانَ مُتَناوَلاً مِنْ حَيْثُ ما يَجُوزُ، وبِقَدْرِ ما يَجُوزُ، ومِنَ المَكانِ الذي يَجُوزُ، فإنه مَتَى كانَ كذلك كانَ طَيِّباً عاجِلاً وآجِلاً لا يُسْتَوْخَمُ، وإلاَّ فإنه وإنْ كانَ طَيِّباً عاجِلاً لم يَطِبْ آجِلاً. وعلى ذلك قولُهُ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البَقَرَة: 57]، {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا} [النّحل: 114]، {لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المَائدة: 87]، {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] وهذا هو المُرادُ بقولِهِ {وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعرَاف: 32]، وقولُهُ: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المَائدة: 5] قيلَ عَنى بها الذَّبائِحَ، وقولُهُ: {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النّحل: 72] إشارَةٌ إلَى الغَنِيمَةِ. والطَّيِّبُ مِنَ الإِنْسانِ: مَنْ تَعَرَّى مِنْ نَجَاسَةِ الجَهْلِ والفِسْقِ وقَبائِحِ الأعْمال، وتَحَلَّى بالعِلْمِ والإيمانِ ومَحاسِنِ الأعْمالِ، وإيَّاهُمْ قَصَدَ بقولِهِ: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ} [النّحل: 32] و {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزُّمَر: 73] و {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عِمرَان: 38] و {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفَال: 37].
وأما قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] فمعناه: فضّلتم وأكثرتم ملذّات الدنيا وشهواتها على نعيم الآخرة وطيباتها. {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [النُّور: 26] تَنْبِيهٌ أنَّ الأعْمَالَ الطَّيِّبَةَ تَكُونُ مِنَ الطَّيِّبينَ، كما رُوِيَ: المُؤْمِنُ أطْيَبُ مِنْ عَمَلِهِ، والكافِرُ أخْبَثُ مِنْ عَمَلِهِ. {ولاَ تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النِّسَاء: 2] أي الأعْمالَ السَّيِّئَةَ بالأعْمَالِ الصالِحَةِ. وعلى هذا قولُهُ تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طِيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24]، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فَاطِر: 10]، وقوله: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} [التّوبَة: 72] أي طاهِرَةً زَكِيَّةً مُسْتَلَذَّةً. وكذلك: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبُّ غَفُورٌ} [سَبَإ: 15] وقيلَ:أشارَ إلَى الجَنَّةِ وإلَى جِوارِ رَبِّ العِزَّةِ. وأما قولُهُ: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} [الأعرَاف: 58] فإشارَةٌ إلَى الأرضِ الزَّكِيَّةِ، وقولُهُ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} [النِّسَاء: 43] أي تُراباً لا نَجاسَةَ به. وسُمِّيَ الاسْتِنْجاءُ: اسْتِطابَةً لِما فيه مِنَ التَّطَيُّبِ والتَّطَهُّر. وقيلَ: الأطْيَبانِ: الأكْلُ والنِّكاحُ أو قوَّةُ البدن والشَّبابِ. وَطَعامٌ مَطْيَبَةٌ لِلنَّفْسِ، إذا طابَتْ به النَّفْسُ عند أكله. ويُقالُ للطَّيِّبِ: طابٌ. وسُمِّيَتِ المَدِينَةُ المنوَّرةُ طَيْبَةَ. وقولُهُ: {طُوبَى لَهُمْ} [الرّعد: 29] قيلَ: هو اسْمُ شَجَرَةٍ في الجَنَّةِ، وقيلَ: بَلْ إشارَةٌ إلَى كُلِّ مُسْتَطابٍ في الجَنَّةِ مِنْ بَقاءٍ بِلا فَناءٍ، وعِزٍّ بِلا زَوالٍ، وغِنًى بِلا فَقْر.
طير: الطائِرُ: كُلُّ ذِي جَناحٍ يَسْبَحُ في الهَواءِ، يُقالُ: طارَ يَطِيِرُ طَيَراناً. وجَمْعُ الطائر: طَيْرٌ، كَراكِبٍ وركْبٍ {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعَام: 38]، {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} [ص: 19]، {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} [النُّور: 41]، {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ} [النَّمل: 17]، {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} [النَّمل: 20]. وتَطَيَّرَ فُلانٌ، واطَّيَّرَ: أصْلُهُ التَّفاؤُلُ بالطَّيْر؛ وتطيَّرَ بالشَّيْءِ، ومِنَ الشَّيْءِ: تَشَاءَمَ {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: 18]. والطيرُ من التَّطَيُّرِ ومنه قولهم: «لا طيرَ إلاَّ طيرُ الله» كقولهم: لا أَمْرَ إلاَّ أَمْرُ الله، وقولهم أيضاً: «طيرُ اللهِ لا طيرُكَ وصباحَ الله لا صَبَاحَكَ» فلك أن تَرفَعَ على تقدير هذا طيرُ الله، وأن تَنْصِبَ على تقدير: نَسأَلُ أو نُحِبُّ طيرَ الله تعالى، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا} [الأعرَاف: 131] أي يَتَشاءَمُوا به. {أَلاَ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعرَاف: 131] أي شُؤْمُهُمْ، لما قد أعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ بِسُوءِ أعْمالِهِمْ. وعلى ذلك قولُهُ {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النَّمل: 47]، {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [النَّمل: 47]، {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19]، {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسرَاء: 13] أي عَمَلَهُ الذي انبثق عنه مِنْ خَيْرٍ وشَرٍّ. ويُقالُ: تَطايَرُوا، إذا أسْرَعُوا، ويُقالُ: إذا تَفَرَّقُوا. قال الشاعِرُ:
طارُوا إليه زُرافاتٍ وَوُحْدانا
وفَجْرٌ مُسْتَطِيرٌ: أي فاشٍ. قال: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسَان: 7]، وغُبارٌ مُسْتَطارٌ: خُولِفَ بَيْنَ بِنائِهِما، فَتُصُوِّرَ الفَجْرُ بِصُورَةِ الفاعِلِ، فقيلَ: مُسْتَطِيرٌ، والغُبارُ بِصُورَةِ المَفْعُولِ، فقيلَ: مُسْتَطارٌ. وفَرَسٌ مُطارٌ: لِلسَّريعِ ولِحَدِيدِ الفُؤادِ. وخُذْ ما طارَ مِنْ شَعَرِ رَأسِكَ: أي ما انْتَشَرَ حتى كأنه طارَ.
طين: الطِّينُ: التُّرابُ والماءُ المُخْتَلِطُ. وقد يُسَمَّى بذلك، وإنْ زالَ عنه قُوَّةُ الماءِ {مِنْ طِينٍ لاَزِبٍ} [الصَّافات: 11]. يُقالُ: طِنْتُ كذا، وطَيَّنْتُهُ. قال تعالى: {وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعرَاف: 12] و {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ} [القَصَص: 38].

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢