نبذة عن حياة الكاتب
معجم تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم

حَرْفُ السِّينِ
(س)
سأل: السؤالُ: استِدْعاءُ مَعرفَةٍ أو ما يُؤَدِّي إلَى المعرفَةِ، واسْتِدْعاءُ مالٍ أو ما يُؤَدِّي إلَى المالِ. فاسْتِدْعاءُ المعرفَةِ جَوابُهُ على اللِّسانِ، واليَدُ خَلِيفَةٌ لها بالكِتَابَةِ أو الإشارَةِ. واسْتِدْعاءُ المالِ جَوابُهُ على اليَدِ واللّسانُ خَلِيفَةٌ لَها إمَّا بِوَعْدٍ أو بِرَدٍّ. وإنْ قيل: كَيْفَ يَصِحُّ أنْ يُقال السُّؤَالُ يَكُونُ للمعرفَةِ. ومَعْلُومٌ أنَّ اللَّهَ تعالى يسألُ عِبادَهُ نحوُ: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المَائدة: 116] قيلَ: إنَّ ذلك سُؤَالٌ لتعريفِ القومِ وتبكيتِهِمْ، لا لتعريفِ اللَّهِ تعالى، فإنه عالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، فليسَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ سُؤَالاً عَنِ المعرفَةِ. والسُّؤَالُ للمعرفَةِ يَكُونُ تارَةً لِلاِسْتِعْلامِ، وتَارَةً لِلتَّبْكِيتِ. كقولِهِ: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التّكوير: 8]، ولِتَعَرُّف المسؤول. والسُّؤَالُ إذا كانَ لِلتعريـفِ تَعَـدَّى إلَى المَفْعُولِ الثانِي تارَةً بِنَفْسِهِ، وتارَةً بالجارِّ. تَقُولُ: سَألتُهُ كذا، وسَألْتُهُ عَنْ كذا، وبكذا، وبِعَنْ أكْثَر {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسرَاء: 85]، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ} [الكهف: 83]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفَال: 1]. وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} [البَقَرَة: 186]، {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعَارج: 1]. وإذا كانَ السُّؤَالُ لاسْتِدْعاء مالٍ فإِنه يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أو بـ(مِنْ) نحوُ: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزَاب: 53]، {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [المُمتَحنَة: 10] وقال: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النِّسَاء: 32]. ويُعَبَّرُ عَنِ الفَقيرِ إذا كانَ مُسْتَدْعِياً لشيءٍ بـالسائِلِ نحوُ: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} [الضّحى: 10] وقولِهِ: {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذّاريَات: 19] {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فُصّلَت: 10] أي: إعطاؤهم على قدر حاجاتهم، فيكون المعنى أنّ الله سبحانه وتعالى يرزق مخلوقاته مهما كثر عددُهم على قدر حاجاتهم من الرزقِ.
سأم: السآمَةُ: المَلالَةُ: الضّجَرُ مِمَّا يَكْثُرُ لُبْثُهُ فِعْلاً كانَ أو انْفِعالاً، قوله تعالى: {وَلاَ تَسْأَمُوا} [البَقَرَة: 282] أي: ولا تضْجَرُوا ولا تَمَلُّوا؛ وقال: {وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ} [فُصّلَت: 38] و {لاَ يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فُصّلَت: 49]. وقال الشاعِرُ:
سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَياةِ ومَنْ يَعِشْ ثَمانِينَ حولاً لا أبا لَكَ يَسْأمِ
سبأ: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النَّمل: 22] سَبَأٌ: اسمُ بَلَدٍ في اليمن تَفَرَّقَ أهْلُهُ، ولهذا يُقالُ: ذَهَبُوا أيادِيَ سَبَأٍ، أي تَفَرَّقُوا تَفَرُّقَ أهْلِ هذا المَكانِ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. وَسَبَأَ الخمرَ: اشتراها. وَالسُّبْأَةُ: السَّفَرُ البعيدُ، والسَّابِياءُ: جلْدٌ فيه الوَلَدُ، أو المشيمةُ التي تخرُجُ مع الولد.
سبب: السَّبَبُ: الحَبْلُ الذي يُصْعَدُ به النَّخْلُ، أو الجبَلُ، أو إلى عُلُوّ مُعَيَّنٍ، وجَمْعُهُ أسبابٌ {فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ} [ص: 10] والإشارَةُ بالمعنَى إلَى نحو قولِهِ: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطُّور: 38]. وسُمِّيَ كُلُّ مَا يُتَوصَّلُ به إلَى شيءٍ سَبَباً {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف: 84]، {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 85] ومَعْناهُ أنَّ اللَّهَ تعالى آتاهُ مِنْ كُلِّ شيءٍ مَعْرفَةً وذَرِيعَةً يَتَوَصَّلُ بها، فأتْبَعَ واحِداً مِنْ تِلْكَ الأسْبَابِ، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} [غَافر: 36]، {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غَافر: 37] أي لَعَلِّي أعْرفُ الذَّرَائِع والأسْبابَ الحادِثَةَ في السماءِ، فَأَتَوَصَّلُ بِها إلَى مَعْرِفَةِ ما يَدَّعِيهِ مُوسى. {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحَجّ: 15] الهاء في يَنْصُرُهُ عائدة إلى محمد (ص) ، والمعنى: مَنْ كانَ يَظُّنُّ أَنَّ الله لن ينصرَ نبيَّه محمداً (ص) ويُعينَهُ على عَدُوِّهِ في الدنيا فَلْيَتَّخِذْ وسيلةً إلى السماءِ ثم ليَقْطَعْ نصرَ اللهِ ووحيَه عن هذا النبيِّ. والسَّبُّ: الشَّتْمُ الوجِيعُ {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعَام: 108] وسَبُّهُمْ للَّهِ ـ عزَّ وجلّ ـ ليسَ على أنهمْ يَسُبُّونَهُ صَريحاً، ولكنْ يَخُوضُونَ في ذِكْرِهِ، فَيَذْكُرُونَهُ بِما لا يَلِيقُ به، ويتمَادَوْنَ في ذلك بالمُجادَلَةِ، فَيَزْدَادُونَ في ذِكْرِهِ بِما تَنَزَّهَ تعالى عنه: وقولُ الشاعِر:
فما كانَ ذَنْبُ بَنِي مالِكٍ بأنْ سُبَّ منهمْ غُلامٌ فَسَبْ
بأبْيَضَ ذِي شُطَبٍ قاطِعٍ يَقُدُّ العِظامَ ويَبْري القَصَبْ
نَبَّهَ فيه على ما قال الآخَرُ:
ونَشْتُمُ بالأفْعالِ لا بالتَّكَلُّمِ
والسِّبُّ: المُسابِبُ. قال الشاعِرُ:
لا تَسُبَّنَّنِي فَلَسْتَ بِسِبِّي إنَّ سِبِّي مِنَ الرِّجالِ الكَريمُ
والسُّبَّةُ: ما يُسَبُّ، وكُنِّيَ بِها عَنِ الدُّبُرِ، وتَسْمِيَتُهُ بذلك كَتَسْمِيَتِهِ بالسَّوْأَةِ. والسَّبَّابَةُ: سُمِّيَتْ للإِشارَةِ بِها عِنْدَ السَّبِّ، وتَسْمِيَتُها بِذلك كتَسْمِيَتِها بالمُسَبِّحَةِ لِتَحْريكِها بالتَّسْبِيحِ.
سبـت: أصْلُ السَّبْتِ القَطْعُ، ومنه سَبَتَ السَّيْرَ: قَطَعَهُ. وسَبَتَ شَعَرَهُ: حَلَقَهُ. وأنْفَهُ: اصْطَلَمَهُ. وقيلَ: سُمِّيَ يومُ السَّبْتِ لأنَّ الله تعالى ابْتَدَأَ بِخَلْقِ السمواتِ والأرضِ يومَ الأحَدِ فَخَلقَها في سِتَّةِ أيَّام كما ذَكرَهُ، فَقَطَعَ يومَ السَّبْتِ، فَسُمِّيَ بذلك. وَسَبَتَ فُلانٌ: صارَ في السَّبْتِ. وقولُهُ: {يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعرَاف: 163] قيلَ: يومَ قَطْعِهِمْ لِلعَمَلِ. وأما قولُهُ تعالى: {وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ} [الأعرَاف: 163] فقيلَ: مَعْناهُ يومَ لا يَقْطَعُونَ العَمَلَ، أو يومَ لا يكُونُونَ في السَّبْتِ، وكِلاهُما إشارَةٌ إلَى حالَةٍ واحِدَةٍ. وقولُهُ: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} [النّحل: 124] أي تَرْكُ العَمَلِ فيه. {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النّبَإِ: 9] أي قَطْعاً لِلعَمَلِ راحة لأجسادكم فتسكن فيه جوارحكم، وذلك إشارَةٌ إلَى ما قال في صِفَةِ اللَّيْلِ: {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} [يُونس: 67].
سبح: السَّبْحُ: المَرُّ السَّرِيعُ في الماءِ وفي الهَواءِ. يُقالُ: سَبَحَ سَبْحاً وسِباحَةً. واسْتُعِيرَ لِمَرِّ النجومِ في الفَلَكِ، نحوُ: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]، و {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} [النَّازعَات: 3] أي الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلّونها سلاًّ رفيقاً ثم يدَعونها حتى تستريح كالسابح في الماء. {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً} [المُزّمل: 7] أي فراغاً لقضاء الحوائج. والتَّسْبِيحُ: تَنْزيهُ اللَّهِ تعالى. وأصْلُهُ المَرُّ السَّريعُ في عِبادَةِ اللَّهِ تعالى، وجُعِلَ ذلك في فِعْلِ الخَيْر، كما جُعِلَ الإبْعادُ في الشرِّ فقيلَ: أبْعَدَهُ اللَّهُ. وجُعِلَ التَّسْبيحُ عامّاً في العِبادَاتِ قَوْلاً كانَ أو فِعْلاً أو نِيَّةً. قال: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصَّافات: 143] قيلَ مِنَ المُصَلِّينَ، والأوْلَى أنْ يُحْمَلَ على ثَلاثَتِها، قال: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البَقَرَة: 30]، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ} [غَافر: 55]، {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]، {لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ} [القَلَم: 28] أي هَلاّ تَعْبُدُونَهُ وتَشكُرُونَهُ. وحُمِلَ ذلك على الاسْتِثْناءِ، وهو أنْ يقولَ: إنْ شاءَ اللَّهُ. ويَدُلُّ على ذلك قولُهُ: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ} [القَلَم: 17-18]. وقال: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [الإسرَاء: 44]، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسرَاء: 44] فذلك نَحْوُ قولِهِ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرّعد: 15]، {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [النّحل: 49] فذلك يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ تَسْبيحاً على الحقيقةِ، وسُجُوداً له على وجْهٍ لا نَفْقَهُهُ، بدلالةِ قولِهِ: {وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسرَاء: 44] ودلالةِ قولِهِ: (ومَنْ فيهنَّ)، بَعْدَ ذِكْر السمواتِ والأرضِ، ولا يصحُّ أنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ: يُسَبِّحُ له مَنْ في السمواتِ، ويَسْجُدُ له مَنْ في الأرضِ. لأنَّ هذا من الذي نَفْقَهُهُ، ولأنَه مُحالٌ أنْ يكُونَ ذلك تَقْدِيرَهُ، ثم يُعْطَفَ عليه بقولهِ، ومَنْ فِيهنَّ. والأشياءُ كُلُّها تُسَبِّحُ له وتَسْجُدُ، بَعْضُها بالتَّسْخير وبَعْضُها بالاخْتِيارِ، ولا خِلافَ أنّ السمواتِ والأرضَ والدَّوابَّ مُسَبِّحاتٌ بالتَّسْخِير، مِنْ حَيْثُ إنَّ أحْوَالَها تَدُلُّ على حِكْمَةِ اللَّهِ تعالى، وإنَّما الخِلافُ في السمواتِ والأرضِ، هَلْ تُسَبِّحُ باخْتِيارٍ، والآيَةُ تَقْتَضي ذلك بما ذَكَرْتُ مِنَ الدَّلالَةِ. وسُبْحانَ: أصْلُهُ مَصْدَرٌ، نحوُ غُفْرَان {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الرُّوم: 17]، {سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} [البَقَرَة: 32]
والسُّبُّوحُ والقُدُّوسُ: مِنْ أسماءِ اللَّهِ عَزَّ وعَلاَ، وليسَ في كلامِهِمْ «فُعُّولٌ» سِواهُما. والسُّبْحَةُ: التَّسْبِيحُ، وقد يُقالُ للخَرَزَاتِ التي بِها يُسَبَّحُ: سُبْحَةٌ.
سبخ: قُرئَ {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً} [المُزّمل: 7] أي فراغاً أي سَعَةً في التَّصَرُّفِ. والسبَّخُ. التقلّب، ومنه: السابح في الماء لتقلّبه فيه. والمراد: إنَّ تقلُّبَكَ ومشاغِلَكَ في النَّهارِ كَثيرةٌ، فإنَّكَ تَحْتَاجُ فيه إلى تَبْليغِ الرِّسالَةِ وتَعليمِ الفَرَائِضِ والسُّنَنِ، وإِصلاحِ المَعِيشَةِ لِنَفْسِكَ وَعِيَالِكَ. وقد سَبَخَ اللَّهُ عنه الحُمَّى، فَتَسَبَّخَ: أي تَغَشَّى. والسَّبيخُ: رِيشُ الطائِر، والقُطْنُ المَنْدُوفُ، ونحوُ ذلك مِمَّا ليس فيه اكتِنازٌ وثِقَلٌ.
سبط: أصْلُ السَّبْطِ: انْبِساطٌ في سُهُولَةٍ. يُقالُ: شَعَرٌ سَبْطٌ، وقد سَبِطَ سُبُوطاً وسَباطَةً وسَبَاطاً. وامْرَأةٌ سَبْطَةُ الخِلْقَةِ، ورَجُلٌ سَبْطُ الكَفَّيْنِ: مُمْتَدُّهُما. ويُعَبَّرُ به عَنِ الجُودِ. والسِّبْطُ: وَلَدُ الوَلَدِ، كأنه امْتِدَادُ الفُرُوعِ. قال: {وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ} [البَقَرَة: 136] أي قَبائِلَ، كُلُّ قَبِيلَةٍ مِنْ نَسْلِ رَجُلٍ {أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعرَاف: 160] والساباطُ: المُنْبَسِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ. وأخَذَتْ فُلاناً سَبَاطِ، أي حُمَّى تَمُطُّهُ. والسُّباطَةُ: الموضع الذي يُرمَى فيهِ التُّرابُ والأوساخُ. وسَبَطَتِ الناقَةُ ولَدَها، أي ألْقَتْهُ قبل تَمَامٍ فهي مُسَبِّطٌ.
سبع: أصْلُ السَّبْعِ: العَدَدُ {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البَقَرَة: 29]، {سَبْعًا شِدَادًا} [النّبَإِ: 12] يعني السمواتِ السَّبْعَ. {وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ} [يُوسُف: 43]، {سَبْعَ لَيَالٍ} [الحَاقَّة: 7]، {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، {سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحَاقَّة: 32]، {سَبْعِينَ مَرَّةً} [التّوبَة: 80]، {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحِجر: 87] قيلَ: سُورَةُ الحَمْدِ، لِكَوْنِها سَبْعَ آياتٍ. والسَّبْعُ الطِّوَالُ: السُّوَرُ مِنَ البقرةِ إلَى الأعْرَاف. وسُمِّيَت سُوَرُ القرآنِ المَثانِي لأَنَّهُ يُثنّى فيها القِصَصُ والأخبارُ والأوامرُ والنواهي وغيرها. ومنه السَّبْعُ والسَّبِيعُ والسِّبْعُ في الورودِ، والأسْبُوعُ: جَمْعُهُ أسابِيعُ. ويُقالُ: طُفْتُ بالبيتِ أسْبُوعاً، وأسابِيعَ. وسَبَعْتُ القومَ: كُنْتُ سابِعَهُمْ، وأخَذْتُ سُبْعَ أمْوَالِهِمْ. والسَّبُعُ مَعْرُوفٌ. وقيلَ: سُمِّيَ بذلك لِتَمامِ قُوَّتِهِ، وذلك أنَّ السَّبْعَ مِنَ الأعْدَادِ التامَّةِ. وقولُ الهُذَليِّ:
كَأنه عَبْدٌ لآلِ أبي رَبِيعَةَ مُسبِعُ
أي قد وَقَعَ السَّبُعُ في غَنَمِهِ، وقيلَ: مَعْناهُ: المُهْمَلُ مع السِّباعِ، ويُرْوَى مُسْبَعٌ بفتحِ الباءِ، وكُنِّيَ بالمُسْبَعٍ عَنِ الدَّعِيِّ الذي لا يُعْرَفُ أبُوهُ. وسَبَعَ فُلانٌ فُلاناً، اغْتابَهُ وأكَلَ لَحْمَهُ أَكْلَ السِّباعِ. والمَسْبَعُ: مَوْضِعُ السَّبُعِ.
سبغ: دِرْعٌ سابِغٌ: تامٌّ واسِعٌ. {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سَبَإ: 11] أي وقلنا لداود اعمل من الحديد دروعاً تامّات، وعنه اسْتُعِيرَ إسْباغُ الوُضُوءِ، واسْباغُ النِّعَمِ: إتمامها. {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمَان: 20]، أي أوسع اللّهُ عليكم نِعمَهُ، وأَتَمَّها.
سبق: أصْلُ السَّبْقِ التَّقَدُّمُ في السَّيْرِ، نحوُ: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يُوسُف: 17]، {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يُوسُف: 25] ثم يُتَجَوَّزُ به في غَيْرِهِ مِنَ التَّقَدُّمِ {مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]، {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [هُود: 110] أي نَفَذَتْ وتَقَدَّمَتْ، ويُسْتَعارُ السَّبْقُ لإحْرَازِ الفَضْلِ والتَّبْريز، وعلى ذلك {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقِعَة: 10] أي المُتَقَدِّمُونَ إلَى ثوابِ اللَّهِ وجَنَّتِهِ بالأعْمالِ الصالِحَةِ، نحوُ قولِهِ: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]، في علم الله تعالى. {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقِعَة: 60] أي لا يَفُوتُونَنا. وقال: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} [الأنفَال: 59]، و {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} [العَنكبوت: 39] فارِّين ليسبقوا وقوعَ العذاب بهم تنبيهاً أنهمْ لا يَفُوتُونَهُ. {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} [يس: 66] معناه: فطلبوا طريق الحقّ وقد عموا عنه فكيف يبصرون. {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا} [النَّازعَات: 4] الملائكة كونهم سباقين بالخير.
سبل: السَّبيلُ: الطَّريقُ الذي فيه سُهُولَةٌ، وجَمْعُهُ سُبُل {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [النّحل: 15]، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} [الزّخرُف: 10]، و {لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [الزّخرُف: 37] يعنِي به طَريقَ الحَقِّ، لأَنَّ اسمَ الجنس إذَا أطْلِقَ يَخْتَصُّ بما هو الحَقُّ، وعلى ذلك {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ *ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عَبَسَ: 19-20] وقيلَ لِسالِكِهِ: سابِلٌ وجَمْعُهُ سابِلةٌ. وسَبِيلٌ سَابِلٌ، نحو شِعْرٌ شاعِرٌ. وابنُ السَّبِيلِ: المُسافِرُ البَعِيدُ عَنْ مَنْزلهِ، نُسِبَ إلَى السَّبِيلِ لِمُمارَسَتِهِ إيَّاهُ، ويُسْتَعْمَلُ السَّبِيلُ لِكُلِّ ما يُتَوَصَّلُ به إلَى شيءٍ خَيْراً كانَ أو شَرّاً {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النّحل: 125]، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يُوسُف: 108] وكِلاهُما واحِدٌ، لكِنْ أضافَ الأوَّلَ إلَى المُبَلِّغ، والثاني إلَى السَّالِكِ بهمْ. قال: {قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 169]، {إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غَافر: 29]، {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعَام: 55]، {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ} [النّحل: 69]، ويُعَبَّرُ به عَنِ المَحَجَّةِ، وقال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يُوسُف: 108]، {سُبُلَ السَّلاَمِ} [المَائدة: 16] أي طَرِيقَ الجنةِ. وقال {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التّوبَة: 91]، {فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشّورى: 41]، {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ} [التّوبَة: 93]، {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [الإسرَاء: 42]. وأما قوله تعالى: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} [الحِجر: 76] أي إن مدينة لوط لبطريق يسلكه الناس في حوائجهم، فينظرون إلى آثارها ويعتبرون بها، لأن الآثار التي يُستدلّ بها مقيمة. والسُّنْبُلَةُ: جَمْعُها سَنابِلُ، وهي ما على الزَّرْعِ {سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ} [البَقَرَة: 261]، {وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ} [يُوسُف: 43]. وأسْبَلَ الزَّرْعُ: صار ذا سنْبُلَةٍ، نحوُ أحْصَدَ وأجْنَى. والمُسْبِلُ: اسمُ ذي الحجة، والسَّبْلاءُ العينِ: الطويلةُ الهُدْبِ.
ست: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعرَاف: 54] و {سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجَادلة: 4] فأصْلُ ذلك:سُدُسٌ. ويُذْكَرُ في بابه إن شاء اللَّهُ.
ستر: السَّتْرُ: تَغْطِيَةُ الشيءِ. والسِّترُ والسُّتْرَةُ: ما يُسْتَترُ به {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]، و {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسرَاء: 45] قيل هو مفعولٌ بمعنى فاعل أي (ساتراً) مثل قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مَريَم: 61] أي آتياً، والاسْتِتارُ: الاخْتِفاءُ {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ} [فُصّلَت: 22].
سجد: السُّجُودُ: أصْلُهُ التَّطامُنُ والتَّذَلُّلُ، وجُعِلَ ذلك عِبارَةً عَنِ التَّذَلُّلِ لله وعِبادَتِـهِ، وهو عامٌّ في الإنْسانِ والحَيَواناتِ والجَمادَاتِ، وذلك نوعان: سُجُـودٌ بِاخْتِيـارٍ، وليسَ ذلك إلا لِلإنْسانِ، وبه يَسْتَحِقُّ الثوابَ نحوُ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النّجْم: 62] أي تَذَلَّلُوا له. وسُجُودُ تَسْخِيرٍ، وهو لِلإنْسانِ والحَيَواناتِ والنَّباتِ، وعلى ذلك قولُهُ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرّعد: 15]. وقولُهُ: {يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} [النّحل: 48] فهـذا سُجُـودُ تسْخِيـرٍ، وهو الدلالَةُ الصامِتَةُ الناطِقَةُ المُنَبِّهَةُ على كَوْنِها مَخْلُوقَةً، وأنها خَلْقُ فاعِلٍ حكِيمٍ. وقولُهُ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَآبَّةٍ وَالْمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [النّحل: 49] يَنْطَوِي على النَّوْعَيْنِ مِنَ السُّجُودِ: التَّسْخِير والاخْتِيارِ. وقولُهُ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرَّحمن: 6] فذلك على سَبِيـلِ التَّسْخِير. وقولُهُ: {اسْجُدُوا لآِدَمَ} [البَقَرَة: 34] فأتَمَرُوا إلاَّ إبليسَ فقدْ أبى واستكبـرَ فلـمْ يأتمِرْ لأنّه لم يكنْ من الملائِكةِ، بل كانَ من الجِنِّ لقولِهِ تعالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50]، وقولُهُ: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [النِّسَاء: 154] أي مُتَذَلِّلِينَ مُنْقادِينَ. وخُصَّ السُّجُودُ في الشريعةِ بالرُّكْنِ المَعْرُوفِ مِنَ الصلاةِ، وما يَجْري مَجْرَى ذلك مِنْ سُجُودِ الشُّكْر، وقد يُعَبَّر به عَنِ الصلاةِ بقولهِ {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40] أي أدْبارَ الصلاةِ. ويُسَمُّونَ صَلاَة الضُّحَى: سُبْحَةَ الضُّحَى، وسُجُودَ الضُّحَى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [طه: 130] قيـلَ: أرِيدَ به الصلاةُ. والمَسْجِدُ: مَوْضِعُ الصلاةِ، اعْتِباراً بالسُّجُودِ. وقولُهُ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجنّ: 18] قيلَ عُنيَ به الأرضُ؛ إذْ قد جُعِلَتِ الأرضُ كُلُّهـا مَسْجِداً وطَهُوراً، كما رُوِيَ في الخَبَر، وقيلَ: المَساجِدُ: مَوَاضِعُ السُّجُودِ الجَبْهَةُ والأنْفُ واليَدَانِ والرُّكْبتانِ والرِّجْلانِ. وقولُهُ {أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ} [النَّمل: 25] أي يا قَوْمِ اسْجُدُوا. وقولُهُ: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يُوسُف: 100] أي مُتَذَلِّلينَ. وقيلَ: كانَ السُّجُودُ على سَبِيلِ الخِدْمَةِ في ذلك الوقْتِ سائِغاً. وقولُ الشاعِرِ:
وَافَى بها كَدَرَاهِمِ الأسْجادِ
عَنَى بِها دَرَاهِمَ عليها صُورَةُ مَلِكٍ سَجَدُوا له.
سجر: السَّجْرُ: تَهْيِيجُ النارِ. يُقالُ: سَجَرْتُ التَّنُّورَ، ومنه {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ *} [الطُّور: 6]. قال الشاعِرُ:
إذا ساءَ طالَعَ مَسْجُورَةً
تَرَى حَوْلَها النَّبْعَ والسِّمْسِما
وقولُهُ: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التّكوير: 6] أي أُضْرمَتْ ناراً، عَنِ الحَسَنِ. وقيلَ: غيضَتْ مياهُها، وإنَّما يَكُونُ كذلك لِتَسجِير النارِ فيه {ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غَافر: 72] نحوُ {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البَقَرَة: 24]. وَسَجَرَتِ الناقَةُ: اسْتِعارَةٌ لاِلْتِهابِها في العَدْوِ، نحوُ: اشْتَعَلَتِ الناقَةُ. والسَّجِيرُ: الخَلِيلُ الذي يُسْجَرُ في مَوَدَّةِ خَلِيلِهِ، كقولِهِمْ: فُلانٌ مُحْرَقٌ في مَوَدَّةِ فُلانٍ. قال الشاعِرُ:
سَجْرَاءُ نَفْسي غَيْرُ جمْعٍ إِشابَةٍ
سجل: السَّجْلُ: الدَّلْوُ العَظِيمَةُ. وسَجَلْتُ الماءَ فانْسَجَلَ: أي صَبَبْتُهُ فانْصَبَّ. وأسْجَلْتُهُ: أعْطَيْتُهُ سَجْلاً، واسْتُعِيرَ للعَطِيَّةِ الكَثِيرَةِ. والمُساجَلَةُ: المُساقاةُ بالسَّجْلِ، وجُعِلَتْ عِبارَةً عَنِ المُبارَاةِ والمُناضَلَةِ. قال الشاعرُ:
مَنْ يُسَاجِلْني يُساجِل ماجداً
والسِّجِّيلُ: حَجَرٌ وطِينٌ مُخْتَلِطٌ وأصْلُهُ فيما قيلَ فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وقوله تعالى: {حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [هُود: 82] والسِّجِلُّ: قيلَ حَجَرٌ كانَ يُكتَبُ فيه، ثم سُمِّيَ كُلُّ ما يُكتَبُ فيه سِجِلاًّ {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبيَاء: 104] أي كَطَيِّهِ لِمَا كُتِبَ فيه حِفْظاً له.
سجن: السَّجْنُ: الحَبْسُ في السِّجْنِ، وقُرىءَ {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} [يُوسُف: 33] بفتحِ السينِ وكسرها. قال {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يُوسُف: 35]، {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يُوسُف: 36] والسِّجِّينُ: اسمٌ لجَهَنَّمَ بِإزَاءِ عِلِّيِّينَ، وزِيدَ لَفْظُهُ تنبيهاً على زِيادَةِ مَعْناهُ. قال {لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ *كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطفّفِين: 7-9] أي ليس هذا مما تعلمه أنت ولا قومك فنفسّره لك ولقومك، لأن كُلَّ شيءٍ ذَكَرَهُ اللَّهُ تعالى بقولِهِ «وما أدْرَاكَ» فَسَّرَهُ، وكُلَّ ما ذُكِرَ بقولِهِ «وما يُدرِيكَ» تَرَكهُ مُبْهَماً وفي هذا المَوْضِعِ فسّر سجّين بـ (الكتاب المرقوم)، وكذا في قولِهِ {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطفّفِين: 19].
سجى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضّحى: 2] أي سكَنَ، وهذا إشارَةٌ إلَى قولهم هَدَأتِ الأرْجُلُ. وعَيْنٌ ساجِيَةٌ: فاتِرَةُ الطَّرْفِ. وسَجَى البحرُ سَجْواً: سَكَنَتْ أمْوَاجُهُ، ومنه اسْتُعِيرَ تَسْجِيَةُ المَيِّتِ أي تَغْطِيَتُهُ بالثوب.
سحب: أصْلُ السَّحْبِ: الجَرُّ كَسَحْبِ الذَّيْلِ، والإِنْسانِ على الوجْهِ، ومنه السَّحابُ، إمَّا لجرِّ الرِّيحِ له، أو لِجَرِّهِ الماءَ، أو لاِنْجِرَارِهِ في مَرِّهِ. قال تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ} [القَمَر: 48] و {يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ} [غَافر: 71-72]. وقيلَ: فُلانٌ يَتَسَحَّبُ على فُلانٍ، كقولِكَ: يَنْجَرُّ، وذلك إذَا تَجَرَّأ عَلَيْهِ. والسَّحابُ: الغَيْمُ فيهِ ماءٌ أو لم يَكُنْ، ولهذا يُقالُ: سَحابٌ جَهامٌ أيْ لا ماءَ فِيهِ. {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} [النُّور: 43]، {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا} [الأعرَاف: 57]، {وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرّعد: 12]. وقد يُذْكَرُ لفْظُهُ، ويُرَادُ به الظِّلُّ والظُّلْمَةُ على طَريقِ التَّشْبِيهِ {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [النُّور: 40].
سحت: السُّحْتُ: القِشْرُ الذي يُسْتَأْصَلُ {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] وقُرىءَ فَيَسْحِتَكُمْ. ومنه السُّحْتُ: للمَحْظُورِ الذي يَلزَمُ صاحِبَهُ العارُ، كأنه يُسْحِتُ دِينَهُ وَمُرُوءتَهُ، وأصل السُّحْت: الاِسْتِئْصَال. يُقال: سَحَتَهُ وأَسْحَتَهُ: اسْتَأْصَلَهُ وأسْحَتَ مالَهُ: أفسَدَهُ وأَذْهَبَهُ. وقيلَ: سُمِّيَ الحرامُ سُحْتاً لأنّهُ يُعْقِبُ بعذابِ الاسْتِئْصَال. {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المَائدة: 42]، أي يكثرونَ الأَكلَ للسُّحتِ وهو الحَرَام. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فالنارُ أولَى به» [صحيح مسلم رقم 89] وسُمّيَ هنا سُحْتاً لأنّه لا بركةَ فِيه، وسُمِّيَ: الرِّشْوَةُ، والمَيْتَةُ والخمرُ ومهرُ البغِيِّ وكلُّ ما هُوَ مِنْ مالِ الحرامِ سُحْتاً لكونِهِ سَاحِقاً للمُروءَة مُتلِفاً لها.
سحر: السَّحْرُ: طَرَف الحُلْقُومِ والرِّئَةُ. وقيلَ: انْتَفَخَ سَحْرُهُ. والسُّحارَةُ: ما يُنْزَعُ مِنَ السَّحْر عِنْدَ الذَّبْحِ، فَيُرْمَى به. وجُعِلَ بِناؤه بِنَاءَ النُّفايَةِ والسُّقاطَةِ، وقيلَ منه اشْتُقَّ السِّحْرُ، وهو إصابَةُ السَّحْر. والسِّحْرُ: يُقالُ على مَعانٍ: الأوَّلُ: الخِدَاعُ وتَخْيِيلاتٌ لا حَقِيقَة لَها، نحوُ ما يَفْعَلُهُ المُشَعْوِذُ بِصَرْفِ الأبْصارِ عَمَّا يَقومُ بِه لِخفَّةِ يَدٍ، وما يَفْعَلَهُ النَّمَّامُ بِقَوْلٍ مُزَخْرَفٍ عائِقٍ لِلأسماعِ، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعرَاف: 116]، {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ} [طه: 66] وبهذا النَّظَر سَمَّوْا مُوسَى (ع) ساحِراً، فَقالُوا: {يَاأَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الزّخرُف: 49]. والثاني اسْتِجْلابُ مُعاوَنَةِ الشَّيْطانِ بِضَرْبٍ مِنَ التَّقَرُّبِ إليه، كقولِهِ تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ *تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشُّعَرَاء: 221-222]، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البَقَرَة: 102] وقد تُصُوِّرَ مِنَ السِّحْر تَارَةً حُسْنُهُ، فقيل: إنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحْراً، وتارَةً دِقَّةُ فِعْلِهِ حتى قالَتِ الحكماءُ: الطَّبِيعَةُ ساحِرَةٌ، وسَمَّوا الغِذَاءَ سِحْراً، مِنْ حَيْثُ إنه يَدِقُّ، ويَلْطُفُ تَأثِيرُهُ. {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحِجر: 15] أي مَصْرُوفُونَ عَنْ مَعْرفَتِنا بالسحْر، وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ *} [الشُّعَرَاء: 153] قيلَ مِمَّنْ جُعِلَ له سَحْرٌ، تنبيهاً أنه مُحْتاجٌ إلَى الغِذَاءِ، كقولِهِ تعالى: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} [الفُرقان: 7] ونَبَّهَ أنه بَشَرٌ، {مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا} [الشُّعَرَاء: 154] وقيلَ مَعْناهُ مِمَّنْ جُعِلَ له سِحرٌ يَتَوَصَّلُ بِلُطْفِهِ ودِقَّتِهِ إلَى ما يَأتي به ويَدَّعِيهِ، وعلى الوجْهَيْنِ حُمِلَ قولُهُ تعـالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا} [الإسرَاء: 47] وقوله على لسان فرعون: {فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأََظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسرَاء: 101]. وعلى المعنَى الثانِي دَلَّ قولُهُ تعالى: {إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ} [المَائدة: 110]، {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعرَاف: 116]، {أَسِحْرٌ هَذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ} [يُونس: 77]، {فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشُّعَرَاء: 38]، {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} [طه: 70]. والسَّحَرُ والسَّحَرَةُ: اخْتِلاطُ ظَلامِ آخِرِ اللَّيْلِ بِبياضِ أوَّل النهار، وجُعِلَ اسماً لذلك الوقْتِ. قال تعالى: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذّاريَات: 18] ويُقالُ: لَقِيتُهُ بأعْلَى السَّحَرَيْنِ. والمُسْحِرُ: الخارجُ سَحَراً. والسَّحُورُ: اسمٌ للطَّعامِ المَأكُولِ سَحَراً. والتَّسَحُّرُ: أَكْلُهُ.
سحـق: السَّحْقُ تَفْتِيتُ الشيءِ، ويُسْتَعْمَلُ في الدَّواءِ، إذَا فُتّتَ، يُقالُ: سَحَقْتُهُ فانْسَحَقَ، وفي الثوبِ إذَا أخْلَقَ يُقالُ: أسْحَقَ. والسَّحْقُ: الثوبُ البالِي. وقيلَ: أبْعَدَهُ اللَّهُ وأسْحَقَهُ، أي جَعَلَهُ سَحِيقاً. وقيلَ: سحَقَهُ، أي جَعَلَهُ بالِياً. {فَسُحْقًا لأَِصْحَابِ السَّعِيرِ} [المُلك: 11]، و {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحَجّ: 31] أي: من يشرك بالله فكأنما سقط من السماء فتأخذ الطير لحمه بسرعة فائقةٍ أو تسقطه الريح في مكان غاية في البعد.
سحل: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} [طه: 39] أي شاطِىءِ البحرِ. أصْلُهُ مِنْ سَحَلَ الحَدِيدَ، أي بَرَدَهُ وقَشَرَهُ، وقيلَ: أصْلُهُ أنْ يَكُونَ مَسْحُولاً، لكنْ جاءَ على لفْظِ الفاعِلِ، كقولِهِمْ: هَمٌّ ناصِبٌ، وقيلَ: بَلْ تُصُوِّرَ منه أنه يَسْحَلُ الماءَ، أي يُفَرِّقُهُ ويُضيِّقُهُ، والسُّحالَةُ: البُرَادَةُ. والسَّحِيلُ والسُّحالُ: نَهِيقُ الحِمارِ، كأنه شَبَّهَ صَوْتَهُ بِصَوْتِ سَحْلِ الحَدِيدِ. والمِسْحَلُ: اللسانُ الجَهِيرُ الصَّوْتِ، كأنه تُصُوِّرَ منه سَحِيلُ الحِمارِ مِنْ حَيْثُ رَفْعُ صَوْتِهِ، لا مِنْ حَيْثُ نُكْرَةُ صَوْتِهِ. كما قال تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمَان: 19]. المِسْحَلتَانِ: حَلَقَتان على طَرَفيْ شَكِيمِ اللِّجَامِ.
سخـر: التَّسْخِيرُ: سِياقَةٌ إلَى الغَرَضِ المُخْتَصِّ قَهْراً {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجَاثيَة: 13]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إبراهيم: 33]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ} [إبراهيم: 32] كقولِهِ: {سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحَجّ: 36] {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} [الزّخرُف: 13]. فالمُسَخِّرُ: هو المُقَيِّضُ للفِعْلِ. والسُّخْريُّ: هو الذي يُقْهَرُ فَيَتَسَخَّرُ بإرَادَتِهِ {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزّخرُف: 32]. وسَخِرْتُ منه، واسْتَسْخَرْتُهُ: لِلهُزء منه {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [هُود: 38-39]، {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصَّافات: 12] . وقيلَ: رَجُلٌ سُخَرَةُ لِمَنْ سَخِرَ، وسُخْرَةٌ لمنْ يُسْخَرُ منه. والسُّخْريَةُ والسِّخْريَةُ: لِفِعْلِ السَّاخِر. وقال تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110] وقوله: وَسُخْرِيّاً فقد حُمِلَ على الوَجْهَيْنِ على التَّسْخِير وعلى السُّخْريَةِ. قال تعالى:
{وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 62-63] ويَدُلُّ على الوجهِ الثانِي قولُهُ بَعْدُ: {وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 110].
سخط: السَّخَطُ والسُّخْطُ: الغَضَبُ الشدِيدُ المُقْتَضِي للعُقُوبَةِ وقيل لا يكون ذلك بين الأَكُفَّاءِ، بلْ مِنَ الكُبَراءِ والعُظَمَاءِ. قال: {إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التّوبَة: 58]. وهو مِنَ اللَّهِ تعالى إنْزَالُ العُقُوبَةِ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} [محَمَّد: 28]، {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المَائدة: 80] وسَخَطُ الله ـ تعالى ـ غضبُه لِغضب أنبيائه وأوليائه. {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 162] مثَلُ من رجع بغضبٍ شديد من الله.
سـددَ: السَّـدُّ والسُّـدُّ: قيلَ هُما واحِدٌ، وقيلَ: السُّدُّ ما كانَ خِلْقَةً، والسَّدُّ مـا كـانَ صَنْعَةً، وأصْلُ السَّدِّ مصدرُ سَدَدْتُهُ {عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: 94] وشُبِّهَ به المَوَانِعُ نحوُ: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 9] وقُرىءَ سُدّاً. السُّدَّةُ: كالظُّلَّةِ على البابِ تَقِيهِ مِنَ المَطَرِ، والسَّدادُ: الصّوابُ. والسّديدُ: السّليمُ مِنْ خَلَلِ الفَسادِ، والقاصِدُ إلى الحقِّ، قال تعالى: {وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} [النِّسَاء: 9] أي قولاً سليماً لا خللَ فيه، أو قَوْلاً صَواباً أي مُصِيباً، عَدْلاً مُوافِقاً للشَّرع. والسِّدادُ أيضاً: ما يُسدُّ به الثَّلْمَةُ والثَّغْرُ، واستُعير لما يُسَدُّ به الفَقْرُ.
سدر: السِّدْرُ: شَجَرٌ قليلُ الغِناءِ عِنْدَ الأكْلِ، ولذلك قال تعالى: {وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سَبَإ: 16]، وقد يُخْضَدُ ويُسْتَظَلُّ به، فجُعِلَ ذلك مَثلاً لِظِلِّ الجنَّةِ ونَعِيمِها في قولِهِ تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقِعَة: 28] لِكَثْرَةِ غِنائِهِ في الاِسْتِظلالِ. وقولهُ تعالى: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى *عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى *إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النّجْم: 14-16] فهذه الآياتُ دليلٌ واضحٌ على أنّ اللّهَ العليَّ العظيمَ خلقَ الجنة، وأما سِدرةُ المنتهى فهي شجرةٌ عن يمينِ العرشِ فوق السماءِ السابعةِ انتهى إليها عِلْمُ كلِّ مِلكٍ، وإِشارًةٌ إلَى مَكانٍ اخْتُصَّ النبيُّ (ص) فيه بالإفاضَةِ الإِلَهِيَّةِ والآلاءِ الجَسِيمَةِ. والسَّدَرُ: تَحَيُّرُ البَصَر. والسَّادِرُ: الْمُتَحَيِّرُ.
سدس: السُّدُسُ: جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ {فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النِّسَاء: 11]. وسِتٌّ: أصْلُهُ سِدْسٌ. وسَدَسْتُ القومَ: صِرْتُ سادِسَهُمْ، وأخَذْتُ سُدُسَ أمْوَالِهِمْ. وجاءَ سادِساً وساتّاً وسادِياً بمعنىً. {وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجَادلة: 7]، و {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ} [الكهف: 22]. ويُقالُ: لا أفْعَلُ كذا سَدِيسَ عَجِيسَ، أي أبَداً. والسّدُوسُ: الطَّيْلَسانُ الأخضر. والسُّنْدُسُ: الرَّقِيقُ مِنَ الدِّيباجِ. والإسْتَبْرَقُ: الغَلِيظُ منه.
سدي: السُّدى: المُهْمَلُ. والسادي: المُهْمَلَةُ مِنَ الإِبلِ. والذي يبيتُ حيث أمسى، هُوَ سادٍ. وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} [القِيَامَة: 36] أي مُهْمَلاً مِنْ غيرِ أمرٍ يُؤخذُ به فيكونَ فيه تَقويمٌ له وإصلاحٌ لِعاقِبَةِ أمرِهِ؟
سرب: السَّرَبُ: الذَّهابُ في حُدُورٍ. والسَّرَبُ: المَكانُ المُنْحَدِرُ {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61]. يُقالُ: سَرَبَ سَرَباً وسُرُوباً، نحوُ مَرَّ مرّاً ومُروراً. وانْسَرَبَ انْسِرَاباً، كذلك، لكِنْ سَرَبَ يُقالُ على تَصَوُّرِ الفِعْلِ مِنْ فاعِلِهِ، وانْسَرَبَ على تَصَوُّر الاِنْفِعَالِ منه. وسَرَبَ الدَّمْعُ: سالَ. وانْسَرَبَتِ الحَيَّةُ إلَى جُحْرها. وسَرَبَ الماءُ مِنَ السِّقاءِ. وماءٌ سَرَبٌ وسَرِبٌ: مُتَقَطِّرٌ مِنْ سِقائِهِ.والسَّارِبُ: الذَّاهِبُ في سَرَبِهِ، أيَّ طَرِيقٍ كانَ {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرّعد: 10]. والسَّرْبُ: جَمْعُ سارِبٍ، نحوُ ركْبٍ ورَاكِبٍ، وتُعُورِفَ في الإبِلِ حتى قيلَ: ذُعِرتْ سَرْبُهُ، أي إبِلُهُ، وهو آمِنٌ في سِرْبِهِ، أي في نَفْسِهِ، وقيلَ في أهْلِهِ ونِسائِهِ، والسراب: الشعاع يُتَخَيَّلُ كالماءِ، يجري على الأرضِ نصفَ النهارِ حينَ يَشْتَدُّ الحرُّ، وإنما قيل سراب لأنه ينسرب، أي يجري كالماء. قوله تعالى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} [النُّور: 39] أي كشعاعٍ بأرضٍ مستوية يظنه العطشانُ ماء. و(قِيعَةٌ): جمع قاع وهو الواسع من الأرض المنبسطة وفيه يكون السراب، قال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النّبَإِ: 20].
سربل: السِّربالُ: القَمِيصُ مِنْ أيِّ جِنْسٍ كانَ، قال تعالى{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50]، {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النّحل: 81]، و{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النّحل: 81] أي تَقِي بَعْضَكُمْ مِنْ بَأسِ بَعْضٍ وخصوصاً في الحروب.
سرج: السِّرَاجُ: الزَّاهِرُ بِفَتِيلَةٍ ودُهْنٍ، ويُعبَّرُ به عَنْ كُلِّ مُضيءٍ {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نُوح: 16]، {سِرَاجًا وَهَّاجًا *} [النّبَإِ: 13] يعني الشمسَ. يُقالُ: أسْرَجْتُ السِّرَاجَ وسَرَّجْتُ كذا: جَعَلْتُهُ في الحُسْنِ كالسِّرَاجِ. قال الشاعِرُ:
وفاحِماً ومِرْسَناً مُسَرَّجا
والسَّرْجُ: رِحالَةُ الدَّابَّةِ. والسَّرَّاجُ: صانِعُهُ.
سرح: السَّرْحُ: شَجَرٌ له ثَمَرٌ، الواحِدَةُ سَرْحَةٌ، وسَرَّحْتُ الإِبِلَ: أصْلُهُ أنْ تُرْعِيَها السَّرْحَ، ثم جُعِلَ لِكُلِّ إرْسالٍ في الرَّعْيِ {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النّحل: 6]. والسّارِحُ: الرّاعي. والسَّرَحُ، جَمْعٌ كالشربِ. والتَّسْريحُ في الطَّلاقِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البَقَرَة: 229] وقولُهُ {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} [الأحزَاب: 49] مُسْتَعارٌ مِنْ تَسْرِيحِ الإبِلِ، كالطَّلاقِ في كَوْنِهِ مُسْتَعاراً مِنْ إطْلاقِ الإبِلِ. واعْتُبِرَ مِنَ السَّرْحِ المُضيُّ، فقيلَ ناقَةٌ سَرْحٌ: تَسْرَحُ في سَيْرها، ومَضَى سَرْحاً سَهْلاً. والمُنْسَرِحُ: بَحْرٌ من أبْحُر الشِّعر العَرَبِيَّةِ اسْتُعِيرَ لَفْظُهُ مِنْ ذلك.
سرد: السَّرْدُ: خَرْزُ ما يَخْشُنُ ويَغْلُظُ كَنَسْجِ الدِّرْعِ، وخَرْزِ الجِلْدِ، واسْتُعيِرَ لِنَظْمِ الحَدِيدِ. وهو مأخوذٌ من سَرْدِ الكلامِ إذا تابعَ بَيْنَ بَعْضِ الحروفِ وَبَعْض. {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سَبَإ: 11] أي عدِّلْ في نَسْجِ الدُّروعِ. ويُقالُ: سَرْدٌ وزَرْدٌ، والسِّرَادُ والزِّرَادُ، نحوُ سِرَاطٍ وصِرَاطٍ والمعنى: لا تَجْعَلِ المَساميرَ دِقاقاً فَتُفْلَقَ، ولا غِلاظاً فَتُكسَرَ. والمُسْرَدُ: المُثْقَبُ.
سردق: السُّرَادِقُ: فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وليسَ في كلامهمْ اسمٌ مُفْرَدٌ ثالثُهُ ألِفٌ وبَعْدَهُ حَرْفانِ {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]. والسُّرادقُ هو الخيمةُ التي تُمَدُّ فوق صحنِ البيتِ. وقيلَ: بَيْتٌ مُسَرْدَقٌ: مَجْعُولٌ على هَيْئَةِ سُرَادِقَ.
سرر: الإِسْرَارُ خِلافُ الإِعْلانِ {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً} [إبراهيم: 31]، {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البَقَرَة: 77]، {وأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [المُلك: 13] ويُستَعْمَلُ في الأعيانِ والمَعاني. والسِّرُّ: هو الحَدِيثُ المُكْتومُ في النَّفْسِ {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7]، و {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [التّوبَة: 78]. وسارَّهُ: إذَا أوصاهُ بأنْ يُسِرَّهُ. وتَسارَّ القومُ. وقولُهُ: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} [يُونس: 54] أي كَتَمُوها، وأسْرَرْتُ إلَى فُلانٍ حَدِيثاً: أفْضَيْتُ إليه في خِفْيَةٍ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ} [التّحْريم: 3]. وقولُهُ: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [المُمتَحنَة: 1] أي يُطْلِعُونَهُم على ما يُسِـرُّونَ مِـنْ مَوَدَّتِهِمْ. وقد فُسِّرَ بأنَّ مَعْناهُ يُظْهِرُونَ، وهذا صحيحٌ، فإنَّ الإِسْرَارَ إلى الغَيْرِ يَقْتَضِي إظهارَ ذلك لِمَنْ يُفْضَى إليه بالسِّرِّ، وإنْ كانَ يَقْتَضي إِخْفَاؤهُ عَنْ غَيْرِهِ، إذاً قولُهُمْ: أسْرَرْتُ إلَى فُلانٍ يَقْتَضِي مِنْ وجْهٍ الإظْهَارَ، ومِنْ وجْهٍ الإخْفاءَ، وعلى هذا قولُهُ: {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نُوح: 9]. وكُنِّيَ عَنِ النكاحِ بالسِّرِّ مِنْ حَيْث إنه يُخْفَى، واسْتُعِيرَ للخالِصِ، فقيلَ: هو مِن سرِّ قَوْمِهِ، ومنه سِرُّ الوادِي وسِرَارَتُهُ. وسُرَّةُ البَطْنِ: ما يَبْقَى بَعْدَ القَطْعِ،وذلك لاسْتِتارِها بِعُكَنِ البَطْنِ. والسُّرُّ والسُّرَرُ: يُقالُ لِما يُقْطَعُ منها. وأسِرَّةُ الرَّاحَةِ وأسارِيرُ الجَبْهَةِ: غُضونِها. والسَّرَارُ: اليومُ الذي يَسْتَتِرُ فيه القَمَرُ آخِرَ الشهر. والسُّرُورُ: ما يَنْكَتِمُ مِنَ الفَرَحِ {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسَان: 11]، {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البَقَرَة: 69]، {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 9] و {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 13]. والسَّريـرُ: الـذي يُجْلَـسُ عليـهِ مِنَ السُّرُورِ، إذْ كانَ ذلك لأولِي النِّعْمَةِ، لقوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} [الغَاشِيَة: 13] أي لأهلِ الجنَّةِ، وجَمْعُهُ أسِرَّةٌ وسُرُرٌ {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} [الطُّور: 20]، {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ} [الزّخرُف: 34]. وسَريرُ المَيِّتِ، تشبيهاً به في الصُّورَةِ وللتَّفاؤلِ بالسرورِ الذي يَلْحَقُ المَيِّتَ بِرُجُوعِهِ إلى جِوارِ اللَّهِ تعالى، وَخَلاصِهِ مِنْ سِجْنِهِ الدنيويِّ. بقولهِ (ص): «الدنْيا سِجْنُ المُؤمِن»(116).
سرط: السِّرَاطُ: الطَّريق المُسْتَسْهَلُ، أصْلُهُ مِنْ سَرَطْتُ الطّعامَ، وزَرَدْتُهُ: ابْتَلَعْتُهُ، فقيلَ: سِرَاطٌ، تَصَوُّراً أنه يَبْتَلِعُهُ سالِكُهُ، أو يَبْتَلِعُ سالِكَهُ. ألاَ تَرَى أنه قيلَ: قَتَلَ أرضاً عالِمُها، وقَتَلَتْ أرضٌ جاهِلَها. وعلى النَّظَرَيْنِ قال أبو تمامٍ:
رَعَتْهُ الفيَافي بَعْدَما كانَ حِقْبَةً رَعاها إذا مَا المُزْنُ يَنْهَلُّ ساكِبُه
سرع: السُّرْعَةُ: ضِدُّ البُطْءِ، تقديم الشيء في أقرب أوقاته، وهو محمود، وهو بخلاف العجلة لأن العجلة تقديم الشيء قبل أوانه وهو مذموم. يُقالُ: سَرُعَ فهو سَريعٌ، وأسْرَعَ فهو مُسْرعٌ، وأسْرَعُوا: صارَتْ إبِلُهُمْ سِرَاعاً، نحوُ أبْلَدُوا وسارَعُوا وتَسارَعُوا {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عِمرَان: 133]، {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [آل عِمرَان: 114]، {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} [ق: 44] و {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا} [المعَارج: 43]. وسَرَعانُ القومِ: أوائِلُهُمْ السِّرَاعُ. وقيلَ: سَرْعانَ ذا إهالَةً، وذلك مَبْنيٌّ مِنْ سَرَعَ، كَوَشكانَ مِنَ وَشَكَ، وعَجْلانَ مِنْ عَجلَ. وقولُهُ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عِمرَان: 199] وسَرِيعُ العِقابِ، فتنبيهٌ على ما قال {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. وأما قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} [المَائدة: 52] أي في موالاة اليهود والمشركين ومناصحتهم ومعاونتهم على المسلمين.
سرف: السَّرَفُ: تجَاوُز الحَدِّ في كُلِّ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الإنْسانُ، وإنْ كانَ ذلك في الإنْفاقِ أشْهَرَ {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفُرقان: 67]، {وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا} [النِّسَاء: 6]. ويُقالُ تارَةً اعْتِباراً بالقَدْرِ، وتارَةً بالكَيْفيَّةِ. ولهذا قال سُفْيانُ: ما أنْفَقْتَ في غَيْر طاعَةِ اللَّهِ فهو سَرَفٌ، وإنْ كانَ قليلاً. قال اللَّهُ تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعَام: 141]، والمُسْرِفُ بصيغة الفاعل: الكافر، قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غَافر: 43] أي المُتَجاوِزِينَ الحَدَّ في أمُورِهِمْ، وكذلك قوله {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غَافر: 28] وقوله: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} [غَافر: 34]. وسُمِّيَ قوم لوطٍ مُسرفينَ مِنْ حَيْثُ إنهمْ تَعَدَّوْا في وضْعِ البَذْرِ في الحَرْثِ المخْصُوصِ له المعْنيِّ بقولِهِ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البَقَرَة: 223]. وقولُهُ: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزُّمَر: 53] فَتَنَاوَلَ الإسرَافَ في المال وفي غَيْرِهِ. وقولُهُ في القصاصِ {فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسرَاء: 33] فَسَرَفُهُ: أنْ يَقْتُلَ غَيْرَ قاتِلِهِ إمَّا بالعُدُولِ عنه إلَى مَنْ هو أشرفُ منه، أو بِتَجاوُزِ قَتْلِ القاتِلِ إلى غَيرهِ، حَسْبَما كانَت الجاهليةُ تَفْعَلُهُ. وقولُهُمْ: مَرَرْتُ بكُمْ فَسَرَفْتُكُمْ، أي جَهِلْتُكُمْ، مِنْ هذا وذاكَ أنه تَجَاوَزَ ما لم يكُنْ حَقُّهُ أنْ يُتَجاوَزَ فَجهلَ، فلذلك فسر به. والسُّرْفَةُ: دُوَيْبةٌ تَأْكُل الورق، وسُمِّيَ بذلك لِتَصَوُّرِ مَعْنَى الإسرافِ منه. يُقالُ: سُرِفَتِ الشجرةُ، فهي مسروفةٌ.
سرق: السَّرِقَةُ: أخْذُ ما ليسَ له أخْذُهُ، في خَفاءٍ، وصارَ ذلك في الشرعِ لِتَناوُلِ الشيءِ مِنْ مَوْضِعٍ مخصُوصٍ، وقَدْرٍ مخصُوص {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المَائدة: 38] و {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يُوسُف: 77]، {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يُوسُف: 70]، {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} [يُوسُف: 81]. واسْتَرَقَ السَّمْعَ، إذَا تَسَمَّعَ مُسْتَخْفِياً {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} [الحِجر: 18]. والسَّرَقُ والسّرَقَةُ، واحِد وهو الحَريرُ الأبيضُ، مُعَرَّبٌ من «سَرَه» ومعناهُ بالفارسيَّةِ: الجيِّد.
سرمـد: السَّرْمَـدُ: الدَّائِـمُ مـن اتصالِ الزَّمانِ بتعاقُبِ اللَّيلِ والنهارِ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا} [القَصَص: 71] وبَعْدَهُ: {النَّهَارَ سَرْمَدًا} [القَصَص: 72]. قال طَرَفَةُ:
لعمرُك ما أمري عليَّ بغمَّةٍ نهاري ولا ليلي عليَّ بِسَرْمَدِ
سرى: السُّرى: سَيرُ اللَّيْلِ. مُؤنث ومذكر، يُقالُ: سرَى وأسْرى {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} [هُود: 81] و {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} [الإسرَاء: 1]. وقيلَ: إنَّ «أسرَى» مِنْ لَفْظَـةِ سَـرَى يَسـري، فقيل أسرى لأَوَّلِ اللَّيلِ، وسَرَى لآخر اللَّيلِ، وقيلَ أَسْرَى الرجلُ إِسْراءً: صار في سَراةٍ مِنَ الأرضِ، أيْ في أرضٍ واسعةٍ، وأصْلُهُ مِنَ الواوِ. فأسرَى، نحوُ أجْبَلَ وأتْهَمَ. وقولُهُ تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسرَاء: 1] أي ذَهَـبَ بـه فـي سَـرَاةٍ مِـنَ الأرضِ، وسَـرَاةُ كُـلِّ شـيءٍ أعْلاهُ، ومنـه سَرَاةُ النهارِ، أي ارْتِفاعُهُ. وقولُهُ تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مَريَم: 24] أي نَهْـراً يَسـري. وقيـلَ: بَـلْ ذلـك مـنَ السَّـرْوِ، أي الرِّفْعَةِ. يُقالُ: رَجُلٌ سرْوٌ، قال، وأشارَ بذلك إلى عيسى (ع) ، وما خصَّه به مِنْ سَرْوِهِ. والرجُلُ كان سَرِيّاً، أي ذا سخاءٍ في مروءةٍ، يُقالُ: سَرَوْتُ الثوبَ عَنِّي، أي ألْقَيْتُهُ وكشَفْتُهُ. وسَرَوْتُ الجُلَّ عَنِ الفَرَسِ. وقيلَ: ومنه رَجُلٌ سريٌّ، كأنه سرَى ثوبَهُ، بِخلافِ المُتَدَثِّرِ والمُتَزَمِّلِ والزَّمِيلِ. وقولُهُ: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يُوسُف: 19] أي خَمَّنُوا في أنْفُسِهِمْ أنْ يُحَصِّلُوا منْ بَيْعِهِ بضاعَةً. والسَّارِيَةُ: يُقالُ للقومِ الذينَ يَسْرُونَ باللَّيْلِ، وللسَّحابَةِ التي تأتي ليلاً أي تَسْري في الليل، وللأسْطوَانَةِ.
سطح: السَّطْحُ: أعلى الشَّيْءِ، وظَهْرُ البيتِ، يُقالُ: سَطَحْتُ البيتَ: جَعَلتُ له سَطْحاً. وسَطَحْتُ المكانَ: جَعَلْتُهُ في التَّسْويَةِ كَسَطْحٍ {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغَاشِيَة: 20]. وانْسَطَحَ الرَّجُلُ: امتَدَّ على قَفاهُ، قيلَ وبه سُمِّيَ سَطيحٌ أي ربيعٌ الذئبيُّ كاهِنُ اليمن المشهور، لكونِهِ مُنْسَطحاً لِزَمانَةٍ. والمِسْطَحُ: عَمُودُ الخَيْمَةِ الذي يجعَلُ بها لهَا سَطْحاً. وسَطَحْت الثَّريدَةَ في القَصْعَةَ: بَسَطْتُها.
سطر: السَّطْرُ والسَّطَرُ: الصَّفُّ مِنَ الكِتابَةِ، ومِنَ الشجر: المغْرُوسِ، ومِنَ القومِ: الوقُوفِ. وسَطَّرَ فُلانٌ كذا: كَتَبَ سَطْرا سَطْراً. قال تعالى {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القَلَم: 1]، {وَالطُّورِ *وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطُّور: 1-2] و {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسرَاء: 58] أي مُثْبَتاً مَحْفُوظاً. وجَمْعُ السَّطْر: أَسْطُرٌ وسُطُورٌ وأسْطارٌ. قال الشاعِرُ:
إنِّي وأَسْطارٍ سَطَرْنَ لَنا سَطْرا
وأمَّا قولُهُ: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [الأنعَام: 25] أساطيـرُ: جَمْعُ أسْطورَةٍ مِثْلُ أرْجُوحَةٍ وأرَاجِيحَ، وأثْفِيَّةٍ وأثافي، وأُحْدُوثَةٍ وأحادِيثَ. والأسطورةُ: الحديثُ الذي لا أصلَ له، والمشهورُ أنَّها قِصَّةٌ خُرافيَّةٌ فيها كثيرٌ مِنَ التَّهْويلِ. وقولُهُ تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [النّحل: 24] أي شيءٌ كَتَبُوهُ كَذِباً ومَيْناً فيما زَعَمُوا، نحوُ قولِهِ تعالى: {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفُرقان: 5]. أما قولُهُ تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ *لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغَاشِيَة: 21-22] وقولُهُ {أَمْ هُمُ الْمُسْيطِرُونَ} [الطُّور: 37] فإِنه يُقالُ: تَسَيْطَرَ فُلانٌ عَلى كذا، وسَيْطَرَ عليه، إذا أقامَ عليه قِيامَ سَطْرٍ، يقولُ لسْتَ عليهمْ بقائمٍ، واسْتِعْمالُ المسَيْطِر هَهُنا كاستعمالِ القائِمِ في قولِهِ: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرّعد: 33] وحَفيظ في قولِهِ: {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [الأنعَام: 107] وقيلَ: مَعْناهُ: ما جَعَلْناكَ عليهمْ حفيظاً، فيكُونُ المسَيْطِرُ كالكاتِبِ في قولِهِ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزّخرُف: 80] وهذه الكِتابَةُ هي المَذْكُورَةُ في قولِهِ: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} [الحَجّ: 70].
سطو: السَّطْوَةُ: البَطْشُ بِرَفْعِ اليَدِ، يُقالُ: سَطا عليهِ وبِهِ. {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [الحَجّ: 72] أي يكاد الكفار أن يبطشوا بالمؤمنين الذين يتلون آيات الله من شدّة الغيظ. يُقالُ سَطا (يسطو) الجوادُ على الرَّمكَةِ، وهي الفرسُ التي تُتّخذُ للنسل: إذَا أقامَ على رِجْلَيْهِ رَافِعاً يَدَيْهِ إمَّا مَرَحاً وإمَّا نَزْواً على الأنْثَى. وتُسْتَعَارُ السَّطْوَةُ للماءِ كالطَّغو. يُقالُ: سَطا الماءُ وطَغَى.
سعد: السَّعْدُ والسَّعادَةُ: مُعاوَنَةُ أَمْرِ اللَّهِ (تعالى) للإِنْسانِ على نَيْلِ الخَيرِ، ويُضادُّهُ الشَّقاوَةُ: يُقال: سَعِدَ، وأسْعَدَهُ اللَّهُ، ورَجُلٌ سَعِيدٌ، وقومٌ سُعَدَاءُ. وأعْظَمُ السَّعادَاتِ الجَنَّة، فلذلك قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ} [هُود: 108] وقال: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هُود: 105]. والمُساعَدَةُ: المُعاوَنَةُ فيما يُظَنُّ به سَعادَةٌ. وقولُهُم: «لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ» مَعْنَاهُ لزوماً لطاعتك بعد لزوم، أي: أسْعَدَكَ اللَّهُ إسْعاداً بَعْدَ إسْعَادٍ، أو ساعَدَكُمْ مُساعَدَةً بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ، والأوَّلُ أوْلى. وسُعْدانُ اسمٌ للإسعاد، يقال «سبحانَهُ وسُعْدانَهُ» أي أُسبِّحُهُ وأُطيعُهُ. والإِسْعادُ في البُكاءِ خاصَّةً. وقد اسْتَسْعَدْتُهُ، فأسْعَدَني. والسَّاعِدُ: العُضْوُ تَصَوُّراً لمساعَدَتِها. وسُمِّيَ جَناحا الطائِرِ ساعِدَيْنِ، كما سُمِّيا يَدَيْنِ. والسَّعْدَانُ: نَبْتٌ من أفضل ما ترعاه الإبل، ولذلك قيلَ «مَرْعىً ولا كالسَّعْدَانِ». وهو مَثلٌ يُضربُ للحكم بجودة أحد الفريقين وتفضيل الآخر عليه. والسَّعْدَانَةُ: الحَمامَةُ، وعُقْدَةُ الشِّسْعِ، وكِرْكِرَةُ البَعِيرِ (رَحَى زوْرِ البَعِيرِ). وسُعُودُ النجوم: هي كواكبُ عشرةٌ يقالُ لكلِّ واحدٍ منها سعدٌ، وهي: سعدُ بُلَع، وسعدُ الأَخبية، وسعدُ الذابح، وسعدُ السعود (يقولون: إذا طلع سعدُ السعود نضر العود) وسعد ناشرة وسعدُ الملِك، وسعدُ البِهام، وسعدُ الهُمام، وسعدُ البارع وسعدُ مطر.
سعر: السَّعْرُ: التِهابُ النار. وقد سَعَرْتُها، وسَعَّرْتُها، وأسْعَرْتُها. والمِسْعَرُ: الخَشَبُ الذي يُسْعَرُ به. واسْتَعَرَ الحَرْبُ، واللُّصُوصُ، نحوُ اشْتَعَلَ. والسُّعْر والسُّعارُ: الحرُّ، والسَّعِيرُ: النارُ ولهبُها، الجمع سُعُرٌ لأنك تقول: سُعِّرَتْ فهي مسعورةٌ. وسَعَرَ الرَّجُلُ: أصابه حَرٌّ {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النِّسَاء: 10]، {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} [التّكوير: 12] وقُرِىءَ بالتخفيفِ. وقولُهُ: {وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحَجّ: 4] أي حَمِيمٍ، فهو (فَعِيلٌ) في معنَى مَفْعُولٍ. وقال تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القَمَر: 47]. والسِّعْرُ في السُّوقِ: ما يقومُ عليه الثَّمَنُ فيزدادُ بازدياد الطلب، تشبيهاً بالنارِ كلما أوقدتها زادت استعاراً.
سعى: السَّعْيُ: المَشْيُ السريعُ، وهو دُونَ العَدْوِ، ويُسْتَعْمَل لِلجدِّ في الأمْر خَيراً كانَ أو شرّاً. قال تعالى: {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البَقَرَة: 114]، {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التّحْريم: 8]، {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المَائدة: 33]، {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ} [البَقَرَة: 205]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى *وأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النّجْم: 39-40]، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليْل: 4]، {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسرَاء: 19]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبيَاء: 94]. وأكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ السَّعْيُ في الأفْعَالِ المحْمُودَةِ. قال الشاعِرُ:
إنْ أجْزِ عَلْقَمَةَ بنَ سعْدٍ سعْيَهُ لا أجْزهِ بِبلاءِ يومٍ واحِدٍ
وقال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصَّافات: 102] أي أدْرَكَ ما سَعَى في طَلَبهِ. وخُصَّ السَّعْيُ فيما بينَ الصَّفا والمرْوَةِ مِنَ المشْي عند أداءِ شعائر الحجِّ أو العُمرة؛ والسِّعايَةُ بالنَّمِيمَةِ، وبأخْذِ الصَّدَقَةِ، وبكَسْبِ المُكاتَبِ لِعِتْقِ رَقَبَتِهِ. والساعي أكثرُ ما يقال في والي الصدقة وجابيها، والبريد، والرسولِ في حاجة. والمساعاةُ: بالفُجُورِ. والمسْعاةُ: بطَلَبِ المكْرُمَةِ. قال تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [الحَجّ: 51] أي اجْتَهَدُوا في أنْ يُظْهِرُوا لَنا عَجْزاً فيما أنْزَلْناهُ مِنَ الآياتِ.
سغب: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البَلَد: 14] مِنَ السَّغَبِ، وهو الجُوعُ مَعَ التَّعَبِ، قال رسول الله (ص) : «موجبات المغفرة: إطعامُ السَّغبان»(117) أي الجوعان. وسَغِبَ سَغَباً وَمَسْغَبةً، وهو ساغِبٌ وسَغْبانُ، وهي سَغْبَى.
سَفَحَ: سَفَحَ سَفْحاً الماءَ: أَراقَهُ، أو صَبَّهُ؛ وَسَفَحَ الدمَ: سَفَكَهُ وأَراقَهُ، والاسمُ السَّفَّاح، وسفحَ الدمعَ سَفْحاً وسُفُوحاً: صَبَّهُ وأَرسَلَهُ. وقولُه تعالى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعَام: 145] أي مَصبوبـاً، وإنما خُصَّ المصبوبُ بالذِّكرِ لأنَّ ما يختَلط باللَّحم مَعْفُوٌّ عنه مُباح، والسِّفاحُ: الزِّنَى، وسُمِّيَ الزِّنَى سِفاحاً لأنه كان عن غيرِ عقدٍ فكأنه بمنزلة الماءِ المسفوح الذي لا يَحْبِسُهُ شيءٌ، يقالُ: سافَحَها مُسافحةً وسِفاحاً: أقامَ معها على الْفُجورِ مِنْ غيرِ تزويجٍ صحيحٍ مُحَلّلٍ. قولُه تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النِّسَاء: 24] وقوله تعالى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النِّسَاء: 25] معناه: أَعِفَّةٌ غيرُ زُناةٍ، أي مُتَزَوِّجونَ غيرُ زَانينَ.
سفر: السَّفْرُ: كَشْفُ الغَطاءِ، ويَخْتَصُّ ذلك بالأعْيانِ، نحوُ سَفَرَ العِمامَةَ عَنِ الرأسِ، والخِمَارَ عَنِ الوَجْهِ. وسَفْرُ البيتِ: كَنْسُهُ بالمِسْفَر، أي المِكْنَسِ، وذلك إزَالَةُ السَّفِير عنه، وهو التُّرابُ الذي يُكنَسُ منه. والإسْفارُ: يَخْتَصُّ باللَّوْنِ نحوُ: {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدَّثِّر: 34] أي أشرَق لَوْنُهُ. قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عَبَسَ: 38]. وأسْفِرُوا بالصُّبْحِ تُؤْجَرُوا: منْ قولِهِمْ أسْفَرْتُ، أي دَخَلْتُ فيه، نحوُ: أصْبَحْتُ. وسَفَرَ الرَّجُلُ، فهو سافِرٌ. والجمعُ: السَّفْرُ، نحوُ رَكْبٍ. وسافَرَ: خُصَّ بالمُفاعَلَةِ، اعْتِباراً بأنَّ الإِنْسانَ قد سَفَرَ عَنِ المكانِ والمكانُ سَفَرَ عنه. ومِنْ لَفْظِ السَّفَر اشْتُقَّ السُّفْرَةُ لِطَعامِ السَّفَر، ولما يوضَعُ فيه {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النِّسَاء: 43]. والسِّفْرُ: الكِتابُ الذي يُسْفِرُ عَنِ الحقَائِقِ، وجَمْعُهُ أسْفارٌ {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجُمُعَة: 5] وخُصَّ لَفْظُ الأسْفارِ في هذا المكانِ تَنْبِيهاً أنَّ التَّوْرَاةَ وإنْ كانَتْ تُحَقِّقُ ما فيها، فالجاهِلُ لا يَكادُ يَسْتَبِينُها كالحمارِ الحاملِ لهَا. وقولُهُ تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ *كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عَبَسَ: 15-16] فَهُمُ الملائِكَةُ الموصُوفُونَ بقولِهِ: {كِرَامًا كَاتِبِينَ *} [الانفِطار: 11]. والسَّفَرَةُ: جَمْعُ سافِرٍ، كَكَاتِبٍ وكَتَبَةٍ. والسَّفِيرُ: الرَّسُولُ بَينَ القومِ يَكْشِفُ ويُزيلُ ما بينَهُمْ مِنَ الوَحْشَةِ، فهو فَعِيلٌ في معنَى فاعِلٍ. والسِّفارَةُ: الرِّسالَةُ. فالرَّسُولُ والملائِكَةُ والكُتُبُ مُشْتَركَةٌ في كَوْنها سافِرَةً عَنِ القومِ ما اسْتَبْهَمَ عليهمْ. والسَّفِيرُ فيما يَكْنسُ: في معنى المفعُولِ. والسِّفارُ في قول الشاعر:
وما السِّفارُ قُبْحَ السُّفارِ
فقيل: هو حَدِيدَةٌ تُجْعَلُ في أنْفِ البَعِير، فإنْ لم يكُنْ في ذلك حُجَّةٌ غَيرُ هذا البيتِ، فالبيتُ يَحْتمِلُ أنْ يكُونَ مَصْدَرَ سافَرْتُ.
سفع: السَّفْعُ: الْجَذْبُ الشَّديدُ. يقال سَفَعْتُ بالشيء إذا قبضتُ عليه وجَذَبْتُهُ جَذْباً شَديداً، وَسَفَعَتْهُ النارُ أو الشمسُ إذا غيَّرتْ وجْهَهُ. والأخْذُ بسُفْعَةِ الفَرَسِ، أي سَوادِ ناصِيَتِهِ. ومنه: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العَلق: 15] أي لَنَجُرَّنَّ بناصيتِه إلى النَّار، والنَّاصِيَةُ شَعْرُ مُقدَّمِ الرَّأسِ؛ و: به سُفْعَةُ غَضَبٍ، اعْتِباراً بِما يَعْلُو مِنَ اللَّوْنِ الدُّخانيِّ وجْهَ مَنِ اشْتَدَّ به الغَضَبُ.
سفك: السَّفْكُ في الدَّمِ: صَبُّهُ أو إهْراقُهُ {وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البَقَرَة: 30]. وكذا في الجَوْهَرِ المُذَابِ؛ وفي الدَّمْعِ: جريانُهُ.
سفل: السُّفْلُ: ضِدُّ العُلوِّ. وسَفُلَ، فهو سافِلٌ {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحِجر: 74]. وأسْفَلَ: ضِدُّ أعْلى {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفَال: 42]. وسَفُلَ: صارَ في سُفْلٍ {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التِّين: 5]، و {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} [التّوبَة: 40] وقد قُوْبِلَ بِـ (فَوْقٍ) في قولِهِ: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزَاب: 10]. وسُفالَةُ الرِّيحِ: نقيض علاوتها التي هي حيثُ تهبُّ. والسِّفْلَةُ والسَّفْلَةُ مِنَ الناسِ: أنذالُهم وسُقَّاطُهُم، نحوُ الدُّونِ، ويقال: وأمْرُهُمْ في سَفالٍ.
سفن: السَّفَنُ: نَحْتُ ظاهر الشيءِ، سَفَنَ العُودَ والجِلْدَ يَسْفِنُهُ سَفْناً: قَشَرَهُ، وسَفَنَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ عَنِ الأرضِ: جَعَلَتْهُ دُقاقاً، قال الشاعِرُ:
فَجاءَ خَفِيّاً يَسْفِنُ الأرضَ صَدْرُهُ
والسَّفَنُ، نحوُ النَّقْضِ، لما يُسْفَنُ. وخُصَّ السَّفَنُ بِجِلْدَةِ قائِمِ السَّيْفِ، وبِالحَدِيدَةِ التي يسْفِنُ بها، وباعْتِبارِ السَّفْن سُمِّيَتِ السَّفِينَةُ {أَمَّا السَّفِينَةُ} [الكهف: 79] ثم تُجُوِّزَ بالسَّفِينَةِ فَشُبِّهَ بها كُلُّ مَركُوبِ سَهْلٍ.
سفه: السَّفَهُ والسّفاهةُ: خِفّةٌ في الحِلْمِ وخِفّةٌ في البَدَن؛ وثوبٌ سفيهٌ أي ردِيءُ النّسْج؛ واستُعمِلَ في خِفَّةِ النفسِ وجَهْلِها أو حمقِها لنُقصانِ العَقْلِ. قولُه تعالَى: {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ} [الأعرَاف: 67] أي ليسَ بي نقصٌ في عقْلِي، ولذا يقال: فلانٌ خفيفُ العَقْل، وعلى عكسه: يقالُ فلان راجحُ العَقْل، فيكونُ السَّفَهُ في الأمورِ الدنيويَّةِ والأخرويَّةِ. قال في السَّفَهِ الدُّنْيَويِّ: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النِّسَاء: 5] وقال في الأُخْرَوِيِّ: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} [الجنّ: 4] فهذا مِنَ السَّفَهِ في الدِّينِ. وقال: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} [البَقَرَة: 13] فَنَبَّهَ أنهمْ هُمُ السُّفَهاءُ في تَسْمِيَةِ المُؤْمِنينَ سُفَهاءَ، وعلى ذلك قولُهُ: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا ولاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البَقَرَة: 142].
سقر: مِنْ سَقَرَتْه الشمسُ، وقيلَ صَقَرَتْهُ، أي لَوَّحَتْهُ وآذَتْ دِماغَهُ. وجُعِلَ سَقَرُ اسمَ عَلَم لجَهَنَّمَ نحو قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدَّثِّر: 42] و {فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القَمَر: 48]. ولما كانَ السَّقْرُ يَقْتَضي التَّلويحَ في الأصْلِ، نَبَّهَ بقولِهِ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ *لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ *لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدَّثِّر: 27-29] أنَّ ذلك مُخالِفٌ لِما نَعْرفُهُ مِنْ أحْوَالِ السَّقْر في الشاهِدِ، والسَّقَّارُ: الكافِرُ، واللعَّانُ لغير المستحقينَ اللَّعْنَ، ج سقَّارة.
سقط: السُّقُوطُ: طَرْحُ الشيءِ مِنْ مَكانٍ عالٍ إلى مكانٍ مُنْخَفِضٍ، كَسُقُوطِ الإنْسانِ مِنَ السَّطْحِ أو سقوطه في الامتحان والاختبار {أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التّوبَة: 49]، أو سقوط العذاب على الكفّار {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} [الطُّور: 44] و {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} [الشُّعَرَاء: 187]. والسَّقَطُ والسُّقاطُ، لما يقِلُّ الاعْتِدَادُ به، ومنه قيلَ: رَجُلٌ ساقِطٌ لَئيم في حَسَبِهِ، وقد أسْقَطَهُ من يدِهِ: أوقَعَهُ، وأسقَطَ الأوغادُ له في الكلام: سبُّوهُ بسَقْطِ الكلام ورديئِهِ. وأسْقَطَتِ المرأةُ: اعْتُبِرَ فيه الأمْرَانِ: السُّقُوطُ مِنْ عالٍ، والرَّدَاءَةُ جَمِيعاً. فإِنه لا يُقالُ أسْقَطَتِ المرأةُ إلا في الوَلَدِ الذي تُلْقِيهِ قبلَ التمامِ، ومنه قيلَ لذلك الوَلَدِ: سَقْطٌ، وبه شُبِّهَ سَقْطُ الزَّنْدِ: ما يسْقُطُ مِنَ النارِ عندَ القَدْح. وقولُهُ تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعرَاف: 149] فإنه يَعْني النَّدَمَ، أي لحقتهم الندامة، وقُرىءَ {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مَريَم: 25] أي تَسَّاقَط النَّخْلَةُ، وقُرىءَ تَساقَطْ بالتخفيفِ، أي تَتَساقَط فحذفَ إحْدَى التاءَيْنِ. وإذا قُرىءَ تَساقَطْ فإنَّ تَفاعَلَ مُطاوِعُ فاعَلَ، وقد عَدَّاهُ كما عُدِّيَ تَفَعَّل في نحو تَجَرَّعهُ، وقُرىءَ يَسَّاقَطُ عَلَيْكِ، أي يَسَّاقَطُ الجِذْعُ.
سقف: السَّقْفُ: غَمَى البيتِ وأَعلاهُ مقابلاً لأَرضِهِ. وجَمْعُهُ: سُقُفٌ وسُقُوفٌ، وجَعَلَ السماءَ سَقْفاً في قولِهِ: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطُّور: 5]. وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبيَاء: 32] وقال: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزّخرُف: 33]. والسَّقِيفَةُ: كُلُّ مَكانٍ له سَقْفٌ وسُقُوفٌ كالصُّفَّةِ والبيتِ. والسَّقَفُ: طولٌ في انحناءٍ، تشبيهاً بالسَّقْفِ.
سقم: السَّقَمُ والسُّقْمُ، جمعه أسقام: المَرَضُ المخْتَصُّ بالبَدَنِ. قال أبو البقاء في كلياته: «السَّقَمُ تأثيره في البدن، والمرضُ يَكُونُ في البَدَنِ والنَّفْسِ» نحوُ {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البَقَرَة: 10] وقولُهُ تعالى: {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصَّافات: 89] فَمِنَ التَّعْريضِ، أو الإشَارَةِ إلى ماضٍ، وإمَّا إلى مُسْتَقْبَلٍ، وإمَّا إلى قليلٍ ممَّا هو مَوْجُودٌ في الحالِ إذْ إن الإنْسان لا يَنْفَكُّ مِنْ خَلَلٍ يَعْتَريه، وإنْ كانَ لا يحسُّ به. ويُقالُ: مَكانٌ سَقِيمٌ، إذا كانَ فيه خَوْفٌ.
سقى: السَّقْيُ والسُّقْيا: أنْ يُعْطِيَهُ ما يشرب. والإسقاءُ: أنْ يَجْعَلَ له ذلك حتى يتَناوَلَهُ كَيْفَ شاءَ. فالإسْقاءُ: أبْلَغُ مِنَ السَّقْي، لأن الإسْقاءَ هو أنْ تَجْعَلَ له ما يُسْقَى منه ويشرب. تَقُولُ: أسْقَيْتُهُ نَهراً {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسَان: 21]، {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} [محَمَّد: 15]، {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} [الشُّعَرَاء: 79]. وقال في الإِسْقاءِ: {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المُرسَلات: 27]، {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} [الحِجر: 22] أي جَعَلْنَاهُ سَقْياً لكم. وقال: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21] بالفتحِ والضمِ. ويقالُ للنَّصِيبِ مِنَ السَّقْي: سَقْيٌ، ولِلأرْضِ التي تُسْقَى: سِقْيٌ لكَوْنِهِما مَفْعُولَيْنِ، كالنِّقْضِ. والاسْتِسْقاءُ: طَلَبُ السَّقْي أو الإِسْقاءِ {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى} [البَقَرَة: 60]. والسِّقاءُ: ما يُجْعَلُ فيه ما يُسْقَى. وأسْقَيْتُكَ جِلْداً: أَعْطَيْتُكَهُ لِتَجْعَلَهُ سِقاءً. وقولُهُ تعالى: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يُوسُف: 70] فهو المسَمَّى صُوَاعَ المَلِكِ، فتَسْمِيَتُه السقايَةَ تنبيه أنه يُسْقَى به، وتَسْمِيَتُهُ صُواعاً على أنه يكالُ به.
سكب: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} [الواقِعَة: 31] أي ماءٍ مَصْبُوبٍ. وفَرَسٌ سَكْبُ الجَرْيِ. وسَكَبْتُهُ فانْسَكَبَ. ودَمْعٌ ساكِبٌ، مُتَصَوَّرٌ بصورة الفاعِلِ. وقد يُقالُ: مُنْسَكِبٌ. وثوبٌ سَكْبٌ: تشبيهاً بالمنْصَبِّ لِدِقَّتِهِ ورِقَّتِهِ، كأنه ماءٌ مسكُوبٌ.
سكت: السُّكُوتُ: مُخْتَصٌّ بِتَرْكِ الكلامِ. ورَجُلٌ سِكِّيتٌ، وساكُوتٌ: كَثِيرُ السُّكُوتِ. والسَّكْتَةُ والسُّكاتُ: ما يَعْتَرِي مِنْ مَرَضٍ. والسَّكْتُ: يَخْتَصُّ بِسكُونِ النَّفَسِ في الغِناءِ. ولما كانَ السُّكُونُ ضَرْباً مِنَ السُّكوتِ اسْتُعيرَ له في قولِهِ: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} [الأعرَاف: 154] أي سكنت نفس موسى (ع) .
سكر: السُّكرُ: حالَةٌ تَعْرِضُ بَيْنَ المرءِ وعَقْلِهِ، وأكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ ذلك في الخمرة، وقد يَعْتَرِي مِنَ الغضَبِ والعِشْقِ، ولذلك قال الشاعِرُ:
سَكْرَانُ سُكرَ هَوًى وسُكرَ مُدَامِ
ومنه سَكَرَاتُ الموْت {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} [ق: 19]. وقوله: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحَجّ: 2] من شدة الخوف والفزع. {وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحَجّ: 2] من الشراب المسكر، ولكنهم سكارى من الذهول، فهم يضطربون اضطراب السكران، والسَّكَرُ: اسمٌ لما يَكُونُ منه السُّكْرُ {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَناً} [النّحل: 67]. والسَّكْرُ: حَبْسُ الماءِ وذلك باعْتِبارِ ما يَعْرضُ مِنَ السَّدِّ بَيْنَ المرْءِ وعَقْلِهِ. والسِّكرُ: الموْضِعُ المسْدودُ. وقولُهُ تعالى: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحِجر: 15] قيلَ: هو مِنَ السَّكْر، وقيلَ: هو مِنَ السُّكْر. ولَيْلَةٌ ساكِرَةٌ، أي ساكِنَةٌ اعْتِباراً بالسُّكُون العارض مِنَ السُّكْر.
سكن: السُّكُونُ: ثُبُوتُ الشيءِ بَعْدَ تَحَرُّكٍ، ويُسْتَعْمَلُ في الاِسْتِيطانِ، نحوُ سَكَنَ فُلانٌ مَكانَ كذا، أي اسْتَوْطَنَهُ. واسمُ المَكَانِ: مَسكَنٌ. والجمعُ: مَساكِن: {لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25]. وقال تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الأنعَام: 13]، {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} [يُونس: 67] فَمِنَ الأوَّلِ يُقالُ: سَكَنْتُهُ. ومِنَ الثاني يُقالُ: أسْكَنْتُهُ، نحوُ قولِهِ تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 37] و {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطّلاَق: 6]. وقولُهُ تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ} [المؤمنون: 18] فَتَنْبيهٌ منه على إيجادِهِ وقُدْرَتِهِ على إفنائِهِ. والسَّكَنُ: السُّكُونُ، وما يُسْكَنُ إليه {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً} [النّحل: 80]، {إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التّوبَة: 103]، {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} [الأنعَام: 96]. والسَّكَنُ: الدارُ التي يُسْكَنُ بها في الآخرة. والسُّكْنَى: أنْ يَجْعَلَ له السُّكُونَ في دَارٍ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ. والسَّكْنُ: سكَّانُ الدَّارِ. وقيلَ في جَمْعِ ساكِنٍ: سُكَّانٌ. والسُّكَّانُ: الذنبُ الذي به تَقُومُ السفينةُ وتُسكَّنُ. والسِّكِّينُ: الآلةُ التي يُذبَحُ بها، وسُمِّيَ لإزَالَتِهِ حركةَ المذْبُوح. وقولُهُ تعالى: {أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفَتْح: 4] فقد قيلَ هو مَلَكٌ يُسَكِّنُ قَلْبَ المؤمْنِ، ويُؤَمِّنُهُ، كما رُوِيَ أنَّ أمِيرَ المؤمِنينَ (ع) قال: «إنَّ السَّكينَةَ لَتَنْطِقُ على لِسانِ عُمَرَ»، وقيلَ: هو العَقْلُ، وقيلَ: له سكِينَةٌ، إذا سكَّنَ عَنِ الميْلِ إلى الشَّهَوَاتِ. وعلى ذلك دَلَّ قولُهُ تعالى: {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرّعد: 28] وقيلَ: السَّكينَةُ والسَّكَنُ واحِدٌ، وهو زَوَالُ الرُّعْبِ. وعلى هذا قولُهُ تعالى: {أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البَقَرَة: 248]. والمِسكِينُ: قيلَ هو الذي لا شيءَ له، وهو أبْلَغُ مِنَ الفَقِيرِ. وقولُهُ تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] فإنه جَعَلَهُمْ مَساكِينَ بَعْدَ ذَهابِ السَّفينَةِ، أو لأنَّ سَفينَتُهمْ غَيرُ مُعْتَدٍّ بها في جَنْبِ ما كانَ لَهُمْ مِنَ المسكَنَةِ. وقولُهُ: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البَقَرَة: 61] أيْ أُلزِمَ اليهودُ الذِّلَّةَ إِلزاماً لا يَبرَحُ عنهمْ. والمسكنَةُ: تعني زِيَّ الفقرِ فَترى المَثْرِيَ منهمْ يتياءَس.
سلب: السَّلْبُ: نَزْعُ الشَّيءِ مِنَ الغَيْرِ على القَهْرِ {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحَجّ: 73]. والسَّلِيبُ: الرَّجُلُ المسْلُوبُ، والناقَةُ التي سُلِبَ ولَدُها. والسَّلَبُ: المسْلُوبُ. ويُقالُ لِلِحاءِ الشَّجَرِ المنْزُوعِ منه: سَلَبٌ. والسُّلُبُ في قولِ الشاعِرِ:
في السُّلُبِ السُّودِ وفي الامْساحِ
فقد قيلَ: هي الثيابُ السُّودُ التي يَلْبَسُها المصابُ، وكأنها سُمِّيَتْ سَلَباً لِنَزْعِهِ ما كانَ يَلْبَسُهُ قَبْلُ. وقيلَ: تَسَلَّبَتِ المرأةُ، مِثْلُ أَحَدَّتْ. والأسالِيبُ: الفُنُونُ المخْتَلِفَةُ.
سلح: السِّلاحُ: اسمٌ جامِعٌ لآلةِ الحَرْبِ، أيْ كُلُّ ما يُقاتَلُ به، وجَمْعُهُ: أسْلِحَةٌ. {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النِّسَاء: 102] أي أمْتِعَتَهُمْ. والإِسلِيحُ: نَبْتٌ إذا أَكَلَتهُ الإبِلُ غَزرَتْ وسَمِنَتْ، وكأنَّما سُمِّيَ بذلك لأنها إذا أكَلَتْهُ أَخَذَتِ السِّلاحَ، أي مَنَعَتْ أن تُنْحَرَ إشارَةً إلى ما قال الشاعِرُ:
أزْمانَ لمْ تَأْخُذْ عَلَيَّ سِلاحَها إبِلي بِجُلَّتِها ولا أبكارِها
والسَّلْحُ: كِنايَةٌ عَنْ كُلِّ عَذْرَةٍ، ومنه قولهم: سَلْحُ الحمام.
سلخ: السَّلْخُ: نَزْعُ جِلْدِ الحَيَوانِ. يُقالُ: سلَخْتُهُ فانْسَلَخ، وعنه اسْتُعِيرَ: سَلَخْتُ دِرْعَهُ: نَزَعْتُها. وسَلَخَ الشهرُ وانْسَلَخَ، أي مضى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التّوبَة: 5]، و {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37] أي نستَلُّهُ من الليل ونخرج منه ضوء الشمس فيعمّ الظلام. و «أسْوَدُ سالِخٌ» صفةٌ للأسود من الحيّاتِ لأنه ينسلخُ جلدُهُ كل عَام، ويقال للأُنثى منه «أسْوَدَة» فلا توصف بِـ «سَالِخَة»، ولا يُثنَّى سالخ في الصفة بل يقال: أسوَدُ سالِخٌ، وأسودانِ سالِخٌ. ونَخْلَةٌ مِسْلاخٌ: يَنْتَثِرُ بُسرُهَا الأخْضرُ.
سلط: السَّلاطَةُ: التَّمكُّنُ مِنَ القَهْر. يُقالُ: سَلَّطْتُهُ فَتَسَلَّطَ. قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ} [النِّسَاء: 90] و {اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحَشر: 6] ومنه سُمِّيَ السُّلْطانُ. والسُّلْطانُ: يُقالُ في الحجَّةِ والقوة والقدرة والتَّسَلُّطِ نحوُ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} [الإسرَاء: 33]، {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النّحل: 99]، {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النّحل: 100]، و {لاَ تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} [الرَّحمن: 33] أي لا تخرجون من فضاءِ الأرضِ إلا بقوة وعلمٍ وقدرةٍ من الله يعطيكموها. والحُجَّةُ كما ذكرنا: (سُلْطاناً)، وذلك لما يَلْحَقُ مِنَ الهُجُومِ على القُلُوبِ، لكِنْ أكْثَرُ تَسَلُّطِهِ على أهْلِ العلْمِ مِنَ غير المؤمِنينَ {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} [غَافر: 35] و {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الرُّوم: 35]: أم أنزلنا عليهم حجةَ يتسلطون بها كأنها تتكلم بصحّةِ شركهم وتحتجّ لهم به. و {فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم: 10]، و {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [هُود: 96] وقال: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} [النِّسَاء: 144]. {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحَاقَّة: 29] يَحْتَمِلُ السلطانَينِ. وسلاطَةُ اللسانِ: القُوَّةُ على المقالِ، وذلك في الذَّمِّ أكْثَرُ اسْتِعْمالاً.
سلف: السَّلَفُ: المُتَقَدِّمُ من الآباء والقرابة، ج أَسْلافٌ وسُلاَّفٌ. {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ} [الزّخرُف: 56] أي مُعْتَبَراً مُتَقَدِّماً من السَّالِفِ. يُقالُ: «كانَ ذلك في سَالِفِ الدَّهْرِ» أي في ما تقدَّمَ مِنْهُ، والسالِفَةُ: الماضيةُ أمامَ الغابِرَةِ، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البَقَرَة: 275] إلى قوله {فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البَقَرَة: 275] أي يُتَجافى عما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ، وكذا قولُهُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النِّسَاء: 23] إلى قوله {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} [النِّسَاء: 23] أي ما تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِكم فذلك مُتَجافىً عنه، فالاسْتِثْناءُ عَنِ الإِثْمِ لا عَنْ جَوَازِ الفِعْلِ. ولِفُلانٍ سَلَفٌ كَريمٌ: أي آباءٌ مُتَقَدِّمُونَ، والسالِفَةُ: صَفْحَةُ العُنُقِ. والسَّلَفُ: ما قُدِّمَ مِنَ الثَّمَنِ على المبِيعِ. وقوله تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يُونس: 30] أي ما قدَّمتْ في ذلك الزمان وفي ذلك المكان وفي تلك الحال من خيرٍ أو شرٍّ جزاءَ ما عملتْ.
سلق: السَّلْقُ: بَسْطٌ بِقَهْرٍ إمَّا باليَدِ أو باللسانِ، ومنه التَّسَلُّقُ على الحائِطِ؛ وَسَلَقَهُ بالكلام: آذاهُ، وهو شدّةُ القول باللسان {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزَاب: 19]. يُقالُ: سَلَقَ امْرَأتَهُ، إذا بَسَطَها فَجامعَها. قال مُسَيْلِمَةُ: إنْ شِئتِ سَلَقْناكِ، وإنْ شِئْتِ على أرْبَعٍ. والسَّليقَةُ: خُبْزٌ مُرَقَّقٌ وجَمْعُها سَلائقُ. والسَّلِيقَةُ أيضاً: الطبِيعَةُ المتَبايِنَةُ. والسليقيّة نسبة إلى السليقةِ، يقال «فلان يتكلَّمُ بالسليقيّةِ» أي عن طبعه لا عن تَعَلُّمٍ. والسَّلَقُ: القاعُ الصَّفْصَفُ، الأَمْلَسُ، الطَّيِّبُ الطِّينِ.
سلـك: السُّلُوكُ: النَّفاذُ في الطَّريقِ. يُقالُ: سَلَكتُ الطَّريقَ، وسَلكْتُ كذا في طَريقِـهِ. من الأول: {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا} [نُوح: 20]، و {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً} [النّحل: 69]، {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} [الجنّ: 27]، {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} [طه: 53]. ومِن الثاني قولُهُ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدَّثِّر: 42] وقولُهُ: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحِجر: 12] أي إِعراضُ الكُفَّارِ عَنِ القُرآنِ لا يَمْنَعُنَا أَنْ نُدخِلَهُ في قلوبِهِمْ تأكيداً للحُجَّةِ عليهم. {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشُّعَرَاء: 200]، {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} [المؤمنون: 27] وهو أمرْ اللَّهِ ـ تعالى ـ لنبيِّهِ نوح (ع) بأنْ يُدخِلَ في السفينةِ من كل أنواعِ الطير والحيوانِ زَوْجَيْنِ (ذكرٍ وأُنْثى). وفي قوله تعالى: {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجنّ: 17]، جَعَل «عَذَاباً» مَفْعُولاً ثانياً، وقيل: «عَذَاباً» هو مصدرٌ لِفعْلٍ محذوفٍ، كأنه قيلَ: نُعَذِّبْهُ عَذَاباً. ومنه قال بعضُهم: سلكتُ فلاناً، طريقاً أي أسلكْتُهُ فيه.
سلل: سَلُّ الشيءِ مِنَ الشيءِ: نَزْعُهُ، كَسَلِّ السَّيْفِ مِنَ الغِمْدِ، وسَلِّ الشيءِ مِـنَ البيـتِ على سبيلِ السَّرقَةِ، وسَلِّ الوَلَدِ مِنَ الأبِ. ومنه قيلَ للوَلَدِ سَلِيلٌ. وقوله تعالى: {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النُّور: 63] أي يخرجونَ مِنَ المسجد في الخطبة مُتَخَفِّينَ ومُسْتَترينَ بشيء، وقولُهُ تعالى: {مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] أي مِنَ الصَّفْو الذي يُسَلُّ مِنَ الأرضِ. وقيلَ: السُّلالَةُ كِنايَةٌ عَنِ النُّطْفَةِ، تُصُوِّرَ دُونَهُ صَفْوُ ما يَحْصُلُ منه.والسُّلُّ: مَرَضٌ تَنْدَثِرُ منه أَنْسِجَةُ الرِّئتينِ وَيَصْحَبُهُ سُعالٌ وحُمَّى هادِئةٌ، ويَهزلُ منهُ الجِسْمُ، وَقَدْ يُصيبُ أعضاء أخرى في الجسمِ. وقد أسَلَّهُ اللّهُ. قال عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «لا إسْلالَ ولا إغْلالَ» [سنن الدارمي ـ باب الجهاد]. وتَسَلْسَلَ الشيءُ: اضْطَرَبَ، كأنه تُصُوِّرَ منه تَسَلُّلٌ مُتَرَدِّدٌ فَرُدِّدَ لَفْظُهُ تنبيهاً على تَرَدُّدِ مَعْناهُ، ومنه السِّلْسِلَةُ. {فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا} [الحَاقَّة: 32] و {سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيرًا} [الإنسَان: 4] و {وَالسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ} [غَافر: 71]. ورُوِيَ: يا عَجَبَا لقومٍ يُقادُونَ إلى الجَنَّةِ في السَّلاسِل(118). وماءٌ سَلْسَلٌ: مُتَرَدِّدٌ في مَقَرِّهِ حتى صَفا. قال الشاعِرُ:
أشْهَى إليَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
وقولُهُ: {سَلْسَبِيلاً} [الإنسَان: 18]، أي سَهْلاً لَذِيذاً سَلِساً، لَيِّنَ الجِرْيَةِ، وقيلَ هو اسمُ عَيْنٍ في الجَنَّةِ، وذَكَرَ بَعْضُهُمْ أنَّ ذلك مُرَكَّبٌ مِنْ قولِهِمْ: سَلْ سَبيلاً، نحوُ الحَوْقَلَةِ والبَسْمَلَةِ ونحوِهِما مِنَ الألفاظِ المُركَّبَةِ، وقيل: بَلْ هو اسمٌ لِكُلِّ عَينٍ سَريعِة الجِرْيَةِ.
سلـم: السَّلْمُ والسَّلامَةُ: التَّعَرِّي مِنَ الآفاتِ الظاهرةِ والباطنةِ. قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشُّعَرَاء: 89] أي مُتَعَرٍّ مِنَ الدَّغَلِ والشِّرك والنفاق، فهذا في الباطِنِ. وقـال تعالـى: {مُسَلَّمَةٌ لاَ شِيَةَ فِيهَا} [البَقَرَة: 71] أي: لا عيب فيها، فهـذا في الظاهـر. وقـد سَلِـمَ يَسْلَـمُ سَلامَةً وسَلاماً. وسَلَّمَهُ اللَّهُ. قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [الأنفَال: 43] وقال: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ} [الحِجر: 46] أي بـسَلامَةٍ، وكذا قولُهُ: ُ ] ء _ ِ أي: بسلامة وبركات أي: وَنِعَم دائمة، وبخيرات نامية.. والسَّلامَـةُ الحَقِيقِيَّـةُ ليسـتْ إلا في الجَنَّةِ إذ فيها بَقاءٌ بلا فَناءٍ وغِنًى بِلا فَقْرٍ وعِزٌّ بِلا ذُلٍّ وصِحَّةٌ بِلا سَقَمٍ، كما قال تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعَام: 127] أي السَّلامَةِ. قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ} [يُونس: 25] و {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [المَائدة: 16] يَجُوزُ أنْ يكُونَ كُلُّ ذلك مِنَ السَّلاَمَةِ. والسَّلامُ: اسمٌ مِنْ أسْماءِ الجنة {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ} [الأنعَام: 127]. وهو أيضاً من أسماء الله الحسنى {السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحَشر: 23] قيلَ: وُصِفَ بذلك مِنْ حَيْثُ لا تلْحَقُهُ العُيُوبُ والآفاتُ التي تَلْحَقُ الخَلْقَ. وقولُهُ: {سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرّعد: 24]، {سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصَّافات: 130] كُلُّ ذلك مِنَ الناسِ بالقولِ، ومِنَ اللَّهِ تعالى بالفِعْلِ، وهو إعْطاءُ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ممَّا يكُونُ في الجَنَّةِ مِنَ السَّلاَمَةِ. وقولُهُ: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} [الفُرقان: 63] أي نَطْلُبُ منكُمُ السَّلامَةَ فيكُونُ قولُهُ «سَلاماً» نَصْباً بإضْمارِ فِعْلٍ، وقيلَ: مَعْناهُ: قالوا سَلاماً، أي سَدَاداً مِنَ القولِ، فَعَلى هذا يكُونُ صِفَةً لمصدرٍ محذوفٍ. وقولُهُ تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ} [الذّاريَات: 25] فإنَّما رُفِعَ الثانِي لأنَّ الرَّفْعَ في بابٍ الدُّعاءِ أبْلَغُ، فَكأنه تَحَرَّى في بابِ الأدَبِ المأمُور به في قولِهِ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النِّسَاء: 86]، ومَنْ قَرأ سِلْمٌ، فَلأنَّ السَّلامَ لما كانَ يَقْتَضِي السّلْمَ، وكانَ إبراهيمُ (ع) قد أوْجَسَ منهم خِيفَةً فلما رَآهُمْ مُسَلِّمِينَ تَصَوَّرَ مِنْ تَسْلِيمِهِمْ أنهمْ قد بَذَلُوا له سِلْماً فقالَ في جَوابِهِمْ: سِلْمٌ، تنبيهاً أنَّ ذلك مِن جِهَتِي لكُمْ، كما حَصَلَ مِنْ جِهَتِكُمْ لي. وقولُهُ تعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ تَأْثِيمًا *إِلاَّ قِيلاً سَلاَمًا سَلاَمًا} [الواقِعَة: 25-26] فهذا لا يكُونُ لَهُمْ بالقولِ فَقَطْ بَلْ ذلك بالقولِ والفِعْلِ جَمِيعاً. وعلى ذلك قولُهُ تعالى: {فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقِعَة: 91] وقولُهُ: {وَقُلْ سَلاَمٌ} [الزّخرُف: 89] فهذا في الظاهِر أنْ تُسَلِّمَ عليهم، وفي الحَقِيقَةِ أن تَسْأَلَ اللَّهَ (تعالى) السَّلامَةَ منهم. وقولُهُ تعالى: {سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصَّافات: 79]، {سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصَّافات: 120]، {سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصَّافات: 109] كُلُّ هذا تَنْبيهٌ مِنَ اللَّهِ تعالى أنه جَعَلَهُمْ بِحَيْثُ يُثْنَى عليهمْ، ويُدْعَى لَهُمْ. وقال تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النُّور: 61] أي لِيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ. والسَّلامُ والسِّلْمُ والسَّلْمُ: الصُّلْحُ. أما قوله: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً} [النِّسَاء: 94] فقيلَ: نَزَلَتْ فِيمَنْ قُتِلَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بالإسلامِ، ومُطالَبَتِهِ بالصُّلْحِ. وقولُهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البَقَرَة: 208] معناه: ادخلوا في الإسلام والطاعةِ والاستسلام، أي في جميع أحكام الاسلام؛ {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} [الأنفَال: 61] قُرىءَ لِلسَّلمْ بالفتحِ، وقُرىءَ {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} [النّحل: 87]. وقال: {يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القَلَم: 43] أي مُسْتَسْلِمُونَ. وقوله عزّ وجلّ: {وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزُّمَر: 29] قُرىءَ سالماً وسِلْماً، وهُما مَصْدَرانِ ولَيْسا بوصْفَينِ كَحَسَنٍ ونِكْدٍ. يقال: سَلِمَ سَلَماً وسِلْماً، ورَبِحَ رَبَحاً ورِبْحاً. وقيلَ: السِّلْمُ اسمٌ بِإزَاءِ حَرْبٍ. والإسلامُ: الدُّخُولُ في السَّلْمِ، وهو أنْ يَسْلَمَ كُلُّ واحِدٍ منهما أنْ يَنالَهُ مِنْ ألَمِ صَاحِبِهِ، ومصدرُ أسْلَمْتُ الشيءَ إلى فُلانٍ، إذا أخْرَجْتَهُ إليه، ومنه السَّلَمُ في البَيْعِ. والإِسلامُ في الشَّرْعِ على ضَرْبَيْنِ: أحَدُهُما دُونَ الإِيمانِ، وهو الاعْتِرَافُ باللسانِ، وبه يُحْقَنُ الدَّمُ حَصَلَ معه الاعْتِقادُ أو لم يَحْصُلْ، وإيَّاهُ قُصِدَ بقولِهِ: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحُجرَات: 14] والثاني فَوْقَ الإيمانِ، وهو أنْ يكُونَ مَعَ الاعْتِرَافِ اعْتِقادٌ بالقَلْبِ، ووفاءٌ بالفِعْلِ، واسْتِسْلامٌ للّهِ في جميعِ ما قَضَى وقَدَّرَ، كما ذُكِرَ عَنْ إبراهيمَ (ع) في قولِهِ: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البَقَرَة: 131]، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عِمرَان: 19]. وقولُهُ: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [يُوسُف: 101] أي اجْعَلْنِي مِمَّنْ اسْتسلمَ لرضاكَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: اجْعَلْنِي سالِماً منْ أسْر الشَّيْطانِ حَيْثُ قال: {وَلأَُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحِجر: 39-40]. وقولُهُ: {إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} [النَّمل: 81] أي مُنْقادُونَ لِلحَقِّ مُذْعِنُونَ له. وقولُهُ: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المَائدة: 44] أي الذينَ انْقادُوا مِنَ الأنبياءِ الذينَ ليسُوا مِنْ أولي العَزْمِ لأولِي العَزْمِ الذينَ يهتَدُونَ بأمْرِ اللَّهِ، ويَأتُونَ بالشَّرائِعِ. والسُّلَّمُ: ما يُتَوَصَّلُ به إلَى الأمكنَةِ العالِيَةِ، فَيُرجَى به السَّلامَةُ، ثم جُعِلَ اسماً لِكُلِّ ما يُتَوَصَّلُ به إلَى شيءٍ رَفِيعٍ كالسببِ. {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطُّور: 38]، و {أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ} [الأنعَام: 35] وقال الشاعِرُ:
ولَوْ نَالَ أسْبابَ السماءِ بسُلَّمِ
والسَّلْمُ والسَّلامُ: شَجَرٌ عَظِيمٌ، كأنه سُمِّيَ لاعْتِقادِهِمْ أنه سَلِيمٌ مِنَ الآفاتِ. والسِّلامُ: الحِجارَةُ الصُّلْبةُ.
سَلَو: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البَقَرَة: 57]. أصلُها: ما يُسَلِّي الإِنسانَ، ومنه السُّلْوَانُ والتّسَلِّي. وقيلَ: السَّلوَى طائرٌ كالسُّمانَى. قال ابنُ عباسٍ: المَنُّ: الذي يَسْقُطُ مِنَ السماءِ، والسَّلوَى: طائرٌ. قالَ بَعْضُهُمْ: أشارَ ابنُ عباسٍ بذلك إلَى ما رَزَقَ اللَّهُ تعالى عِبادَهُ مِنَ اللُّحُومِ والنَّباتِ، وأورَدَ بذلك مِثالاً. وأصْلُ السَّلْوَى: مِنَ التَّسَلِّي، يُقالُ سَلَيْتُ عَنْ كذا، وسَلَوْتُ عنه. وتَسلَّيْتُ، إذَا زَالَ عَنْكَ مَحَبَّتُهُ. قيلَ:والسُّلْوَانُ: ما يُسَلِّي، وكانُوا يَتَدَاوَوْنَ مِنَ العِشْقِ بِخَرَزَةٍ يحكُّونَها ويَشْرَبُونَها ويُسَمُّونَها السُّلوان.
سمد: السَّامِدُ: اللاَّهِي الرَّافِعُ رَأْسَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: سَمَدَ البَعيرُ في سَيْرِهِ. {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النّجْم: 61] أي غافلون، لاهون، وقيل هو الغِناء، وكانوا إذا سَمِعوا القرآنَ عارَضُوهُ بالغِناء ليَشْغَلوا الناسَ عن الاستماعِ إلى الذِّكر الحكيم.
سمر: سَمَرَ يسمَرُ سَمْراً وسُموراً لم يَنَمْ وتَحَدَّثَ لَيلاً، والسُّمْرَةُ: أحَدُ الألْوَانِ المركَّبَةِ بَيْنَ البياضِ والسوادِ. والسَّمَرُ: سَوَادُ اللَّيْلِ، ومنه قيلَ: «لا آتِيكَ السَّمَرَ والقَمَرَ»، أي لا أكلمك مُدَّةَ وجودِ السَّمَرِ والقَمَر. وسَمَرَ فُلانٌ، إذا تَحَدَّثَ لَيْلاً، ومنه قيلَ: «لا آتِيكَ مَا سَمَرَ ابْنا سَمِيرٍ». أي ما تحدَّثَ الناسُ ليلاً، ومعناه أبداً. وقولُهُ تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] مُسْتكْبِرينَ بمحمّد (ص) لَمْ تُطيعُوهُ وبالقرآنِ لَمْ تَقْبَلوهُ. وسامِراً: مَعْناهُ سُمَّاراً، فَوُضِعَ الواحِد مَوْضِعَ الجَمْعِ. وقيلَ: بل السامِرُ: اللَّيْلُ المُظْلِمُ، يُقالُ: سامِرٌ وسُمَّارٌ وَسَمَرَة وسامرون المجتمعون في مجلس السُّمار. وَسَمَرْتُ الباب وغيره: شددتُهُ بالمسمار، واللبنَ: رققتُهُ بالماء، والسهمَ: أرسلتُهُ. وإبِلٌ مُسَمَّرَةٌ: مُهْمَلَةٌ. والسامِرِيُّ: مَنْسُوبٌ إلَى السامريّين من مملكة آشور.
سمع: السَّمْعُ: قُوَّةٌ في الأذن بها تُدْركُ الأصْوَاتَ، وفِعْلُهُ يُقالُ له السَّمْعُ أيضاً، وقد سَمِعَ سَمْعاً، ويُعَبَّر تارَةً بالسَّمْعِ عَنِ الأذُن نحوُ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البَقَرَة: 7] وتارَةً عَنْ فِعْلِهِ كالسَّماعِ نحوُ: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشُّعَرَاء: 212]، و {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] وتارةً عَنِ الفَهْمِ، وتارَةً عَنِ الطاعَةِ. تَقُولُ: اسْمَعْ ما أقُولُ لَكَ، ولَمْ تَسْمَعْ ما قُلْتُ، وتَعْني لَمْ تفْهَمْ {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا} [الأنفَال: 31]. وقولُهُ: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [البَقَرَة: 93] أي فَهِمْنا قولَكَ ولَمْ نَأْتَمِرْ لَكَ، وكذلك قولُهُ: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البَقَرَة: 285] أي فَهِمْنا وارْتسمْنا. وقولُهُ: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} [الأنفَال: 21] يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: فَهِمْنا، وهُمْ لا يَفْهَمُونَ، وأنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَهِمْنا، وهُمْ لا يَعْمَلُونَ بِمُوجَبِهِ، وإذا لم يَعْمَلْ بِمُوجَبهِ فهو في حكْمِ مَنْ لم يَسْمَعْ. ثم قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأََسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا} [الأنفَال: 23] أي أفْهَمَهُمْ بأَنْ جَعَلَ لَهُمْ قُوَّةً يفْهَمُونَ بِها. وقولُهُ: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} [النِّسَاء: 46] يُقـالُ على وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: دُعاءٌ على الإنسانِ بالصَّمَمِ، والثانِـي: دُعـاءٌ لـه. فالأوَّلُ نحوُ أسْمَعَكَ اللَّهُ: أي جَعَلَكَ اللَّهُ أصَمَّ، والثانـي: أنْ يُقـالَ: أسْمَعْتُ فُلاناً إذا سَبَبْتَهُ، وذلك مُتَعارَفٌ في السَّبِّ. ورُوِيَ أنَّ أهْلَ الكِتاب كانُوا يَقُولُونَ ذلك للنبيِّ (ص) ، يُوهِمُونَ أنهمْ يُعَظِّمُونَهُ ويَدْعُونَ له، وهُمْ يَدْعُونَ عليه بذلك. وكُلُّ مَوْضِعٍ أثْبَتَ اللَّهُ السَّمْعَ للمُؤْمِنينَ، أو نَفَى عَنِ الكافِرينَ، أو حَثَّ على تَحَرِّيهِ، فالقَصْدُ به إلَى تَصوُّرِ الْمَعْنَى والتَّفَكُر فيه، نحوُ: {أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعرَاف: 195] و {صُمٌّ بُكْمٌ} [البَقَرَة: 18] و {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} [فُصّلَت: 44]. وإذَا وصَفْتَ اللَّهَ تعالى بالسَّمْعِ، فالمُرَادُ به عِلْمُهُ بالمَسْمُوعاتِ، وتَحَرِّيهِ بالمجازاةِ بِها نحوُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجَادلة: 1]، {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} [آل عِمرَان: 181]، وقولُهُ: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} [النَّمل: 80] أي لا تُفْهِمُهُمْ لكَوْنِهِمْ كالمَوْتَى في افْتِقادِهِمْ بِسُوءِ فِعْلِهِمْ القُوَّةَ العاقِلَةَ التي هي الحيَاةُ المُخْتَصَّةُ بالإِنْسانيَّةِ. وقولُهُ: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} [الكهف: 26] أي يَقُـولُ فيـه تعالـى: ذلك مَنْ وقَفَ على عَجائِبِ حِكْمَتِهِ، ولا يُقالُ فيه ما أبْصَرَهُ، وما أسْمَعَهُ لِما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أنَّ اللَّهَ تعالى لا يُوصَفُ إلا بِما ورَدَ به السَّمْعُ. وقولُهُ في صِفَةِ الكُّفَّارِ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} [مَريَم: 38] مَعْناهُ أنهمْ يَسْمَعُونَ ويُبْصِرُونَ في ذلك اليومِ ما خَفيَ عليهمْ، وضَلُّوا عنه اليومَ لِظُلمِهِمْ أنْفُسَهُمْ وتَركهم النَّظَرَ.وقال: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البَقَرَة: 63]، و {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} [المَائدة: 41] أي يَسْمَعُونَ مِنْكَ لأَجْلِ أنْ يكذِبُوا، سَمَّاعُونَ لِقَومٍ آخَرينَ أي هُمْ عيونٌ عليكَ. والاسْتماعُ: الإصْغاءُ، نحوُ: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} [الإسرَاء: 47]، {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [الإسرَاء: 47]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعَام: 25]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يُونس: 42]، {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ} [ق: 41]. وقولُهُ: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} [يُونس: 31] أي مَنِ المُوجِدُ لأسماعِهِمْ وأبْصارِهِمْ؟ المُتَوَلِّي لِحِفْظِها؟ والمِسْمَعُ والمَسْمَعُ مصدر سمِعَ سمْعاً: الموضع الذي يُسمَعُ منه. يقال: «هو مني بمَرْأىً وَمَسْمَعِ».
سمـك: السَّمْكُ: سَمْكُ البيـتِ. وقـد سَمَكَـهُ، أي رَفَعَـهُ. {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النَّازعَات: 28] أي جَعَلَ سقفَها رفيعاً مسموكاً، يَعني متيناً. وقال الشاعِرُ:
إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ مَكَانَها
وفي بعضِ الأدْعِيَةِ: يا بارِىء السمواتِ المَسْمُوكاتِ. وسَنامٌ سامِكٌ: عالٍ. والسِّماكُ: ما سمَكْت به البيتَ. والسِّماكُ: نَجْمٌ. والسَّمَكُ: مَعْرُوفٌ.
سمم: السَّمُّ والسُّمُّ: كُلُّ ثَقْبٍ ضَيِّق كَخَرْقِ الإِبْرَةِ وثَقبِ الأنْفِ والأذُنِ، والقاتل من الأدوية ونحوها، وجَمْعُهُ سُمُومٌ. قال تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعرَاف: 40]. وقد سَمَّ الشيءَ: أصلحهُ، والأمرَ: نظر غورَهُ وسبَرَهُ، وفلاناً سقاه السَّمَّ، ومنه السَّامَّةُ: لِلخاصَّةِ الذينَ يُقالُ لَهُمْ الدُّخْلُلُ، الذينَ يَتَدَاخَلُونَ في بواطِنِ الأمْرِ. وأهلُ المَسَمَّة: الأقارب، ويقابلهم أهل المنحاة. والسَّمُّ القاتِلُ، وهو مَصْدَرٌ في معنَى الفاعِلِ، فإِنه لِلُطْفِ تأثِيرِهِ يَدْخُلُ بواطِنَ البَدَنِ. والسَّمُومُ: الرِّيحُ الحارَّةُ التي تنفذ في المسامِّ فتؤثِّرُ تأثِيرَ السُّمِّ {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطُّور: 27]، {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} [الواقِعَة: 42]، و {وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} [الحِجر: 27] أي مِنْ نارٍ لها ريحٌ حارّةٌ؛ وقيلَ هيَ نارٌ لا دُخَانَ لها.
سمن: السِّمَنُ: ضِدُّ الهُزَالِ، يُقالُ: سَمِينٌ للمفرد وسِمانٌ للجمع، ومنه {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} [يُوسُف: 46]. وأَسْمَنَ الرجلُ: كان سميناً أو كثر سَمْنُهُ. وسَمَّنْتُهُ: جَعَلْتُهُ سَمِيناً {لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغَاشِيَة: 7]. وأسْمَنْتُهُ: اشْتَرَيْتُهُ سَمِيناً، أو أَطْعَمْتُهُ السَّمْنَ. واسْتَسْمَنَ الرجلُ: طلبَ أن يُعطَى له السمينُ. واستَسمَنَ فلاناً: عدَّهُ سميناً، ومنه المثل: «قد استسمَنْتَ ذا ورمٍ» أي حسبتَ المتورمَ سميناً، يُضرب لمن يغترُّ بالظاهر المخالف حقيقةَ الواقع. ووجَدْتُهُ سَمِيناً. والسُّمْنَةُ. دَوَاءٌ يُسْتَجْلَبُ به السُّمْنَةُ. والسَّمْنُ: سُمِّيَ لكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِ السِّمَنِ وتَوَلُّدِهِ عنه. والسُّمانَى: طائرٌ من الطيور القواطع، ويقال هو السلوى، واحدتها «سَلواة»..
سمو: سماءُ كُلِّ شيءٍ: أعْلاهُ. قال الشاعِرُ في وصْفِ فَرَسٍ:
وأحْمَرَ كالدِّيباجِ أمَّا سَماؤُهُ فَرَيّا وأمَّا أرْضُهُ فَمَحُولُ
قـال بَعْضُهُـمْ: كُلُّ سَماءٍ بالإِضافَةِ إلى الذي دُونَها فَسماءٌ، وبالإضافَةِ إلَى الـذي فَوْقَـها فـأرضٌ إلا السمـاءَ العُلْيا، فإِنها سَماءٌ بلا أرضٍ. وحُمِلَ على هذا قولُهُ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطّلاَق: 12]. وسُمِّيَ المَطَرُ سَماءً لِخُرُوجِهِ منها. قال بَعْضُهُمْ: إنَّما سُمِّيَ سَماءً إمَّا لكَوْنِهِ مِنَ المَطَر الذي هو سَماءٌ، وإمَّا لارْتِفاعِهِ عَنِ الأرضِ. والسماءُ المُقابِلُ لِلأرضِ مُؤَنَّثٌ، وقد يُذَكَّرُ، ويُسْتَعْمَلُ للواحِدِ والجَمْعِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البَقَرَة: 29] ويُقالُ في جَمْعِها: سَمَواتٌ. قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} [الأنعَام: 1]، {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ} [الرّعد: 16]. وقال: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المُزّمل: 18] فَذَكَّرَ، و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1]، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفِطار: 1] فأنَّثَ. ووجْهُ ذلك أنها كالنَّخْلِ في الشجر وما يَجْري مَجْراهُ مِنْ أسْماءِ الجِنْسِ الذي يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، ويُخْبَرُ عنه بِلَفْظِ الواحِدِ والجَمْعِ. والسماءُ الذي هو المَطَرُ يُذَكَّرُ، ويُجْمَعُ على أسْمِيَةٍ. والسماوَةُ: الشَّخْصُ العالي. قال الشاعِرُ:
سَماوَةُ الهِلالِ حتى احْقَوْقَفا
وسَمـا لي: شَخـصَ، أي عَـلاَ وارتفَعَ مَقَامُهُ.والاسمُ: ما يُعْرَفُ به ذاتُ الشـيءِ، وهو مُشتقٌّ مِنْ سَمَوْتُ لأنّه تَنْوِيهٌ ورِفْعَةٌ وتَقْدِيرٌ. وأصْلُهُ: سِمْوٌ بدلالةِ قولِهِمْ: أسْماءٌ وسُمَيٌّ، وأصْلُهُ مِنَ السُّمُوِّ، وهو الذي به رُفِعَ ذِكْرُ المُسَمَّى فَيُعْرَفُ به ومنه: {بِسْمِ اللَّهِ} [الفَاتِحَة: 1]، {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هُود: 41]، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} [الفَاتِحَة: 1]. {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ} [البَقَرَة: 31] أي الألْفـاظَ والمَعـانيَ مُفْـرَدَاتِـها ومركَّباتِـها. وبيانُ ذلك أنَّ الاسْمَ يُسْتَعْمَلُ على نوعين: أحَدُهُما بِحَسَبِ الوَضْعِ الاصْطِلاحِيِّ، وذلك هو في المُخْبَر عنه، نحوُ رَجُلٍ وفَرَسٍ، والثاني بِحَسَبِ الوَضْعِ الأوليّ، ويُقالُ ذلك للأنواع الثلاثَةِ: المُخْبَر عنه، والخَبَرِ عنه والرَّابِطِ بَيْنَهُما المُسَمَّى بالحَرْفِ. وهذا هو المُرَادُ بالآيَةِ لأَن آدَمَ (ع) كما عَلِمَ الاسْمَ عَلِمَ الفِعْلَ والحرف، ولا يَعْرفُ الإِنْسانُ الاسم، إذا عُرِضَ عليه، إلاَّ إذا كانَ عارفاً لِمُسَمّاهُ، أَيْ عارفاً لِذاتِه. ألاَ تَـرَى أنَّا لَوْ عَلِمْنا أسامِيَ أشْياءَ بالهِنْدِيَّةِ أو بالرُّومِيَّةِ، ولم نَعْرفْ صُورَةَ ما لَهُ تِلْـكَ الأسْمـاءُ لـم نَعْرف المُسَمَّيَاتِ إذا شاهَدْناها بِمَعْرِفَتِنا الأسْماءَ المُجَـرَّدَةَ، بَـلْ كُنَّا عارفِينَ بأصْواتٍ مُجَرَّدَةٍ، فَثَبَتَ أن مَعْرفَةَ الأسْماءِ لا تَحْصُلُ إلا بِمَعْرفَةِ المُسَمَّى،وحُصُولِ صُورَتِهِ في الدِّماغ. فإِذاً المُرَادُ بقولِهِ: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البَقَرَة: 31] الأنـواعُ الثلاثَةُ مِنَ الكلامِ، وصُوَرُ المُسَمَّيات في ذَواتِها. وقولُهُ: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} [يُوسُف: 40] فَمعْناهُ أنَّ الأسْمـاءَ التـي تَذْكُـرُونَها ليسَ لَها مُسَمَّيَاتٌ، وإنَّما هي أسْماءٌ على غَيْر مُسَمًّى، إذْ كانَ حَقِيقَةُ ما يَعْتَقِدونَ في الأصْنامِ بِحسبِ تِلْكَ الأسْماءِ غَيرَ مَوْجُودٍ فيها. وقولُهُ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ} [الرّعد: 33] فليسَ المُرَادُ أنْ يَذْكُرُوا أسامِيهـا نحـوُ اللاَّتِ والعـزَّى، وإنَّما المَعْنَى إظْهارُ تحْقِيقِ ما تَدْعُونَهُ إِلهاً، وأن تلك الأسماء لا معاني لها. ولهذا قال بَعْدَهُ {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنْ الْقَوْلِ} [الرّعد: 33]. وقولُهُ: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرَّحمن: 78] أي البركةُ والنِّعمَةُ الفائِضَةُ في صِفاتِهِ إذَا اعْتُبِرَتْ، وذلك نحوُ: الكريمِ والعَلِيمِ والبارِي والرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قال: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1]، {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعرَاف: 180]. وقولُهُ: {اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مَريَم: 7]، {لَيُسَمُّونَ الْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى} [النّجْم: 27] أي يَقُولُونَ للمَلائِكَةِ بنَاتُ اللَّهِ. وقولُه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مَريَم: 65] أي نَظِيـراً لـه يَسْتحِـقُّ اسْمَـهُ، ومَوْصُـوفاً يَسْتَحِـقُّ صِفَتَهُ على التَّحقِيقِ. وليسَ المَعْنَى: هَلْ تَجِدُ مَنْ يَتَسَمى باسْمِهِ، إذْ كانَ كَثِيرٌ مِنْ أسْمائِهِ قد يُطْلَقُ على غَيرهِ. لكِنْ، ليسَ مَعْناهُ إذَا اسْتُعْمِلَ فيه كما كانَ مَعْناهُ إذَا اسْتُعْمِلَ في غَيره.
سنبل: قال تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البَقَرَة: 261]. والسُّنْبُلة على وزن فُنْعُلَة. يقال: أَسْبَلَ الزرعُ بمعنى سَنْبَلَ، إذا صارَ فيه السُّنْبُل؛ والأصلُ فيه: الإسبالُ، وهو إرسالُ السِّتْرِ ونحوِهِ، فكما يُسترسلُ السّتْرُ بالإسبالِ، يسترسلُ الزّرعُ بالسُّنبل.
سند: قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنَافِقون: 4] أي كأنهم أشباحٌ بلا أرواحٍ. وقيل إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ شبّه المنافقينَ بأخشابٍ نَخِرَةٍ مُتآكلةٍ لا خير فيها، ما إنْ تَلْمَسها حتَّى تتداعى وتتفكَّكَ، في حين يحسبُ مَنْ رآها أَنَّها أخشابٌ صحيحَةٌ سليمةٌ. وهكذا حالُ المنافقين، ظاهِرُهُمْ مُعْجِبٌ رائع، وباطِنُهُم عَنِ الحقّ زائغ.
سندس: قال تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} [الإنسَان: 21] والسُّنْدُسُ هو الديباجُ الرقيقُ الفاخرُ.
سنم: التَّسْنِيمُ: عينُ ماء تجري من عُلْوٍ إلى أسْفَلَ، واشْتِقاقُهُ مِنَ السَّنام، وَسَنَّمْتُ العينَ تَسْنِيماً: إذا أجْرَيتُها عليهم مِنْ فَوْقهم. {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطفّفِين: 27] أي ومِزاجُ ذلك الشَّرابِ ما مُزِجَ به: من تَسْنيم، وهي أطيَبُ عينٍ للشَّرابِ في الجَنَّة، وفُسِّرَ بقولِهِ: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } [المطفّفِين: 28].
سنن: السِّنُّ: مَعْرُوفٌ، وجَمْعُهُ أسْنانٌ. {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المَائدة: 45] والسِّنُّ: مقدارُ العُمُـر، يُقـالُ: «كَـمْ سِنُّكَ»، ويُقالُ: «جاوَزْتُ أسنانَ أَهلِ بيتي» أي أعمارَهم، والسُّنَنُ: جَمْعُ سُنَّةٍ. وسُنَّةُ النَّبيّ (ص) : طريقتُه؛ وسُنَّةُ اللَّهِ تعالى: قد تُقالُ لطريقَةِ حِكْمَتِهِ، وطريقَةِ طاعَتِهِ، نحوُ: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} [الفَتْح: 23]، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} [الأحزَاب: 62]، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} [فَاطِر: 43] فَتَنْبِيهٌ أن فُرُوعَ الشَّرَائِعِ، وإن اخْتَلَفَتْ صُوَرُها، فالغَرَضُ المَقْصُودُ منها لا يَخْتَلِفُ ولا يَتَبَدَّلُ، وهو تَطهيرُ النَّفْس، وتَرْشِيحُها لِلوصُولِ إلَى ثَوابِ الله تعالى وجِوارِهِ. وقولُهُ: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحِجر: 26] أي مُتَغَيِّرٍ، من قَوْلِهِمْ سَنَنْتُ الحديدَ على المِسَنّ، إذا غيّرتُه بالتّحديد. وقولُهُ: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البَقَرَة: 259] مَعْناه لم يَتَغَيَّرْ، والهاءُ لِلاسْتِرَاحَةِ.
سنه: السَّنَةُ: مقدارُ قَطْعِ الشَّمسِ للأبراجِ الاثني عشرَ، في أصْلِها طَريقانِ: أحَدُهُما: أنَّ أصْلَها سَنَهَةٌ. لقولِهِمْ: سانَهْتُ فُلاناً، أي عامَلْتُهُ سَنَةً فَسَنَةً، وقولِهِمْ: سُنَيْهَةً. قيلَ: ومنه {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البَقَرَة: 259] أي لم يَتَغَيَّر بِمَرِّ السِّنِينَ عليه، ولم تَذْهَبْ طَرَاوَتُهُ. وقيلَ: أصْلُهُ مِنَ الواوِ لقولِهِمْ سَنَواتٍ، ومنه سانَيْتُ، والهاءُ لِلوقْفِ، نحوُ: كتابيَهْ وحِسابيَهْ. وقال: {أَرْبَعِينَ سَنَةً} [المَائدة: 26]، {سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} [يُوسُف: 47]، {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} [الكهف: 25]، و {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [الأعرَاف: 130] فَعِبارَةٌ عَنِ الجَدْبِ. وأكْثَرُ ما تُسْتَعْمَلُ السَّنَةُ في الحَوْلِ الذي فيه الجَدْبُ، يُقالُ: أَسْنَتَ القومُ: أصابَتْهُمْ السَّنَةُ. السنهاءُ: التي لا نبات بها ولا مطر، وفي حديث حليمة السعدية: خرجنا نلتمسُ الرضعاءَ بمكةَ في سنةٍ سنهاء. وقولُهُ: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البَقَرَة: 255] فهو مِنَ الوَسَنِ، لا مِنْ هذا البابِ.
سَنَو: السَّنا: الضَّوْءُ الساطِعُ. والسَّناءُ الرِّفْعَةُ: والسانِيَةُ: التي يُسْقَى بِها، سُمِّيَتْ لِرِفْعتها. قال تعالى: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النُّور: 43].
سهر: الساهِرَةُ: وهي وجْهُ الأرضِ وبطنها. وسُميّت الأرض ساهرةً، لأن عملها في النبت في الليل والنهار. تسهر إذا رضيْتَ وتشهدُ إذا رغبْتَ. وقيل: هي أرض القيامة لأنها أولى مواقف الجزاء والناس في سهر لا نوم فيه. وفي قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النَّازعَات: 14] وحَقِيقَتُها: التي يَكْثُرُ السير على أرضها.
سهل: السَّهْلُ من الأَرضِ: ضِدُّ الحَزْنِ، وجَمْعُهُ: سُهُولٌ. {مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا} [الأعرَاف: 74]. وأسْهَلَ: حَصَلَ في السَّهْلِ. ورَجُلٌ سَهْلِيٌّ: مَنْسُوبٌ إلَى السَّهْلِ. ونَهَرٌ سَهْلٌ، ورَجُلٌ سهل الخُلُقِ، وحَزْنُ الخُلُقِ. وسُهَيْلٌ: نَجْمٌ تنضج الفواكهُ عند طلوعه وينقضي القيظ.
سهم: السَّهْمُ: ما يُرْمَى به، وما يُضْرَبُ به مِنَ القِدَاحِ ونَحْوِهِ. {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصَّافات: 141] أي فساهم يونس (ع) القوم بأن ألقوا السهام على سبيل القرعة فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرات. واسْتَهَمُوا: اقْتَرَعُوا.
سهو: السَّهْوُ: خَطأٌ عَن غَفْلَةٍ، وذلك نوعان، أحَدُهُما: أنْ لا يَكُونَ مِنَ الإنْسان جَوالِبُهُ ومُوَلِّدَاتُهُ، كَمَجْنُونٍ سَبَّ إنْساناً. والثاني: أنْ يَكُونَ منه مُوَلِّدَاتُهُ، كَمَنْ شَربَ خَمْراً ثم ظَهَرَ منه مُنْكَرٌ لا عَنْ قَصْدٍ إلَى فِعْلِهِ. والأوَّلُ مَعْفُوٌّ عنه، والثاني مَأخُوذٌ به. وعلى نحوِ الثاني ذَمَّ اللهُ تعالى السَّاهِينَ عَنْ صَلَواتِهِمْ فَقالَ: {فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذّاريَات: 11]، {عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} [المَاعون: 5].
سوأ: السُّوءُ: الاسمُ مِنْ ساءَهُ، كُلُّ ما يَغُمُّ الإِنْسَانَ مِنَ الأمُورِ الدُّنْيويَّةِ والأخْرَوِيَّةِ، ومِنَ الأحْوَالِ النَّفْسِيَّةِ والبَدَنِيَّةِ والخارِجَةِ، مِنْ فَوَاتِ مالٍ وجاهٍ، وفَقْدِ عزيز. وقولُهُ: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [طه: 22] أي مِنْ غير آفَةٍ بِها، وفُسِّرَ بالبَرَصِ، وذلك بَعْضُ الآفاتِ التي تَعرضُ لِليَدِ. وقال: {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النّحل: 27] وعُبِّرَ عَنْ كُلِّ ما يَقْبُحُ بالسُّوأَى، ولذلك قُوبِلَ بالحُسْنَى. قال تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} [الرُّوم: 10] و {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يُونس: 26]. والسَّيِّئَةُ: الفِعْلَةُ القَبِيحَةُ وهي ضِدُّ الحَسَنَةِ، ومنه: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيّئَةً} [البَقَرَة: 81]، {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ} [النَّمل: 46]، {يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هُود: 114]، {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النِّسَاء: 79]، {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} [النّحل: 34]، {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: 96] . وقال (ص) : «يا أنَسُ أتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها»(119)، والحَسَنَةُ والسَّيِّئَةُ ضَرْبانِ: أحَدُهُما بِحَسَبِ اعْتِبارِ العَقْلِ والشَّرْعِ، نحوُ المَذْكُورِ في قولِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} [الأنعَام: 160]، وحَسَنَةٌ وسَيِّئَةٌ بِحَسَبِ اعْتِبارِ الطَّبْعِ، وذلك ما يَسْتَخِفُّهُ الطَّبْعُ، وما يَستثقِلُهُ، نحوُ: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعرَاف: 131]، و {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأعرَاف: 95]، و {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النّحل: 27]. ويُقالُ: سَاءني كذا، وسُؤْتَني، وأسَأْتَ إلَى فُلانٍ، ومنه {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المُلك: 27]. وقال اللَّهُ تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسرَاء: 7]، {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النِّسَاء: 123] أي قَبِيحاً، وكذلك قولُهُ: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} [التّوبَة: 37]، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التّوبَة: 98] أي ما يَسُوءُهُمْ في العاقِبَةِ، وكذلك قولُهُ: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النِّسَاء: 97]، {سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا} [الفُرقان: 66]. وأمَّا قولُهُ تعالى: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصَّافات: 177]، {سَاءَ مَثَلاً} [الأعرَاف: 177] فَساءَ هَهُنا تجري مَجْرَى بِئْسَ. وقال: {وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} [المُمتَحنَة: 2] و {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المُلك: 27] نُسِبَ ذلك إلَى الوجْهِ مِنْ حَيْثُ إنه يَبْدُو في الوجْهِ أثَرُ السُّرُورِ والغَمِّ. وقال: {سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [هُود: 77] أي حَلَّ بِهِمْ ما يَسُوءُهُمْ. وقال: {وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ} [الرّعد: 18] إلى قوله {أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ} [الرّعد: 18]، قال الزجّاج «سُوءُ الحِساب أَنْ لا يُقْبَلَ مِنهُمْ حَسَنةٌ ولا يُتجَاوَزَ عن سيِّئَةٍ» وقِيلَ سُوءُ الحِسَابِ: أَنْ يُستقصى على الإنسان حسابُهُ ولا يُتجاوز له عن شيءٍ من سيئاتِهِ. قال تعالى: {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرّعد: 25]. وكُنِّيَ عَنِ الفَرْجِ بالسوأَة، ومنه: {كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} [المَائدة: 31]، {فَأُوَارِي سَوْأَةَ أَخِي} [المَائدة: 31]، {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعرَاف: 26]، {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعرَاف: 22]، {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعرَاف: 20].
سوح: الساحَةُ: المَكانُ الواسِعُ، أو الفَضَاءُ في الحيِّ لا بناءَ فيه ولا سَقْف، ومنه ساحَةُ الدَّارِ {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ} [الصَّافات: 177]. والسائحُ: الماءُ الدَّائِمُ الجِرْيَةِ في ساحَةٍ. والسَّيْحُ: السّيرُ على مَهَل. وساحَ فُلانٌ في الأرضِ: مَرَّ مَرَّ السائِحِ. قال تَعَالى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التّوبَة: 2] أي سِيرُوا في الأرضِ على وجهِ المَهَلِ، وتصرّفوا في حَوائِجِكُم آمنينَ مِنَ القتلِ. ورَجُلٌ سائِحٌ في الأرضِ، وسَيَّاحٌ. وقولُهُ: {السَّائِحُونَ} [التّوبَة: 112] أي الصائِمُونَ. وقال {سَائِحَاتٍ} [التّحْريم: 5] أي صائِماتٍ. قال بَعْضُهُمْ: الصَّوْمُ ضَرْبانِ: حَقِيقِيٌّ، وهو تَرْكُ المَطْعَمِ والمنكح. وصَوْمٌ حُكْميٌّ، وهو حِفْظُ الجَوارِحِ عَنِ المَعاصي، كالسَّمْعِ والبَصَر واللِّسانِ. فالسائحُ: هو الذي يَصُومُ هذا الصَّوْمَ دُونَ الصَّوْمِ الأوَّلِ. وقيلَ: السائِحُونَ هُمُ الذينَ يَتَحَرَّوْنَ ما اقْتَضاهُ قولُهُ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} [الحَجّ: 46].
سود: السَّوَادُ: اللَّوْنُ المُضادُّ للبياضِ، يُقالُ: اسْوَدَّ، واسْوَادَّ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عِمرَان: 106] فابْيضاضُ الوجُوهِ عِبَارَةٌ عَنِ المَسَرَّةِ، واسودَادُها عِبارَةٌ عَنِ المَساءَةِ، ونحوُهُ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النّحل: 58]. وحَمَلَ بَعْضُهُمْ الابيضاضَ والاسْودَادَ على المحسُوسِ، والأوَّلُ أوْلَى لأنَّ ذلك حاصِلٌ لَهُمْ سُوداً كانُوا في الدُّنْيا أو بِيضاً، وعلى ذلك قولُهُ في البَياضِ. {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القِيَامَة: 22] وقولُهُ {وَوَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} [القِيَامَة: 24] {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ *تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عَبَسَ: 40-41]. وقال: {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} [يُونس: 27] وعلى هذا النحوِ ما رُوِيَ أنَّ المُؤْمِنينَ يُحْشَرُونَ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثارِ الوضُوءِ. ويُعَبَّرُ بالسَّوادِ عَنِ الشَّخْصِ المَرْئيِّ مِنْ بَعِيدٍ، وعَنْ سَوادِ العَينِ. قال بَعْضُهُمْ: لا يُفارِقُ سَوادِي سَوادَهُ، أي عَيْني شخْصَهُ. ويُعَبَّرُ به عَنِ الجماعَةِ الكَثيرَةِ. نحوُ قولِهِمْ: عليكُمْ بالسَّوادِ الأعْظَمِ. والسَّيِّدُّ: المُتَولِّي للسَّوادِ، أي الجَماعَةِ الكثيرة. ويُنْسَبُ إلى ذلك فَيُقالُ: سَيِّدُ القومِ، ولا يُقالُ: سَيِّدُ الثَّوبِ، وسَيِّدُ الفَرَسِ. ويُقالُ: سادَ القوم يَسُودُهُمْ. ولَمَّا كانَ مِنْ شَرْطِ المتولّي لِلْجَماعَةِ أنْ يَكُونَ مُهَذَّبَ النَّفْسِ قيلَ لِكُلِّ مَنْ كانَ فاضِلاً في نَفْسِهِ: سَيِّدٌ، وعلى ذلك قولُهُ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عِمرَان: 39] وفي قوله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا} [يُوسُف: 25] سُمِّيَ الزَّوْجُ سَيِّداً لسِياسَةِ زوْجَتِهِ، وقولُهُ: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا} [الأحزَاب: 67] أي وُلاتَنا وسائِسِينا.
سور: السَّوْرُ: وثُوبٌ مَعَ عُلُوٍّ، ويُسْتَعْمَلُ في الغَضَبِ، وفي الشَّرَابِ. يُقالُ: سَوْرَةُ الغَضَبِ، وسَوْرَةُ الشَّرَابِ، وسِرْتُ إلَيْكَ، وساورني فُلانٌ.وفُلانٌ سوَّارٌ: وَثَّابٌ. والاسْوَارُ: مِنْ أساوِرَةِ الفُرْس، أكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ في الرُّماةِ، ويُقالُ: هو فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وسِوارُ المرأة: مُعَرَّبٌ، وأصْلُهُ دِسْتِوارِه. وكَيْفَما كانَ فقد اسْتَعْمَلَتْهُ العَرَبُ، واشْتُقَّ منه: سَوَّرْتُ الجارِيَةَ، وجارِيَةٌ مُسَوَّرَةٌ ومُخَلْخَلةٌ. قال تعالى: {أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} [الزّخرُف: 53]، {أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسَان: 21]. والسُّورةُ: المنزلةُ الرَّفِيعَةُ. قال الشاعِرُ:
ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أعْطاكَ سُورَةً تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَها يَتَذَبْذَبُ
وسُورُ المَدِينَةِ: حائِطُها المُشْتَمِلُ عليها. وسُورَةُ القرآنِ، تشبيهاً بِها لكَوْنِهِ مُحاطاً بِها إحاطَةَ السُّورِ بالمَدِينَةِ، أو لِكَوْنِها منزلةً كَمَنازِلِ القَمَر، ومَنْ قال: سُؤرَةٌ فَمِنْ أسأَرْتُ، أي أبْقَيْتُ منها بَقِيَّةً، كأنها قِطْعَةٌ مُفْرَدَةٌ مَنْ جُمْلَةِ القُرآنِ. وقولُهُ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النُّور: 1] أي جُمْلَةٌ مِنَ الأحكامِ والحِكَمِ. وقيلَ: أسْأَرْتُ في القَدَحِ، أي أبْقَيْتُ فيه سُؤراً، أي بقيةً. قال الشاعِرُ:
لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسآرِ
ويُرْوَى: بسَوَّارِ مِنَ السَّوْرَةِ، أي الغَضَبِ.
سوط: السَّوْطُ: الجلْدُ المَضْفورُ الذي يُضْرَبُ به. وأصْلُ السَّوْطِ: خَلْطُ الشيءِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، يُقالُ: سطْتُهُ وسَوَّطْتُهُ. فالسَّوْطُ، يُسَمَّى به لكوْنِهِ مَخْلُوطَ الطَّاقاتِ بَعْضِها بِبَعْضٍ. وقولُهُ: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفَجر: 13] تشبيه بِما يَكُونُ في الدنيا مِنَ العَذَابِ بالسَّوْطِ، وقيلَ: إشارَةٌ إلَى ما خُلِطَ لَهُمْ مِنْ أنواعِ العَذَابِ المُشارِ إليه بقولِهِ: {حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النّبَإِ: 25].
سوعَ: الساعَةُ: جُزْءٌ منْ أجزاء الزَّمانِ، ويُعَبَّرُ به عَنِ القيامَةِ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القَمَر: 1]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} [النَّازعَات: 42]، و {عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمَان: 34] تشبيهاً بذلك لِسُرْعَةِ حِسابِهِ، كما قال: {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعَام: 62] أو لِما نَبَّهَ عليه بقولِهِ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النَّازعَات: 46]، {لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ} [يُونس: 45]، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} [الرُّوم: 55] فالأولى: هي القِيامَةُ. والثانِيَةُ: الوقْتُ القليلُ مِنَ الزَّمَانِ. وقيلَ: الساعاتُ التي هي القِيَامَةُ ثَلاث: الساعَةُ الكُبْرَى، وهي بَعْثُ الناسِ لِلمُحاسَبَةِ، وهي التي أشارَ إليها بقولِهِ عليه وعلى آله الصلاة والسلامُ: «لا تَقُومُ الساعَةُ حتى يَظْهَرَ الفحشُ والتَّفَحُّشُ، وحتى يُعْبَدَ الدِّرْهَمُ والدِّينارُ» [صحيح مسلم رقم 701] إلَى غَير ذلك، وذَكَرَ أمُوراً لم تَحْدُثْ في زَمَانِهِ ولا بَعْدَهُ. والساعَةُ الوُسْطَى: وهي مَوْتُ أهْلِ القَرْنِ الواحِدِ، وذلك نحوُ ما رُوِيَ أنه رأى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أنَيْسٍ فَقالَ: «إنْ يَطُلْ عُمْر هذا الغُلامِ لم يَمُتْ حتى تَقُومَ الساعَةُ» فقيلَ: إنه آخِرُ مَنْ ماتَ مِنَ الصَّحابَةِ. والساعَةُ الصُّغْرَى، وهي مَوْتُ الإِنْسانِ، فَساعَةُ كُلِّ إنْسانٍ مَوْتُهُ، وهي المُشارُ إليها بقولِهِ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} [الأنعَام: 31] ومَعْلُومٌ أنَّ هذه الحَسْرَةَ تَنالُ الإِنْسانَ عنْدَ مَوْتِهِ لِقولِهِ: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ} [المنَافِقون: 10] الآيةَ، وعلى هذه قولُهُ: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} [الأنعَام: 40] ورُوِيَ أنه كانَ إذا هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَغَيَّرَ لونه عليه وعلى آله الصلاة والسَّلامُ فَقالَ: «تَخَوَّفْتُ الساعَةَ». وقال: «ما أمُدُّ طَرْفِي ولا أغُضُّه إلا وأظُنُّ أن الساعَةَ قد قَامَتْ»(120) يعْنِي مَوْتَهُ. ويُقالُ: عامَلْتُهُ مُساوَعَةً: نحوُ مُعاوَمَةٍ ومُشاهَرَةٍ. وسُوَاعٌ: اسمُ صَنَمٍ {وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا} [نُوح: 23].
سوغ: ساغَ الشَّرَابُ في الحَلْقِ: سَهُلَ انْحِدَارُهُ، وأساغَه كذا، ومنه: {سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النّحل: 66]، {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17]. وسَوَّغْتُهُ مالاً: مُسْتَعارٌ منه. وفُلانٌ سَوْغُ أخِيهِ، إذَا وُلِدَ إثْرَهُ عاجلاً.
سوف: سَوْفَ: حَرْفٌ يُخَصِّصُ أفْعالَ المُضارَعَةِ بالاسْتِقْبالِ، ويُجَرِّدُها عَنْ مَعْنَى الحالِ نحوُ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يُوسُف: 98]. وقولُهُ: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعَام: 135] تَنْبِيهٌ أنَّ ما يَطْلُبُونَهُ وإنْ لم يَكُنْ في الوقْتِ حاصِلاً فهو مِمَّا يَكُونُ بَعْدُ لا مَحالَةَ، ويقتضي مَعْنَى المُماطَلَةِ والتأخير، واشْتُقَّ منه التَّسويفُ.
سوق: سَوْقُ الإِبِلِ: جَلْبُها وطَرْدُها: يُقالُ: سقْتُهُ فانْساقَ، والسَّيِّقَةُ: ما يُساقُ مِنَ الدَّوَابِّ. والسياق: المهرُ أو الصداق، ومنه سُقْتُ المَهْرَ إلى المَرأةِ، وذلك أنَّ مُهُورَهُمْ كانَتِ الإِبِلَ. وقولُهُ: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [القِيَامَة: 30] نحوُ قولِهِ {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النّجْم: 42]. وقولُهُ: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 21] أي مَلَكٌ يَسُوقُهُ، وآخَرُ يَشْهَدُ عليه وله. وقيلَ: هو كَقولِهِ: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفَال: 6]. وقولُهُ: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القِيَامَة: 29] قيلَ عُنِيَ الْتِفافُ الساقَيْنِ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ، وقيلَ: التِفافُهُما عِنْدَما يُلَفَّانِ في الكَفَنِ، وقيلَ: هو أَنْ يَمُوتَ فَلا تَحْمِلانِهِ بَعْدَ أنْ كانَتا تقلاّنِهِ، وقيلَ: أرَادَ التِفافَ البَلِيَّةِ بالبليَّة. {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القَلَم: 42] مِنْ قولِهِمْ: كَشَفَتِ الحَرْبُ عَنْ ساقِها. وقال بَعْضُهُمْ إنه إِشارَةٌ إلى شِدَّةٍ. وقولُهُ: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفَتْح: 29] أي قام على قَصَبه وأصوله. وقوله: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 33] هو جَمْعُ ساقٍ. والسُّوقُ: المَوْضِعُ الذي يُجْلَبُ إليه المَتاعُ للبَيْعِ {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} [الفُرقان: 7]. والسَّوْقُ هو الحَثُّ على الشّيءِ. وقولُهُ تعالَى {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الزُّمَر: 71]، أَيْ يُسَاقُونَ بِعُنْفٍ إلى جهنمَ، وقولهُ تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزُّمَر: 73]، أَيْ تحثُّهمُ الملائكةُ على الإسراعِ إلى الجنةِ وهمْ مكرمونَ زُمْرَةً بعدَ زُمْرَةٍ كقولِهِ تعالَى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْدًا} [مَريَم: 85]، وإنما ذكرَ السَّوقَ للمتقينَ علَى وجهِ المقابلةِ لسوقِ الكافرين.
سول: السُّؤلُ: الحاجَةُ التي تَحْرصُ النَّفْسُ عليها. قال: {قَدْ أُوتِيْتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} [طه: 36] وذلك ما سألَهُ بقولِهِ: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} [طه: 25] الآيَة. والتَّسويلُ: تَزْيِينُ النَّفْسِ لِما تحرصُ عليه، وتَصويرُ القَبِيحِ منه بِصُورَةِ الحَسَنِ {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يُوسُف: 18]، {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} [محَمَّد: 25]. وقال بَعْضُ الأدَباءِ:
سَالتْ هُذَيْلٌ رَسُولَ اللَّهِ سُؤْلاً
أي طَلَبَتْ منه سؤلاً أَيْ حاجةً. قال: وليسَ منْ سألَ، كما قال كَثِيرٌ مِنَ الأدَباءِ. والسؤلُ: يُقارِبُ الأمْنِيَةُ، لكِنِ الأُمْنِيَةُ تُقالُ فيما قَدَّرَهُ الإنْسانُ والسُّؤْلُ فيما طُلِبَ، فكأنَّ السُّؤْلَ يكُونُ بَعْدَ الأمْنِيَةِ.
سوم: السَّومُ: أصلُهُ الذَّهابُ في ابْتِغاءِ الشيءِ. فهو لفظٌ لِمعْنىً مركَّبٍ من الذَّهابِ والابتغاءِ. وقد أُجْريَ أحياناً مجرى الذَّهاب كقولهم: سامَتِ الإِبلُ فهي سائمة، إذا ذهبت إلى المرعَى، ويقال أسمتُ الإِبلَ، إذا رعيتها وأطلقتها لترعَى متصرِّفةً حيثُ تشاء. ويقال: سِمْتُها، إذَا قَصرتَها على مرعىً، وسُمتُها الخَسْفَ، إذا تركْتُها تذهبُ على غير مرعى. وقولُه تعالى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النّحل: 10] تسيمون: أي تَرْعَونَ سَوائِمَكُم، والْمعنَى أن الله سبحانه وتعالَى يُنزِّلُ الماءَ فيُنبِتُ الشجرَ وغيرَهُ مِنَ الأعشابِ في المراعي فَتَرْعَونَ أنْعامَكُمْ مِنْ غيرِ كُلْفةٍ والتزامِ مَؤُونةٍ لِعَلَفِها. ومنه السَّومُ في البَيْعِ، فقيل: صاحبُ السِّلْعَةِ أحَقُّ بالسَّوْمِ. وذهبَ قومٌ إلى أنَّ السَّومَ في البيع آتٍ من سِيمَ ويُسامُ وسُمْتُها الخَسْفَ، لأنَّ كلَّ واحدٍ من المتبايعَين يذهبُ فيما يَبيعه من زِيادةِ ثَمنٍ أو نقصانِه إلَى مَا يهوَاهُ كما تذهبُ السائمةُ حيثُ شاءت. وقد جاء في الحديث الشَّريف: «لا سَوْمَ قبل طُلوعِ الشَّمْس»(121) فحملَهُ قومٌ على أنَّ البيعَ في ذلكَ الوقتِ مكروهٌ لأن المبيعَ لا تظهر عيوبه بوضوحٍ فَيدخُلَ في بيعِ الغَرَر. وأمَّا مَجْرَى الابتغاءِ فهو في قوله تعالى: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [البَقَرَة: 49] أي يبتغونَ لكم أليمَ العَذابِ أو يُجَشِّمونكم أَشدَّ الصِّعابِ، أوْ يُذيقونكم أليمَ العَذاب، والمعنى واحدٌ. وسَامَهُ خَسْفاً، إذا أَولاهُ ذلاًّ، قال الشاعر:
إنْ سِيم خَسْفاً وَجْهُهُ تَرَبَّدا
والمعنى: إذا هُضِمَ حقُّه أُذِلَّ وَاغْبَرَّ وجهُهُ.. وقال آخر:
له سِيمياءُ لا تَشُقُّ على البصر
وقال تعالى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفَتْح: 29]، وقد سَوَّمْتُهُ: أي أعْلَمْتُهُ. ومُسَوَّمِينَ أي مُعَلَّمِينَ. قال عزّ وجلّ: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عِمرَان: 125]. ومُسَوِّمِينَ: مُعَلِّمِينَ لأنْفسِهِمْ أو لِخُيُولِهِمْ.
سوي: المُساوَاةُ: المُعادلةُ المُعْتَبَرَةُ بالذَّرْعِ والوَزْنِ والكَيْلِ. يُقالُ: هذا ثَوْبٌ مُساوٍ لِذاكَ الثَّوْبَ، وهذا الدِّرْهَمُ مُساوٍ لذلك الدِّرْهَمِ. وقد يُعْتَبَرُ بالكَيْفِيَّةِ، نحوُ: هذا السَّوادُ مُساوٍ لذلك السَّوادِ، واسْتَوَى: يُقالُ على وجْهَيْنِ، أَحَدُهُما يُسْنَدُ إليه فاعِلان فَصاعِداً نحوُ: اسْتَوَى زَيْدٌ وعَمرو في كذا، أي تَساوَيـا {لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ} [التّوبَة: 19]. والثانِـي: أنْ يُقـالَ، لاعْتِدَالِ الشيءِ في ذَاتِهِ، نحوُ {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النّجْم: 6]، {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزّخرُف: 13]، وقال: {إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزّخرُف: 13]، {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفَتْح: 29]. ويقال: واسْتَـوَى فُلانٌ على عِمالَتِهِ، واسْتَوَى أمْرُ فُلانٍ، ومتى عُدِّيَ بِعَلَى اقْتَضَى مَعْنَى الاسْتِيلاءِ، كقولِهِ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وقيـلَ مَعْنـاهُ: اسْتَـوى له ما في السمواتِ وما في الأرضِ، أي اسْتَقامَ الكُلُّ على مُرَادِهِ بِتَسْويَةِ اللَّهِ تعالى إيَّاهُ، كقولِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} [البَقَرَة: 29] وقيلَ مَعْناهُ: اسْتَوَى كُلُّ شيءٍ في النِّسْبَةِ إليه، فَلا شيءَ أقرَبُ إليه مِنْ شيءٍ، إذْ كانَ تعالى ذِكْرُهُ ليسَ كالأجْسامِ الحالَّةِ في مَكانٍ دُونَ مَكانٍ. وإذَا عُدِّيَ بِإلَى اقْتَضَى مَعْنَى الانتهاءِ إليه إمَّا بالذَّاتِ أو بالتَّدْبِيرِ. وعلى الثانِي قولُهُ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فُصّلَت: 11]. وتسويَةُ الشيءِ: جَعْلُهُ سَواءً، إمَّا في الرِّفْعَةِ، أو فِي الضَّعَةِ. وقولُهُ: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفِطار: 7] أي جَعَلَ خِلْقَتَكَ على ما اقْتَضَتِ الحِكْمَةُ. وقولُهُ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشّمس: 7] فإِشارَةٌ إلَى القُوَى التي جَعَلَها مُقَوِّمَةً للنَّفْسِ، فَنُسِبَ الفِعْلُ إليها، وقد ذُكِرَ في غير هذا المَوْضِعِ أنَّ الفِعْلَ كما يَصِحُّ أنْ يُنْسَبَ إلَى الفاعِلِ يَصِحُّ أنْ يُنْسَبَ إلَى الآلَةِ وسائرِ ما يَفْتَقِرُ الفِعْلُ إليه، نحوُ: سَيْفٌ قاطِعٌ. وهذا الوَجْهُ أوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قال: أرَادَ «ونَفْسٍ وما سَوَّاها» يَعْني اللَّهَ تعالى، فإنَّ «مـا» لا يُعَبَّـرُ به عَنِ اللَّهِ تعالى إذ هو مَوْضُوعٌ لِلجِنْسِ ولم يُرَدْ به سَمْعٌ يَصِحُّ. وأمَّا قولُهُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى *الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى: 1-2] فالفِعْلُ مَنْسُوبٌ إليه تعالى. وكذا قولُهُ: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر: 29] وقولُهُ: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النَّازعَات: 28] فَتَسْويَتُها: يَتَضَمَّنُ بِناءَها وتَزْيِينَها المَذْكُورَ في قولِهِ: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصَّافات: 6]. والسَّويُّ: يُقالُ فيما يُصانُ عَنِ الإفْرَاطِ والتَّفْريطِ مِنْ حَيْثُ القَدْرُ والكَيْفِيَّةُ {ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * مَكَاناً سُوىً} [مَريَم: 10]، [طه: 58] أي مكاناً لا نعترض عليه لا نحن ولا أنتم. و {مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ} [طه: 135] ورَجُلٌ سَويٌّ: اسْتَوتْ أخْلاقُهُ، وخِلْقتُهُ عَنِ الإِفْرَاطِ والتَّفريطِ. وقولُهُ تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القِيَامَة: 4] قيلَ: نَجْعَلَ كَفَّهُ كَخُفِّ الجَمَلِ لا أصابِعَ له. وقيلَ: بَلْ نَجْعَلَ أصابِعَهُ كُلَّها على قَدْرٍ واحِدٍ حتى لا يَنْتَفِعَ بِها، وذاكَ أنَّ الحِكْمَـةَ فـي كَـوْنِ الأصابعِ مُتَفاوِتَةً في القَدْرِ والهَيْئَةِ ظاهِرَةٌ، إذْ كانَ تَعاوُنُها على القَبْضِ أنْ تَكُونَ كذلك. كما أن الله سبحانه وتعالى جَعَلَ الأصابع متفاوتة في الأحْجامِ وَالخُطُوطِ والتعاريجِ حَتَّى يُمَيَّزَ كلُّ بَنانٍ عن الآخر أي كلُّ إصْبَعٍ. وقيل: يعيد تسويتها كما كانت في الحياة الدنيا ليجريَ له الحساب. وقولُهُ: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشّمس: 14] أي سَوَّى بِلادَهمْ بالأرضِ، نحوُ: {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البَقَرَة: 259] وقيلَ: سَوَّى بِلادَهُمْ بِهِمْ نحوُ: {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} [النِّسَاء: 42] وذلك إشارَةٌ إلَى ما قال عَنِ الكُفَّارِ {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النّبَإِ: 40]. ومَكانٌ سُوًى وسَوَاءٌ: وسَط. وقال: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصَّافات: 55] و {سَوَاءَ السَّبِيْلِ} [البَقَرَة: 108]، وأمّا {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفَال: 58] أي على عَدْلٍ مِنَ الحُكمِ، وكذا قولُهُ: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عِمرَان: 64]. وقولُهُ: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرَهُمْ} [يس: 10]، {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنَافِقون: 6]، {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا} [إبراهيم: 21] أي يستوي الأمْرَانِ في أنَّهُما لا يُغْنِيانِ {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحَجّ: 25]. وقد يُسْتَعْمَلُ سِوًى وسِوَاءٌ بمعنَى غَير. قالَ الشاعِرُ:
فَلَمْ يَبْقَ منها سِوَى هامِدٍ
وقال آخَرُ:
وما قَصَدَتْ مِنْ أهْلِها لِسِوائِكا
وعِنْدِي رَجُلٌ سِوَاكَ: أي مَكانَكَ وبَدَلَكَ. والمُساوَاةُ: مُتَعارَفَةٌ في المُثْمَناتُ. يُقالُ: هذا الثَّوْبُ يُساوِي كذا. وأصْلُهُ: منْ ساوَاهُ في القَدْرِ {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96].
سيب: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ} [المَائدة: 103] السائِبَةُ: التي تُسَيَّبُ في المَرْعَى، فَلا تُرَدُّ عَنْ حَوْضٍ ولا عَلَفٍ، وذلك إذا وَلَدَتْ خَمْسَةَ أبْطُنٍ. وانْسابَتِ: الحَيَّةُ انْسِياباً. والسائِبَةُ: العَبْدُ يُعتَقُ، ويَكُونُ ولاؤهُ لِمُعْتِقِهِ، ويَضَعُ مالَهُ حَيْثُ شاءَ، وهو الذي وَرَدَ النَّهْيُ عنه. والسَّيْبُ: العَطاءُ. والسِّيبُ: مَجْرَى الماءِ. وأصْلُهُ مِنْ: سَيَّبتُهُ فَسابَ.
سيرَ: السَّيْرُ: المُضِيُّ في الأرضِ. ورَجُلٌ سائِرٌ، وسَيَّارٌ. والسَّيَّارَةُ: الجَماعَةُ. قال: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} [يُوسُف: 19] يُقالُ: سِرْتُ وسِرْتُ بِفُلانٍ، وسِرْتُهُ أيضاً وَسيَّرْتُهُ: على التَّكْثير. فَمِنَ الأوَّلِ قولُهُ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} [يُوسُف: 109]، {قُلْ سِيرُوا} [العَنكبوت: 20]، {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سَبَإ: 18]. ومِنَ الثاني قولُهُ: {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} [القَصَص: 29] ولم يَجِىءْ في القُرآن القِسْمُ الثالثُ، وهو سِرْتُهُ. والرابعُ قوله: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النّبَإِ: 20]، {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ » وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} [يُونس: 22]، [سَبَإ: 18] أي جعلنا أهل سبأ يسيرون من القرية إلى القرية بمقدار واحد (أي أن المسافة هي نفسها من القرية الى القرية) وسواءٌ عليكم أسِرتم في الليل أو النهار فأنتم آمنون من الجوع والعطش والتعب ومن سباع الأرض وهوامها ومن كل المخاوف. وأمَّا قولُهُ: {سِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الأنعَام: 11] فقد قيلَ: حَثٌّ على السِّياحَةِ في الأرضِ بالجِسْمِ، وقيلَ: حَثٌّ على إحالَةِ الفِكْرِ ومُرَاعاةِ أحْوالِهِ، كما رُوِيَ في الخَبَر أنه قيلَ في وصْفِ الأولياءِ: أبْدَانُهُمْ في الأرضِ سائِرَةٌ، وقُلُوبُهُمْ في المَلَكُوتِ جائِلَةٌ. ومنهم مَنْ حَمَلَ ذلك على الجدِّ في العِبادَةِ المُتَوَصَّلِ بِها إلَى الثوابِ، وعلى ذلك حُمِلَ قولُهُ عليه وعلى آله الصلاةُ السلامُ: «سافِرُوا تغنموا»(122). والتَّسْييرُ ضَرْبانِ: أحَدُهُما بالاختيار والإرَادَةِ مِنَ السائر نحوُ: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ} [يُونس: 22]، والثاني بالقَهْر والتَّسْخير، كَتَسْخير الجِبال {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [التّكوير: 3] و {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النّبَإِ: 20]. والسِّيرَةُ: الحالَةُ التي يكونُ عليها الإِنْسانُ وغَيْرُهُ غَرِيزيّاً كانَ أو مكتسباً. يُقالُ: فُلانٌ له سِيرَةٌ حَسَنةٌ، وسِيرَةٌ قَبِيحَةٌ. وقولُهُ: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُوْلَى} [طه: 21] أي الحالَةَ التي كانَتْ عليها مِنْ كَوْنِها عُوداً.
سَيَل: سالَ الشيءُ يَسِيلُ، وأسَلْتُهُ أَنَا {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سَبَإ: 12] أي أذَبْنا له. والإِسالَةُ في الحَقِيقَةِ: حالَةٌ في القِطْر تَحْصُلُ بَعْدَ الإِذَابَةِ. والسَّيْلُ: أصْلُهُ مَصْدَرٌ، وجعِلَ اسماً للماءِ الذي يَأْتِيكَ ولم يُصِبْكَ مَطَرُهُ {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} [الرّعد: 17]، {سَيْلَ الْعَرِمِ} [سَبَإ: 16]. والسِّيلانُ: المُمْتَدُّ مِنَ الحَدِيدِ الدَّاخِلُ مِنَ النِّصابِ في المَقْبَضِ.
سين: طُورُ سيناءَ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ. قال: {تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} [المؤمنون: 20] قرىء بالفتحِ والكسر، والألِفُ في سَيْناءَ بالفتحِ ليسَ إلاَّ للتأنِيثِ، لأنه ليسَ في كلامِهِمْ فَعْلاَلُ إلا مُضاعَفاً كالقِلْقالِ والزَّلْزَالِ. وفي سيناءَ يَصِحُّ أنْ تَكُونَ الألِفُ فيه كالألفِ في عَلْياءَ. وقال تعالى: {وَطُورِ سِينِينَ} [التِّين: 2] وهو الجَبَلُ الذي كَلَّمَ الله سبحانه وتعالى عليه موسى (ع) ، وهو جبلٌ كثيرُ النبتِ والشجر. وسِينينَ وسِيناءَ بِلُغَةِ النَّبطِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢