نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ الْعَيْنِ
(ع)

عبأ: ما عَبَأْتُ به: أي لم أُبالِ به. وأصْلُهُ مِنَ العَبْءِ، أي الثِّقْلِ، كأنه قال: ما أرَى له وَزْناً وقَدْراً. قوله تعالى لنبيّه مُحَمَّدٍ (ص) بأنْ يقولَ للكُفَّارِ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ} [الفُرقان: 77] أي قل للمشركين: لا يهتم ربي بكم لولا دعاؤكم إلى الاسلام، وأي ضرر يعود على ربي من بُعدكم وأي نفع يعود عليه من استجابتكم. إنْ هذه الدعوة إلاَّ لتعريضكم إلى الثواب وإبعادكم عن العقاب. كأنَّهُ قيلَ: ما يُبْقِيكُمْ لَوْلا دُعاؤكُمْ، وأصلُهُ من عَبَأْتُ الطِّيبَ، أي صَنَعْتُهُ وخَلَطْتُهُ. وقيلَ: عَبَأْتُ الجَيْشَ، وعَبَّأْتُهُ: هيَّأته وجهَّزتُهُ؛ وعَبْأةُ الجاهِلِيَّةِ: مدَّخَرَةٌ في أنْفُسِهِمْ مِنْ حَمِيَّتِهِمْ المذْكُورَةِ في قولِه: {فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةَ} [الفَتْح: 26].
عبث: العَبَثُ: أنْ يَخْلِطَ بِعَمَلِهِ لَعِباً {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشُّعَرَاء: 128]. ويُقالُ لِما ليسَ له غَرَضٌ صحيحٌ، أو لاقتراف أمرٍ غَيرِ معلومِ الفائِدَةِ: عَبَثٌ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] أي: باطلاً لا لغَرضٍ وحكمةٍ؟!.
عبد: العُبُودِيَّةُ: إظْهارُ التَّذَلُّلِ، والعِبادَةُ أبْلَغُ منها لأَنَّها غايَةُ التَّذَلُّلِ، ولا يَسْتَحِقُّها إلاَّ مَنْ له غايَةُ الإِفْضالِ، وهو اللَّهُ تعالى. ولهذا قال: {أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [يُوسُف: 40]. وأما قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذّاريَات: 56] فاللام هنا غرضية، أي أنَّ الغرضَ من خلقهم هو تعريضُهم للثواب، ولما كان الثوابُ لا يحصَل إلاَّ بالعبادات، أي الطاعة، فكأنه سبحانه خلقهم للعبادة، وإنَّهُ إذا لم يعبدوه لم يبطلِ الغرضُ من خلقهم، وبهذا المعنى قال الإمام جعفر الصادق: «إنَّ الله عندما خلقنا أرادَ بنا شيئاً، وأرادَ مِنَّا شيئاً، فما أرادَهُ بنا أخفاه عنا، وما أراده مِنَّا أظهره لنا، فما بالنا نشتغلُ بالذي أراده بنا، ونتركُ الذي أراده مِنَّا؟»، والعِبادَةُ نوعان: عِبادَةٌ بالتَّسْخِير، وهو كما ذَكَرْناهُ في السُّجُودِ. وعِبادَةٌ بالاخْتِيارِ، وهي لِذَوِي النُّطْقِ، وهي المَأمُورُ بها في نحو قولِهِ تعالى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البَقَرَة: 21]، و {وَاعْبُدُوا اللَّهَ} [النِّسَاء: 36]. والعَبْدُ يُقالُ على أرْبَعَةِ أنواع: الأوَّلُ: عَبْدٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وهو الإِنْسانُ الذي يَصِحُّ بَيْعُهُ وابْتِياعُهُ، نحوُ {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البَقَرَة: 178]، {عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النّحل: 75]. الثاني: عَبْدٌ بالإيجادِ، وذلك ليسَ إلاَّ للَّهِ، وإيَّاهُ قَصَدَ بقولِهِ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا} [مَريَم: 93]. والثالثُ: عَبْدٌ بالعِبادَةِ والخِدْمَةِ. والناسُ في هذا نوعان: الأول عَبْدٌ للَّهِ مُخْلَص، وهو المَقْصُودُ بقولِهِ: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41]، {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسرَاء: 3]، {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفُرقان: 1]، {الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1]، {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحِجر: 42]، {كُونُوا عِبَادًا لِي} [آل عِمرَان: 79]، {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحِجر: 40]، {وَعَدَ الرَّحْمَانُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ} [مَريَم: 61]، {وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً} [الفُرقان: 63]، هَوْناً: معناه سيراً على الأرْجُلِ، إذ بفعلِ الجاذبيّةِ يستطيع الإنسانُ أنْ يسيرَ على هذه الأرضِ هَوْناً، وليسَ تَنقُّلاً بالقفزِ كما هو الحالُ بالسَّيرِ على سَطحِ القَمَرِ بعدَ أَنْ وطأَتْهُ قَدَمُ الإنسان. وهذا السَّير «هوناً» هو من حقائقِ القُرآنِ التي يَهتدي الإنسانُ إليها بالعلمِ. ومنه: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه: 77]، {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا} [الكهف: 65]. والثاني: عَبْدٌ لِلدُّنْيا وأعْراضِها، وهو المُعْتَكِفُ على خِدْمَتِها ومُراعاتِها، وإيَّاهُ قَصَدَ النبيُّ (ص) بقولِهِ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينارِ»، وعلى هذا النَّحْو يَصِحُّ أنْ يُقالَ: ليسَ كُلُّ إنْسانٍ عَبْداً لله، فإِنَّ العَبْدَ على هذا بِمَعْنَى العابِدِ، لَكِنِ العَبْدُ أبْلَغُ مِنَ العابِدِ. والناسُ كُلُّهمْ عِبادُ اللَّهِ، بَلِ الأشْياءُ كُلُّها كذلك، لَكِنْ بَعْضُها بالتَّسْخِير، وبَعْضُها بالاخْتِيارِ. وجَمْعُ العَبْدِ الذي هو مُسْتَرَقٌّ: عَبِيدٌ، وقيلَ: عِبِدَّا. وجَمْعُ العَبْدِ الذي هو العابِدُ: عِبادٌ، فالعَبِيدُ: إذا أضِيفَ إلَى اللَّهِ أعَمُّ مِنَ العِبادِ. ولهذا قال: {وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29] فَنَبَّهَ أنه لا يَظْلِمُ مَنْ يَخْتَصُّ بِعبادَتِهِ، ومَن انْتَسَبَ إلَى غَيْرِهِ مِنَ الذين تَسَمَّوْا بِعَبْدِ الشمسِ وعَبْدِ اللاَّتِ ونحو ذلك، وأمّا قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزّخرُف: 81] فمعناه: أن أكونَ أوّلَ العابدينَ للولدِ، ولكنَّ هذا ما لا يُتَصَوَّرُ حصولُهُ، فكانت الآيةُ تأكيداً لنفيِ وجودِ الولدِ، وهذهِ هي الاسْتِحالَةُ. ويُقالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ أي مُذَلَّلٌ بالوَطْءِ. وعَبَّدْتَ فُلاناً: إذا ذَلَّلتَهُ، وإذا اتَّخَذْتَهُ عَبْداً. كما أنكر موسى على فرعون منَّتَهُ عليه إذ قال له: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشُّعَرَاء: 22].
عبر: أصْلُ العَبْر: تَجاوُزٌ مِنْ حالٍ إلَى حالٍ. فأمّا العُبُورُ، فَيَخْتَصُّ بِتَجاوُزِ الماءِ، إمّا بِسِباحَةٍ، أو في سَفِينَةٍ، أو على بَعِير، أو قَنْطَرَةٍ، ومنه: عَبَرَ النَّهَرَ لِجانِبهِ، حَيْثُ يَعْبُرُ إليه أو منه. واشْتُقَّ منه: عَبَرَت العَيْنُ أي دَمَعَتْ. والعَبْرَةُ: كالدَّمْعَةِ قبل أَنْ تفيضَ. وعابِرُ سَبِيلٍ أي مارٌّ ومجتازٌ من غير وقوفٍ ولا إقامة {إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النِّسَاء: 43]. وعَبَرَ القَوْمُ، إذا ماتُوا، كأنَّهُمْ عَبَرُوا قَنْطَرَةَ الدُّنْيا. وأما العِبارَةُ: فهي مُخْتَصَّةٌ بالكلامِ العابِرِ الْهَواءِ مِنْ لِسانِ المُتَكَلِّمِ إلَى سَمْعِ السَّامِعِ. والاعْتِبارُ: القياسُ العقليُّ والاتِّعاظُ، ومنه العِبْرَةُ بالحالَةِ التي يُتَوَصَّلُ بها مِنْ مَعْرِفَةِ المُشاهَدِ إلَى ما ليسَ بِمُشاهَدٍ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُِولِي الأَبْصَارِ} [آل عِمرَان: 13]، {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَارِ} [الحَشر: 2]. والتَّعْبيرُ: من عَبَّرَ مُخْتَصٌّ بتَعْبير الرُّؤْيا، أي عَبْرُها مِنْ ظاهِرِها إلَى باطِنِها، نحوُ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤيَا تَعْبُرُونَ} [يُوسُف: 43] وهو أخَصُّ مِنَ التَّأوِيلِ. فإِنَّ التَّأوِيلَ يُقالُ فيه وفي غَيْرهِ. والشِّعْرَى العَبُورُ: هيَ التي خَلْفَ الجَوْزاءِ، سُمِّيَتْ بذلك لِكَوْنِها عابِرَةً المجرَّةَ.
عبس: العُبُوسُ: قُطُوبُ الوَجْهِ مِنْ ضِيقِ الصَّدْرِ. قال تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عَبَسَ: 1]، {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدَّثِّر: 22]، ومنه قيلَ: يَوْمٌ عَبُوسٌ {يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسَان: 10]، أي يوماً شَديداً، ومنه حَدِيثُ قسٍّ بن ساعدة: «يَبْتَغي دَفْـعَ يـومٍ عَبُوسٍ» هوَ صفةٌ لأَصحابِ اليومِ يَعْبِسُ فيهِ الفاجر، كقولهم: ليلٌ نائِمٌ أي يُنامُ فيه.
عبقر: عَبْقَرٌ: قيلَ: هو مَوْضِعٌ لِلْجِنِّ يُنْسَبُ إليهِ كُلُّ نادِرٍ مِنْ إنْسانٍ وحَيَوانٍ وثَوْبٍ، ولهذا قيلَ في عُمَرَ: لم أرَ عَبْقَريّاً مِثْلَهُ. قال: {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرَّحمن: 76] وهو ضَرْبٌ مِنَ الفُرُشِ ـ فيما قيلَ ـ جَعَلَهُ اللَّهُ تعالى مَثَلاً لِفُرُشِ الجَنَّةِ.
عتب: العَتَبُ: كُلُّ مَكانٍ نابٍ بِنازِلِهِ. ومنه قيلَ لِلْمِرْقاةِ ولأسكُفّةِ البابِ عَتَبَةٌ، وكُنِّيَ بها عَنِ المرأةِ، فيما رُوِيَ أنَّ إبراهيمَ (ع) قال لامرأةِ إسمعيلَ: قولِي لِزَوْجِكِ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بابِكَ. واسْتُعِيرَ العَتْبُ والمَعْتَبَةُ لِغْلظَةٍ يَجِدُها الإِنْسانُ في نَفْسِهِ على غَيْرهِ، وأصْلُهُ مِنَ العَتَبِ، وبِحَسَبِهِ قيلَ: خَشُنْتُ بِصَدْرِ فُلانٍ، وَوَجَدْتُ في صَدْرِهِ غِلْظَةً. ومنه قيلَ: حُمِلَ فُلانٌ على عَتَبَةٍ صَعْبَةٍ، أي حالَةٍ شاقَّةٍ، كقولِ الشاعِرِ:
وحَمَلْناهُمْ على صَعْبَةٍ زَوْ زاءَ يَعْلُونَها بِغَيْر وِطاءِ
وقولُهُمْ: أعْتَبْتُ فُلاناً، أي أبْرَزْتُ له الغِلْظَةَ التي وُجِدَتْ له في الصَّدْرِ، وأعْتَبْتُ فُلاناً: حَمَلْتُهُ على العَتْبِ. ويُقالُ: أعْتَبْتُهُ، أي أزَلْتُ عَتْبَهُ عنه، نحوُ أشْكَيْتُهُ {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [فُصّلَت: 24]. والاسْتِعْتابُ: أنْ يَطْلُبَ مِنَ الإِنْسانِ أنْ يَذْكُرَ عَتْبَهُ لِيُعْتَبَ، يُقالُ: اسْتَعْتَبَ فُلانٌ {وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [النّحل: 84]. ويُقالُ: لَكَ العُتْبَى، وهو إزالَةُ ما لأجْلِهِ يُعْتَبُ، وبَيْنَهُمْ أُعْتُوبَةٌ، أي ما يَتَعاتَبُونَ به. ويُقالُ: عَتَبَ عَتْباً، إذا مَشَى على رِجْلٍ مَشْيَ المُرْتَقِي في دَرَجَةٍ.
عتد: العَتادُ: ما يُعَدُّ لأمرٍ ما تَجْري التَّهْيئَةُ له، أو هو ادِّخارُ الشَّيْءِ قَبْلَ الحاجَةِ إليه، كالإعْدادِ. والعَتِيدُ: المُعِدُّ والمُعَدُّ {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [ق: 23]، {رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] أي مُعْتَدٌّ أعْمالَ العِبادِ. وقولُهُ: {أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النِّسَاء: 18] قيلَ هو أَفْعَلْنا، مِنَ العَتادِ. وقيلَ: أصْلُهُ: أعْدَدْنا فأُبْدِلَ مِنْ إحْدَى الدَّالَيْنِ تاءٌ. وفَرَسٌ عَتِيدٌ، وعَتَدٌ: حاضِرُ العَدْوِ. والعَتُودُ: مِنْ أوْلادِ المَعَزِ الذي اسْتَكْرَشَ؛ جَمْعُهُ: أعْتِدَةٌ، وعِدَّانٌ على الإِدْغامِ.
عتق: العتيقُ: المُتَقَدِّمُ في الزَّمانِ، أو المَكانِ، أو الرُّتْبَةِ. ولذلك قيلَ لِلْقَدِيمِ: عَتِيقٌ. ولِلْكَريمِ: عَتِيق، ولِمَنْ خَلاَ عَنِ الرِّقِّ: عَتِيقٌ. قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحَجّ: 29] قيلَ: وصَفَهُ بذلك لأنه لم يَزَلْ مُعْتَقاً أنْ تَسُومَهُ الجَبابِرَةُ صَغَاراً، وهو الكعبة الشريفة. والعاتِقانِ: ما بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، وذلك لِكَوْنهِ مُرْتَفِعاً عَنْ سائِر الجَسَدِ. وجارِيةٌ عاتِقَةٌ: لم تَبِنْ عن أَهلِها إلى زوجٍ. وعَتَقَ الفَرَسُ: تَقَدَّمَ بِسَبْقِهِ. وعَتَقَ مِنِّي يَمِينٌ: تَقَدَّمَتْ. قال الشاعِرُ:
عَلَيَّ ألِيَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيماً وليسَ لَها وإنْ طَلَبَتْ مَرامُ
عتل: العَتْلُ: الأخْذُ بِمَجامِعِ الشيءِ وجَرُّهُ بِقَهْر، يقال: عَتَلَهُ يَعتِلُهُ، إِذا زَعْزَعَهُ ودفعه بِغِلْظَةٍ وجَفاء. {فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الدّخان: 47] أي فادفعوهُ بعنفٍ إلى وسطِ النَّارِ. وفي قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القَلَم: 13] العُتُلُّ هو المعروفُ بلؤمه كما تُعرفُ الشاةُ بِزِنْمَتِها، وهو شديد الخصومة بالباطل، القويُّ بِكفْرِهِ الجافي الغليظُ الطبعِ.
عتو: العُتُوُّ: النُّبُوُّ عَنِ الطَّاعَةِ، والاستكبارُ والتَّجاوُزُ عن الحَدِّ. يُقالُ: عَتا يَعْتُو عُتُوّاً وعِتِيّاً، ومنه: {وَعَتَوْ عَتُوًّا كَبِيرًا} [الفُرقان: 21]، {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الذّاريَات: 44]، {عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} [الطّلاَق: 8]، {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [المُلك: 21]، وقوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مَريَم: 8] أي حالَةً من الضعف لا سَبِيلَ إلَى إصْلاحِها ومُداواتِها. قال: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيًّا} [مَريَم: 69] والعِتيُّ هنا مصدرٌ كالعتوِّ، وهو التمرّدُ والعصيانُ. وقيل: العِتِيُّ هو جمعُ عاتٍ، وقيل: العاتي معناه الجاني، المُبالِغُ في المعاصي.
عثر: عَثَرَ الرجُلُ يَعْثُرُ عِثاراً وعُثُوراً، إذا سَقَطَ، ويُتَجَوَّزُ به فِيمَنْ يَطَّلِعُ على أمْر مِنْ غَيْر طَلَبِهِ {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المَائدة: 107]. يُقالُ: عَثَرْتُ على كذا. قال: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الكهف: 21] أي: وقَفْناهُمْ عليهمْ منْ غَيْر أنْ طَلَبُوا.
عثو: العَيْثُ والعِثِيُّ يَتَقَارَبانِ، نحوُ جَذَبَ وجَبَذَ، إلاَّ أنَّ العَيْثَ أكْثَرُ ما يُقالُ في الفَسادِ الذي يُدْرَكُ حِسّاً، والعِثيُّ فيما يُدْرَكُ حُكْماً. يُقالُ: عَثِيَ يَعْثَى عِثِيّاً، وعَثا يَعْثُو عُثُوّاً: بَالَغَ في الفَساد، وعلى هذا {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البَقَرَة: 60] أي لا تَسْعَوْا فَساداً في الأرضِ، «ولا تعثَوْا» أي ولا تُفسدوا ولا تَطْغَوْا، والعُثِيُّ: شِدَّةُ الفَسَادِ.
عجب: العَجَبُ، والتَّعَجُّبُ: حالَةٌ تَعْرضُ لِلإنْسانِ عِنْدَ الجَهْلِ بِسَبَبِ الشيءِ. أو حَالةُ انْفِعالِ النَّفسِ مِمّا خَفِيَ سَبَبُهُ عنها، ولهذا قيلَ: العَجَبُ ما لا يُعْرَفُ سَبَبُهُ، وفي المثل: «وإذا عُرِفَ السببُ بَطُلَ العَجَبُ». ولهذا قيلَ: لا يَصِحُّ على اللَّهِ التَّعَجُّبُ، إذ هو عَلاَّمُ الغُيُوبِ، لا تَخْفَى عليه خافِيَةٌ. يُقالُ: عَجِبْتُ عَجَباً، ويُقالُ للشيءِ الذي يُتَعَجَّبُ منه: عَجيبٌ، ولإِنكارِ ما يَرِدُ عليك، أو استطرافه: عَجَبٌ. قال تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ} [يُونس: 2]، تَنْبيهاً أن تعالى قد أوحى إلى رُسُلٍ من قبل محمد (ص) ، فَلِمَ يُنْكِرونَهُ عليه؛ وقولهُ: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ق: 2]، {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} [الرّعد: 5]، {كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف: 9] أي ليسَ ذلك في نِهايَةِ العَجَبِ بَلْ في أمُورِنا ما هو أعْظَمُ وأعْجَبُ منه. {قُرْآناً عَجَبًا} [الجنّ: 1] أي لم يُعْهَدْ مِثْلُهُ، ولم يُعْرَفْ سَبَبُهُ، ويُسْتَعارُ لِلمونَقِ، فَيُقالُ: أعْجَبَنِي كذا، أي راقَنِي {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} [البَقَرَة: 204]، {وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ} [التّوبَة: 85]، {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التّوبَة: 25]، {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحَديد: 20]. وقال: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصَّافات: 12] أي عَجِبْتَ مِنْ إنْكارِهِمْ لِلْبَعْثِ لِشِدَّةِ تَحَقُّقِكَ مَعَرفَتَهُ، ويَسْخَرُونَ لِجَهْلِهِمْ. وقيلَ: عَجِبْتَ مِنْ إنْكارِهِم الوَحْيَ. وقَرَأ بَعْضُهُمْ: بَلْ عَجِبتُ بضم التاءِ، وليسَ ذلك إضافَةَ المتَعَجّبِ إلَى نَفْسِهِ في الحَقِيقَةِ، بَلْ مَعْناهُ أنه مِمَّا يُقالُ عِنْدَهُ: عَجِبْتُ، أو يَكُونُ عَجِبْتُ مُسْتعاراً بمَعْنَى أنْكَرْتُ، نحوُ: {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هُود: 73] أي قال الملائكة، {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]. ويُقالُ لِمَنْ تَرُوقُهُ نَفْسُهُ: فُلانٌ مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ. والعَجْبُ مؤخَّرُ كلِّ شيءٍ، ومن الدَّابَّة: أَصْلُ ذَنَبِها عِنْدَ العصْعصِ.
عجز: عَجُزُ الإِنْسانِ: مُؤَخَّرُهُ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القَمَر: 20]. والعَجْزُ: أصْلُهُ التأَخُّرُ عَنِ الشيءِ، وحُصُولُه عِنْدَ عَجُز الأمْرِ، وهو ضِدُّ القُدْرَةِ {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} [المَائدة: 31]. وأعْجزْتُ فُلاناً، وعَجَّزْتُهُ، وعاجَزْتُهُ: جَعَلْتُهُ عَاجِزاً. قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التّوبَة: 2]، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ} [العَنكبوت: 22]، {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [الحَجّ: 51] وقُرىءَ: مُعَجِّزِينَ. فَمُعاجِزينَ: قيلَ مَعْناهُ ظانِّينَ، ومُقَدِّرينَ أنَّهُمْ يُعْجِزُونَنا لأنَّهُمْ حَسِبُوا أنْ لا بَعْثَ ولا نُشُور، فَيَكُونُ ثَوابٌ وعِقابٌ. وهذا في المَعْنَى كقولِهِ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا} [العَنكبوت: 4] ومُعَجِّزينَ: يَنْسُبُونَ العَجْز إلى مَنْ تَبِعَ النبيَّ (ص) ، وذلك نحوُ: جَهَّلْتُهُ، وفَسَّقْتُهُ، أي نَسَبْتُهُ إلَى ذلك. وقيلَ: مَعْناهُ مُثَبِّطِينَ، أي يُثَبِّطُونَ الناسَ عَنِ النبيِّ (ص) ، كقولِهِ: الذينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. والعَجُوزُ: سُمِّيَتْ لِعَجْزها في كَثِير مِنَ الأمُورِ {إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الشُّعَرَاء: 171] و {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هُود: 72].
عجف: {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يُوسُف: 43] جَمْعُ أعْجَفَ، وعَجْفاءَ، أي الدَّقِيقِ مِنَ الهُزالِ، مِنْ قولِهِمْ: نَصْلٌ أعْجَفُ: دقِيقٌ، وأعْجَفَ الرَّجُلُ: صارَتْ مَواشِيهِ عِجافاً. وعَجَفْتُ نَفْسِي عَنِ الطَّعامِ، أي حَبَسْتُها عنه وأنا لَهُ مُشْتَهٍ، أو لأُشْبِعَ مُؤاكلي، وعَجَف عَنْ فُلانٍ، أي تَجَافاه.
عجل: العَجَلَةُ: طَلَبُ الشَّيْءِ وتحرِّيهِ قبلَ أوانِهِ، وهو مِنْ مُقْتَضَى الشَّهْوَةِ، فلذلـك صـارَتْ مَذْمُومَـةً في عامَّةِ القُرآنِ، حتى قيلَ: العَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطان وقيل: في العَجَلة الندامة وفي التأنّي السلامةِ. قال: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبيَاء: 37]، {وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ} [طه: 114]، {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} [طه: 83]، {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] فَذَكَرَ أنَّ عَجَلَتَهُ وإنْ كانَتْ مَذْمُومَةً فالذي دعا إليها أمْرٌ محمودٌ، وهو طَلَبُ رِضا اللَّهِ تعالى. وقال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [النّحل: 1]، {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ} [الرّعد: 6]، {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} [النَّمل: 46]، {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} [الحَجّ: 47]، {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ} [يُونس: 11]، {خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبيَاء: 37] قال بَعْضُهُمْ: مِنْ حَمَأٍ، وليسَ بشيءٍ، بَلْ تَنْبِيهٌ على أنه لا يَتَعَرَّى مِنْ ذلك، وأنَّ ذلك أحَدُ الأخْلاقِ التِي رُكِّبَ عليها. وعلى ذلك قال: {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسرَاء: 11]. وقولهُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسرَاء: 18] أي عَجَّلْنا له الأعْراضَ الدُّنْيَوِيَّةَ، ووهَبْنا ما نَشاءُ لِمَنْ نُريدُ أنْ نُعْطِيَه ذلك. وقال تعالى: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} [ص: 16](10) أي كتاب أعمالنا، أي نصيبنا المفروز لنا، {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفَتْح: 20] أي فتح خيبر. والعُجالَةُ: ما يُعَجَّلُ أكْلُهُ، كاللُّهْنَةِ. وقد عَجَلْتُهُم، ولَهَنْتُهُمْ. والعِجلَةُ: الإداوَةُ الصَّغِيرَةُ التي يُعَجَّلُ بها عِندَ الحاجَةِ. والعِجْلَةُ: أُنثى العِجْلِ؛ والعَجَلَةُ: السُّرعةُ والخِفَّةُ، والآلةُ التي يجرُّها الحيوانُ محمولاً عليها الأَثقالُ وذلك لِسُرْعَةِ مَرِّها، ودولابُ السيَّارَةِ، وقيل، العَجَلَةُ: الحَمْأَةُ والطينُ. والْعِجْلُ: معروف {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا} [الأعرَاف: 148]. وبَقَرَةٌ مُعْجِلٌ: لَها عِجْلٌ مِثْلُ امرأة مُرْضِع أي ذات رضيع.
عجم: العُجْمَةُ: خِلافُ الإبانَةِ. والإِعْجامُ: الإبهامُ، واسْتَعْجَمَتِ الدَّارُ، إذا بانَ أهْلُها، ولم يَبْقَ فيها عَرِيبٌ، أي مَنْ يُبِينُ جَواباً. ولذلك قالَ بَعْضُ العَرَبِ: خَرَجْتُ عَنْ بِلادٍ تَنْطِقُ، كِنايَةً عَنْ عِمارَتِها وكَوْنِ السُّكانِ فيها. والعَجَمُ: خِلافُ العَرَبِ. والعَجَمِيُّ: مَنْسُوبٌ إليهمْ. والأَعْجَمُ: مَنْ في لِسانِهِ عُجْمَةٌ عَرَبِيّاً كانَ أو غَيْرَ عربيّ، اعتِباراً بِقِلَّةِ فَهْمِهِمْ عَنِ العَجَمِ. ومنه قيلَ لِلْبَهِيمَةِ: عَجْماءُ. والأعْجَمِيُّ: مَنْسُوبٌ إليه. {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ} [الشُّعَرَاء: 198] على حَذفِ الياءاتِ. وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فُصّلَت: 44]، {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فُصّلَت: 44]، {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} [النّحل: 103]. وسُمِّيَتِ البَهِيمَةُ عَجْماءَ، مِنْ حَيْثُ إنها لا تُبِينُ عَنْ نَفْسِها بالعِبارَةِ إبانَةَ الناطِقِ. وقيلَ: العَجْماوانِ صَلاتا الظُّهر والعصرِ لأنَّهُ لا يُجْهَرُ فيهِما بالقِراءَةِ. و «جُرْحُ العَجْماءِ جُبارٌ»، أي جَرْحُ البَهيمَةِ هَدَرٌ. وأعْجَمْتُ الكلامَ: أَبْهَمْتُهُ وذَهَبْتُ بهِ إلى العُجْمَةِ. وأعْجَمْتُ الكِتابَةَ: أزَلْتُ عُجْمَتَها أي نقَّطْتُها، نحوُ أشْكَيْتُهُ إذا أزَلْتُ شِكايَتَهُ. وحُرُوفُ المُعْجَمِ: رُوِيَ عَنِ الخَلِيلِ أنها هي الحُرُوفُ المُقَطَّعَةُ لأنَّها أعْجَمِيَّةٌ. قال بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قولِهِ: أعْجَمِيَّةٌ أنَّ الحُرُوفَ المُتَجَرِّدَةَ لا تَدُلُّ على ما تَدُلُّ عليه الحُرُوفُ المَوْصُولَةُ. وبابٌ مُعْجَمٌ مُبْهَمٌ، والعَجَمُ: ما كانَ في جوفِ مَأْكولٍ كالزبيبِ وما أَشْبَهَهُ، الواحِدَةُ: عَجَمَةٌ، إمّا لاسْتِتارِها في ثَنْيِ ما فيه، وإمّا بِما أُخْفِيَ مِنْ أجْزائِهِ بِضَغْطِ المَضْغِ، أو لأنه أُدْخِلَ في الفَمِ في حالِ ما عُضَّ عليه فأُخْفِيَ. والعَجْمُ: العَضُّ عليه. وفُلانٌ صُلْبُ المَعْجَمِ: أي شَدِيدٌ عِنْدَ المُخْتَبَر.
عد: العَدَدُ: آحادٌ مُركَّبَةٌ وقيلَ تَركِيبُ الآحادِ، وهُما واحِد {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يُونس: 5]. وقولُهُ تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} [الكهف: 11] فَذِكْرُهُ لِلْعَدَدِ تَنْبِيهٌ على كَثْرَتِها. والعَدُّ: ضَمُّ الأعْدادِ بَعْضِها إلَى بَعْضٍ. قال تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} [مَريَم: 94]، {فَاسْأَلِ الْعَآدِّينَ} [المؤمنون: 113] أي أصحابَ العَدَدِ والحِسابِ، وقال تعالى {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112]، {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحَجّ: 47] ويُتَجَوَّزُ بالعَدِّ على أوْجهٍ. يُقالُ: شيءٌ مَعْدُودٌ ومَحْصُورٌ للقَلِيلِ، مُقابَلَةً لِما لا يُحْصَى كَثْرَةً، نحوُ المُشارِ إليه بقولِهِ: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البَقَرَة: 212]، وعلى ذلك: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البَقَرَة: 80] أي قَلِيلَةً، لأنَّهُمْ قالوا: نُعَذَّبُّ الأيَّامَ التي فيها عَبَدْنا العجلَ ويُقالُ: على الضِّدِّ مِنْ ذلك، نحوُ: جَيْشٌ عَدِيدٌ: كَثِيرٌ. وإنَّهُمْ لَذُو عَدَدٍ: أي هُمْ بحَيْثُ يَجِبُ أنْ يُعَدُّوا كَثْرَةً. فَيُقالُ في القَلِيلِ: هو شيءٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ، وقولُهُ: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} [الكهف: 11] يَحْتَمِلُ الأمْرَيْنِ، ومنه قولُهُمْ: هذا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِه، وله عُدَّةٌ، أي شَيءٌ كَثِيرٌ يُعَدُّ مِنْ مالٍ وسِلاحٍ وغَيْرهِما {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأََعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التّوبَة: 46]. وماءٌ عِدٌّ. والعِدَّةُ هي الشيءُ المَعْدُودُ {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً} [المدَّثِّر: 31] أي عَدَدَهُمْ. وقولُهُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البَقَرَة: 184] أي عليه صيام أيَّامٍ بِعَدَدِ ما فاتَهُ مِنْ زَمانٍ آخَرَ غَيْر زَمانِ شَهْر رَمَضانَ. وقوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التّوبَة: 36]. والعِدَّةُ: عِدَّةُ المَرْأةِ، وهي الأيَّامُ التي بانْقِضائِها يَحِلُّ لَها التَّزَوُّجُ {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزَاب: 49]، {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطّلاَق: 1]، {وَأَحْصَوا الْعِدَّةَ} [الطّلاَق: 1]. والإِعْدادُ: مِنَ العَدِّ كالإسـقاءِ مِنَ السَّقْيِ، فإذا قيلَ: أعْدَدْتُ هـذا لـكَ، أي جَعَلْتُهُ بِحَيْثُ تَعُـدُّهُ وتَتَناوَلُهُ بِـحَسَبِ حـاجَتِكَ إليـه {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفَال: 60]، {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البَقَرَة: 24]، {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [التّوبَة: 100]، {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النِّسَاء: 18]، {وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} [الفُرقان: 11]، وقولُهُ: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يُوسُف: 31] قيلَ: هو منه. وقولهُ {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البَقَرَة: 185] أي عِدَّةَ صَوْمِ شهْر رمضان، وقولهُ: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البَقَرَة: 184] فإشارَةٌ إلَى شَهْرِ رَمَضانَ بأنَّ أيامَهُ قليلةٌ تهْوِيْناً على المكلّفين. وقولهُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البَقَرَة: 203] فهي ثَلاثَةُ أيَّامٍ بَعْدَ النَّحْرِ يوم الأضحى، والمَعْلُوماتُ: عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ. وعِنْدَ بَعْضِ الفُقَهاءِ: المَعْدُوداتُ يَوْمُ النَّحْرِ ويَوْمانِ بَعْدَهُ. فَعَلَى هذا: يَوْمُ النَّحْرِ يَكُونُ مِنَ المَعْدُوداتِ والمَعْلُوماتِ. والعِدادُ: مُعاوَدَةُ اهتياجِ الوَجَعِ، والعِدادُ: وَقْتُ المَوْتِ.
عدس: العَدَسُ: الحَبُّ المَعْرُوفُ {وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البَقَرَة: 61]، والعَدَسَةُ: بُثْرَةٌ على هَيْئَتِهِ.
عدل: العَدْلُ: خِلافُ الجَوْرِ، وعَدَلْتُ بِهِ غَيرَهُ: أي سوَّيتُهُ به، وعَدَلْتُ عنه: أَي أعْرَضْتُ عنه، وعَدَلْتُ الشيءَ فاعْتَدَلَ: أي قوَّمتُهُ فاستقَامَ؛ والعَدالَةُ والمُعادَلَةُ: لَفْظٌ يَقْتَضِي مَعْنَى المُساواةِ، ويُسْتَعْمَلُ باعْتِبارِ المُضايَفَةِ. والعَدْلُ، والعِدْلُ يَتَقاربانِ لَكِن العَدْلُ يُسْتَعْمَلُ فيما يُدْرَكُ بالبَصِيرةِ كالأحكامِ، وعلى ذلك قولهُ: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المَائدة: 95]. والعِـدْلُ، والعَدِيـلُ: فيما يُدْرَكُ بالحاسَّةِ، كالمَوْزُوناتِ، والمَعْـدُوداتِ، والمَكِيـلاتِ. فالعَـدْلُ هـو التَّقْسِيطُ على سَواءٍ، وعلى هذا رُوِيَ: بِالعَدْلِ قامَتِ السمواتُ والأرضُ، تنبيهاً أنه لو كانَ رُكْنٌ مِنَ الأرْكـانِ الأرْبَعَـةِ في العالَمِ زائِداً على الآخَر، أو ناقِصاً عنه على مُقْتَضَى الحِكْمَةِ لم يَكُنِ العالَمُ مُنْتَظِماً. والعَدْلُ ضَرْبانِ: مُطْلَقٌ يَقْتَضِي العَقْلُ حُسْنَهُ، ولا يَكُونُ في شيءٍ مِنَ الأزْمِنَةِ مَنْسُوخاً، ولا يُوصَفُ بالاعْتِداءِ بِوَجْهٍ، نحو الإِحْسـانِ إلَى مَـنْ أحْسَنَ إليكَ، وكَفِّ الأذِيَّةِ عَمَّنْ كَفَّ أذاهُ عَنْكَ. وعَدْلٌ يُعْرَفُ كَوْنُهُ عَدْلاً بالشَّرْعِ، وقوله تعالى: {وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البَقَرَة: 48] أي فديةٌ، وإنه سُمِّي الفداءُ عدلاً لأنه يماثله، ولذلك قال: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البَقَرَة: 194] وقال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشّورى: 40] فَسُمِّيَ اعْتِداءً وسَيِّئَةً. وهذا النَّحْوُ هو المَعْنِيُّ بقولِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النّحل: 90] فإِنَّ العَـدْلَ هـو المُسـاواةُ في المُكافَـأةِ إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وإنْ شَرّاً فَشَرٌّ. والإِحْسانُ: أنْ يُقابَـلَ الخَيْـرُ بأكْثَرَ منه، والشَّرُّ بأقَلَّ منه. ورَجُلٌ عَدْلٌ: عادِلٌ. ورِجالٌ عَدْلٌ. يُقالُ في الواحِدِ والجَمْعِ. قال الشاعِرُ:
فَهُمْ رِضاً وهُمْ عَدْلٌ
وأصْلُهُ مَصْدَرٌ، كقولِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطّلاَق: 2] أي عَدالَةٍ. قال: {وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمْ} [الشّورى: 15]، وقولُهُ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 129] فإشارَةٌ إلَى ما عليه جِبِلَّةُ الناسِ مِنَ المَيْلِ، فالإِنْسانُ لا يَقْدِرُ على أنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ في المَحَبَّةِ. وقولهُ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النِّسَاء: 3] إشارَةٌ إلَى العَدْلِ الذي هو القَسْمُ والنَّفَقَةُ. وقال: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا} [المَائدة: 8]، وقولُهُ: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المَائدة: 95] أي صوم ما يُعادِل مِنَ الأيام قيمة الكفّارة من الطعام، فَيُقالُ لِلْغِذاءِ عَدْلٌ إذا اعْتُبِرَ فيه مَعْنَى المُساواةِ. وقولُهُمْ: لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ. فالعَدْلُ: قيلَ: هو كِنايَةٌ عَنِ الفَرِيضَةِ، وحَقِيقَتُهُ: ما تَقَدَّمَ. والصَّرْفُ: النافِلَةُ، وهو الزِّيادَةُ على ذلك، فَهُما كالعَدْلِ والإِحْسانِ. ومَعْنَى أنه لا يُقْبَلُ منه، أنه لا يَكُونُ له خَيْرٌ يُقْبَلُ منه. وقولهُ: {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعَام: 1] أي يَجْعَلُونَ له عَدِيلاً، فَصارَ كقوله: {هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النّحل: 100]، وقيلَ: يَعْدِلُونَ بأفْعالهِ عنه، ويَنْسُبُونَها إلى غَيْرهِ. وقيلَ: يَعْدِلُونَ بِعِبادَتِهِمْ عنه تعالى. وقولُهُ: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النَّمل: 60] يَصِحُّ أنْ يَكُونَ على هذا، كأنه قال: يَعْدِلُونَ به، ويَصِحُّ أنْ يَكُونَ مَنْ قولِهِمْ: عَدَلَ عَنِ الحَقِّ، إذا جارَ عُدُولاً، ومنه العادِلُ أي المُشْرِكُ، كما قَالَت امْرأةٌ لِلحَجَّاجِ: «إنَّكَ لقاسِطٌ عادِلٌ» أي فاجِرٌ مُشرِكٌ. وأيَّامٌ مُعْتَدِلاتٌ: طَيِّباتٌ لاعْتِدالِها بلا حرٍّ أو قَرٍّ. وعادَلَ بَيْنَ الأمْرَيْنِ، إذا نَظَرَ أيُّهُما أرجَحُ. وعادَلَ في الأمْر: ارْتَبَكَ فيه، فَلا يَمِيلُ برَأيِهِ إلى أحَدِ طَرَفَيْهِ. وقولُهُمْ: «وُضِعَ على يَدَيْ عدْلٍ»، مَثَلٌ مَشْهُورٌ، وأصلُهُ أن «العَدْلَ ابْنَ جَزْءِ بن سَعْدِ العَشِيرَةِ كان وَلِيَّ شُرْطَةِ تُبَّعٍ، وكان تُبَّعُ إذا أرادَ قتْلَ رَجُلٍ دفعَهُ إليه فقالَ النَّاسُ: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ».
عدن: {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [النّحل: 31] أي اسْتِقْرارٍ وثَباتٍ. وعَدَنَ بِمَكانِ كذا: اسْتَقَرَّ. ومنه المَعْدِنُ، لِمُسْتَقَرِّ الجَواهِرِ. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «المَعْدِنُ جُبارٌ» [أحمد بن حنبل] . والجُبارُ: الهدر، فيكونُ معنَى الحديثِ، إذا انهارَ المعدنُ علَى مَن يعملُ فيه فهلَكَ لَمْ يُؤْخذْ به مُستأجِرُه.
عدو: العَدْوُ: التَّجاوُزُ ومُنافاةُ الالْتِئامِ. فَتارَةً يُعْتَبَرُ بالقَلْبِ، فَيُقالُ له العَداوَةُ والمُعاداةُ، ومنه المثل: «ما عَدا مما بَدَا»، ففي اللسان أنَّ عَليّاً (ع) قالَ لِطَلْحَةَ يومَ الجَمَلِ: «عَرَفْتَني بالحِجازِ وأَنكَرتَني بالعِراق فما عَدَا مِمَّا بَدَا» أي أنه بايَعَهُ بالمَدينةِ وجاءَ يُقاتِلُهُ بالبَصرَةِ. وتارَةً بالمَشْيِ، فَيُقالُ له العَدْوُ أي الجَرْيُ والوَثْبُ، وتارَةً في الإِخلالِ بالعَدالَةِ في المُعامَلَةِ، فَيُقالُ له العُدْوانُ، أي الظُّلْمُ {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعَام: 108]، وتارَةً بأجْزاءِ المَقَرِّ فَيُقالُ له العَدْواءُ. يُقالُ: مَكانٌ ذُو عَدْواءَ، أي غَيْرُ مُتَلائِمِ الأجْزاءِ، فَمِنَ المُعاداةِ يُقالُ رَجُلٌ عَدُوٌّ، وقَوْمٌ عَدُوٌّ: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البَقَرَة: 36] وقد يُجْمَعُ على عِدًى وأعْداءٍ {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ} [فُصّلَت: 19]. والعَدُوُّ نوعان: أحَدُهُما بِقَصْدٍ مِنَ المُعادِي، نحوُ {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النِّسَاء: 92]، {جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} [الفُرقان: 31] وفي أخْرَى {عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعَام: 112]. والثانِي لا بِقَصْدِهِ بَلْ تَعْرضُ له حالَةٌ يتَأذَّى بها، كما يَتَأذَّى مِمَّا يَكُونُ مِنَ العِدَى نحوُ قولِهِ: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الشُّعَرَاء: 77] وقوله: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التّغَابُن: 14] فاحذروا أن تطيعوهم إنْ سألوكم التخلُّفَ عن الخير أو معصية الله العظيم. ومِنَ العَدْوِ يُقالُ:
فَعادَى عِداءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ
أي أعْدَى أحَدَهُما إثْرَ الآخَر، وتَعادَتِ المَواشِي بَعْضُها في إثْر بَعْضٍ، ورَأيْتُ عِدَاءَ القَوْمِ الذينَ يَعْدُونَ مِنَ الرَّحَّالَةِ. والاعْتِداءُ: مُجاوَزَةُ الحَقِّ {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البَقَرَة: 231]. وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} [النِّسَاء: 14]، و {اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} [البَقَرَة: 65] فذلك بِأخْذِهِم الحِيتانَ على جِهَةِ الاسْتِحْلالِ مع أنَّهُ كانَ مُحَرَّماً عَليهِمْ اصْطِيَادُها في السَّبتِ؛ قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [البَقَرَة: 229]، وقال: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } [المؤمنون: 7]، {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [البَقَرَة: 178]، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } [الشُّعَرَاء: 166] أي مُعْتَدُونَ، أو مُعادُونَ، أو مُتَجاوِزُونَ الطَّوْرَ مِنْ قولِهِمْ: عَدا طَوْرَهُ {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البَقَرَة: 190] وهذا هو الاعْتِداءُ على سَبِيلِ الابْتِداءِ، لا على سَبِيلِ المُجازاةِ لأنه قال: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البَقَرَة: 194] أي قابِلُوهُ بِحَسَبِ اعْتِدائِهِ، وتَجاوَزُوا إليه بِحَسَبِ تَجاوُزِهِ. ومِنَ العُدْوانِ المَحْظُورِ ابْتِداءً قولهُ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المَائدة: 2]{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المَائدة: 2]، ومِنَ العُدْوانِ الذي هو على سَبِيلِ المُجازاةِ، ويَصِحُّ أنْ يُتَعاطَى معَ مَنِ ابْتَدَأ قولهُ: {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ } [البَقَرَة: 193]، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النِّسَاء: 30]. وقولُهُ تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} [البَقَرَة: 173] أي غَيْرَ باغٍ لِتَناوُلِ لَذَّةٍ، ولا عادٍ أي مُتَجاوُزٍ سَدَّ الجوعَةِ. وقيلَ: غَيْرَ باغٍ على الإمامِ ولا عادٍ في المَعْصِيَةِ طَريقَ المُخْبِتِينَ. وقد عَدا طَوْرَهُ: تَجاوَزَهُ، وتَعَدَّى إلَى غَيْرهِ. ومنه التَّعَدِّي في الفِعْلِ. وتَعْدِيَةُ الفِعْلِ في النَّحْو، هو تَجاوُزُ مَعْنَى الفِعْلِ مِنَ الفاعِلِ إلَى المَفْعُولِ. و(ما عدَا كذا): يُسْتَعْمَلُ في الاسْتِثْناءِ. وقولهُ: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [الأنفَال: 42] أي الجانِبِ المُتَجاوزِ لِلْقُرْبِ، والعُدْوَةُ: شفيرُ الوادِي، وللوادِي عُدْوَتَانِ هما جانباه.
عذب: ماءٌ عَذْبٌ: طَيِّبٌ بارِدٌ {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} [الفُرقان: 53]. وأعْذَبَ القوْمُ: صارَ لَهُمْ ماءٌ عَذْبٌ. والعَذابُ: هو الإيجاعُ الشَّدِيدُ أو كلُّ ما شَقَّ على الإنسان ومَنَعَهُ مُرادَهُ، وقد عَذَّبَهُ تَعْذِيباً: أَكْثَرَ حَبْسَهُ في العَذابِ {لأَُعِذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} [النَّمل: 21]، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفَال: 33]، {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الأنفَال: 33] أي ما كانَ يُعَذِّبُهُمْ عَذابَ الاسْتِئْصالِ. وقولهُ {وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} [الأنفَال: 34] أي لا يُعَذِّبَهُمْ بالسَّيْفِ. وقال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسرَاء: 15]، {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [الشُّعَرَاء: 138]، {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } [الصَّافات:9]، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الحَشر: 15]، {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ } [الحِجر: 50]. واخْتُلِفَ في أصْلِهِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو مِنْ قولِهِمْ: عَذَبَ الرَّجُلُ، إذا تَرَكَ المَأْكَلَ والنَّوْمَ فهو عاذِبٌ وعَذُوبٌ. فالتَّعْذِيبُ في الأصْلِ: هو حَمْلُ الإِنْسانِ أنْ يَعْذِبَ، أي يَجُوعَ ويَسْهَرَ. وقيلَ: أصْلُهُ مِنَ العَذْبِ، فَعَذَّبْتُهُ أي أزَلْتُ عَذْبَ حَياتِهِ على بِناءِ: مَرَّضْتُهُ، وقَذَّيْتُهُ. وقيلَ: أصْلُ التَّعْذِيبِ: إكْثارُ الضَّرْبِ بِعَذَبَةِ السَّوْطِ، أي طَرَفِها. وقد قال بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: التَّعْذيبُ: هو الضَّرْبُ. وقيلَ: هو مِنْ قولِهِمْ، ماءٌ عَذَبٌ إذا كانَ فيه قَذًى وكَدَرٌ، فَيَكُونُ: عَذَّبْتُهُ، كقولِكَ: كَدَّرْتُ عَيْشَهُ، وزَلَّقْتُ حَياتَهُ. وعَذَبَةُ السَّوْطِ واللِّسانِ والشَّجَرِ: أطْرافُها.
عذر: العُذْرُ: الحُجَّةُ التي يُعتذَرُ بها، ومنها تَحَرِّي الإِنْسانِ ما يَمحُو به ذُنُوبَهُ، والعُذْرُ يأتي بمعنى النُّجْحِ والغَلَبَةِ، يُقالُ: عُذْرٌ وعُذُرٌ، وذلك على ثَلاثَةِ أنواع: إمّا أنْ يَقُولَ لم أفْعَلْ، أو يَقُولَ فَعَلْتُ لأجْلِ كذا فَيَذْكُرُ ما يُخْرجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُذْنِباً، أو يَقُولَ فَعَلْتُ ولا أعودُ ونحوَ ذلك مِنَ المَقالِ. وهذا الثالِثُ هو التَّوْبَةُ، فَكُلُّ تَوْبَةٍ عُذْرٌ، وليسَ كُلُّ عُذْرٍ تَوْبَةً. واعْتَذَرْتُ إليه: أتَيْتُ بِعُذْرٍ. وعَذَرْتُهُ: قَبِلْتُ عُذْرَهُ {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا} [التّوبَة: 94]، والمُعْذِرُ: مَنْ يَرَى أنَّ له عُذْراً ولا عُذْرَ له {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} [التّوبَة: 90] وقُرىء: المُعْذِرونَ، أي الذِينَ يأتُونَ بالعُذْرِ. قال ابنُ عباسٍ: لَعَنَ اللَّهُ المُعْذِرينَ، ورحِمَ المُعَذَّرِينَ. وقولهُ: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} [الأعرَاف: 164] فَهْوَ مَصْدرُ عَذَرْتُ.كأنه قيلَ: أطْلُبُ منه أنْ يَعْذُرَني. وأعْذَر: أَبْدى عُذْراً أو أتَى بما صارَ به مَعْذُوراً. وقيلَ: أعْذَرَ مَنْ أنْذَرَ، أتى بما صارَ به مَعْذُوراً. قال بَعضهمْ: أصلُ العُذْرِ مِنَ العَذِرَةِ، وهو الشيءُ النَّجِسُ. ومنه سُمِّيَ القُلْفَةُ العُذْرَةُ. فقيلَ: عَذَرْتُ الصَّبِيَّ إذا طَهَّرْتَهُ وأزَلْتَ عُذْرَتَهُ.وكذا عَذَرْتُ فُلاناً: أزَلْتُ نَجاسَةَ ذَنْبِهِ بالعَفو عنه. كقولِكَ: غَفَرْتُ له، أي سَتَرْتُ ذَنْبَهُ. وسُمِّيَ جِلْدَةُ البَكَارَةِ عُذْرَةً تَشْبِيهاً بِالعُذْرَةِ أي العِفَّةِ، فقيلَ: عَذَرْتُها أي افْتَضَضْتُها. وقيلَ لِلْعارِضِ في حَلْقِ الصَّبِيِّ عُذْرَةٌ. فقيلَ: عُذِرَ الصَّبيُّ، إذا أصابَهُ ذلك. قال الشاعِرُ:
غَمْزَ الطبِيبِ نَغانِغَ المَعذُورِ
ويُقالُ: اعْتَذَرَتِ المِياهُ: انْقَطَعَتْ. واعْتَذَرَتِ المَنازِلُ: دَرَسَتْ، على طَريقِ التَّشْبِيهِ بالمُعْتَذِرِ الذي يَنْدَرِسُ ذَنْبُهُ لِوُضُوحِ عُذْرِهِ، والعاذِرَةُ: قيلَ: المُسْتَحاضَةُ. والعَذَوَّرُ: السَّيِّىءُ الخُلُقِ، اعْتِباراً بالعَذِرَةِ أي النَّجاسَةِ. وأصْلُ العَذِرَةِ: فناءُ الدَّارِ. وسُمِّيَ ما يُلْقَى فيه باسْمِها.
عرب: العَرَبُ: ولَدُ إسمعيلَ، والأعْرابُ. جَمْعُهُ، في الأصْلِ، وصارَ ذلك اسْماً لِسُكَّانِ البادِيَةِ {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا} [الحُجرَات: 14]، {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [التّوبَة: 97]، {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [التّوبَة: 99]. وقيلَ في جَمْعِ الأعْرابِ: أعارِيبُ. قال الشاعِرُ:
أعارِيبٌ ذَوُو فَخْرٍ بإفْكٍ وألْسِنَةٍ لِطافٍ في المَقَالِ
والأعْرابِيُّ في التَّعارُفِ، صارَ اسْماً لِلْمَنْسُوبِينَ إلَى سُكَّانِ البادِيَةِ. والعَرَبِيُّ: المُفْصِحُ. والإِعْرابُ: البَيانُ. يُقالُ: أعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ، وفي الحَدِيثِ: «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا»(11) أي تُبَيِّنُ. وإعْرابُ الكلامِ، إيضاحُ فَصاحَتِهِ. وخُصَّ الإِعْرابُ في تَعارُفِ النَّحْويِّينَ بالحَركاتِ والسكَناتِ المُتَعاقِبَةِ على أواخِر الكَلِمِ، والعَرَبِيُّ: الفَصِيحُ البَيِّنُ مِنَ الكلامِ {قُرْآناً عَرَبِيًّا} [طه: 113]، {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } [الشُّعَرَاء: 195]، {فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} [فُصّلَت: 3]، {حُكْمًا عَرَبِيًّا} [الرّعد: 37]. وما بالدَّارِ عَرِيبٌ، أي أحَدٌ يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ. وامْرأةٌ عَرُوبَةٌ: مُعْربَةٌ بِحالِها عَنْ عِفَّتِها ومَحَبَّةِ زَوْجِها، وجَمْعُها عُرُبٌ {عُرُبًا أَتْرَابًا } [الواقِعَة: 37]، والعَروب: المرأةُ المُتَحَبِّبَةُ إلى زوجِها، عِشْقاً له، والمُعْرِبُ: صاحِبُ الفَرَسِ العَرَبيِّ، كقولِكَ: المُجْربُ، لِصاحِبِ الجَرَبِ. وقولهُ: {حُكْمًا عَرَبِيًّا} [الرّعد: 37] قيلَ مَعْناهُ: مُفْصِحاً يُحِقُّ الْحَقَّ ويُبْطِلُ الباطِلَ، وقيل مَعْناهُ: شَريفاً كَريماً، مِنْ قولِهِمْ: عُرُبٌ أتْرابٌ، أو وَصْفُهُ بذلك كَوَصْفِهِ بِكَريمٍ في قولِهِ: {كِتَابٌ كَرِيمٌ } [النَّمل: 29] وقيلَ: مَعْناهُ مُعْرِباً (مِنْ قولِهِمْ: عَرِّبُوا على الإِمامِ) ومَعْناهُ: ناسِخاً لما فيه مِنَ الأحكامِ. وقيلَ: مَنْسُوبٌ إلَى النَّبيِّ العَرَبِيِّ. والعَرَبِيُّ إذا نُسِبَ إليه قيلَ: عَرَبيٌّ، فَيَكُونُ لَفْظُهُ كَلَفْظِ المَنْسُوبِ إليه. ويَعْرُبُ: قيلَ: هو أوَّلُ مَنْ نَقَلَ السُّرْيانِيَّةَ إلَى العَرَبِيَّةِ، فَسُمِّيَ باسْمِ فِعْلِهِ.
عرج: العُرُوجُ: ذَهابٌ في صُعُودٍ {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ} [المعَارج: 4]، {فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ } [الحِجر: 14]. والمَعارِجُ: المَصاعِدُ {ذِي الْمَعَارِجِ } [المعَارج: 3]. ولَيْلَةُ المِعْراجِ: سُمِّيَتْ لِصُعُودِ الدُّعاءِ فيها إشارَةً إلَى قولِهِ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فَاطِر: 10]. وعَرَجَ عُرُوجاً وعَرَجاناً: مَشَى مَشْيَ العارِجِ، أي الذاهِب في صُعُودٍ، كما يُقالُ: دَرَجَ، إذا مَشى مَشْيَ الصاعِدِ في دَرَجِهِ.
عرجن: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ } [يس: 39] تقديرُ الآيةِ: أي عَادَ في آخِر الشَّهرِ كالغُصْنِ اليابِسِ العتيقِ، الذي لهُ شُعَبٌ، ثم يَخْفى يوماً أو يومَين، وإنَّما شَبَّهَهُ الله سبحانه بالغُصنِ اليابسِ، لأنَّ الغُصْنَ إذا مضت عليهِ الأيَّام جَفَّ ويَبِسَ.
عرَّ: عَراهُ عَرْواً: غَشِيَهُ. واعْتَراهُ اعْتِراءً: خَبَلَهُ، وعرَّى المزادةَ: اتَّخَذَ لها عُروةً، وعَرَى فلاناً يَعْريه عَرْياً: غَشِيَهُ وقَصَدَهُ واعترضهُ للسُّؤالِ. ويُقال اعتراهُ الهَمُّ وغيرُهُ: غَشِيَهُ. قال تعالى: {اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هُود: 54] أي غَشِيَكَ سوءٌ من بعضِ آلهتنا، أو أَصابَكَ بعضُ آلِهتِنا بسوءِ. واعتراهُ فلان: أَتاهُ طالِباً معروفه. وقولُهُ تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحَجّ: 36] القانِعُ الذي يَقْنَعُ بما أعْطيْتَهُ لا يَسْخَطُ ولا يَكْلَحُ ولا يلوي عنقه غضباً، والمُعْتَرُّ المادُّ يدَهُ لِتُطْعِمَهُ وهو الذي يَعْتَري الأبوابَ، أي يقصِدُها، قال زهير:
على مُكْثِرِيهمْ حَقُّ مَنْ يَعْتَرِيهِمُ وعندَ المُقِلِّينَ السَّماحةُ والبَذْلُ
والعَرُّ، والعُرُّ: الجَرَبُ الذي يَعُرُّ البَدَنَ، أي يَعْتَرِضُهُ. ومنه قيل لِلْمَضَرَّةِ: مَعَرَّةٌ، تَشْبِيهاً بالعُرِّ، أي الأذى أو الإِثمِ أو المساءَةِ {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفَتْح: 25].
عرش: العَرْشُ، في الأصْلِ، شيءٌ مُسَقَّفٌ. وجَمْعُهُ: عُرُوشٌ {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البَقَرَة: 259] ومنه قيلَ: عَرَشْتُ الكَرْمَ، وعَرَّشْتُهُ: إذا جَعَلْتُ له كَهَيْئَة سَقْفٍ. وقد يُقالُ لذلك: المُعَرَّشُ. قال: {مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعَام: 141]، {وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النّحل: 68]، {وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ } [الأعرَاف: 137] قال أبُو عُبَيْدَةَ: يَبْنُونَ. واعْتَرَش العِنَبَ: رَكَّبَ عَرْشَهُ. والعَرْشُ: شِبْهُ هَوْدَجٍ للمرأةِ شَبِيه في الهَيْئَةِ بِعَرْشِ الكَرْمِ. وعَرَّشْتُ البِئْرَ: جَعَلْتُ له عَرِيشاً. وسُمِّيَ مَجْلِسُ السُّلْطانِ عَرْشاً اعْتِباراً بِعُلُوِّهِ {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يُوسُف: 100]، {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النَّمل: 38]، {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النَّمل: 41]، {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} [النَّمل: 42] وكُنِّيَ به عَنِ العِزِّ والسُّلْطانِ والمَمْلَكَةِ. والعرش: قِوامُ الأمر، ومنه قولهم: «ثُلَّ عَرْشُهُ»، ورُوِيَ أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رُئيَ في المَنامِ، فقيلَ: ما فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقالَ: لَوْلاَ أنْ تَداركَنِي بِرَحْمَتِهِ لَثُلَّ عَرْشِي. وعَرْشُ اللَّهِ: ما لا يَعْلَمُهُ البَشَرُ على الحَقِيقَةِ إلا بالاسْمِ، وليسَ كما تَذْهَبُ إليه أوهامُ العامَّةِ، فإِنه لو كانَ كذلك لَكانَ حامِلاً له تعالى عَنْ ذلك، لا محمولاً. واللَّهُ تعالى يَقُولُ {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فَاطِر: 41] وقال قومٌ: هو الفَلَكُ الأعْلَى، والكُرْسِيُّ: فَلَكُ الكَواكِبِ. واسْتَدَلُّوا بما رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) : «ما السمواتُ السَّبْعُ والأرَضُونَ السَّبْعُ عند الكُرْسِيّ إلا كَحَلْقَةٍ مُلْقاةٍ في أرضٍ فَلاةٍ وإنَّ فضْلَ العرش على الكرسيِّ كفضل الفلاة على تلك الحلْقةِ»(12). والكُرْسِـيُّ عِنْدَ العَرْشِ. وقولـهُ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هُود: 7] تَنْبِيهٌ أنَّ العَرْشَ لم يَزَلْ مُنْذُ أُوجِدَ مُسْتَعْلِياً على الماءِ. وقولُهُ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } [البُرُوج: 15]، {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غَافر: 15] وما يَجْري مَجْراهُ، قيلَ هو إشارَةٌ إلَى مَمْلَكَتِهِ وسُلْطانِهِ لا إلَى مَقَرٍّ له، يَتَعالَى عَنْ ذلك.
عرض: العَرْضُ: خلافُ الطُّولِ، وأصْلُهُ أنْ يُقالَ في الأجْسامِ، ثم يُسْتَعْمَلُ في غَيْرها، كما قال: {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ } [فُصّلَت: 51]. والعَرْضُ: خُصَّ بالجانبِ. وعَرَضَ الشيءُ: بَدا عَرْضُهُ. وعَرَضْتُ العُودَ على الإِناءِ. واعْتَرَضَ الشيءُ في حَلْقِهِ: وَقَفَ فيه بالعَرْضِ. واعْتَرَضَ الفَرَسُ في مَشْيِهِ. وفيه عُرْضِيَّةٌ: أي اعْتراضٌ في مَشْيِهِ مِنَ الصُّعُوبَةِ. وعَرَضْتُ الشيءَ على البَيْعِ وعلى فُلانٍ ولِفُلانٍ، نحوُ: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ} [البَقَرَة: 31]، {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: 48]، {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزَاب: 72]، {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا } [الكهف: 100]، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ} [الأحقاف: 20]. وعَرَضْتُ الجُنْدَ. والعارِضُ: البادِي عَرْضُهُ، وهو من الحوادثِ، غيرُ الثابتِ، فَتارَةً يُخَصُّ بالسَّحابِ، نحوُ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] ويقالُ لكلِّ مَنْ يَصْلُحُ للشَّيْءِ: هُوَ عُرْضَةٌ له؛ فالمَرْأَةُ عُرْضَةٌ للنِّكاح، والدَّابَّةُ المُعَدَّةُ للسَّفَرِ عُرْضَةٌ لَهُ. {وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَِيْمَانِكُمْ} [البَقَرَة: 224] أي ولا تَجْعَلـوا اليَمِينَ باللَّهِ عِلَّةً مانِعَةً لَكُمْ من البِرِّ والتَّقْوى؛ أي معترضةً لعمل الخير، والأصح ألاَّ تَحْلِفُوا باللَّهِ صادِقِينَ ولا كاذِبِينَ حُجَّةً لَكُمْ لتَسْيِير أمورِكُـمْ. وإذا قيلَ: أعْرَضَ عَنِّي، فَمَعْناهُ: وَلَّـى مُبْدِياً عَرْضَهُ {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} [السَّجدَة: 22]، {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} [النِّسَاء: 63]، {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [الأعرَاف: 199]، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} [طه: 124]، {وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } [الأنبيَاء: 32] وربما حُذِفَ (عنه) اسْتِغْناءً نحوُ: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ } [النُّور: 48]، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ } [آل عِمرَان: 23]، {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ} [سَبَإ: 16]. وقولُهُ: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عِمرَان: 133] فقد قيلَ: هو العَرْضُ الذي خِلافُ الطُّولِ. وتَصَوُّرُ ذلك على أحَدِ وجُوهٍ، إمّا أنْ يُريدَ به أنْ يَكُونَ عَرْضُها في النَّشْأَةِ الآخِرَةِ، كَعَرْضِ السَّمواتِ والأرضِ في النَّشْأَةِ الأولَى، وذلك أنه قد قال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48] ولا يَمْتَنِعُ أنْ تَكُونَ السمواتُ والأرضُ في النَّشْأَةِ الآخِرَةِ أكْبَرَ مِمَّا هي الآن. وقيلَ: الدُّنْيا عَرَضٌ حاضرٌوَعَرَضٌ زَائِلٌ تَنْبِيهاً أنْ لا ثَبَاتَ لها {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأنفَال: 67]، ويقال عن متاعِ الدنيا أو حطامِها: عَرَض، قوله تعالى: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى} [الأعرَاف: 169] أي يأخذُون عَرَضَ هذه الدنيا الفانية، وهو متاعٌ خسيسٌ كالرُّشوةِ وغيرها، وبعد أَنْ يأكلوا الحرام يقولونَ سَيُغْفَرُ لنا. {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعرَاف: 169] أي وإنْ وجدوا مِنَ الغَدِ مِثلَهُ أَخَذوهُ. وأمَّا قولُهُ تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} [التّوبَة: 42] أي مَطْلَباً سَهْلاً. والتَّعْريضُ: كلامٌ له وجْهانِ مِنْ صِدْقٍ وكَذِبٍ، أو ظاهرٍ وباطِنٍ. {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البَقَرَة: 235] قيل: هو أنَ يقولَ لَها: أَنْتِ جَميلَةٌ ومَرْغُوبٌ فِيكِ، ونحو ذلك.
عرف: المَعْرفَةُ، والعِرْفانُ: إدْراكُ الشيءِ بِتَفَكُّرٍ وتَدَبُّر لأثَرهِ، وهو أخَصُّ مِنْ العِلْمِ، ويُضادُّهُ الإنْكَارُ. يُقالُ: فُلانٌ يَعْرِفُ اللَّهَ، ولا يُقالُ: يَعْلَمُ اللَّهَ، مُتَعَدِّياً إلَى مَفْعُولٍ واحدٍ لَمَّا كانت مَعْرِفَةُ البَشَرِ للهِ هي بِتَدَبُّرِ آثارِهِ دُونَ إدْراكِ ذَاتِهِ. ويُقالُ: اللَّهُ يَعْلَمُ كذا، ولا يُقالُ يَعْرفُ كذا، لمَّا كانَتْ المَعْرفَةُ تُستَعْمَلُ في العِلْمِ القاصِرِ المُتَوَصَّلِ به بِتَفَكُّر. وأصْلهُ مِنْ: عَرَفْتُ، أي أصَبْتُ عَرْفَهُ، أي رائحَتَهُ، أو مِنْ أصبْتُ عَرْفَهُ، أي خَدَّهُ. يُقالُ: عَرَفْتُ كذا. {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} [البَقَرَة: 89]، {فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } [يُوسُف: 58]، {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [محَمَّد: 30]، {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البَقَرَة: 146]. ويُضادُّ المَعْرفَةَ الإنكارُ. والعِلْمَ الجَهْلُ {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النّحل: 83]. والعارفُ هو المختص بمعرفةِ الله وحُسنِ معاملته لعباده، يُقالُ: عَرَّفَهُ كذا: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التّحْريم: 3]. وتعَارَفُوا: عَرَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً {لِتَعَارَفُوا} [الحُجرَات: 13] و {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يُونس: 45]. وعَرَّفَهُ: جَعَلَ له عَرْفاً، أي رِيحاً طَيِّباً. قال في الجَنَّةِ {عَرَّفَهَا لَهُمْ } [محَمَّد: 6] أي طَيَّبَها وزَيَّنَها لَهُمْ. وقيلَ عَرَّفَها لَهُمْ بأنْ وصَفَها لَهُمْ، وشَوَّقَهُمْ إليها وهَداهُمْ إلى منازلهم فيها لقولِ رسولِ الله (ص): فَوَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لأَحَدَهُمْ أَهْدَى بمَنْزِلِهِ في الجَنَّةِ مِنْ مَنْزِلِهِ في الدُّنْيَا(13). وقولهُ تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البَقَرَة: 198] فاسْمٌ لِبُقْعَةٍ مَخْصُوصَةٍ في مكّةَ المكرَّمةِ تُدْعَى «جبلَ عَرَفاتٍ» حيث يكونُ فيه الحجيجُ يومَ التَّاسِعْ مِنْ ذي الحِجَّةِ من ظُهُرِهِ إلى غروبِهِ. وقيلَ: سُمِّيَتْ بذلك لِوُقُوعِ المَعْرفَةِ فيها بَينَ آدَمَ وحَوَّاءَ. وقيلَ: بَلْ لِتَعَرُّفِ العِبادِ إلَى اللَّهِ تعالى بالعِبادات والأدْعِيةِ أَوْ لاعْتِرافِهِمْ لرَبِّهِمْ بِذَنُوبِهِمْ وطَلَبِ الاسْتِغْفَارِ عنها. والمَعْرُوفُ: اسْمٌ لِكُلِّ فِعْلٍ يُعْرَفُ بالعَقْلِ أو الشَّرْعِ حُسْنُهُ، والمُنْكَرُ: ما يُنْكَرُ بِهِما. قال اللهُ تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عِمرَان: 110]. وقال: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التّوبَة: 71]، و {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمَان: 17]، {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا } [الأحزَاب: 32] ولهذا قيلَ لِلاقْتِصادِ في الجُودِ: مَعْرُوفٌ، لَمَّا كانَ ذلك مُسْتَحْسَناً في العُقُولِ، وبالشَّرْعِ، نحوُ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء: 6]، {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} [النِّسَاء: 114]. {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البَقَرَة: 241] أي بالاقْتِصادِ والإِحْسانِ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطّلاَق: 2] وقولهُ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ} [البَقَرَة: 263] أي رَدٌّ بالجَمِيلِ، ودُعاءٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ. والعُرْفُ: المَعْرُوفُ مِنَ الإِحْسانِ {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعرَاف: 199]. وعُرْفُ الفَرَسِ والدِّيكِ: مَعْرُوفٌ. وجاءَ القَطا عُرْفاً، أي مُتَتابِعَةً {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا *فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا } [المُرسَلات: 1-2]: الرياح هبّت متتابعة. والعصوف: مرور الرياح بشدة. يعني الرياح الشديدات الهبوب. والعَرَّافُ:المنجِّم الذي يخبر عن أحوال الماضي والمستقبل.
ويومُ عَرَفَةَ: يومُ الوُقُوفِ بِها. وقولهُ {وَعَلى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعرَاف: 46] فإنه سُورٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ. والاعْتِرافُ: الإِقْرارُ. وأصْلُهُ: إظْهارُ مَعْرفةِ الذَّنْبِ، وذلك ضِدُّ الجُحودِ {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} [المُلك: 11]، {فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} [غَافر: 11].
عرم: العَرامَةُ: شَراسَةٌ وصُعُوبَةٌ في الخُلُقِ، وتَظْهَرُ بالفِعْلِ. يُقالُ: عَرَمَ العظمَ يعرُمُهُ عَرْماً: نَزَعَ ما عليه من لَحْمٍ؛ وعَرَمَ الرجلُ عُراماً: خَرَجَ عن الحدِّ، فهو عارِمٌ أي شرِسٌ مُؤْذٍ، وعَرَمَ: تَخَلَّقَ بذلك. ومنه: عُرامُ الجَيْشِ أي كثرتُهُ. وقولهُ: {سَيْلَ الْعَرِمِ} [سَبَإ: 16] قيلَ: أرادَ سَيْلَ الأمْر العَرِمِ، أو سيْلَ المطرِ الشَّديدِ، وقيلَ: العَرِمُ: الجُرَذُ الذَّكَرُ، ونُسِبَ إليه السَّيْلُ الشديد مِنْ حَيْثُ إنه نَقَبَ سَدَّ مَأْرَب وهدمه.
عَرو: العُرْوَةُ: ما يُتَعَلَّقُ بِهِ، مِثْلُ أُذُن الدَّلْوِ أو الكُوزِ أو نحوهما، لأنَّها مُتَعَلَّقُهُ، واعتراهُ هَمٌّ: إذا أَصابَهُ، وعَرَتْهُ الحُمَّى تَعْروهُ: إذا عَلِقتْ به، وتُستعارُ العُرْوَةُ لما يُوَثَّقُ بهِ ويُعَوَّلُ عليهِ، فالأَصْلُ في الباب: التَّعَلُّقُ. قال تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا} [البَقَرَة: 256] أي بالعِصْمَةِ الوثيقةِ التي لا يخشى انفصالها، وعَقَدَ لنفسِه مِنَ الدِّينِ عَقْداً وَثِيقاً لا تحلُّهُ شُبْهةٌ.
عري: يُقالُ: عَرِيَ الرجلُ مِنْ ثَوْبِهِ يَعْرَى: خلَعَهُ، فهو عارٍ وعُرْيانٌ {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى } [طه: 118] وهو عَرُوٌّ مِنَ الذَّنْبِ، أي عارٍ. وأخَذَهُ عُرَواءُ، أي رِعْدَةٌ تَعْرضُ مِنَ العُرْيِ. ومَعارِي الإنْسانِ: الأعْضاءُ التي مِنْ شَأْنِها أنْ تَعْرَى، كالوَجْهِ واليَدِ والرِّجْلِ، وفُلانٌ حَسَنُ المَعْرَى، كقولِكَ: حَسَنُ المَحْسَر والمُجَرَّدِ. والعَراءُ: مَكانٌ لا سُتْرَةَ به {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } [الصَّافات: 145]. والعَرى (مَقْصُورٌ): الناحِيَةُ، وعَراه واعْتَراهُ: قَصَدَ عُراهُ {إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هُود: 54]. والعُرْوَةُ: ما يَتَعَلَّقُ به مِنْ عُراهُ، أي ناحِيَتِهِ. ومنه قولهم: «نزل بعُروتِهِ» أي بسَاحتِهِ {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البَقَرَة: 256] وذلك على سَبِيلِ التَّمْثِيلِ. والعُرْوَةُ، أيضاً: الشَّجَرُ الملتفُّ تَشْتُو به الإِبلُ فتأكُلُ منه، ويُقالُ لَها: عُرْوَةٌ وعَلْقَةٌ.
عزب: عَزَبَ عنه: إذا بَعُدَ، والعازِبُ: المتباعِدُ في طلبِ الكلأ عن أهلِهِ. ويقال: عَزَبَ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ، قولُه تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ} [يُونس: 61] أي وما يبْعُدُ وما يَغيب عن علمِ ربِّكَ وقدرتِهِ ورُؤْيَتِهِ مثقالُ ذرَّةٍ ولا أصغرُ مِنَ الذَّرَّةِ، ولا أَكْبَرُ، ومثلُهُ قولُهُ تَعالَى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ} [سَبَإ: 3].
عزر: التَّعْزيرُ: النُّصْرَةُ مَعَ التَّعْظِيمِ. قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} [الفَتْح: 9]، {وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} [المَائدة: 12]. والتَّعْزيرُ: ضَرْبٌ دونَ الحَدِّ، وذلك يَرْجِعُ إلَى الأوَّلِ، فإنَّ ذلك تَأدِيبٌ، والتَّأدِيبُ نُصْرَةٌ مّا، لكنِ الأوَّلُ نُصْرَةٌ بِقَمْعِ ما يَضُرُّهُ عنه، والثانِي نُصْرَةٌ بِقَمْعِهِ عَمَّا يَضُرُّهُ، فَمَنْ قَمَعْتَهُ عما يضرُّه فقد نَصَرْتَه. وعلى هذا الوَجْهِ قال (ص) : «انْصُرْ أخاكَ ظالِماً أو مَظْلُوماً»(14). قيل: أنْصُرُه مَظْلُوماً فكيفَ أنْصُرُه ظالِماً؟ فقال: كُفَّهُ عن الظُّلْمِ». وعُزَيْرٌ في قولِهِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التّوبَة: 30] اسْمُ أحَدِ الصّالِحينَ في بَنِي إسرائيلَ، وقيلَ هُوَ نبيٌّ مِنْ أنبياءِ بني إِسرائيلَ. وعزرائيلُ: اسمُ مَلَكِ الموتِ.
عز: العِزَّةُ: حالةٌ مانِعَةٌ لِلإِنْسانِ مِنْ أنْ يُغْلَبَ، مِنْ قولِهِمْ: أرْضٌ عَزازٌ، أي صُلْبَةٌ، سريعةُ السَّيْلِ، قال تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [النِّسَاء: 139]. والعزيز: القوي المنيع الذي يَقْهَرُ ولا يُقْهَرُ {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [العَنكبوت: 26]، {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} [يُوسُف: 88]. وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنَافِقون: 8]، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصَّافات: 180] أي العزة لله جميعاً وهو الذي يعطي العزة لمن يشاء من عباده. {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } [ص: 2] ووجهُ ذلك أَنَّ العِزَّةَ التي للَّهِ ولرسوله وللمؤمنينَ هي الدائمةُ الباقيةُ وهي العِزَّةُ الحَقِيقِيَّةُ، والعِزَّةُالتي هي للكافرينَ هي عزةٌ زائلة ستؤول إلى مذلة. وهي التَّعَزُّزُ، وهو في الحقيقةِ ذُلٌّ(15)، كما قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «كُلُّ عِزٍّ ليسَ باللَّهِ فهُوَ ذُلٌّ»(16). وعلى هذا قولهُ: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا } [مَريَم: 81] أي لِيَتَمنَّعُوا بهم من العذابِ. وقولهُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فَاطِر: 10] مَعْناهُ: مَنْ كانَ يُريدُ أن يُعَزَّ يَحْتاجُ أن يَكْتَسِبَ مِنهُ تَعالى العِزَّةَ بطاعته، كما يقال: من أراد المال من فلان، فليطلبه من عنده. وعن أنس عن رسول الله (ص) أنه قال: «إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز، من أراد عزة الدارين فليطع العزيز»(17). وقد تُسْتَعارُ العِزَّةُ للحَمِيَّةِ والأنَفَةِ المَذْمومةِ، وذلك في قولهِ: {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} [البَقَرَة: 206]، وقال: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} [آل عِمرَان: 26] أي ترفعُ من تشاء وَتَضَعُ من تشاءُ. يُقالُ: عَزَّ عَلَيَّ كذا: صَعُبَ. {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التّوبَة: 128] أي صَعُبَ عليه ما يصيبكم من الشدّة. وعَزَّهُ كذا: غَلَبَهُ. وقيلَ: «مَنْ عَزَّ بَزَّ». أيَ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ. قال تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ } [ص: 23] أي غَلَبَنِي. وقيلَ: معناهُ صارَ أعَزَّ مِنّي في المُخاطَبَةِ والمُخاصَمَةِ، وعَزَّ الشَّيْءُ: قَلَّ، اعتِباراً بِما قيلَ: كُلُّ موجودٍ مَمْلُولٌ، وكُلُّ مَفْقودٍ مَطْلوبٌ. وقوله: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } [فُصّلَت: 41] أي يَصْعُبُ مَنالُهُ ووجودُ مِثْلِهِ. والعُزَّى: صَنَمٌ {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: 14] أي فقوّيناهما برسولٍ ثالث.
عزل: الاعْتِزالُ: تَجَنُّبُ الشيءِ عِمالَةً كانَتْ، أو بَراءةً، أو غَيْرَهما، بالبَدَنِ كان ذلك، أو بالقَلْبِ. يقالُ عَزَلْتُه، واعْتَزَلْتُه، وتَعَزَّلْتُه، فاعْتَزَلَ {وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ} [الكهف: 16]: فإذا فارقتموهم وتخلّيتم عنهم وما يعبدون من الأصنام فأْووا إلى الكهف. وقال تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} [النِّسَاء: 90]، {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مَريَم: 48]، {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البَقَرَة: 222]. قال الشاعِرُ:
يا بِيْتَ عاتِكَةَ التي أتَعَزَّلُ
وقولهُ: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } [الشُّعَرَاء: 212] أي الجن مَمْنُوعُونَ من السمع بَعْدَ أن كانُوا يُمَكَّنُونَ قبل نزول القرآن. والأَعْزَلُ: الذي لا سلاح مَعَه، ومن السَّحابِ: ما لا مَطَرَ فيه.
عزم: العَزْمُ والعَزِيمَةُ: عَقْدُ القَلْبِ على إمْضاءِ الأمْر. يُقالُ: عَزَمْتُ الأمْرَ، وعَزَمْتُ عليه، واعْتَزَمْتُ {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عِمرَان: 159]، {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البَقَرَة: 235]، {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ} [البَقَرَة: 227]، {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [الشّورى: 43]. وقال: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } [طه: 115] أي مُحافَظَةً على ما أُمِرَ بِهِ، وعَزِيمَةً على القِيامِ به. {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35] وهم نوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلوات الله عليهم) ووُصفوا بأولي العزم لأنهم عزموا على أداء الرسالة وحمْل أعبائها.
عزو: قال تعالى: {وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ } [المعَارج: 37] عِزينَ: أي جَمَاعَاتٍ في تَفْرقَةٍ، واحِدَتُها عِزَةٌ، وأصْلُهُ مِنْ: عَزَوْتُهُ فاعْتَزَى، أي نَسَبْتُه فانْتَسَبَ. فكأنَّهُمُ الجماعةُ المُنْتَسِبُ بَعْضُهم إلى بعضٍ إمَّا في الوِلادَةِ، أو في المُظاهَرَةِ، ومنه: الاعْتزاءُ في الحَرْبِ، وهو أن يقولَ: أنا ابنُ فلانٍ، وصاحِبُ فُلانٍ. ورُوِيَ: «مَنْ تَعَزَّى بِعزَاءِ الجاهِلِيَّةِ فأعِضُّوهُ بِهَنِ أبِيهِ»(18). ومعناه: من يَنْسِبُ نَسَبَ الجاهِلِيَّةِ، لأنَّهُمْ كانوا يَستَغِيثونَ ويُنادي الواحِدُ: أنا فلانٌ بنُ فُلانٍ، فَيَنْتَمِي إلى أَبيهِ وَجَدِّهِ لشَرَفِهِ وعِزِّهِ. وقيلَ: «عِزينَ» مِنْ عَزا عَزاءً للانتسابِ، وليس مِنْ عَزِيَ يَعْزَى للعَزاءِ أي إذا تَصَبَّرَ وتَأَسَّى، فكأنَّها اسْمٌ للجَماعةِ التي ينتسبُ بعضُها إلى بعضٍ في التَّضامُنِ علىالاستهزاءِ بالمؤمنين.
عسر: العُسْرُ: نَقِيضُ اليُسْر {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا *إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } [الشَّرح: 5-6]، والعُسْرَةُ: تَعَسُّرُ وجودِ المالِ {فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التّوبَة: 117] و {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البَقَرَة: 280]. وأعْسَرَ فلانٌ، نحوُ أضاقَ أي افْتَقَر. وتَعاسَرَ البَيِّعانِ أو الزَّوجان: لَمْ يتَّفِقا، وتَعاسَرَ القومُ: جَعَلوا الأمرَ عَسيراً {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } [الطّلاَق: 6]، و {يَوْمٌ عَسِيرٌ } [المدَّثِّر: 9] يَتَصَعَّبُ فيه الأمْرُ. قالَ: {يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } [الفُرقان: 26]، {يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } [المدَّثِّر: 9-10]. وعَسَّرَنِي الرَّجُلُ: طالَبَنِي بِشَيْءٍ حِينَ العُسْرَةِ، أي ضَيَّقَ عَلَيَّ وَقْتَها.
عسعس: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } [التّكوير: 17] أي أقْبَلَ وأدْبَرَ، وذلك في مَبْدَإ اللَّيْلِ ومُنْتهاهُ. فالعَسْعَسَةُ والعِساسُ: رِقَّةُ الظَّلامِ، وذلك في طَرَفِيِ اللَّيلِ. وعسَّ الخبرَ: أبطأَهُ. وعسَّتِ النارُ: اشتعلتْ ببطء. والعَسُّ والعَسَسُ: نَفْضُ الليلِ عَنْ أهْلِ الرِّيبةِ. ورَجُلٌ عَاسٌّ وعَسَّاسٌ، والجَمعُ العَسَسُ. وفي المَثَلِ: «كَلْبٌ اعْتَسَّ خَيْرٌ من كَلْبٍ رَبَضَ»، يُضرَبُ لِلْحَثِّ على السَّعْيِ والكسبِ. والعَسُوسُ من النِّساءِ، المُتَعاطِيَةُ لِلرِّيبةِ بالليلِ. والعُسُّ: القَدَحُ الضَّخْمُ، والجمعُ: عِساسٌ.
عسل: العَسَلُ: مُجاجُ أو لُعابُ النَّحْلِ {مِنْ عَسَلٍ مُصْفّىً} [محَمَّد: 15]. وكُنِّيَ عنِ الجِماعِ بالعُسَيْلةِ. قال عليهِ وعلى آلِهِ الصلاة والسَّلامُ: «حتى تَذُوقِي عُسَيْلَتَه، ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ»(19) .والعَسَلانُ: اهْتِزازُ الرُّمْحِ، واهْتِزازُ الأعْضاءِ في العَدْوِ. والعاسِل، وأبو عِسْلَة: الذِّئْبُ. يُقالُ: مَرَّ يَعْسِلُ، ويَنْسِلُ.
عسى: عَسَى: طَمِعَ وتَرَجَّى. وكثيرٌ مِنَ المُفَسِّرينَ فَسَّرُوا لَعَلَّ وعَسَى في القُرآنِ باللاّزِمِ، وقالوا: إنَّ الطَّمَعَ والرَّجاءَ لا يَصِحُّ منَ اللَّهِ. وفي هذا منهمْ قُصُورُ نَظَر، وذاك أنَّ الله تعالى إذا ذَكَرَ ذلك يَذكُرُهُ لِيَكونَ الإنسانُ منه راجِياً لا لأَنْ يَكونَ هو تعالى يرجو، فقولهُ {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ} [الأعرَاف: 129] أي كُونُوا راجِينَ في ذلك {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [المَائدة: 52]، {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} [التّحْريم: 5]، وقال {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 216]، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محَمَّد: 22]، {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البَقَرَة: 246]. {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النِّسَاء: 19]. والمُعْسِيَةُ: الشَّاةُ يُشَكُّ أبِها لَبَنٌ أم لا، وعَسِيَ النَّباتُ يَعْسَى عَسًى، إذا صَلُبَ وغَلُظَ، وعَسِيَ اللَّيْلُ يَعْسُو، أي أظْلَمَ.
عشر: العَشَرَةُ والعُشْرُ والعشرونَ والعَشِيرُ والعِشْرُ مَعْرُوفَةٌ. {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البَقَرَة: 196]، {عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفَال: 65]، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [المدَّثِّر: 30]. وعواشر القرآن: الآيُ التي يتمّ بها العُشْر، وعَشَرْتُهم أعْشِرُهم: صِرْتُ عاشِرَهُم من أَعْشَرَ القومُ: صاروا عَشَرَةً. وعَشَرَهُمْ: أخَذَ عُشْرَ مالِهِم. وعَشَرْتُهم: صَيَّرْتُ مالَهم عَشَرَةً، وذلك أنْ تَجْعَلَ التِّسْعَ عَشَرَةً. ومِعْشارُ الشيءِ: عُشْرُ. {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} [سَبَإ: 45]. وناقَةٌ عُشَراءُ: مَرَّتْ من حَمْلِها عَشَرَةُ أشْهُر، وجَمْعُها عِشارٌ {وإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ } [التّكوير: 4]. والتعشيرُ: نُهاقُ الحمير، لكونه عَشَرَةَ أصوات. وجاؤوُا عُشارَى: عَشَرَةً عَشَرَةً. وثَوبٌ عُشَاريٌّ: ما طُولهُ عَشَرَةُ أذْرُعٍ.والعِشْرُ قطعةٌ من شيءٍ كُسِرَ إلى عَشْرِ قِطعٍ، والجمعُ أعْشَارٌ، وأصْلُهُ: أنْ يكونَ على عَشَرَةِ أقْطاعٍ، وعنه اسْتُعِيرَ قولُ الشاعِر:
بِسَهْمَيْكِ في أَعْشارِ قَلْبٍ مُقَتَّلٍ
والعَشِيرَةُ: أهْلُ الرجلِ الذينَ يَتَكَثَّرُ بهمْ، أي يَصِيرونَ له بِمَنْزلَةِ العَدَدِ الكامِلِ، وذلك أنَّ العَشَرَةَ هو العَدَدُ الكامِلُ {وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} [التّوبَة: 24]، فَصارَ العَشِيرَةُ اسْماً لِكُلِّ جماعةٍ من أقاربِ الرجلِ الأَدْنينَ الذينَ يَتَكَثَّرُ بهمْ. وعاشَرْتُهُ: صِرْتُ له كَعَشَرَةٍ في المُصاهَرَةِ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء: 19]، والعَشِيرُ: المُعاشِرُ قريباً كان أو مَعارِفَ.
عشو: العَشِيُّ: مِنْ صلاةِ المغرب إلى العَتَمَةِ، وهو أَوَّلُ الظَّلامِ، والعشيَّةُ: العَشِيُّ {إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [النَّازعَات: 46]. والعِشاءانِ: المَغْربُ والعَتَمَةُ. والعَشا: ظُلْمَةٌ تَعْتَرضُ في العَيْنِ. يُقالُ: رَجلٌ أعْشَى، وامرأةٌ عَشْواءُ. وقيلَ: يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْواءَ، وعَشَوْتُ النارَ: قَصَدْتُها لَيْلاً، وسُمِّيَتِ النارُ التي تَبْدُو بالليلِ عَشْوَةً وعُشْوَةً، كالشُّعْلَةِ. عَشِيَ عَنْ كذا، نحوُ عَمِيَ عنه. {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ} [الزّخرُف: 36] أي يُعْرِضْ أو يَعْمَ عنها، والعَواشِي: الإِبلُ التي تَرْعَى لَيْلاً، الواحِدَةُ: عاشِيَةٌ. ومنه قيلَ: العاشِيَةُ تُهَيِّجُ الآبِيَةَ. والعَشاءُ: طَعامُ العَشِيِّ، وصلاةُ العَشِيِّ: الظهر والعصر. وقد عَشِيتُ وَعشَّيْتُهُ. وقيلَ: «عِشْ ولا تَغْتَرَّ». مثل يُضربُ في التوصية بالاحتياط والأخذ بالحذر، ومعناهُ تَعشَّ إذا كنتَ في سفَرٍ، ولا تتوانَ ثِقةً مِنكَ أن تتعشَّى عندَ أهلكَ فلعلَّكَ لا تجدُ عندهم شيئاً.
عصب: العَصَبُ: أطْنابُ المفاصِلِ التي تلائِمُ بُنْيَتَها وتشدُّها. ولحْمٌ عَصِبٌ: كَثِيرُ العَصَبِ. والمَعْصُوبُ: المَشْدودُ بالعَصَبِ المَنْزوعِ من الحيوانِ. ثم يُقالُ لِكُلِّ شَدٍّ عَصْبٌ، نحو قولِهِمْ: لأعْصِبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلِمَةِ. وفُلانٌ شَدِيدُ العَصْبِ، ومَعْصُوبُ الخَلْقِ: أي مُدْمَجُ الخِلْقَةِ. {يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هُود: 77] شَديدٌ، يَصِحُّ أن يَكونَ بمعْنَى فاعِلٍ، وأن يكونَ بمَعْنَى مَفْعولٍ، أي يَوْمٌ مجموعُ الأطْرافِ، كقولِهِمْ: يومٌ كَكَفَّةِ حابِلٍ، وحَلْقَةِ خاتَمٍ. والعُصْبَةُ: جماعَةٌ مُتَعَصِّبَةٌ مُتَعاضِدَةٌ {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القَصَص: 76]، {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يُوسُف: 8] أي مُجْتَمِعَةُ الكلامِ مُتَعاضِدَةٌ. واعْصَوْصَبَ القَوْمُ: إذا اجتمعوا، فإذا تجمَّعوا على فريقٍ آخرين قيل تعصَّبُوا واستجمعوا فصاروا عُصْبَةً، وعَصَبُوا به أمْراً. وعَصَبَ الرِّيقُ بِفَمِهِ: يَبِسَ حتى صارَ كالعَصَبِ، أو كالمَعْصُوبِ به. والعَصْبُ: من بُرود اليَمَنِ، فيه نقُوشٌ. والعِصابَةُ: ما يُعْصَبُ به الرأسُ، أو العِمامةُ. وقد اعْتَصَبَ فلانٌ، نحوُ تَعَمَّمَ.
عصر: العَصْرُ: مَصْدَرُ عَصَرَ. والمَعْصُورُ: الشيءُ العَصِيرُ. والعُصارةُ: نُفايَةُ ما يُعْصَرُ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يُوسُف: 36]. وأما قوله {وَفِيهِ يُعْصِرُونَ } [يُوسُف: 49] أي يَسْتَنْبِطُونَ أو يستخرجون منه الخَيْرَ، كعصير العنبِ والزيت والفواكه، وقُرىءَ: يُعْصَرُونَ أي يمْطَرُونَ. واعْتَصَرْتُ من كذا: أخَذْتُ ما يَجْري مَجْرَى العُصارَةِ. قال الشاعِرُ:
وإنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ وأنْتَ من أفنانِهِ مُعْتَصِرْ
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا } [النّبَإِ: 14] أي مِنَ السحائِبِ التيتَعْتَصِرُ بالمَطَر، أي تَصُبُّ، وقيل: التي تَأتِي بالإِعْصارِ. والإِعْصارُ: رِيحٌ تَرْتَفِعُ بِتُرابٍ بَيْنَ السماءِ والأرضِ لتَسْتَدِيرَ كأنَّها عمودٌ {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} [البَقَرَة: 266]. والاعْتِصارُ: أن يُعَضَّ فَيُعْتَصَرَ بالماءِ، ومنه: العَصْرُ، والعَصَرُ: المَلْجأُ، والعَصْرُ والعِصْرُ: حينٌ من الدَّهْرُ، والجمعُ: العُصُورِ {وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } [العَصر: 1-2]. والعَصْرُ: العَشِيُّ، ومنه صلاةُ العَصْر. وإذا قيل: العَصْرانِ، فقيلَ: الغَداةُ والعَشِيُّ. وقيلَ: اللَّيْلُ والنهارُ، وذلك كالقَمَرَيْنِ للشمسِ والقَمَر.
عصف: العَصْفُ والعَصِيفَةُ: الوَرَق المُجتَمِعُ الذي يكونُ فيه السُّنْبُلُ، أو الوَرَقُ الذي يَتَفَتَّحُ عَنِ الثَّمَرَةِ، فإذا يَبِسَ صارَ حُطاماً، ومنه التِّبْنُ ودَقائقُهُ {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ} [الرَّحمن: 12]، وقوله {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } [الفِيل: 5] أي كزرع قد أكلته الدواب، ثم راثته والروث قد يبس ودِيست وتفرّقت أجزاؤه. أو كوَرَقٍ أُخِذَ ما فيه من الحَبِّ وبقيَ هو لا حَبَّ فيه. ورِيحٌ عاصِفٌ، وعاصِفَةٌ، ومُعْصِفَةٌ: تَكْسِرُ الشيءَ فَتَجْعَلُهُ كَعَصْفٍ. وعَصَفَتْ بهم الرِّيحُ، تشبيهاً بذلك.
عصم: العَصْمُ: الإِمْساكُ. والاعْتِصامُ: الاسْتِمْساكُ. {لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هُود: 43] أي لا شيءَ يَعْصِمُ منه. ومن قال: مَعْناهُ: لا مَعْصومَ، فليسَ يعْنِي أنَّ العاصِمَ بِمَعْنى المَعْصُومِ، وإنَّما ذلك تَنْبِيهٌ منه على المَعْنَى المَقْصُودِ بذلك، وذلك أنَّ العاصِمَ والمَعْصُومَ يَتَلازَمانِ، فأيُّهما حَصَلَ، حَصَلَ مَعَه الآخَرُ {مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} [يُونس: 27]. والاعْتِصامُ: التَّمَسُّكُ بالشيءِ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عِمرَان: 103]، {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [آل عِمرَان: 101]. واسْتَعْصَمَ: اسْتَمْسَكَ، كأنَّه طَلَبَ ما يَعْتَصِمُ به مِنْ ركوبِ الفاحِشَةِ. قال: {فَاسْتَعْصَمَ} [يُوسُف: 32] أي تَحَرَّى ما يُعْصِمُه. وقولهُ: {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [المُمتَحنَة: 10] أيْ لا تُمْسِكوا بِنِكاحِ الكافِراتِ، وسُمِّيَ النِّكاحُ عِصْمَةً لأنَّ المنكوحةَ تكونُ في حبالِ الزَّوْجِ وعِصْمَتِهِ. والعِصامُ: ما يعْصَمُ به، أي يُشَدُّ. وعِصْمَةُ الأنبياءِ: حِفْظُ اللَّهِ (تعالى) إيَّاهُم أوَّلاً بما خَصَّهُم به مِن صَفاءِ الجَوْهرِ، ثم بما أوْلاهُمْ من الفَضائِلِ الجِسْمِيَّةِ والنَّفْسِيَّةِ، ثم بالنُّصْرَةِ، وبِتثبيتِ أقْدامِهِم، ثم بإنْزالِ السَّكينَةِ عليهم، وبِحِفْظِ قُلُوبِهِم، وبالتَّوْفِيقِ. {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المَائدة: 67] أي يمنعك من الناس، والعِصْمَةُ: شِبْهُ السِّوارِ أو القِلادَة، والمِعْصَمُ: مَوْضِعُها مِنَ الساعد.
عصو: العَصا: أصْلهُ من الواوِ لِقولِهِم في تَثْنِيَتِه عَصَوانِ، ويُقالُ في جَمْعِهِ عِصِيٌّ. وعَصَوْتُه: ضَرَبْتُه بالعَصا. وعَصِيتُ بالسَّيْفِ. {وَأَلْقِ عَصَاكَ} [النَّمل: 10]، {فَأَلْقَى عَصَاهُ} [الأعرَاف: 107]، {قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه: 18]، {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ} [الشُّعَرَاء: 44]. ويُقالُ: ألْقَى فُلانٌ عَصاه، إذا نَزَلَ، وأَقامَ تَصَوُّراً بحالِ مَن عادَ مِنْ سَفَرِهِ. قال الشاعِرُ:
فألْقَتْ عَصاها واسْتَقَرَّتْ بها النَّوى
وعَصَى عِصْياناً، إذا خَرَجَ عن الطَّاعةِ، وأصْلهُ: أنْ يَتَمَنَّعَ بِعَصاه {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} [طه: 121]، {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النِّسَاء: 14]، {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} [يُونس: 91]. {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيًّا } [مَريَم: 44] أي عاصياً. ويُقالُ فِيمَنْ خالَفَ الجماعَةَ وفارَقَهُم: شَقَّ فلانٌ العَصا.
عض: العَضُّ: أزْمٌ بالأسْنانِ {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ} [آل عِمرَان: 119]، {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفُرقان: 27] وذلك عِبارَةٌ عنِ النَّدَمِ لِما جَرَى به عادَةُ الناسِ أن يَفْعَلُوهُ عندَ ذلك. والعُضُّ: للنَّوَى، واليابس من الحشيش أو الشعير الذي يَعَضُّ عليه الإبلُ. والعِضاضُ: مُعاضَّةُ الدَّوابِّ بَعْضَها بَعْضاً. ورَجُلٌ مُعِضٌّ: مُبالِغٌ في أمْره، كأنَّهُ يَعَضُّ عليه. ويُقالُ ذلك في المَدْحِ تارَةً، وفي الذَّمِ تارَةً، بِحَسَبِ ما يُبالَغُ فيه. يُقالُ هو عُضُّ سَفَر، وعِضٌّ في الخُصومَةِ. وزَمَنٌ عَضوضٌ: فيه جَدْبٌ. والتَّعْضُوضُ: ضَرْبٌ من التَّمْر الأسودِ الشديدِ الحلاوة، يَصْعُبُ مَضْغُه.
عضد: العَضُدُ: ما بَيْنَ المِرْفَقِ إلى الكَتِفِ. وعَضَدْتُهُ: أصَبْتُ عَضُدَه، وعنه اسْتُعِيرَ: عَضَدْتُ الشَّجَرَ أي قطعتُها بالمِعْضَدِ. وجَمَلٌ عاضِدٌ، عندما يَأخُذُ عَضُدَ الناقةِ، فَيَتَنَوَّخُها. ويُقالُ: عَضَدْتُهُ، أو عاضَدَهُ مُعاضَدَةً: نَصَرَهُ. ويُسْتَعارُ العَضُدُ لِلمُعِينِ كاليَدِ. قال تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القَصَص: 35]، {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } [الكهف: 51]. ورجلٌ أعْضَدُ: دَقِيقُ العَضُـدِ. وعَضِدَ فُلانٌ (مجهولاً): شَكَا عَضُدَهُ، وهو داءٌ يَنالهُ في عَضُدِه. ومُعَضَّدٌ: مَوْسُومٌ في عَضُدِه. ويُقالُ لِسِمَتِهِ عِضادٌ. والعِضاد: ما شُدَّ في العَضُدِ مِنَ الحِرْزِ، الدّملجُ. وأعْضادُ الحَوْضِ: جَوانِبُه، تشبيهاً بالعَضُدِ.
عضل: العَضَلَةُ: كُلُّ لَحْمٍ صُلْبٍ في عَصَبٍ. ورجُلٌ عَضِلٌ: ضَخْمُ عَضَلَةِ الساق. وَعَضَلْتُهُ: حَبَسْتُهُ، وشَدَدْتُه بالعَضَلِ المُتَناوَلِ من الحَيوانِ، نحوُ عَصَبْتُه. وتُجُوِّز به في كُلِّ مَنْعٍ شَدِيدٍ. {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البَقَرَة: 232] قيلَ: خِطابٌ لأَوْلِياءِ الأُمُورِ، أي ولا تمنَعُوهُنَّ عن النِّكاح. وعَضَّلَتِ الدابَّةُ أو المرأةُ بِوَلَدِها، إذا تَعَسَّرَ خُروجُهُ. قال الشاعِرُ:
تَرَى الأرضَ مِنَّا بالفَضاءِ مَرِيضَةً مُعَضَّلَةً مِنَّا بِجَمْعٍ عَرَمْرَمِ
وداءٌ عُضالٌ: صَعْبُ البُرْءِ. والعُضْلَةُ: الدَّاهِيَةُ المُنْكَرَةُ.
عضن: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } [الحِجر: 91] أي مُفَرَّقاً، فقالوا: كَهانَةٌ وشعر، وقالوا: أساطيرُ الأوَّلِينَ، إلى غيرِ ذلك مِمَّا وصَفُوه به. وقيلَ: مَعْنَى عِضِينَ ما قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البَقَرَة: 85] خِلافَ مَنْ قال فيه: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} [آل عِمرَان: 119]. وعِضُون جمعٌ، كقولِهِم: ثِبُون، وظِبُونَ في جمع ثُبَةٍ، وظُبَةٍ. ومن الأصْلِ العُضْوُ، والعِضْوُ، والتَّعْضِيَةُ: تَجْزئةُ الأعْضاءِ. وقد عَضَّيْتُهُ. قال الكِسائِيُّ: هو من العَضْو: أو مِن العَضْهِ، وهي شَجَرٌ. وأصْلُ عِضَةٍ في لُغَةٍ: عِضَهَةٌ، لقولِهِمْ: عُضَيْهَةٌ؛ وعِضَوَةٌ في لُغَةٍ، لقولِهِم: عِضَوان. ورُوِيَ: «لا تَعْضِيَةَ على أهل المِيراثِ»(20)، أي لا يُفَرَّقُ ما يكونُ تَفْريقُه ضَرَراً على الوَرَثَةِ، كَسَيْفٍيُكسَرُ بِنِصْفَيْنِ، ونحو ذلك.
عطف: العَطْفُ: يُقالُ في الشيءِ إذا ثُنِيَ أحَدُ طَرَفَيْهِ إلى الآخَر، كَعَطْفِ الغُصْنِ: إذا حَنَاهُ، وفي الوسادَةِ: إذا ثَنَاها، والحَبْلِ: إذا طَوَاهُ، ومنه قيلَ لِلرِّداءِ المَثْنِيِّ عِطافٌ. وعِطْفا الإنْسانِ: جانِباهُ مِنْ لَدُنْ رَأسِهِ إلى وَرِكَيْهِ، وهو الذي يمكِنُه أنْ يُلْقِيَهُ من بَدَنِهِ. ثنى عطفه: إذا أعْرَضَ وجَفا، نحوُ نَأَى بِجانِبِه، وصَعَّرَ خَدَّهُ، ونحوِ ذلك من الألفاظِ، قال تعالى {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحَجّ: 9]. ويُسْتَعارُ لِلمَيْلِ والشَّفَقَةِ إذا عُدِّيَ بِعَلَى. يُقالُ: عَطَفَ عليه، وثَناه عاطِفَةُ رَحِمٍ، وظَبْيَةٌ عاطِفَةٌ على ولَدِها، وناقَةٌ عَطوفٌ على ولدها. وإذا عُدِّيَ بعَنْ يكونُ على الضِّدِّ، نحوُ: عَطَفْتُ عَنْ فُلانٍ.
عطل: العَطَلُ: فُقْدانُ الزِّينَةِ والشُّغْلِ. يُقالُ: عَطِلتِ المرأةُ،فهي عُطُلٌ، وعاطِلٌ. ومنه: قَوْسٌ عُطُلٌ: لا وَتَرَ عليها. وعَطَّلَ المرأةَ زوجُها: نَزَعَ حُلِيَّها، وعَطَّلَ فلاناً من العَمَلِ، فَتَعَطَّلَ {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [الحَجّ: 45]. ويُقالُ لِمَنْ يَجْعَلُ العالَم بزَعْمِهِ فارِغاً عَنْ صانِعٍ أتقنه وزَيَّنَهُ: مُعَطِّلٌ. وعَطَّلَ الدَّارَ عَنْ ساكِنِها، والإِبلَ عَنْ راعِيها.
عطو: العَطْوُ: التَّناوُلُ. والمُعاطاةُ: المُناوَلَةُ. والإعطاءُ: الإنالَةُ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التّوبَة: 29]. واخْتَصَّ العَطِيَّةُ والعَطاءُ بالصِّلَةِ {هَذَا عَطَاؤُنَا} [ص: 39]، {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه: 50]، {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } [التّوبَة: 58]. أي مِنَ الصَّدَقاتِ؛ وأعْطَى البَعيرُ: انْقادَ، وأصْلُهُ: أنْ يُعْطيَ رَأسَه، فَلا يَتَأبَّى. وظَبْيٌ عُطْوٌ وعاطٍ: رَفَعَ رَأسَه لِتَناوُل الأوْراقِ.
عظم: العَظْمُ قَصَبُ الحيوانِ الذي عليه اللحم، جَمْعُهُ عِظامٌ. قال: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14] وقُرىءَ: عَظْماً. ومنه قيلَ: عَظَمَةُ الذِّراعِ، لِمُسْتَغْلَظِها. وتَعَظَّمَ: تكبَّرَ، وتعاظَمَ الرجلُ: أرى من نفسِهِ أنه عظيمٌ، ثم اسْتُعِيرَ لِكُلِّ كَبير، فأُجْرِيَ مَجْراهُ مَحْسُوساً كان أو مَعْقُولاً، عَيْناً أو مَعْنًى {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الأنعَام: 15]، {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } [ص: 67]، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } [النّبَإِ: 1-2]، {رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزّخرُف: 31]. والعَظِيمُ إذا اسْتُعْمِلَ في الأعْيانِ، فأصْلهُ أنْ يُقالَ في الأجْزاء المُتَّصِلَةِ، والكَثِيرُ يُقالُ في المُنْفَصِلَةِ، ثم قد يُقالُ في المُنْفَصِلِ: عَظِيمٌ، نحوُ: جَيْشٍ عَظِيمٍ، ومالٍ عظيمٍ، وذلك في مَعْنَى الكَثِير. والعَظِيمَةُ: النازِلَةُ الشديدةُ، وعظائِمُ الله (تعالى) ما عَظُمَ من معجزاتِهِ وأوامرِهِ، ومعظَمُ الشيء: أكثرُهُ، يُقالُ: «إنَّ لفُلان مَعَاظِمَ واجبة المراعاة» أي حُرَماً وحقوقاً مُسْتَعْظَمَةً.
عفر: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} [النَّمل: 39] العِفْريتُ مِنَ الجِنِّ هو العارِمُ الخَبِيثُ، العظيمُ الدهاء، ويُسْتَعارُ ذلك للإِنسانِ اسْتِعارَةَ الشَّيْطان له. يُقالُ: «رَجُلٌ عِفْريتٌ نِفْريتٌ» إتباع. قال ابنُ قُتَيْبَةَ: العِفْريتُ: المُوَثَّقُ الخَلْقِ، وأصْلُهُ من العَفْر، أي التُّرابِ. وعافَره: صارَعه، فألقاه على العَفْر. ورجلٌ عِفْرٌ، نحو شرٍّ وشِمْر. ولَيْثُ عِفِرِّينَ الأسد، أو دابَّةٌ تُشْبهُ الحِرْباءَ تَتَعَرَّضُ للرَّاكِبِ وتضربُهُ بذنبها، وقيلَ عِفْرِيَةُ الدِّيكِ، كناية عن ريش عنقِهِ.
عف: العِفَّةُ: حُصُولُ حالةٍ لِلنَّفْسِ تَمْتَنِعُ بها عن غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وتُغَلِّبُ طهارة الجسدِ والتَّبَتُّلِ؛ والمُتَعَفِّفُ: المُتَعاطِي لذلك بِضَرْبٍ مِنَ المُمارَسَةِ والقَهْر، وأصْلهُ الاقْتِصارُ على تَناوُلِ الشيءِ القليلِ الجارِي مَجْرَى العُفافَةِ والعُفَّةِ، أي البَقِيَّةِ من الشيءِ، أو مَجْرَى العَفْعَفِ، (وهو ثَمَرُ الطلح). والاسْتِعْفافُ: طَلَبُ العِفَّةِ، أَيْ الكَفُّ عَمَّا لا يَحِلُّ ولا يجْمُلُ قَوْلاً أَوْ فِعْلاً. قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النِّسَاء: 6]، و {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النُّور: 33].
عفو: العَفْوُ: القَصْدُ لِتَناوُلِ الشَّيْءِ، يُقالُ: عَفاه واعْتَفاهُ، أي قَصَدَهُ مُتَناوِلاً ما عِنْدَهُ. وعَفَتِ الرِّيحُ الدَّارَ: قَصَدَتْها مُتَناوِلَةً آثارَها، وبهذا النَّظَرِ، قالَ الشاعِرُ:
أخَذَ البِلَى آياتِها
وعَفَتِ الدَّارُ: كأنَّها قَصَدَتْ هي البِلَى. وعفا النَّبْتُ والشَّجَرُ: قَصَدَ تَناوُلَ الزِّيادَةِ، كقولِكَ: أخَذَ النَّبْتُ في الزِّيادَةِ. وعَفَوْتُ عنه: قَصَدْتُ إزالَةَ ذَنْبِهِ صَارِفاً عنه. فالمَفْعُولُ في الحقيقةِ مَتْرُوكٌ، وعَنْ: مُتَعَلِّقٌ بمُضْمَر. فالعَفْوُ هو التَّجافِي عَنِ الذَّنْبِ أو الإِعراضِ عَنِ العُقوبَةِ التي يَسْتَحِقُّها {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} [الشّورى: 40]، {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البَقَرَة: 237]، {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ} [البَقَرَة: 52]، {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} [التّوبَة: 66]، {فَاعْفُ عَنْهُمْ} [آل عِمرَان: 159]، وقولهُ: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعرَاف: 199] أي ما يَسْهُلُ قَصْدُهُ وتَناوُلُه. وقيل: معناه تَعاطي العَفْو عَنِ الناسِ. وقولهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البَقَرَة: 219] أي الفاضلَ عن الحاجةِ، والمعنى: أنفقُوا ما تيسَّرَ إنفاقُهُ لحاجاتِكم، وما فَضَلَ عنها فتصدَّقُوا به، فالعَفْوُ هنا ما يقدرُ على إِنفاقه بعد تأمينِ الحَاجَة. وقولهمُ: أعْطَى عَفْواً، فَعَفْواً مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ، أي أعْطَى، وحالهُ حالُ العافي، أي الطالبِ للفضلِ أو الرِّزقِ، أَوِ القاصِدِ للتَّناوُلِ إشارَةً إلى المَعْنَى الذي عُدَّ بَدِيعاً، وهو قولُ الشاعِر:
كأنَّكَ تُعْطِيهِ الذي أنْتَ سائِلُهُ
وقولهُمْ في الدُّعاء: أسألُكَ العَفْوَ والعافِيةَ، أي تَرْكَ العُقوبَةِ والسَّلامَةَ. ومن صفاتِهِ تبارَكَ وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } [النِّسَاء: 43]. وقولهُ (ص) : «وما أكَلَت العافِيةُ فَصَدَقَةٌ»(21) أي طُلاَّبُ الرِّزْقِ مِنْ طَيْرٍ ووَحْشٍ وإنْسانٍ، وقيل إنّ أصلَ العفوِ: التَّرْكُ، من قولِهِ تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ} [البَقَرَة: 178]، فَيَكونُ مَعْنى قولِهِ تَعالى في سُورَةِ الأَعرافِ: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعرَاف: 95] حتى تَرَكُوا.
عقب: العَقِبُ: مُؤَخَّرُ الرِّجْل. وقيلَ: عَقْبٌ، وجَمْعُهُ: أعْقابٌ. واسْتُعِيرَ العَقِبُ لِلْوَلَدِ، وَوَلَدِ الوَلَدِ. {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزّخرُف: 28] قيلَ هِيَ كلمةُ التّوحيدِ، وقيلَ هِيَ الإمامةُ. وعَقِبُ الشَّهْرِ: من قولِهِم، جاءَ في عَقِبِ الشَّهْر، أي آخِره. وجاءَ في عَقِبه، إذا بَقِيَتْ منه بَقِيَّةٌ. ورجَعَ على عَقِبه، إذا انْثَنَى راجِعاً على الطريقِ التي جاءَ منها سريعاً. {يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البَقَرَة: 143] نحوُ رَجَعَ على حافِرَتِهِ، ونحوُ: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا } [الكهف: 64]. وكذلك قولهم: رَجَعَ عَوْدُهُ على بَدْئِهِ. قال: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا} [الأنعَام: 71]، {انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عِمرَان: 144]، {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} [آل عِمرَان: 144]، {نَكَصَعَلَى عَقِبَيْهِ} [الأنفَال: 48]، {فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ } [المؤمنون: 66]. وعَقَبَهُ: إذا تلاه عَقْباً، نحوُ: دَبَرَهُ وقَفَاهُ. والعُقْبُ والعُقْبى بمعنى العاقِبَةِ والآخِرَةِ، يَخْتَصَّانِ بالثَّوابِ والجَزاءِ، نحوُ: {خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } [الكهف: 44]. قال تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبى الدَّارِ } [الرّعد: 22]. والعاقِبةُ إطْلاقُها يَخْتَصُّ بالثَّوابِ، نحوُ: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الأعرَاف: 128] قد تُسْتَعْمَلُ بالإضافة في العُقُوبَةِ، نحوُ: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا} [الرُّوم: 10]. وقولهُ تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ} [الحَشر: 17] يصحُّ أن يكونَ ذلك اسْتِعارَةً من ضِدِّهِ، كقولِهِ: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عِمرَان: 21]. والعُقُوبَةُ والمُعاقَبَةُ والعِقابُ تخْتَصُّ بالعَذابِ. قال: {فَحَقَّ عِقَابِ } [ص: 14]، {شَدِيدُ الْعِقَابِ } [البَقَرَة: 196]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النّحل: 126]، {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} [الحَجّ: 60]. والتَّعْقِيبُ: أنْ يَأتيَ بشيءٍ بَعْدَ آخَرَ. يُقالُ: عَقَّبَ فلانٌ في الصَّلاةِ: صَلَّى فمكثَ في موضعه لينتظرَ صَلاةَ أُخْرى، أو جَلَسَ بَعدَها لِدعاءٍ أو مَسْأَلَةٍ. قال: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [الرّعد: 11] أي ملائكةٌ يَتَعاقَبُونَ عليه حَافظينَ له. وقولهُ: {لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرّعد: 41] أَيْ لا أحَدَ يَتَعَقَّبُهُ، ويَبْحَثُ عَنْ فِعْلِهِ، والمَعْنى: لا رادَّ له، ولا ناقِضَ له؛ منْ قولِهمْ: عَقَّبَ الحاكِمُ على حُكْمِ مَنْ قَبْلَهُ، إذا تَتَبَّعَه. قال الشاعِرُ:
وما بَعْدَ حُكْمِ اللَّهِ تَعْقِيبُ
ويجوزُ أن يكونَ ذلك نَهْياً للنَّاسِ أنْ يَخُوضُوا في البَحْثِ عَنْ حُكْمِهِ وحِكْمَتهِ إذا خَفِيَتْ عليهِم، ويكونُ ذلك مِنْ نحو النَّهْي عَنِ الخَوْضِ في سِرِّ القَدَرِ. وقولهُ تعالى: {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النَّمل: 10] أي لم يَلْتَفِتْ ورَاءَه. والاعْتِقابُ: أن يَتَعاقَبَ شَيءٌ بَعْدَ آخَرَ، كاعْتِقابِ اللَّيل والنَّهارِ. ومنه العُقْبَةُ: أنْ يَتَعاقَبَ اثْنانِ على ركوبِ ظَهْر. وعُقْبَةُ الطَّائِر: صُعودُهُ وانْحِدَارُهُ. وأعْقَبَهُ كذا: إذا أوْرَثَهُ ذلك. {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا} [التّوبَة: 77] أي أَوْرَثَهُمْ بُخْلُهُم نِفاقاً. وفلانٌ لم يُعْقِبْ، أي لم يَتْرُكْ ولداً. وأعْقابُ الرجلِ: أوْلادُهُ. قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: لا يَدْخُلُ فيه أوْلادُ البِنْتِ لأنَّهُمْ لم يُعْقِبُوه بالنَّسَبِ. قال: وإذا كان له ذُرِّيَّةٌ فإنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فيها، وامرأةٌ مِعْقابٌ: تَلِدُ مَرَّةً ذكراً ومَرَّةً أُنْثَى. وعَقَبْتُ الرُّمْحَ: شَدَدْتُهُ بالعَقَبِ، نحوُ عَصَبْتُه: شَدَدْتُهُ بالعَصَبِ. والعَقَبَةُ: مَرْقىً وَعِرٌ في الجَبَلِ، والجَمْعُ: عِقابٌ وعَقَبات. والعُقابُ: سُمِّيَ لِتعاقُبِ جَرْيهِ في الصَّيْدِ، وبه شُبّهَ في الهَيْئَةِ الرايةُ، والحَجَرُ الذي على حافَتَيِ البِئْرِ، والخَيْطُ الذي في حَلَقِ القُرْطِ. واليَعْقُوبُ: ذَكَرُ الحَجَلِ، لما له من عُقبِ الجَرْيِ.
عقد: العَقْدُ: الجَمْعُ بَيْنَ أطْرافِ الشيءِ، ويُسْتَعْمَلُ ذلك في الأجْسامِ الصُّلْبَةِ، كَعَقْدِ الحَبْلِ، وعَقْدِ البِناءِ، ثم يُسْتَعارُ ذلك لِلمعانِي، نحوُ عَقْدِ البَيْعِ والعَهْدِ وغَيْرهما، فَيُقالُ: عاقَدُتْهُ وعَقَدُتهُ وتَعاقَدْنا وعَقَدْتُ يَمينَه، ومنه: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاء: 33] وقُرىءَ: عَاقَدَتْ أَيْمانُكمْ. وقال: {بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} [المَائدة: 89] وتفسيرُهُ: أنْ يُضْمِرَ الأمرَ ثمّ يحلفُ بالله تعالى، فَتُعْقَدُ عليه اليَمينُ. وقُرىءَ: بما عَقَدْتمُ الأَيْمانَ. ومنه قيلَ: لفُلانٍ عَقِيدَةٌ، وقيلَ لِلقِلادَةِ عِقْدٌ. والعَقْدُ: مَصْدَرٌ اسْتُعْمِلَ اسْماً فَجُمِعَ، نحوُ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المَائدة: 1] والعُقْدَةُ: اسْمٌ لما يُعْقَدُ من نِكاحٍ أو يَمِينٍ أو غَيْرهما {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البَقَرَة: 235] أي لا تَعْزِمُوا على عَقْدِ النِّكَاحِ حتَّى تَنْتَهي العُدَّةُ في الأَجَلِ. وعُقِدَ لِسانُه: احْتُبِسَ، وبِلِسانِهِ عُقْدَةٌ: أي في كلامهِ حَبْسَةٌ {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي } [طه: 27]. {النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } [الفَلَق: 4] جَمْعُ عُقْدَةٍ وهي ما تَعْقِدُه الساحِرَةُ، وأصْلُه من العَزِيمَةِ. ولذلك يُقالُ لَها عَزيمَةٌ، كما يُقالُ لَها عُقْدَةٌ. ومنه قيلَ لِلسَّاحِرِ مُعْقِدٌ، وله عُقْدَةُ مُلْك. ومنه العُقْدَةُ بمعنى الولاية على البلد، ومنه «هَلِكَ أهلُ العُقَدِ» أي أصحابُ الولايات على الأمصار.
عقـر: عُقْرُ الحَوْضِ والدَّارِ وغَيْرهِما: أصْلُها. ويُقالُ له: عَقْرٌ. وقالَ عَلِيُّ ابنُ أبي طالِبٍ رَضيَ اللَّهُ عنهُ: «ما غُزِيَ قَوْمٌ في عُقْرِ دارِهِمْ قَطُّ إلاَّ ذُلُّوا»، وقيلَ لِلْقَصْر: عُقْرَةٌ. وعَقَرْتُه: أصَبْتُ عُقْرَه، أي أصْلَه، نحوُ رَأَسْتُهُ. ومنه: عَقَرْتُ النَّخْلَ: قَطَعْتُهُ مِنْ أصْلِهِ. وعَقَرَ البَعِيرَ: نَحَرَهُ. وعَقَرَ الناقَةَ: حَصَدَ قوائِمِهَا بالسَّيْفِ، كما في قولِهِ تَعالى: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ} [هُود: 65]، و {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } [القَمَر: 29] ومنه اسْتُعِيرَ: سَرْجٌ مُعْقَرٌ، وكَلْبٌ عَقُورٌ. ورجُلٌ عاقِرٌ: لا يَلِدُ، وامْرَأةٌ عاقِرٌ: لا تَلِدُ، لأَنَّها تَقْطَعُ النَّسْلَ {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} [مَريَم: 5]، {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} [آل عِمرَان: 40] وقد عَقِرَتْ. والعُقْرُ: آخِرُ الوَلَدِ، وبَيْضَةُ العُقْرِ كذلك. والعُقارُ: الخَمْرُ، لمُعاقَرَتِها أيْ لمُلازَمْتِها الدَّنَّ أو كَوْنِها كالعاقِرِ للعَقْلِ. والمُعاقَرَةُ: إدْمانُ الشيء. وقولُهُم لِلقِطْعَةِ مِنَ الغَنَمِ: عُقْرٌ، فَتَشْبِيهٌ بالقَصْرِ، فقولُهم: رَفَعَ فُلانٌ عَقِيرَتَهُ، أي صَوْتَهُ، فذلك لِما رُوِيَ أنَّ رَجُلاً عُقِرَ رِجْلُهُ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ، فَصارَ ذلك مُسْتَعاراً لِلصَّوْتِ. والعَقاقِيرُ: أَخْلاطُ الأدْوِيَةِ، الواحِدُ: عَقَّارٌ.
عقل: العَقْلُ: «جوهَرٌ مجرَّدٌ عَنِ المادَّةِ بِهِ تُدرِكُ النفسُ العلومَ الضروريَّةَ والنَّظَرِيَّةَ ومقرُّهُ الدماغُ» أي بتعبيرٍ آخر: هو ما يُقالُ لِلقُوَّةِ المُتَهَيِّئَةِ لِقَبُولِ العِلْمِ، ويُقالُ لِلْعِلْمِ الذي يَسْتَفِيدُهُ الإنْسانُ بتلكَ القُوَّةِ: عَقْلٌ. وأصلُ العَقْلِ الإِمْساكُ والاستِمْسَاكُ كعَقْلِ البَعيرِ بالعِقالِ أي: بالحبلِ.
وإلى الأَوَّل أشارَ (ص) بقولهِ: «ما خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أكْرَمَ عليه مِنَ العَقْلِ»(22). وإلى الثاني أشارَ بقولهِ: «ما كَسَبَ أحَدٌ شيئاً أفْضَلَ مِنْ عَقْلٍ يَهْدِيه إلى هُدًى، أو يَرُدُّه عَنْ رَدًى»(23). وهذا العَقْلُ هو المَعْنِيُّ بقولهِ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ } [العَنكبوت: 43]. وكُلُّ مَوْضِعٍ ذَمَّ اللَّهُ الكُفَّارَ بِعَدَمِ العَقْلِ، فإِشارَةٌ إلى الثانِي دُونَ الأوَّلِ، نحوُ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [البَقَرَة: 171] وفي قوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحَجّ: 46]، «قلوبٌ يَعْقِلونَ بها» أي قلوبٌ بَصيرةٌ يربِطونَ بها على الحَقِّ، وهو من العِقال أي الحبل الذي يُربَطُ به لا من العقـلِ، الـذي هو إحدى القوى الكامِنَةِ في النَّفْسِ الإِنسَانيَّةِ، إذ إن العقلَ الذي يُفكِّرُ به الإِنسانُ مؤلفٌ من واقعٍ، وإحساسٍ بالواقع، ودماغٍ مميِّزٍ للواقِع، ومعلوماتٍ سابقةٍ يربطُ بها الواقعَ لِيفسِّرَهُ ويحكمَ به كما هو في حقيقتِهِ الظاهرة. وعَقَلَ لِسانَه: كَفَّه، ومنه قيلَ لِلحِصْنِ: المَعْقِلُ أي المَلْجَأُ، وجَمْعُه، مَعاقِلُ. وباعْتِبارِ عَقْلِ البَعِير قيلَ: عَقَلْتُ المَقْتُولَ: أعْطَيْتُ دِيته. وقيلَ: أصْلُه أنْ تُعْقَلَ الإِبلُ بِفَناءِ ولِيِّ الدَّمِ. وقيلَ: بَلْ بِعَقْلِ الدَّمِ أنْ يُسْفَكَ، ثم سُمِّيَتِ الدّيَةُ بَأيِّ شيءٍ كان عَقْلاً. وسُمِّيَ المُلْتَزمُونَ له: عاقِلَةً. وعَقَلْتُ عنه: نُبْتُ عنه في إعْطاءِ الدِّيَةِ. والمَعْقُلَةُ: الغُرمُ. يقال «صارَ دمُهُ مَعْقُلَةً على قومِهِ». والعَقِيلَةُ من الدُّرِّ وغَيْرها: التي تُعْقَلُ، أي تُحْرَسُ وتُمْنَعُ، ومن النساء الكريمةُ المُخَدَّرَةُ. والمَعْقِلُ: جَبَلٌ أو حِصْنٌ يُعْتَقَلُ به. والعُقْلَةُ ما يُعْقَلُ به كالقيدِ أو الغِلال.
عقم: أصْلُ العُقْمِ: اليُبْسُ المانِعُ من قَبُولِ الأثَر، يُقالُ: عَقِمَتْ مفاصِلُهُ، أي يبست، ودَاءٌ عُقامٌ: لا يَقْبَلُ البُرْءَ. والعَقِيمُ مِن النِّساء: التي لا تَقْبَلُ ماءَ الرجل. يُقالُ: عَقِمَتِ المرأةُ والرَّحِمُ {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [الذّاريَات: 29]. ورِيحٌ عَقِيمٌ: يَصِحُّ أن يكونَ بِمَعْنَى الفاعِلِ، وهي التي لا تُلْقِحُ سَحاباً، ولا شَجَراً. ويصحُّ أن يكونَ بِمَعْنَى المَفْعولِ، كالعَجُوزِ العَقِيمِ، وهي التي لا تَقْبَلُ أثَرَ الخَيْر، وإذا لم تَقْبَلْ ولم تَتَأثَّرْ لم تُعْطِ، ولم تُؤَثِّرْ. قال تعالى: {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } [الذّاريَات: 41]. ويومٌ عَقِيمٌ: لا هواءَ فيه فهو شديدُ الحَرِّ.
عكف: العكُوفُ: الإِقْبالُ على الشَّيْءِ ومُلازَمَتُهُ على سَبِيلِ التَّعْظِيمِ له. والاعْتِكافُ في الشَّرْعِ: هو الاحْتِباسُ في المَسْجِدِ على سَبِيلِ القُرْبَةِ. ويُقالُ: عَكَفْتُهُ على كذا، أي حَبَسْتُهُ عليه، لذلك قالَ: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحَجّ: 25]، أي العاكِفُ على الصَّلاةِ والعبادة {وَالْعَاكِفِينَ} [البَقَرَة: 125]، {فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } [الشُّعَرَاء: 71]، {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعرَاف: 138]، {ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} [طه: 97]، {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البَقَرَة: 187]، وقوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} [الفَتْح: 25] أي مَحْبوساً مَمْنوعاً.
علـق: العَلَقُ: التَّشَبُّثُ بالشَّيْءِ. يُقالُ: عَلِقَ الصَّيْدُ في الحُبالَةِ، وأعْلَقَ الصائِدُ: إذا عَلِقَ الصَّيْدُ في حُبالَتِه. والمِعْلَقُ والمِعْلاقُ: ما يُعَلَّقُ به، وعِلاقَةُ السَّوْطِ، كذلك. وعَلَقُ القِرْبَةِ، كذلك. وعَلَقُ البَكَرَةِ: آلاتُها التي تَتَعَلَّقُ بها، ومنه العُلْقَةُ، لِما يُتَمَسَّكُ به. وعَلِقَ دَمُ فُلانٍ بِزَيْدٍ: إذا كان زيْدٌ قاتِلَه. والعَلَقُ: دُودٌ يَتَعلَّقُ بالحَلْقِ. والعَلَقُ: الدَّمُ الجامِدُ، ومنه العَلَقَةُ التي يكونُ منها الولَدُ {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [العَلق: 2]، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ} [المؤمنون: 12]. إلى قوله {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} [المؤمنون: 14] والعِلْقُ: الشَّيْءُ النَّفِيسُ الذي يَتَعَلَّقُ به صاحِبُه، فلا يَفْرُجُ عنه. والعَليقُ: ما عُلِّقَ على الدَّابَّةِ من القَضِيمِ، والعَليقَةُ: مَرْكُوبٌ يَبْعَثُها الإِنْسانُ مَعَ غَيْرِهِ، فَيَعْلَقُ أمْرُهُ. قال الشاعِرُ:
أرْسَلَها عَليقَةً وقد عَلِمْ أنَّ العَليقاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
والعَلُوقُ: لا تُحِبُّ غيرَ زوجِها، فَتَعْلَقُ به. وقيلَ لِلمَنِيَّةِ: عَلُوقٌ. والعَلْقَى: نَبْتٌ تُتَّخَذُ منه المكانِسُ. وعَلِقَتِ المرأةُ: حَبِلَتْ، ورجُلٌ مِعْلاقٌ: يَتَعَلَّقُ بِخَصْمِهِ.
علم: العِلْمُ: إدْراكُ الشَّيْءِ بِحَقِيقَتِه، وذلك نوعانِ: أحَدُهما: إدْراكُ ذاتِ الشَّيْءِ. والآخَرُ: الحُكْمُ على الشَّيْءِ بِوُجُودِ شَيْءٍ هو مَوْجُودٌ له، أو نَفْيِ شَيْءٍ هو مَنْفيٌّ عنه. فالأوَّلُ: هو المُتَعَدِّي إلى مَفْعولٍ واحِدٍ، نحوُ: {لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفَال: 60] والثانِي المُتَعَدِّي إلى مَفْعولَيْنِ، نحوُ {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [المُمتَحنَة: 10]. وقوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لاَ عِلْمَ لَنَا} [المَائدة: 109] إشارَةٌ إلى أنَّ عُقولَهُمْ طاشَتْ. والعِلْمُ مِنْ وجْهٍ نوعان: نَظَريٌّ وعَمَلِيٌّ، فالنَّظَريُّ: ما إذا عُلِمَ فقد كَمَلَ، نحوُ العِلْمِ بِمَوْجُوداتِ العالم. والعَمَليُّ: ما لا يَتِمُّ إلاَّ بأنْ يَعْمَلَ، كالعِلْمِ بالعِباداتِ. ومن وجْهٍ آخَرَ نوعان: عَقْلِيٌّ وسَمْعِيٌّ. وأعْلَمْتُهُ وعَلَّمْتُه في الأصْلِ واحِدٌ إلاَّ أنَّ الإعْلامَ اخْتَصَّ بما كانَ بإخْبارٍ سَرِيعٍ، والتَّعْلِيمَ اخْتَصَّ بما يكونُ بتَكْرِيرٍ وتَكْثِيرٍ، حتى يَحْصُلَ منه أثَرٌ في نَفْسِ المُتَعَلِّمِ. قال بَعْضُهُم: التَّعْلِيمُ تَنْبِيهُ النَّفْسِ لِتَصَوُّرِ المَعانِي، والتَّعَلُّمُ تَنَبُّهُ النَّفْسِ لِتَصَوُّرِ ذلك. وربما اسْتُعْمِلَ في مَعْنَى الإِعْلامِ إذا كان فيه تَكْرِيرٌ نحوُ: {أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} [الحُجرَات: 16]، فَمِنَ التَّعْلِيمِ قولهُ: {الرَّحْمَانُ *عَلَّمَ الْقُرْآنَ } [الرَّحمن: 1-2]، {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ } [العَلق: 4]، {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} [الأنعَام: 91]، {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النَّمل: 16]، {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البَقَرَة: 129] ونحوُ ذلك. وقولهُ: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البَقَرَة: 31] فَتَعْلِيمُهُ الأسْماءَ هو أنْ جَعَلَ له قُوَّةً بها نَطَقَ، وَوَضَعَ أسْماءَ الأشْياءِ، وذلك بإلقائِهِ في رُوِعه، وكَتَعْلِيمِهِ الحَيواناتِ كُلَّ واحِدٍ منها فعلاً يَتَعاطاهُ، وصَوْتاً يَتَحَرَّاهُ. قال: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } [الكهف: 65]، {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا } [الكهف: 66] قيلَ عَنَى به العِلْمَ الخاصَّ الخَفِيَّ على البَشَرِ الذي يَرَوْنَه ما لم يُعَرِّفْهُمُ اللَّهُ مُنْكَراً، بِدَلالَةِ ما رَآهُ مُوسَى منه لَمَّا تَبِعَه فأنكَرَهُ حتى عَرَّفَه سَبَبَه. قيلَ: وعلى هذا العِلْمُ في قولهِ: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النَّمل: 40]. وقولهُ تعالى: {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجَادلة: 11] فَتَنْبيهٌ منه تعالى على تَفاوُتِ مَنازِلِ العُلُومِ وتَفاوُتِ أرْبابِها. وأما قولهُ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يُوسُف: 76] فَعَلِيمٌ: يَصِحُّ أن يكونَ إشارةً إلى الإِنسانِ بمفرده أو الجماعة بأسرها، ويكونُ تَخْصِيصُ لَفْظِ العَلِيمِ الذي هو لِلْمُبالَغَةِ تنبيهاً أنه بالإِضافة إلى الأوَّلِ عَلِيمٌ، وإنْ لم يكنْ بالإضافَةِ إلى مَنْ فَوْقَه كذلك. ويَجُوزُ أنْ يكونَ قولهُ (عَلِيمٌ) عِبارةً عن اللَّهِ تعالى، وإنْ جاءَ لَفْظُهُ مُنَكَّراً إذا كانَ المَوْصُوفُ في الحَقِيقَةِ بالعَلِيم هو تبارَكَ وتعالى. {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ } [الدّخان: 14] أي هُوَ مُعَلَّمٌ يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ، وهُوَ مَجْنونٌ بادِّعَائِهِ النُبُوَّةَ. وقولهُ: {عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } [المَائدة: 109] فيه إشارَةٌ إلى أنه لا يَخْفَى عليه خافِيةٌ، وقولهُ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجنّ: 26-27] فيه إشارَةٌ أنَّ للَّهِ تعالى عِلْماً يَخُصُّ به أولِياءَه، والعالِمُ في وصْفِ اللَّهِ: هو الذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ، كما قال: {لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } [الحَاقَّة: 18] وذلك لا يَصِحُّ إلا في وصْفِه تعالى. والعَلَمُ: الأثَرُ الذي يَعْلَمُ به الشيءَ، كعَلَمِ الطَّريقِ، وعَلَمِ الجَيْشِ. وسُمِّيَ الجَبَلُ عَلَماً لذلك، وجَمْعهُ: أعْلامٌ. وقُرىءَ: وإنه لَعَلَمٌ لِلساعَةِ. وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ } [الشّورى: 32] وفي أخْرَى {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ } [الرَّحمن: 24]. والشَّقُّ في الشَّفَةِ العُلْيا: عَلَمٌ. وعَلَمُ الثَّوْبِ. ويقالُ: فُلانٌ عَلَمٌ، أي مَشْهُورٌ يُشَبَّهُ بِعَلَمِ الجَيْشِ. وأعْلَمْتُ كذا: جَعَلْتُ له عَلَماً. ومَعالِمُ الطَّرِيقِ والدِّينِ، الْواحِدُ مَعْلَمٌ. وفُلانٌ مَعْلَمٌ للخير. والعُلاَّمُ: الحِنَّاءُ، وهو منه. والعالَمُ: اسْمٌ لِلفَلَكِ وما يَحْوِيه مِنْ الأجسام والأشياء، وهو في الأصْلِ اسمٌ لِما يُعْلَمُ به، كالطابَعِ والخاتَمِ، لِما يُطْبَعُ به ويُخْتَمُ به. وجُعِلَ بِناؤهُ على هذه الصِّيغَةِ لكونِهِ كالآلَةِ. والعالَمُ: آلَةٌ في الدلالَةِ على صانِعِهِ. ولهذا أحالَنا تعالى عليه في مَعْرفَةِ وحْدَانِيَّتِه، فقالَ: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعرَاف: 185] وأمَّا جَمْعُهُ فَلأَنَّ كُلِّ نَوْعٍ من هذه قد يُسَمَّى عالَماً، فيقالُ: عالَمُ الإنْسانِ، وعالَمُ الماءِ، وعالَمُ النارِ، وأيضاً قد رُوِي: «إنَّ للَّهِ بِضْعَةَ عَشَرَ ألْفَ عالَمٍ»(24). وأما جَمْعهُ جَمْعَ السلامَةِ، فَلِكَوْنِ النَّاسِ في جُمْلَتِهِمْ، والإنْسانُ إذا شارَكَ غَيْرَه في اللَّفْظِ غَلَبَ حُكْمُه، وقيلَ: إنما جُمِعَ هذا الجمعَ لأنه عُنِيَ به أصْنافُ الخَلائِقِ مِنَ المَلائِكَةِ والجِنِّ والإنْسِ دُونَ غَيْرها، وقد رُوِيَ هذا عن ابنِ عَباسٍ. وقال جعْفَرُ بن محمدٍ: عُنِيَ به النَّاسُ، وجُعِلَ كُلُّ واحد منهم عالَماً، وقال: العالَمُ عالَمانِ: الكَبِيرُ وهو الفَلَكُ بما فيه، والصَّغيرُ: وهو الإنْسانُ، لأنه مَخْلُوقٌ على هَيْئَةِ العالَمِ، أو بِتَنَاسُقٍ مَعَهُ، وقد أوجَدَ اللَّهُ تعالى فيه كُلَّ ما هو مَوْجُودٌ في العَالَمِ الكَبِير. قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الفَاتِحَة: 2]. وقولهُ تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البَقَرَة: 47] قيلَ: أرادَ عَالَمِي زمانِهم، وقيلَ: أرادَ فُضَلاءَ زمانِهم الذينَ يَجْرِي كُلُّ واحِدٍ منهم مَجْرَى كُلِّ عالَمٍ، لِما أعْطاهُمْ ومَكَّنَهم منه. وتَسْمِيَتُهم بذلك، كَتَسْمِيَةِ إبراهيمَ (ع) بأمَّةٍ في قولهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النّحل: 120]. وقولهُ: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} [الحِجر: 70] قَـالَ قَـوْمُهُ: أَوَ لَمْ نَنْهَكَ يا لوُط أَنْ تُجِيرَ أَحَداً أوْ تُضَيِّفَ أَحَداً.
علن: العَلانِيةُ: ضِدُّ السِّرِّ، وأكْثَرُ ما يُقالُ ذلك في المَعاني، دُونَ الأعْيانِ. يُقالُ: عَلَنَ الأمرُ: بانَ وشَاعَ، وأعْلَنْتُه أنا. {أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا } [نُوح: 9] أي سِرّاً وعَلانِيَةً. وقال: {مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } [النَّمل: 74]. وعُلْوانُ الكِتابِ: عنوانُهُ، ويصحُّ أنْ يكونَ مِنْ عَلَنَ اعْتِباراً بِظُهُورِ المَعْنَى الذي فيه، لا بظُهُورِ ذاتِه.
علو: العُلْوِ: ضدُّ السُّفْلِ. والعُلْوِيُّ والسُّفْلِيُّ: المَنْسُوبُ إليهما. والعُلُوُّ: الارْتفاعُ. وقد عَلا يَعْلُو عُلْواً: ارتَفَعَ فهو عالٍ. وعَلِي يَعْلَى عَلاً وعلاءً، فهو عَليٌّ. فَعَلا بِالْفَتْحِ في الأمْكِنَةِ والأجْسامِ أكْثَرُ {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} [الإنسَان: 21]. وقيلَ إنَّ عَلا يُقالُ في المَحْمُودِ والمَذْمُومِ، وعَليَ لا يُقالُ إلاَّ في المَحْمُودِ {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ} [القَصَص: 4]، {لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ } [يُونس: 83] و {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ } [المؤمنون: 46]، وقال لإِبْلِيسَ: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ } [ص: 75]، {لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} [القَصَص: 83]، {وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91]، {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا } [الإسرَاء: 4]، {وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النَّمل: 14]. والعَلِيُّ: هو الرَّفِيعُ القَـدْرِ، مـن عَلِـيَ، وإذا وُصِـفَ اللَّهُ تعالى به في قولهِ: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } [سَبَإ: 23]، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } [النِّسَاء: 34] فَمَعْناهُ يَعْلُو أنْ يُحِيطَ به وَصْفُ الواصِفِينَ، بَلْ عِلْمُ العارِفِينَ. وعلى ذلك يُقالُ: «تعالَى» نحوُ: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [النَّمل: 63] وتخصيصُ لَفْظِ التَّفاعُلِ لِمُبالَغَةِ ذلكَ مِنهُ، لا على سَبِيلِ التَّكَلُّفِ كما يَكونُ مِنَ البَشَرِ. وقال عزَّ وجلَّ: {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا } [الإسرَاء: 43] فقولهُ «عُلُوّاً» ليسَ بِمَصْدَرِ «تعالَى» كما أنَّ قولهَ «نَباتاً» في قولهِ : {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا } [نُوح: 17] و «تَبْتِيلاً» في قولهِ: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } [المُزّمل: 8] كذلك. والأعْلَى: الأشْرَفُ {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى } [النَّازعَات: 24]. والاسْتِعْلاءُ: قد يكونُ طَلَبَ العُلُوِّ المَذْمُومِ، وقد يكونُ طَلَبَ العَلاءِ، أي الرِّفْعَةِ. وقولهُ: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى } [طه: 64] يَحْتَمِلُ الأمْرَيْنِ جميعاً. وأما قولهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [الأعلى: 1] فَمَعْناهُ: أعْلَى مِنْ أنْ يُقاسَ به، أو يُعْتَبَرَ بغَيْرهِ. وقولهُ: {وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى } [طه: 4] فَجَمْعُ تأنيثِ الأعْلَى. والمَعْنَى: هي الأشْرَفُ والأفْضَلُ، بالإضافَةِ إلى هذا العالَمِ، كما قال: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا } [النَّازعَات: 27]. وقولهُ: {لَفِي عِلِّيِّينَ } [المطفّفِين: 18] فقد قيلَ: هو اسْمُ أشْرَفِ الجِنانِ، كما أنَّ «سِجِّيناً» اسْمُ شَرِّ النِّيرانِ، وقيلَ: بَلْ ذلك في الحَقِيقَةِ اسْمُ سُكَّانِها، وهذا أقْرَبُ في العَرَبِيَّةِ إذ كان هذا الجمعُ يَخْتَصُّ بالناطِقِينَ. قال: والواحِدُ، عِلِّيٌّ ومَعْناهُ: أن الأبْرارَ في جُمْلَةِ هؤلاءِ، فيكونُ ذلك كقولهِ: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [النِّسَاء: 69]. وباعتِبارِ العُلُوِّ قيلَ لِلْمَكانِ المُشْرِفِ وللشَّرَفِ: العَلْياءُ. والعُلِّيَّةُ: تَصْغِيرُ عالِيَةٍ، فَصـارَ في التَّعارُفِ اسْماً لِلغُرْفَةِ. وتعالَى النهارُ: ارْتَفَعَ. وعالِيَةُ الرُّمُحِ: ما دُونَ السِّنانِ، جَمْعُها: عَوالٍ. وعالِيَةُ المَدِينَةِ، ومنه قيلَ: بُعِثَ إلى أهْلِ العَوالِي، وكانت قرىً بظاهر المدينة المنوَّرة، ونُسِبَ إلى العالِيَةِ فقيلَ: عُلْويٌّ، والعَلاةُ: السَّنْدانُ حَدِيداً كان أو حَجَراً. ويُقالُ: العُليَّةُ للغُرْفَةِ، وجَمْعُها: عَلالِي، وهي فَعالِيلُ. والعِلْيانُ: البَعِيرُ الضَّخْمُ. والعِلاوَةُ: أعلى الرأس، ومن كلِّ شيءٍ ما زادَ عليه، ولذلك قيلَ للرَّأسِ والعُنُقِ عِلاوَةٌ، ولِما يُحْمَلُ فَوْقَ الأحْمالِ: عِلاوَةٌ. وقيلَ: عُلاوَةُ الشيءِ: أَرْفَعُهُ، نقيضُ سَفالَتِهِ. واعْلُ عَنِّي: أي ارْتَفِعْ، وتَعالَ: قيلَ أصْلُه أنْ يُدْعَى الإِنْسانُ إلى مَكانٍ مُرْتَفِعٍ، ثم جُعِلَ لِلدُّعاءِ إلى كُلِّ مَكانٍ. قال بعضهُم: أصْلهُ من العُلُوِّ، وهو ارْتِفاعُ المَنْزِلَة، فكأنه دَعا إلى ما فيه رِفْعَةٌ، كقولِكَ: افْعَلْ كذا غَيْرَ صاغِرٍ، تَشْرِيفاً لِلمَقُولِ له. وعلى ذلك قال: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا} [آل عِمرَان: 61]، {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عِمرَان: 64]، {تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [النِّسَاء: 61]، {أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ} [النَّمل: 31]، {تَعَالَوْا أَتْلُ} [الأنعَام: 151]. وتَعَلَّى تَعَلِّياً: ذَهَبَ صُعُداً، يُقالُ: عَلَّيْتُه فَتَعَلَّى، والمريضُ من عِلَّتِهِ: شُفِيَ منها. وعَلَى: حَرْفُ جَرٍّ، وقد يُوضَعُ مَوْضِعَ الاسْمِ بمعنى (فوق) كما في قولِهِ تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ} [الإنسَان: 21] أو في قولهم: غَدَتْ مِنْ عليه، ومنه: عليك زيداً أي الزَمْهُ ولا تفارِقْهُ، وعليك بالشيء: استمسك بِهِ.
عمد: العَمْدُ: قَصْدُ الشيءِ، والاسْتِنادُ إليه، أو الفعلُ الذي يُبْنَى على عِلْمٍ أو زَعْمٍ؛ والعِمادُ: ما يُعْتَمَدُ، ومنه الأبنيةُ الرفيعةُ {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفَجر: 7] أي الذي كانُوا يَعْتَمِدُونَهُ، يُقالُ: عَمَّدْتُ الشيءَ، إذا أسْنَدْتَه، وعَمَّدْتُ الحائِطَ مِثْلُه. والعَمُـودُ: مـا يقومُ عليه البيتُ وغيرُهُ، ومنه الخَشَبُ الذي تَعْتَمِدُ عليه الخَيْمةُ، وجَمْعُه: عُمُدٌ وعَمَدٌ {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ } [الهُمَزة: 9]، وقُرِىءَ: في عُمُدٍ {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [لقمَان: 10]. إذ لو كان لها عمَدٌ لرأيتموها لأنها تكون أجساماً عظاماً حتى تقوى على تحمُّل السماوات. وقيل إنّ المراد: بغير عمدٍ مرئية ولكن لها عمد لا ترونها. والعمد: خِلافُ السَّهْو، وهو المَقْصُودُ بالنِّيَّةِ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا} [النِّسَاء: 93] أي قاصِداً قتلَهُ {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزَاب: 5]. وقيلَ: فُلانٌ رَفِيعُ العِمادِ: أي شريفٌ، لأنَّه يرفع عماد خبائه؛ والعُمْدَةُ: كُلُّ ما يُعْتَمَدُ عليه، يقال: فلانٌ عُمدتُنا عند الشَّدائِدِ، ومنه العُمْدَةُ عندَ المَصريّينَ لِشَيخِ البَلَدِ، وذلك لاعْتِمادِهِمْ عليهِ في مصالحهم، وجَمْعُها: عُمُدٌ. وقُرىءَ في عُمُدٍ. والعَمِيدُ: السَّيِّدُ الذي يَعْمُدُه الناسُ، وعميدُ القومِ: سيّدُهُم الذي يَعمَدونَ إليه في الحاجات. والقَلْبُ الذي يَعْمُدُه الحُزْنُ، والسَّقيمُ الذي يَعْمُدُه السُّقْمُ. وقد عَمَدَ، إذا تَوَجَّعَ من حُزْنٍ أو غَضَبٍ أو سُقْمٍ. وعَمِدَ البَعِيرُ: تَوَجَّعَ مِنْ عَقْرِ ظَهْرِهِ.
عمر: العِمارَةُ: نَقِيضُ الخَرابِ. يُقالُ: عَمَرَ الدارَ، يَعْمُرُها عِمارَةً. والاسم: العَمَارة، قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} [التّوبَة: 19] أيْ أَجَعَلْتُمْ مُلازَمَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ كَمَنْ آمَنَ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ وجَاهَدَ في سبيلِ اللَّهِ، لا يَستوونَ عندَ اللَّهِ في الفَضْلِ. يُقالُ: عَمَّرْتُه فَعَمَرَ، فهو مَعْمُورٌ {وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} [الرُّوم: 9]، {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ } [الطُّور: 4]. وأعْمَرْتُه الأرضَ، واسْتَعْمَرْتُه: إذا فَوَّضْتَ إليه العِمارَةَ. {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هُود: 61] أي جعلكم عُمَّارَ الأرضِ بأنْ مكَّنَكُمْ من عِمارتِها. وقيل معناه: وأطالَ فيها أعمارَكُمْ. والعَمْرُ والعُمُرُ اسْمٌ لِمُدَّةِ عِمارَة البَدَنِ بالحَياةِ، فهو دُونَ البَقاءِ، فإِذا قيل: طالَ عُمُرُه، فَمَعْناهُ عِمارَةُ بَدَنِه برُوحِه، وإذا قيلَ: بَقاؤُه فليسَ يَقْتَضِي ذلك. فإِنَّ البَقاء ضِدُّ الفَناءِ. قال تعالى: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [يُونس: 16]، أي فقد مَكَثتُ، وأَقَمْتُ بينَكُمْ دَهْراً طويلاً مِنْ قَبْلِ إِنزالِ القرآنِ، فلمْ أقْرأْ عليكم شيئاً ولا ادّعَيْتُ نُبُوَّةً حتى أَكْرَمني اللَّهُ تعالى بِهِ، أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ فيه بِعقُولِكُمْ؟! وقال: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ} [فَاطِر: 37]، {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلاَ يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فَاطِر: 11]، {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} [البَقَرَة: 96]، {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] و {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [القَصَص: 45]، {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } [الشُّعَرَاء: 18]. والعُمُرُ والعَمْرُ واحِدٌ، لكنْ خُصَّ القَسَمُ بالعَمْر دُونَ العُمُر، نحوُ {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ} [الحِجر: 72]. وهو القَسَمُ من رب العالمين بحياة النبيِّ محمد (ص) تصديقاً لتشريفِهِ عند خالقِهِ وباعثِهِ؛ والاعْتِمارُ والعُمْرَةُ: الزيارَةُ التي فيها عِمارَةُ الوُدِّ، وجُعِلَ في الشَّريعَةِ لِلْقَصْدِ المَخْصُوصِ بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البَقَرَة: 196]. وقولهُ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التّوبَة: 18] إمّا مِنَ العِمارَةِ التي هي حَفْظُ البِناءِ، أو مِنَ العُمْرَةِ التي هي الزيارَةُ، أو مِنْ قولهِم: عَمَرْتُ بِمَكانِ كذا، أي أقَمْتُ به، لأنه يُقالُ: عَمَرْتُ المكانَ، وعَمَرْتُ بالمَكانِ. والمَعْمَرُ: المَسْكَنُ ما دام عامِراً بِسُكَّانِهِ. والعَرَمْرَمَةُ: صَخْبٌ يَدُلُّ على عِمارَةِ المَوْضِعِ بِأرْبابِهِ. والعُمْرَى في العَطِيَّةِ: أنْ تَجْعَلَ له شيئاً مُدَّةَ عُمُركَ أو عُمُرهِ، كالرُّقْبَى. وفي تَخْصِيصِ لَفْظِهِ تنبيهٌ أنَّ ذلك شيءٌ مُعارٌ. والعَمْرُ: لحمُ اللِّثَةِ الذي يُعْمَرُ به ما بَيْنَ الأسْنانِ، وجَمْعُه: عُمُورٌ. وأمُّ عمرو: كنيةُ الضبع، وأبو عَمْرَةَ: كنية الجوع، وأبو عَمْرَةَ: الإفلاسُ.
عمق: {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } [الحَجّ: 27] أي بَعِيدٍ، وأصْلُ العُمْقِ: البُعْدُ سُفْلاً، يُقالُ: حوضٌ عميقٌ وبِئرٌ عميقةٌ، إذا كانَتْ بَعِيدَةَ القَعْر.
عمل: عَمِلَ الرجلُ يعمَلُ عَمَلاً: مَهَنَ وصَنَعَ، والعَمَلُ: كُلُّ فِعْلٍ يَكونُ بِقَصْدٍ، أي مصحوباً بنيَّةٍ، فهو أخَصُّ من الفِعْلِ، لأنَّ الفِعْلَ قد يُنْسَبُ إلى الحَيوانـاتِ التـي يَقَعُ منها فِعْلٌ بِغَيْر قَصْدٍ مِثْلُ: رَفَسَ البَغْلُ الطِّفْلَ فَشَجَّ رأسَـهُ؛ وقـد يُنْسَبُ إلى الجَماداتِ، فنقول: وَقَعَ الجدارُ على السَّيّارةِ فَهَشَّمَها. ولم يُسْتَعْمَلِ العَمَلُ في الحَيواناتِ إلاَّ في قولِهم: البَقَرُ العَوامِلُ. والعَمَلُ يُسْتَعْمَلُ في الأعْمالِ الصَّالحةِ والسَّيِّئةِ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البَقَرَة: 277]، {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ} [النِّسَاء: 124]، {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النِّسَاء: 123]، {وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ} [التّحْريم: 11]، {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هُود: 46]، {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [فَاطِر: 10]. وقولهُ تعالى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التّوبَة: 60] هُمُ المُتَوَلُّونَ على الصَّدَقَةِ. والعَمالَةُ: أَجْرُ العمل.
عم: العَمُّ؛ أخُو الأبِ، والعَمَّةُ: أخْتُه {أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ} [النُّور: 61]. ورجُلٌ مُعِمٌّ: مُخْوِلٌ، واسْتَعَمَّ عَمّاً، وتَعَمَّمَه: أي اتَّخَذَه عَمّاً. وأصْلُ ذلك من العُمومَ وهو الشُّمُولُ، وذلك باعْتِبارِ الكَثْرَةِ. ويُقالُ: عَمَّهُم كذا، وعَمَّهُم بكذا، عَمّاً وعُمُوماً. والعامَّةُ: سُمُّوا بذلك لِكَثْرَتِهِمْ وعُمُومِهِم في البَلَدِ، والعِمامَةُ: واحدةُ العَمَائِمِ، فقيلَ: تَعَمَّمَ، نحوُ تَقَنَّعَ وتَقَمَّصَ، وعَمَّمْتُه. وكُنِّيَ بذلك عن السِّيادَةِ. وشاةٌ مُعَمَّمَةٌ: مُبْيَضَّةُ الرأسِ، كأنَّ عليها عِمامَةً، نحوُ مُقَنَّعَةٍ ومُخَمَّرَةٍ. قال الشاعِرُ:
يا عامرَ بنَ مالكٍ يا عَمَّا أفْنَيْتَ عَمّاً وجَبَرْتَ عَمَّا
أي: يا عَمَّاهُ، سَلَبْتَ قَوْماً وأعْطَيْت قَوْماً. وقولهُ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } [النّبَإِ: 1] أي عن أي شَيْءٍ يَتَساءلون؟
عمه: العَمَهُ: التَّرَدُّدُ في الأمْر من التَّحَيُّر، يُقالُ: عَمَهَ فهو عَمِهٌ وعامِهٌ، وجَمْعُه: عُمَّهٌ {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [البَقَرَة: 15]، {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } [النَّمل: 4].
عمى: العَمَى: يُقالُ في افْتِقادِ البَصَرِ والبَصِيرَةِ، ويُقالُ في الأوَّلِ أعْمَى، وفي الثاني أعْمَى وعَمٍ. وعلى الأوَّلِ قولهُ: {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى } [عَبَسَ: 2] وعلى الثاني ما ورَدَ مِنْ ذَمِّ العَمَى في القرآنِ نحوُ قولهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البَقَرَة: 18]، وقولهِ: {فَعَمُوا وَصَمُّوا} [المَائدة: 71] بَلْ لم يَعُدَّ افْتقادَ البَصَر في جَنْبِ افْتقادِ البَصِيرَةِ عَمًى، كما قال: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } [الحَجّ: 46] وعلى هذا قولهُ: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101]، وقال: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} [النُّور: 61] وجَمْعُ أعْمَى: عُمْيٌ وعُمْيانٌ. قال: {بُكْمٌ عُمْيٌ} [البَقَرَة: 171]، {صُمًّا وَعُمْيَاناً } [الفُرقان: 73]. وقولهُ: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً } [الإسرَاء: 72] فالأوَّلُ اسْمُ الفاعِلِ، والثانِي، قيلَ: هو مِثْلُه، وقيلَ: هو أفْعَلُ مِنْ كذا الذي للتفضِيلِ، لأنَّ ذلـك مِـنْ فُقْـدانِ البَصِيـرَةِ ويصـحُّ أن يقـالَ فيـه: مـا أفْعَلَـه، وهـو أفْعَلُ مِنْ كذا. ومنهم مَنْ حَمَلَ قولَه تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى} [الإسرَاء: 72] على عَمَى البَصِيرَةِ. والثانِي على عَمَى البَصَرِ، وإلى هذا ذَهَبَ أبُو عَمْرو فأَمَالَ الأولَى لَمَّا كان مِنْ عَمَى القَلْبِ، وتَرَكَ الإمالَةَ في الثاني لَمَّا كان اسْماً. والاسْمُ أبْعَدُ مِنَ الإمالَةِ. قال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [فُصّلَت: 44]، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ } [الأعرَاف: 64]. وقوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه: 124]، {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسرَاء: 97] فَيَحْتَمِلُ عَمَى البَصَرِ والبَصِيرَةِ جَمِيعاً. وعَمِيَ عليه، أي اشْتَبَهَ حتَّى صَارَ بالإضافَةِ إليه كالأعْمَى. قال: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ} [القَصَص: 66]، {وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} [هُود: 28]. والعَماءُ: السَّحابُ المرتفِعُ، والعَمَاءَةُ: الغِوايَةُ. والعَمِيَّةُ: الجَهْلُ والضَّلالُ، والمَعامي: الأَغْفَالُ أو المَجاهِلُ مِنَ الأرضِ التي لا أثَرَ بها.
عنب: العِنَبُ: يُقالُ لِثَمرةِ الكَرْمِ، وللكَرْمِ نَفْسِه. الواحِدَةُ: عِنَبَةٌ، وجَمْعُه: أعْنابٌ {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ} [النّحل: 67]، {جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} [الإسرَاء: 91]، {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} [الأنعَام: 99]، {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا } [النّبَإِ: 32]، {وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُوناً} [عَبَسَ: 28-29]، {جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} [الكهف: 32]. والعِنَبَةُ: بُثْرَةٌ على هَيْئَتِهِ.
عنت: المُعانَتَةُ: كالمُعانَدَةِ، لَكِنِ المُعانَتَةُ أبْلَغُ لأَّنَّها مُعانَدَةٌ فيها خَوْفٌ وهَلاكٌ، ولهذا يُقالُ: عَنَتَ فُلانٌ، إذا وَقَعَ في أمْرٍ يُخافُ منه التَّلَفُ. يَعْنُتُ عَنَتاً. {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النِّسَاء: 25]، {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عِمرَان: 118]، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التّوبَة: 128]، وقوله: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] أي ذَلَّتْ وخَضَعَت، ومنه {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأََعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البَقَرَة: 220]. ويُقالُ للْعَظْمِ المَجْبُورِ، إذا أصابَهُ ألَمٌ فَهاضَهُ أي كَسَرهُ بَعْدَ الجُبورِ: وقد أعْنَتَهُ؛ لأنَّ العَنَتَ لِقاءُ الأَذَى والشِّدَّةِ.
عند: عِنْدَ: لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لِلْقُرْبِ، فَتارَةً يُسْتَعْمَلُ في المَكانِ، وتارَةً في الاعْتقادِ، نحوُ أنْ يُقالَ: عِنْدِي كذا، وتارَةً في الزُّلْفَى والمَنْزِلَةِ، وعلى ذلك قولهُ: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عِمرَان: 169]، {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [الأعرَاف: 206]، {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [فُصّلَت: 38]، {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التّحْريم: 11]، وعلى هذا النَّحْوِ قيلَ: المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ عِنْدَ اللَّهِ. قال: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الشّورى: 36]. وقولهُ: {عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمَان: 34]، {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } [الرّعد: 43] أي في حُكْمِه. وقولهُ: {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [النُّور: 13]، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } [النُّور: 15] وقولهُ تعالى: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} [الأنفَال: 32] فَمَعْنَاهُ في حُكْمِهِ. والعَنِيدُ: المُعْجَبُ بما عِنْدَه. والمُعانِدُ: المُباهِي بما عِنْدَه.
قال تعالى: {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } [ق: 24]، {إِنَّهُ كَانَ لآِيَاتِنَا عَنِيدًا } [المدَّثِّر: 16]. والعَنُودُ: قيلَ مِثْلُه، لكن بَيْنَهُما فَرْقٌ، لأنَّ العَنِيدَ: الذي يُعانِدُ ويُخالِفُ، والعَنُودُ: الذي يَعْنُدُ عَنِ القَصْدِ. ويُقالُ: بَعِيرٌ عَنُودٌ، ولا يُقالُ: عَنِيدٌ. وأما العُنَّدُ، فَجَمْعُ عانِدٍ. وجَمْعُ العَنُودِ: عَنَدَةٌ، وجَمْعُ العَنِيدِ: عِندٌ. وقال بعضُهم: العُنُودُ هو العُدُولُ عن الطريق، لكن العَنُودُ خُصَّ بالعادِلِ عن الطريقِ المَحْسُوسِ، والعَنِيدُ بالعادِلِ عن الطريقِ في الحُكْمِ. وعَنَدَ عن الطريقِ: عَدَلَ عنه. وقيلَ: عانَدَ: لازَمَ، وعانَدَ: فارَقَ. وكِلاهُما مِنْ «عَنَدَ» لكن باعْتِبارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. كقولِهم: البَيْنُ في الوَصْلِ والهَجْرِ باعْتِبارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
عنق: العُنُقُ: الجارِحَةُ، وجَمْعُه أعْناق {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسرَاء: 13]، {مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ } [ص: 33]، {إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [غَافر: 71]. وقولهُ تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفَال: 12] أي رُؤوسَهُم، ومنه: رجُلٌ أعْنَقُ: طَويلُ العُنُقِ، وامرأةٌ عَنْقاءُ، وكَلْبٌ أعْنَقُ: في عُنُقِه بَياضٌ. وأعْنَقْتُه كذا: جَعَلْتُه في عُنُقِه. ومنه اسْتُعِيرَ: اعْتَنَقَ الأمْرَ، أي أَخَذَهُ بحدِّهِ ولَزِمَهُ، وتَعَانَقا: عانَقَ أحدُهما الآخرَ، وهو خاصٌّ بالمَحَبَّة، واعْتَنَقا: جعلَ كلٌّ منهما يدَهُ على عُنُقِ الآخَرِ، وهو خاصٌّ بالحرب والكراهية ونحوِهِما، والعُنُقُ والعُنْقُ: ما بين الرأس والبدن، وقيلَ لأشْرافِ القومِ أعْناقٌ، وعلى هذا قولهُ: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [الشُّعَرَاء: 4].
عن: عَنْ: يَقْتَضي مُجاوزَةَ ما أُضيفَ إليه، تَقُولُ: حَدَّثْتُكَ عن فُلانٍ، وأطْعَمْتُه عَنْ جُوعٍ. قال أبُو محمدٍ البَصْرِيُّ: عَنْ: يُسْتَعْمَلُ أعَمَّ مِنْ على، لأنه يُسْتَعْمَلُ في الجِهاتِ السِّتِّ، ولذلك وقَعَ مَوْقِعَ على في قولِ الشاعِر:
إذا رَضِيَتْ عَليَّ بَنُو قُشَيْرٍ
قال: ولو قُلْتَ أطْعَمْتُه على جُوعٍ، وكَسَوْتُه على عُرْيٍ لَصَحَّ.
عنى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111] أي خَضَعَتْ مُسْتَأسِرَةً بِعَناءٍ. يقالُ: عَنَيْتُهُ بكذا، أي أنْصَبْتُهُ. وعَنِي: نَصَبَ واسْتَأْسَرَ، ومنه: العاني: للأَسير. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «اسْتَوْصُوا بالنّساءِ خَيْراً فإنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوانٍ»(25) .وعُنِيَ بحاجَتهِ، فهو مَعْنِيٌّ بها. وقيلَ: عُنِيَ، فَهو عانٍ، وقُرىءَ: «لكُلِّ امْرىءٍ منهم يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُعْنِيهِ». وفي الآي الكريم جاءَ لفظها {شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عَبَسَ: 37]. والعَنِيَّةُ: شيءٌ يُطْلَى به البَعِيرُ الأجْرَبُ. وفي الأمْثالِ: «العَنِيَّةُ تَشْفِي الجَرَبَ»، والمَعْنَى: يكون لإِظْهارِ ما تَضَمَّنَهُ اللَّفْظُ، منْ قَوْلِهِمْ: عَنَتِ الأرضُ بالنَّباتِ: أَنْبَتَتْهُ حَسَناً، وعَنَتِ القرْبَةُ بماءٍ كثيرٍ: أظْهَرَتْ ماءَها.
عهد: العَهْدُ: حِفْظُ الشيءِ ومُراعاتُهُ حالاً بَعْدَ حالٍ. وسُمِّيَ المَوْثِقُ الذي يَلْزَمُ مُراعاتُهُ عَهْداً {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } [الإسرَاء: 34] أي أوفُوا بحِفْظِ الأَيْمانِ. قال: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البَقَرَة: 124] أي لا أجْعَلُ عَهْدِي لِمَنْ كان ظالِماً. قال: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التّوبَة: 111]. وعَهِدَ فُلانٌ إلى فُلانٍ، يَعْهَدُ: أي ألْقَى إليه العَهْدَ، وأوصاهُ بحِفْظِهِ {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ} [طه: 115]، {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} [يس: 60]، {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} [آل عِمرَان: 183]، {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البَقَرَة: 125]. وعَهْدُ اللَّهِ تارَةً يكونُ بما رَكَزَهُ في عُقُولِنا، وتارَةً يكونُ بما أمَرَنا به بالكِتابِ وبالسُّنَّةِ رُسُلُهُ، وتارَةً بما نَلْتَزِمُهُ. وليسَ بلازِمٍ في أصْلِ الشَّرْعِ كالنُّذُورِ وما يَجْرِي مَجْراها. وعلى هذا قولهُ: {ومِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التّوبَة: 75]، {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البَقَرَة: 100]، {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} [الأحزَاب: 15]. والمُعاهِدُ، في عُرْفِ الشَّرْعِ، يَخْتَصُّ بمَنْ يَدْخُلُ من الكُفَّارِ في عَهْدِ المُسْلِمينَ، وكذلك ذُو العَهْدِ. قال (ص) : «لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكافِرٍ، ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِه»(26). وباعتبارِ الحِفْظِ، قيلَ للوَثِيقَةِ بَيْنَ المتُعَاقِدَيْنِ: عُهْدَةٌ، وقولُهم في هذا الأمْر: عُهْدَةٌ، لِما أمِرَ به أن يُسْتَوْثَقَ منه، وللتَّفَقُّدِ: قيلَ لِلمَطَر عَهْدٌ وعِهادَةٌ. وقريةٌ عَهِيدَةٌ: أي قديمةٌ أتى عليها عَهدٌ طويلٌ.
عهن: العِهْنُ: الصُّوف المَصْبوغُ {كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ } [القَارعَة: 5] كالصوف الأحمر المندوف. وتَخْصِيصُ العِهْنِ لما فيه من اللَّوْنِ، كما ذُكِرَ في قولهِ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ } [الرَّحمن: 37]. ورَمَى بالكلامِ على عَواهِنِهِ: أي أوْرَدَهُ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ ورَوِيَّةٍ، وذلك كقولِهِمْ: أَوْرَدَ كلامَهُ غيرَ مُفَسَّرٍ.
عوج: العَوَجُ (بالفَتْح) يكونُ في الخِلْقَة؛ والعِوَجُ (بالكسرِ) يكون في الطّريق، وفي الدّين، قولُهُ تعالى: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزُّمَر: 28]، {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا } [الكهف: 1]، {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعرَاف: 45] أي يُعْرِضُونَ عن الطّريقِ الذي دَلَّ اللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى عليه، ويَصْرِفونَ الناسَ عنهُ، ويُعظِّمونَ ما لم يُعَظِّمْهُ اللَّهُ العليُّ العظيمُ.
عود: العَوْدُ: الرُّجُوعُ إلى الشيءِ بَعْدَ الانْصِرافِ عنه إمّا انْصِرافاً بالذاتِ أو بالقولِ والعَزيمَةِ. قال: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعَام: 28]، {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المَائدة: 95]، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الرُّوم: 27]، {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البَقَرَة: 275]، {وَإِنْ عُدْتُّمْ عُدْنَا} [الإسرَاء: 8]، {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفَال: 19]، {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعرَاف: 88]، {فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } [المؤمنون: 107]، {إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ} [الأعرَاف: 89]، {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} [الأعرَاف: 89] وقولهُ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجَادلة: 3] (ثم يَعُودُونَ لِما قالوا)، يُحْمَلُ على فِعْلِ ما حَلَفَ له أن لا يَفْعَلَ، وذلك كقولِكَ: فلانٌ حَلَـفَ ثـم عـادَ، إذا فَعَلَ ما حَلَفَ عليه. قال الأخفشُ: قولهُ: لِما قالوا، مُتَعَلِّقٌ بقولهِ: فَتَحْريرُ رَقَبَةٍ. وهذا يُقَوِّي القَوْلَ الأخِيرَ. قال: ولُزومُ هذه الكَفَّارَةِ إذا حَنِثَ، كَلُزومِ الكَفَّارَةِ المُبَيَّنَةِ في الْحَلْفِ باللَّهِ والحِنْثِ في قولهِ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المَائدة: 89]. وإعادَةُ الشيءِ كالحَدِيثِ وغَيْرِهِ: تَكْريرُه {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُوْلَى } [طه: 21]، {أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ} [الكهف: 20]. والعادَةُ: اسْمٌ لتَكْرير الفِعْلِ والانْفِعالِ حتى يَصِيرَ ذلك سَهْلاً تَعاطِيهِ كالطَّبْعِ، ولذلك قيلَ: العـادَةُ طَبِيعَـةٌ ثانِيَـةٌ. والعِيدُ: ما يُعاوِدُ مَرَّةً بَعْدَ أخْرَى، وخُصَّ في الشَّريعَةِ عند المسلمينَ بِيَوْمٍ الفِطْر ويومِ النَّحْر. ولَمَّا كان ذلك اليومُ مَجْعُولاً لِلسُّرُورِ فـي الشَّريعةِ كما نَبَّهَ النبيُّ (ص) بقولِهِ: «أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وبِعالٍ»(27)، صارَ يُسْتَعْمَلُ العيدُ في كُلِّ يومٍ فيه مَسَرَّةٌ، وعلى ذلك قولهُ تعالى: {أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا} [المَائدة: 114] والعِيـدُ: كُـلُّ حالَةٍ تُعاوِدُ الإِنْسانَ. والعائِدَةُ: كُلُّ نَفْعٍ يَرْجِعُ إلى الإِنْسانِ من شيءٍ ما. والمَعادُ: يُقالُ للعَوْدِ وللزَّمانِ الذي يَعودُ فيه، وقد يكونُ للمكانِ الذي يعودُ إليه. {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القَصَص: 85] قيلَ: أرادَ به مَكَّةَ. العَوْدُ: البَعِيرُ المُسِنُّ اعْتِباراً بِمُعاوَدَتِه السَّيْرَ والعَمَلَ، أو بِمُعاوَدَةِ السِّنِينَ إيَّاهُ، وعَوْدِ سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ عليه. فعلَى الأوَّلِ يكونُ بِمَعْنَى الفاعِلِ، وعلى الثاني بِمَعْنَى المَفْعولِ. والعَوْدُ: الطريقُ القَديمُ الذي يَعودُ إليه السَّفَرُ. ومِنَ العَوْدِ: عِيادَةُ المَريض. والعِيدِيَّةُ: إبِـلٌ مَنْسُوبَةٌ إلى فَحْلٍ يُقالُ له عِيدٌ. والعُودُ: قيلَ هو في الأصْلِ الخَشَبُ الـذي مـن شأنِـه أنْ يَعُودَ إذا قُطِعَ، وقد خُصَّ بالمِزْهَر المَعْرُوفِ، وبالذي يُتَبَخَّرُ به.
عوذ: العَوْذُ: الالْتجاءُ إلى الغَيْر، والتَّعَلُّقُ به. يُقالُ: عاذَ فُلانٌ بِفُلانٍ. قال تعالى: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [البَقَرَة: 67]، {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ } [الدّخان: 20]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } [الفَلَق: 1]، {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ} [مَريَم: 18] وأَعَذْتُهُ باللَّهِ، أُعِيذُهُ، ومنه قوله {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ} [آل عِمرَان: 36]، وقولهُ: {مَعَاذَ اللَّهِ} [يُوسُف: 23] أي نَلْتَجِىءُ إليه ونَسْتَنْصِرُ به أنْ نَفْعَلَ ذلك، فإنّ ذلك سُوءٌ نَتَحاشَى مِنْ تَعاطيهِ. والعُوذَةُ: ما يُعاذُ بهِ مِنَ الشَّيْءِ. ومنهُ قِيلَ للتَّمِيمَةِ والرُّقْيَةِ عُوذَةٌ، وعَوَّذَهُ: إذا وقاهُ. وكُلُّ أُنْثَى وضَعَتْ، فهي عائِذٌ إلى سَبْعَةِ أيَّامٍ.
عور: العَوْرَةُ: سَوْأَةُ الإِنسانِ، وذلك كِنايَةٌ، وأصْلُها مِنَ العارِ، وذلك لِما يَلْحَقُ في ظُهورِها منَ العارِ أي المَذَمَّةِ، ولذلك سُمِّيَ النِّساءُ عَوْرَةً. ومِنْ ذلك: العَوْراءُ: لِلْكَلِمَةِ القَبِيحَةِ. وعَوَرَتْ عَيْنُهُ عَوَراً، وعَارَتْ عَيْنُهُ عَوَراً، وعَوَّرْتُها. وعنه اسْتُعِيرَ: عَوَّرْتُ البِئْرَ. وقيلَ لِلغُرابِ: الأعْوَرُ، لِحدَّةِ نَظَرِهِ، وذلك على عَكْسِ المَعْنَى. ولذلك قال الشاعِرُ:
وصِحاحُ العُيونِ يُدْعَوْنَ عُورا
والعَوارُ والعَوْرَةُ: شَقٌّ في الشَّيْءِ كالثَّوْبِ والبَيْتِ ونحوهِ. قالَ تَعالى على لِسان المنافقينَ يَومَ الأحزابِ: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا } [الأحزَاب: 13] أي مُتَخَرِّقَةٌ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ أرادَها، ومنه قيلَ: فُلانٌ يَحْفَظُ عَوْرَتَه، أي سوأَتَهُ، أو كُلَّ عضْوٍ يَسْتُرُهُ مِنْ أَعْضائِهِ حَياءً مِنْ كَشْفِهِ. وقوله: {ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النُّور: 58] أي نِصْـفُ النَّهارِ، وآخرُ اللَّيلِ، وبَعْدَ العِشاءِ الآخِرَةِ. وقولهُ: {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النُّور: 31] أي لم يَبْلُغُوا الحُلُمَ. وسَهْمٌ عائِرٌ: لا يُـدْرَى راميـهِ، «وعليـه مِنَ المَالِ عائرَةُ عَيْنَينِ»، أي ما يَعُورُ العَيْنَ، ويُحَيِّرُها لِكَثْرتِه. والمُعاوَرَةُ: قيلَ في مَعْنَى الاسْتِعارةِ. والعارِيَّةُ: فِعْلِيَّةُ من استعارَ الشيءَ أيضاً. ولهذا يُقالُ: تَعاوَرَه العَوارِي. وقال بعضُهم: هو مِنَ العارِ لأنَّ دَفْعَها يُورِثُ المَذَمَّةَ، والعارُ ـ كما قيلَ في المَثَلِ ـ إنه قيلَ للعارِيَّةِ أيْنَ تَذْهَبينَ؟ فقالَتْ أجْلِبُ إلى أهْلي مَذَمَّةً وعاراً. وقيلَ: هذا لا يصحُّ مِنْ حيثُ الاشْتِقاقُ، فإنَّ العارِيَّةَ مِنَ الواوِ، بدَلالَةِ تَعاوَرْنا، والعارُ من الياءِ، لقولِهِمْ: عَيَّرْتُهُ بِكَذا.
عـوق: العَائِقُ: الصَّارِفُ عَمَّا يُرادُ مِنْ خَيْر، ومنه: عَوائِقُ الدَّهْر. يقالُ: عاقَهُ وعَوَّقَهُ واعْتَاقَهُ. {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ} [الأحزَاب: 18] أي المُثَبِّطينَ الصارِفينَ عن طَريقِ الخَيْرِ. ورَجُلٌ عَوْقٌ وعَوْقَةٌ يَعوقُ النَّاسَ عَنِ الخَيْرِ. ويَعوقُ: اسْمُ صَنَمٍ.
عول: عالَه وغالَه: يَتَقارَبانِ. الغَوْلُ: يُقالُ فيما يُهْلِكُ، والعَوْلُ: فيما يُثْقِلُ. يُقالُ: ما عالَكَ فهو عائِلٌ لي، وَعَالَ الرَّجُلُ يَعُولُ عَوْلاً، أي مالَ وجارَ عنِ الحَقِّ. قالَ أبُو طالبٍ:
بِميزانِ صِدْقٍ لا يَفِلُّ شَعيرةً لَهُ شاهِدٌ مِنْ نفسِهِ غيرُ عائِلِ
وَعَالَ صَبْرُهُ، وعِيلَ صَبْرُهُ (بصيغة المجهول) ثَكِلَتْهُ أمُّهُ. وعَوَّلَ الرَّجُلُ، وأَعْوَلَ الرَّجُلُ: رَفعَ صوتَهُ بالبكاءِ والصِّياحِ ومنه العَويلُ. والعِوَلُ اسْمٌ بمعنَى الاتِّكالِ والاستعانةِ والاعتمادِ. {ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا } [النِّسَاء: 3]، أي أَقْرَبُ ألاَّ تَمِيلُوا ولا تَجُورُوا. والتَّعْوِيلُ: الاعْتِمادُ على الغَيْر فيما يَثْقُلُ، ومنه: العَوْلُ: وهو ما يَثْقُلُ مِنَ المُصِيبَةِ، فَيُقالُ وَيْلَهُ وعَوْلَهُ. ونَصْبُهُ على الدُّعاءِ والذَّمِّ ومِنهُ العِيالُ: الواحِدُ: عيِّلٌ، لما فيه من الثِّقَلِ. وَعَالَهُ: تَحَمَّلَ ثِقَلَ مُؤْنَتِهِ، ومنه قولُهُ عليه وعلى آله الصلاة والسَّلامُ: «ابْدَأ بنَفسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ»(28) وأَعالَ الرَّجُلُ، إذا كَثُرَتْ عِيالُهُ.
عوم: العامُ: كالسَّنَةِ، لَكِنْ كَثِيراً ما تُسْتَعْمَلُ السَّنَةُ في الحَوْلِ الذي يكونُ فيه الشِّدَّةُ أو الجَدْبُ، ولهذا يُعَبَّرُ عن الجَدْبِ بالسَّنَةِ، والعامُ فيما فيه الرَّخاءُ والخِصْبُ. قال تعالى: {عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصِرُونَ } [يُوسُف: 49]، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا} [العَنكبوت: 14]. والعَوْمُ: السِّباحَةُ، وقيلَ سُمِّيَ: السَّنَةُ عاماً لعَوْمِ الشَّمسِ في جَمِيعِ بُرُوجِها. ويَدُلُّ على مَعْنَى العَوْمِ قولهُ {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [يس: 40].
عون: العَوْنُ: المُعاونَةُ والمُظاهَرَةُ: يُقالُ: فُلانٌ عَوْني أي مُعِيني، وقد أعَنْتُهُ. قال تعالى: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} [الكهف: 95]، {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفُرقان: 4]. والتَّعاوُنُ: التَّظاهُرُ {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المَائدة: 2]. والاسْتِعانةُ: طَلَبُ العَوْنِ {اسْتَعِيْنُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [البَقَرَة: 153]. والعَوانُ: النَّصَفُ في سِنِّها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وجُعِلَ كِنايَةً عن المُسِنَّةِ منَ النِّساءِ، اعْتِباراً بِنَحْو قولِ الشَّاعِرِ:
فإِنْ أتَوْكَ فَقالُوا إنها نَصَفٌ فإنَّ أمْثَلَ نِصْفَيْها الذي ذَهَبا
قال: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البَقَرَة: 68] أيْ هيَ وَسَطٌ بَيْنَ الصَّغيرةِ والكَبِيرَةِ، واسْتُعِيرَ لِلْحَرْبِ التي قد تكَرَّرَتْ وقَدُمَتْ، وقيلَ: العَوانَةُ: لِلنَّخْلَةِ القَدِيمَةِ. والعانَةُ: قَطِيعٌ من حُمُرِ الوَحْشِ، وجُمِعَ على عاناتٍ وعُونٍ. وعانَةُ الرَّجُلِ: شَعرُهُ النابِتُ على فَرْجِه. وتَصْغِيرُه: عُوَيْنَةٌ.
عيب: العَيْبُ والعابُ: الأمْرُ الذي يَصِيرُ به الشَّيْءُ عَيْبَةً، أي مَقَرّاً للنَّقْصِ. وعِبْتُه: جَعَلْتُهُ مَعِيباً إمّا بالفِعْلِ كما قالَ: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] وأما بالقولِ، وذلك إذا ذَمَمْتَهُ نحوُ قولِكَ: عِبْتُ فُلاناً. والعَيْبَةُ: ما يُسْتَرُ فيه الشَّيْءُ، ومنهُ قولُهُ عليه وعلى آله الصلاة والسَّلامُ: «الأنصارُ كَرِشِي وعَيْبَتِي» أي جَمَاعَتي ومَوْضِعُ سِرِّي.
عير: العِيرُ: القَوْمُ الذينَ مَعَهُمْ أحْمالُ المِيرَةِ، وذلك اسْمٌ للرِّجالِ والجِمالِ الحامِلَةِ للْمِيرةِ، وإن كان قد يُسْتَعْمَلُ في كُلِّ واحِدٍ من دُونِ الآخَر {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} [يُوسُف: 94]، {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } [يُوسُف: 70]، {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يُوسُف: 82]. والعَيْرُ: يقالُ للحِمارِ الوَحْشِيِّ، وللنَّاشِزِ على ظَهْر القَدَمِ، ولإِنْسانِ العَيْنِ، ولِما تَحْتَ غُضْرُوفِ الأُذُنِ، ولِما يَعْلُو المَاءَ من الغُثاءِ، ولِلْوَتِدِ، ولحَرْفِ النَّصْلِ في وَسَطِهِ، فإنْ يَكُنِ اسْتِعْمالُهُ في كُلِّ ذلك صَحِيحاً فَفي مُناسَبَةِ بَعْضِها لبَعْضٍ منه تَعَسُّفٌ. والعِيارُ: تَقْدِيرُ المِكْيالِ والمِيزانِ، ومنه قيلَ: عَيَّرْتُ الدَّنانِيرَ. وعَيَّرْتُهُ: ذَمَمْتُهُ، مِنَ العارِ. وقولهُم: تَعايَر بَنُو فُلانٍ، قيلَ: مَعْناهُ تَذاكَرُوا العارَ، أو عَيَّرَ بعضُهم بعضاً وقيلَ: تَعاطَوْا العِيارَةَ، أي فِعْلَ العَيْرِ في الانْفلاتِ والتَّخْلِيَةِ. ومنها عارَتِ الدَّابَّةُ تَعِيرُ، إذا انْفَلَتَتْ. وقيلَ: فُلانُ عَيَّارٌ، لمن يتردَّدُ بلا عمل.
عيش: العَيْشُ: الحَياةُ المُخْتَصَّةُ بالحَيَوانِ والإِنسَانِ. قولُهُ تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزّخرُف: 32] أَيْ قَسَمْنَا بينهُم الرِّزقَ في الحياةِ الدُّنيا. {مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 124] والمعيشَةُ: ما نعيشُ بِهِ أيْ ما نَسْتَهْلِكُهُ مِنَ مَطْعَمٍ وَمَشْرَبٍ. وجمعها معَايشَ {لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [الأعرَاف: 10]، {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [الحِجر: 20]. وقال في أهْلِ الجَنَّةِ: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ } [الحَاقَّة: 21]. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسَّلامُ: «لا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرةِ»(29).
عيل: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التّوبَة: 28] أي فَقْراً وحاجة، وكانوا قد خافوا من أن يُمنع المشركون من دخول الحرم فتبور تجارتهم. فقال الله سبحانه وتعالى {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التّوبَة: 28]. ويُقالُ: عالَ الرَّجُلُ يَعِيلُ عَيْلَةً إذا افْتَقَرَ، فهو عائِلٌ، وأعَالَ الرجُلُ وأَعْوَلَ وأَعْيَلَ إذا كَثُرَتْ عِيَالُهُ. وقوله: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى } [الضّحى: 8] أي أزالَ عَنْكَ فَقْرَ اليد، وجَعَلَ لَك الغِنَى الأكْبَرَ المَعْنِيَّ بقولهِ (ص): «الغِنَى غِنَى النَّفْسِ»(30). وقيلَ: ما عالَ مُقْتَصِدٌ، وقيلَ: ووجَدَكَ فَقِيراً إلى رَحْمَةِ اللَّهِ وعَفْوه فأَغْناكَ بِمَغْفِرَتِه لَكَ ما تَقَّدَمَ مِنْ ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ.
عين: العَيْنُ: الجارِحَةُ وَهِيَ عُضْوُ حاسَّةِ البَصَرِ {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المَائدة: 45]، {لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66]، {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التّوبَة: 92]، {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} [القَصَص: 9]، {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} [القَصَص: 13]. ويُقالُ لِذِي العَيْنِ: عَيْنٌ، ولِلمُراعِي للشَّيْءِ: عَيْنٌ. وفُلانٌ بِعَيْني، أي أَحْفَظُهُ وأُراعِيهِ. كقولِكَ: هو بِمَرأَى مِنِّي ومَسْمَعٍ. قال: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطُّور: 48]، {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القَمَر: 14]، {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } [هُود: 37] أي بِحَيْثُ نَرَى ونَحْفَظُ. {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي } [طه: 39] أي بِكلاءَتي وحِفْظي، ومنه: عَيْنُ اللَّهِ عليكَ، أي كُنْتَ فيحِفْظِ اللهِ ورِعايَتِهِ. وقيلَ: جَعَلَ حَفَظَتَهُ وجُنُودَهُ مِنَ الملائكةِ يَحْفَظُونَهُ، وجَمْعُه: أعْيُنٌ وعُيونٌ {وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} [هُود: 31]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفُرقان: 74] أي أهل طاعة تقرّ به أعيننا بالصلاح في الدنيا وفي الآخرة بالجنة. وأما قوله تعالى: {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزَاب: 19] أي العين التي يقرب صاحبها من حال الموت وتغشاه أسبابه فيذهب عقله ويشخص بصره فلا يطرف. ويُسْتَعارُ العَيْنُ لِمَعَانٍ هِيَ مَوْجُودَةٌ في الجَارِحَةِ بِنَظَراتٍ مُخْتَلِفَةٍ، واسْتُعِيرَ لِلثُّقْبِ في المِزادَةِ، تشبيهاً بها في الهَيْئَةِ، وفي سَيَلانِ الماءِ منها، فاشْتُقَّ منها: سِقاءٌ عَيِّنٌ، ومَعِينٌ، إذا سالَ منها الماءُ. وقولُهم: عَيِّنْ قِربَتَكَ، أي صُبَّ فيها ما يَنْسَدُّ بسَيَلانِهِ آثارُ خَرْزِهِ. وقيلَ لِلمُتَجَسِّسِ: عَيْنٌ، تشبيهاً بها في نَظَرِها، وذلك كما تُسَمَّى المرأةُ فرْجاً، والمَرْكُوبُ ظَهْراً، فَيُقالُ: فُلانٌ يَمْلِكُ كذا فَرْجاً وكذا ظَهْراً لَمَّا كان المَقْصُودُ منهما العُضْوَيْنِ. وقيلَ لِلذَّهَبِ: عَيْنٌ، تَشْبيهاً بها في كَوْنِها أفْضَلَ الجَواهِرِ، كما أنَّ هذه الجارِحَةَ أفْضَلُ الجَوارِحِ. ومنه قيلَ: أعْيانُ القومِ لأفاضِلِهِمْ: وأعْيانُ الإِخْوَةِ لِبَني أبٍ وأمٍّ. قال بعضُهم: العَيْنُ إذا اسْتُعْمِلَ في مَعْنَى ذاتِ الشيْء، فَيُقالُ: كُلُّ مالِهِ عَيْنٌ، فكاستِعْمالِ الرَّقَبَةِ في المَمالِيكِ، وتَسْمِيَةِ النِّساءِ بالفَرْجِ، مِنْ حَيْثُ إنه هو المَقْصُودُ مِنْهُنَّ، ويُقالُ لِمَنْبَعِ الماءِ: عَيْنٌ، تشبيهاً بِها لما فيها مِنَ الماءِ. ومِنْ عَيْنِ الماءِ اشْتُقَّ: ماءٌ مَعِينٌ، أي ظاهِرٌ لِلعُيُونِ. وعَيِّنٌ: أي سائِلٌ. {عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً } [الإنسَان: 18]، {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} [القَمَر: 12]، {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ } [الرَّحمن: 50]، {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } [الرَّحمن: 66]، {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سَبَإ: 12]، {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [الحِجر: 45]، {مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [الشُّعَرَاء: 57]، {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ} [الشُّعَرَاء: 147-148]. وعِنْتُ الرَّجُلَ: أصَبْتُ عَيْنَهُ، نحوُ رَأَسْتُهُ وفَأدْتُهُ. وعِنْتُهُ: أصَبْتُهُ بِعَيْني، نحوُ سِفْتُهُ أصَبْتُهُ بِسَيْفي، وذلك أنَّهُ يُجْعَلُ تَارَةً من الجَارِحَةِ المَضْرُوبَةِ نحوُ: رَأَسْتُهُ وفَأَدْتُهُ، وتَارَةً من الجارِحَةِ التي هي آلَةٌ في الضَّرْبِ، فَيَجْري مَجْرَى سِفْتُهُ ورَمَحْتُهُ، وعلى نحوهِ في المَعْنَيَيْنِ قولهُم: يَدَيْتُ فإِنَّهُ يُقالُ إذا أصَبْتُ يَدَهُ، وإذا أصَبْتَهُ بِيَدِكَ. وتَقولُ: عِنْتُ البِئْرَ: أثَرْتُ عَيْنَ مائِها. قال تعالى: {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } [المؤمنون: 50]، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ } [المُلك: 30] وقيلَ: المِيمُ فيه أصْلِيَّةٌ، وإنما هو مِنْ مَعَنْتُ. وتُسْتَعارُ العَيْنُ لِلْمَيْلِ في المِيزانِ، ويُقالُ لِبَقَرِ الوَحْشِ: أعْيَنُ وعَيْناءُ، لِحُسْنِ عَيْنِهِ. وجَمْعُها: عِينٌ، وبها شُبِّهَ النِّساءُ، قال: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ } [الصَّافات: 48]، {وَحُورٌ عِينٌ } [الواقِعَة: 22].
عيَّ: الإِعْياءُ: عَجْزٌ يَلْحَقُ البَدَنَ من المَشْيِ، أي التعب، وعيَّ اللسان: عدم قدرته على الكلام. والإعياءُ هو سببٌ للانقطاع عن العمل، أو النقص فيه، أو التأخر في إنجازه، وهذا كلُّهُ بالنّسبةِ للبشَر، أمّا بالنسبةِ للّهِ ـ عزّ وجلّ ـ فهو مستحيلٌ، لقولِه تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ق: 15]، فـ«بل» تنفي ما قبلها أي الإعياء، وتثبت ما بعدها. قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الأحقاف: 33].

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢