نبذة عن حياة الكاتب
لمن الحكم
الطبعة : الطبعة الاولى
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ١١١
تاريخ النشر : ١٩٨٨
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَدِّمة
وَاقِعُ العَقْل
الإدرَاكُ الشعُوريّ أو التميِيزُ الغَريْزِيّ
الطَريقَةُ العَقْلِية والطَريقةُ العِلْميّة
أقسَامُ الفِكْرِ
حَلُّ العُقْدَةِ الكُبْرَى أو الإِيمانُ بِالله عَنْ طَريقةِ الفِكْرِ المُسْتَنِير
خُلاصة
التفكيرُ البَطيءُ وَالتفكيرُ السَّريعُ أو الإدراكُ البَطيءُ وَالإِدراكُ السَّريعُ
فِطْرَةُ الإنْسَان
الطَاقةُ الحيويَّةُ غَريزَةُ البَقَاء
غَرِيزَةُ النَّوْعِ مِنْ مَظاهِرِهَا الشُعورُ الجِنْسِيّ
التَدَيُّن
الخوفُ: مظهَرٌ مِنْ مظاهِرِ غَريزَةِ حُبِّ البَقاء
العِبَادَةُ
حاجَةُ الإنسَانِ إلى الرُّسُل
لِـمَنِ الحُكْمُ؟
الشَرعُ أو الشَرِيعَة
القُرآنُ عَرَبيٌّ
الحَقِيقَةُ العُرفيَّةُ وَالحقِيقَةُ الشَرعيَّةُ
المُجْتَمَع
تَكْوينُ المُجْتَمع وتنظيمُه عِنْدَ الشيُوعِيين
كيفَ يَنْهَضُ المُجْتَمَع
الأهْدافُ العُلْيَا لِصِيَانةِ المُجْتَمَعِ الإسْلاميّ
القانونُ الرُّوماني
الاقتِصاد
الإجَارة
النظامُ الاجتماعيّ في الإسلام
تنظِيمُ العَلاقات
مقاصِدُ كُلِّ حُكْمٍ بعَيْنِه
الخاتِمَـة

الإدرَاكُ الشعُوريّ أو التميِيزُ الغَريْزِيّ
كثيرًا ما يخْلُطُ النّاسُ بَيْنَ الإدراكِ العقليِّ والإدراكِ الشّعوريّ، «أي التّمييزِ الغريزيّ»، ويعجزونَ عن التّمييزِ بينَهُما. ومِنْ هنا كان الوقوعُ في أخطاءٍ مضحكةٍ حينًا ومضلّلةٍ أحيانًا، فَمنهمْ مَنْ جعلَ للطِّفلِ منذُ ولادتِهِ عقلًا وفكرًا، ومنهُمْ مَنْ جعلَ للحَيوانِ فكرًا، ومنهُمْ مَنْ جرّهُ عدمُ التّمييزِ بَيْنَ الفكرِ والغريزةِ أوِ الاهتداءِ الغريزيِّ إلى الضّلالِ في تعريفِ الفكرِ. ولهذَا كانتْ معرفةُ الاهتداءِ الغريزيّ ضروريّةً ضرورةَ معرفةِ الفكرِ أوِ العقلِ.
ويتمُّ الاهتداءُ الغريزيُّ عندَ الحيوانِ مِنْ تكرارِ إحساسِهِ بالواقعِ، لأنَّ لدَى الحيوانِ دماغًا، وَلَدَيْه حواس، كما هيَ الحالُ في الإنسانِ، لكنَّ دماغَ الحيوانِ عاجزٌ عَنِ الرّبطِ، وكُل ما فيهِ مركزٌ للإحساسِ فَقَطْ، فليسَ لَدَيْه معلوماتٌ سابقةٌ يربطُها بالواقعِ، أوْ بالإحساس، بَلْ كلُّ ما لَدَيْهِ انطباعاتٌ عَنِ الواقعِ. ويستعيدُ هذِهِ الانطباعاتِ حينَ الإحساسِ بالواقعِ. وهذِهِ الاستعادةُ لَيْسَتْ ربطًا بل هِيَ تحرّكٌ لمركزِ الإحساسِ، وَهِيَ ناشئةٌ عَنِ الإحساسِ بالواقعِ الأوّلِ أوْ بواقعٍ جديدٍ يتّصلُ بالواقعِ الأوّلِ، فيحصلُ عندئذٍ للإحساسِ تمييزٌ غريزيٌّ، وَهُوَ الّذي يعيِّنُ سلوكَ الحيوانِ، وتَحَرُّكَهُ نحوَ إشباعِ الغريزةِ أوِ الحاجةِ العضويّة.
ويكونُ هذا السّلوكُ فقط للإشباعِ، أوْ عدمِ الإشباعِ، فإذا قُدِّمَ لِهـِرٍّ ـــ مثلًا ـــ لحمٌ وعنبٌ عرفَ بغريزتِهِ أيّهُما يُؤكَلُ وأيّهُما لا يُؤكلُ، فَيُقْبِلُ على ما يُؤكلُ وَيُعرضُ عمّا لا يُؤكلُ، والبقرةُ وهيَ ترعَى تتجنّبُ العشبَ السّامَّ والعشبَ الذي يضرُّها، والأمرُ كذلكَ إذا قُدِّمَ لحِصانٍ شعيرٌ وترابٌ: إنّهُ يحاولُ أنْ يختبرَ أيّهُمَا فيهِ إشباعٌ، فإذا وَجدَ ذلكَ في الشّعيرِ، لا في الترابِ، تركّزَ عندَهُ الإحساسُ بأنَّ الشّعيرَ يُشبِعُ حاجتَه والتّرابَ لا يُشْبِعُها، وعندئذٍ يترُكُ الترابَ لمجرّدِ الإحساس بِهِ، ويأخذ الشّعيرَ لمجرَّدِ الإحساسِ بهِ إذَا كانَ جائعًا، وإذا ضَرَبْتَ الجرسَ وأطعمتَ الكلبَ عندَ ضَرْب الجرس فإنّهُ إذا تكرّرَ ذلكَ يُدركُ الكلبُ إذا قُرِعَ الجرسُ أنَّ الأكلَ آتٍ فيسيلُ لعابُهُ، وكذلكَ إذا رأى الكلبُ كلبةً تتحرّكُ فيهِ الشّهوةُ أمّا إذا رأى هرّةً فَلا تتحرّكُ، وهكذا بالنّسبةِ إلى كلِّ حيوانٍ، والطّفلُ كالحيوانِ حينَ الولادةِ فإنَّ دماغَهُ وإنْ كانَ فيهِ قابليّةُ الرّبطِ، ولكنْ ليسَ لديهِ معلوماتٌ لهُ يربطُها بالإحساسِ بالواقعِ الجديدِ حتّى يميّزهُ، وَمِنْ هنا لا يكونُ عندَهُ فكرٌ، بل تمييزٌ أوِ اهتداءٌ غريزيٌّ فَقَطْ للشّيءِ مِنْ حيثُ كونُهُ يُشبِـعُ أو لا يُشبِـعُ وَليستْ عندَهُ معرفةٌ عَنْ حقيقةِ الشّيءِ الذي ميّزَ الإشباعَ بِهِ، فَهُوَ لا يعرفُ الشّيءَ الذي أشبعَ، ولا الشّيءَ الذي لَمْ يُشبعْ. أمّا ما يُشاهَدُ منْ تعلّم بعض الحيواناتِ حركاتٍ أوْ أعمالًا تقومُ بها فهي تتعلّقُ بالغريزةِ وإنّما تقومُ بعضُ الحيواناتِ بها تقليدًا ومحاكاةً وليسَ عَنْ عقلٍ وإدراكٍ بَلْ عنْ تكرّرِ الإحساس فإذا كرَّرَ هذا الإحساس واسترجعَهُ فإنّهُ يمكنُ أنْ يقومَ بهِ تقليدًا ومحاكاة وليس قيامًا طبيعيًّا. وهذا بخلافِ الإنسانِ فإنَّ دماغَهُ توجدُ فيه خاصيّةُ ربطِ المعلوماتِ وليسَ مجردُ استرجاعِ الإحساسِ فَقَطْ، فالشّخصُ يَرَى رجلًا في القاهرة ثمَّ بعدَ سنةٍ يراهُ في بيروتَ فيسترجعُ إحساسَهُ بهِ لكنّهُ لعدمِ وجودِ معلوماتٍ عنهُ لا يربطُ بهِ أيَّ شيءٍ بخلافِ ما لَوْ رأى هذَا الرّجلَ في القاهرةِ وأخذَ معلوماتٍ عنهُ، فإنّهُ يربطُ حضورَهُ إلى بيروتَ بالمعلوماتِ السابقةِ عنهُ، ويدركُ معنَى حضورهِ إلى بيروتَ بخلافِ الحيوانِ فإنّهُ لوِ استرجعَ الإحساسَ بذلكَ الرّجلِ لا يدركُ معنَى حضورهِ، بل يحسُّ بما يتعلّقُ بالغرائزِ لَدَيْهِ عندَ رؤيةِ ذلكَ الرّجلِ. فالحيوانُ يسترجعُ الإحساسَ لكنّهُ لا يربطُ المعلوماتِ وَلَوْ أعْطِيَتْ لهُ بالتّعليمِ والمحاكاةِ بخلافِ الإنسانِ فإنّهُ يسترجعُ الإحساسَ ويربطُ المعلوماتِ، فدماغُ الإنسانِ فيهِ ناحيةُ الرّبطِ واسترجاعُ الإحساسِ والحيوانُ لَدَيْهِ فَقَطْ استرجاعُ الإحساسِ، لذلكَ اشتبهَ على الكثيرينَ التفريقُ بَيْنَ عمليّةِ الاسترجاعِ وعمليّةِ الرّبطِ، فعمليةُ الاسترجاعِ لا تكونُ إلّا فيما يتعلّقُ بالغرائزِ والحاجاتِ العضويّةِ لكنَّ عمليّةَ الرَّبطِ تكونُ في كُلِّ شيءٍ. وميزةُ الإنسانِ على الحيوانِ إنّما هي في خاصيّةِ الرّبطِ لذلكَ فإنَّ كونَ الإنسانِ يعرفُ مِنْ عَوْمِ الخشبةِ أنّهُ يمكنُ أنْ يُجعلَ من الخشبِ سفينةٌ، وكذلكَ مثلُ كونِ القردِ يعرفُ أنَّ إسقاطَ الموزةِ مِنْ قُطْفِ موزٍ معلّقٍ يمكنُ أنْ يحصلَ مِنْ ضربهِ بعصا أوْ أيّ وسيلةٍ أخرى، فجميعُ هذا وأمثالُهُ متعلّقٌ بالغرائزِ والحاجاتِ العضويّةِ، وحصولُ هذهِ الأعمالِ حتّى لو رُبطتْ وجُعلتْ معلوماتٍ هيَ عمليّةُ استرجاعٍ وليستْ عمليّةَ ربطٍ. لذلكَ لا تكونُ عمليّةً عقليّةً ولا تدلُّ على أنَّ هناكَ عقلًا أوْ فكرًا، فالحكمُ على الأشياءِ ما هيَ؟ لا يتمُّ إلَّا بعمليّةِ ربطٍ وربطِ معلوماتٍ سابقةٍ، حتى يوجد العقلُ أيْ حتّى تُكَوَّنَ العمليّةُ العقليّةُ.
ومِنْ هنا كانَ لا بدَّ من أنْ تكونَ عندَ الإنسانِ الأوّلِ معلوماتٌ سابقةٌ عَنِ الواقعِ مِنْ قبلِ أنْ يُعرضَ عَليهِ الواقعُ، وهذا ما يُشيرُ إليهِ قولُهُ تعالى عنْ آدمَ عليهِ السّلامُ الإنسانِ الأوّلِ [وعلّمَ آدمَ الأسماءَ كلّها] {سورة البقرة: الآية 31} ثُمَّ قالَ لَهُ: [يَا آدمُ أنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ] {سورة البقرة: الآية 33}.
فهذهِ الآيةُ تدلُّ على أنَّ المعلوماتِ السابقةَ لا بدَّ منها للوصولِ إلى المعرفةِ، فآدمُ قَدْ علّمهُ اللهُ سبحانَهُ وتعالى أسماءَ الأشياءِ أو مُسميّاتِها فلمّا عُرِضَتْ عليهِ عرفَها. فالإنسانُ الأوّلُ وهو آدمُ قدْ أعطاهُ اللهُ معلوماتٍ ولولا هذهِ المعلوماتُ السابقةُ لَمــَا عرفَها. فتكونُ المعلوماتُ السّابقةُ شرطًا أساسيًّا ورئيسيًّا للعمليّةِ العقليّةِ أيْ لمعنَى العقلِ وَهُوَ الحكمُ على الشّيءِ مَا هُوَ؟ وعلى ذلكَ فإنَّ الطريقَ القويمَ الّذي يُؤدّي إلى معرفةِ العقلِ معرفةً يقينيّةً جازمةً هُو أنّهُ لا بدَّ مِنْ وجودِ أربعةِ أشياءَ: واقعٍ، وإحساسٍ بالواقع، ودماغٍ، ومعلوماتٍ سابقةٍ عَنِ الواقعِ.
وإذا عرفنا معنى العقلِ أنّهُ الحكمُ على الشّيءِ وعرفنا تعريفَ واقعِ العقلِ بشكلٍ يقينيٍّ جازمٍ أنّهُ مؤلفٌ مِن أربعةِ عواملَ صارَ لزامًا علينا أنْ نعرفَ الطّريقةَ التي يجري بحسبها إنتاجُ العقل للأفكارِ. وهذه هي طريقةُ التّفكيرِ. فهناكَ أسلوبٌ للتّفكيرِ وطريقةٌ للتّفكيرِ، أمّا أسلوبُ التّفكيرِ فهوَ الكيفيّةُ التي يقتضيها بحثُ الشيءِ سواء أكانَ شيئًا ماديًّا ملموسًا، أم شيئًا غيرَ ماديّ. لذلك تتعدّدُ الأساليبُ وتتغيّرُ وتختلفُ، بحسبِ نوعِ الشّيءِ وتغيُّرِهِ واختلافِهِ. أمّا طريقةُ التّفكيرِ فهيَ الكيفيّةُ التي تجري عليها العمليّةُ العقليّةُ أيْ عمليّةُ التّفكيرِ بحسبِ طبيعتِهَا وبحسبِ واقعِها ولهذا فإنَّ الطّريقةَ لا تتغيّرُ ولا تتعدّدُ ولا تختلفُ فهي دائمةٌ وهي الأساسُ في التفكيرِ مهما تعدّدَتْ أساليبُ التّفكيرِ. وطريقةُ التّفكيرِ أي الكيفيّةُ التي يجري بِحَسَبِها إنتاجُ العقل للأفكارِ، مهما كانَتْ هذهِ الأفكارُ، هيَ نفسُها تعريفُ العقلِ لذلكَ سُمّيتِ الطّريقةَ العقليّةَ نسبةً إلى العقلِ نفسِهِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢