نبذة عن حياة الكاتب
لمن الحكم
الطبعة : الطبعة الاولى
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ١١١
تاريخ النشر : ١٩٨٨
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَدِّمة
وَاقِعُ العَقْل
الإدرَاكُ الشعُوريّ أو التميِيزُ الغَريْزِيّ
الطَريقَةُ العَقْلِية والطَريقةُ العِلْميّة
أقسَامُ الفِكْرِ
حَلُّ العُقْدَةِ الكُبْرَى أو الإِيمانُ بِالله عَنْ طَريقةِ الفِكْرِ المُسْتَنِير
خُلاصة
التفكيرُ البَطيءُ وَالتفكيرُ السَّريعُ أو الإدراكُ البَطيءُ وَالإِدراكُ السَّريعُ
فِطْرَةُ الإنْسَان
الطَاقةُ الحيويَّةُ غَريزَةُ البَقَاء
غَرِيزَةُ النَّوْعِ مِنْ مَظاهِرِهَا الشُعورُ الجِنْسِيّ
التَدَيُّن
الخوفُ: مظهَرٌ مِنْ مظاهِرِ غَريزَةِ حُبِّ البَقاء
العِبَادَةُ
حاجَةُ الإنسَانِ إلى الرُّسُل
لِـمَنِ الحُكْمُ؟
الشَرعُ أو الشَرِيعَة
القُرآنُ عَرَبيٌّ
الحَقِيقَةُ العُرفيَّةُ وَالحقِيقَةُ الشَرعيَّةُ
المُجْتَمَع
تَكْوينُ المُجْتَمع وتنظيمُه عِنْدَ الشيُوعِيين
كيفَ يَنْهَضُ المُجْتَمَع
الأهْدافُ العُلْيَا لِصِيَانةِ المُجْتَمَعِ الإسْلاميّ
القانونُ الرُّوماني
الاقتِصاد
الإجَارة
النظامُ الاجتماعيّ في الإسلام
تنظِيمُ العَلاقات
مقاصِدُ كُلِّ حُكْمٍ بعَيْنِه
الخاتِمَـة

الأهْدافُ العُلْيَا لِصِيَانةِ المُجْتَمَعِ الإسْلاميّ
الأعمدة الثمانية التي يقام عليها هيكل المجتمع الإسلامي بحيث
إذا فُقدَ أحد الأعمدة سقط الهيكل برمّته
ليست هذهِ الأهدافُ من وضعِ الإنسانِ، بل هيَ من أوامرِ الله ونواهيه وهيَ ثابتةٌ لا تتغيرُ ولا تتطوّرُ؛ تحافظُ على نسل الإنسانِ (بفرض حدّ الزنى)، وعلى العقلِ (حدّ شارب الخمر)، وعلى الكرامةِ الإنسانيّةِ (حدّ القذف)، وعلى نفسِ الإنسانِ (عقوبة قتل العمد)، وعلى الملكيّةِ الفرديّةِ (حدّ السرقة)، وعلى الدينِ (حدّ المرتد)، وعلى الأمنِ (حدّ قطَّاع الطرق)، وعلى الدولةِ (حدّ أهل البغي).
وَوَضَعَ للمحافظةِ عليها عقوباتٍ صارمةً. والمحافظةُ على هذهِ الأهدافِ واجب، لأنها أوامرُ ونواهٍ منَ الله لا على أساس أنها تحققُ قيَمًا ماديّة. كما أنّ الإسلامَ عُني بالفردِ كونه جزءًا من هذهِ الجماعةِ غيرَ منفصلٍ عنها بحيثُ تؤدي هذهِ العنايةُ إلى المحافظةِ على الجماعةِ، وعُنيَ في الوقْتِ نفسِه بالجماعةِ، لا بصفتِها كُلًّا ليسَ لهُ أجزاءٌ، بلْ بصفتِها كُلًّا مكوّنًا من أجزاء، هُمُ الأفرادُ، بحيثُ تؤدي هذهِ العنايةُ إلى المحافظة على هؤلاءِ الأفرادِ، كأجزاء؛ قالَ، صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ القائمِ على حدودِ الله والواقعِ فيها كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سفينةٍ فأصابَ بَعْضُهُم أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَهَا فكانَ الذينَ في أسْفَلِهَا إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مرّوا على مَنْ فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقًا لمْ نؤذِ مَنْ فَوْقَنَا، فإنْ تَرَكُوهُمْ وما أرَادُوا هَلَكُوا جميعًا، وإنْ أخَذُوا على أيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوا جميعًا».

العُقُوباتُ في الإسْلام
شرّعَ اللهُ العقوباتِ في الإسلامِ زواجِرَ وجوابِرَ. أمّا الزواجِرُ فلزَجْرِ الناسِ عنِ ارتكابِ الجرائمِ، وأمّا الجوابرُ فلكي تجبرَ عن المسلمِ عذابَ الله تعالى يومَ القيامةِ.
وكونُ العقوباتِ زواجرَ ثابتٌ بنصِّ القرآنِ؛ قال تعالى: [وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ] فتشريعُ القصاصِ في الحياةِ معناهُ أنّ إيقاعَ القصاصِ هوَ الذي أبقى الحياةَ ولا يكونُ ذلكَ في إبقاءِ الحياةِ، فمنْ وقَعَ عليهِ القصاصُ، ففي القصاصِ موتُهُ لا حياتُهُ، بل حياةُ منْ شاهدَ وقوعَ القصاصِ.
وهذه العقوباتُ لا يجوزُ أنْ تُوقَعَ إلّا بمنْ ثبتَتْ جريمتهُ وأُدينَ؛ ومعنى كونِها زواجرَ أن ينزجرَ الناسُ عنِ الجريمةِ أي يمتنعوا عنِ ارتكابها. والجريمةُ هيَ الفعلُ القبيحُ، والقبيح ما قَبّحَهُ الشرعُ، لذلكَ لا يُعدّ الفعلُ جريمة إلَّا إذا نصَّ الشرعُ على أنّهُ فعلٌ قبيحٌ فيُعدّ حينئذٍ جريمةً.
وقد بيّنَ الشرْعُ الإسلاميّ أنّ على هذهِ الجرائمِ عقوباتٍ في الآخرة والدنيا. أمّا عقوبةُ الآخرة فاللهُ تعالى هو الذي يتولَّاها ويُعاقِبُ بها المجرمَ؛ فيعذبهُ يومَ القيامة. قالَ تعالى: [يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ]. وقالَ تعالى: [إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ]. ومعَ أنّ اللهَ أوعدَ المذنبينَ بالعذابِ إلا إنّ أمْرَ المذنبينَ موكولٌ إليه تعالى إن شاءَ عذّبهم وإن شاءَ غَفَرَ لهم، قالَ تعالى: [إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ] وتوبتهم مقبولة لعمومِ الأدلّةِ.
وأمّا عقوبات الدنيا فقد بيّنَها اللهُ تعالى في القرآنِ والحديثِ مجمَلَةً ومفصّلَةً، وجعلَ الدولةَ هي التي تقومُ بها. فعقوبةُ الإسلامِ التي بيّنَ إنزالها بالمجرمِ في الدنيا، يقومُ بها الإمامُ أو نائبهُ، أي تقومُ بها الدولةُ فيما يُوجِبُ الحدودَ، وما دونَ الحدودِ منَ التعزيزِ والكفاراتِ. وهذه العقوبةُ في الدنيا تُسْقطُ عنِ المذنبِ عقوبةَ الآخرةِ وتجبرُها فتكون بذلك العقوباتُ زواجرَ وجوابرَ. قالَ رسولُ الله، صلى الله عليه وآله وسلم: «تُبَايعُونني على أنْ لا تُشْركوا بالله شيئًا ولا تَسْرُفوا ولا تَزْنُوا ولا تَقْتُلوا أولادكُم ولا تأتُوا بِبُهتَانِ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أيديكُم وأرجُلِكُمْ ولا تَعْصوا في معروفٍ. فَمَنْ وَفَى مِنكُمْ فأجرُهُ على الله ومَنْ أصابَ منْ ذلكَ شيئًا فَعُوقِبَ في الدنيا فهوَ كَفّارَة لهُ. ومَنْ أصابَ شيئًا فَسَتَرَهُ اللهُ فأمْرُهُ إلى الله إنْ شاءَ عاقَبَه وإنْ شاءَ عَفَا عَنْهُ».

الإسلامُ يُساوِي بَيْنَ جَميعِ المُوَاطنين
يرى الإسلامُ أن الذين يحكمُهُمْ هم وَحْدَةٌ إنسانيّةٌ بغضّ النظرِ عن الطائفةِ والجنسِ، فلا يشترط فيهم إلا التابعيّةَ، لا توجد في الإسلامِ الأقليّاتُ، بل جميعُ الناسِ، باعتبارٍ إنساني هم رعايا ما داموا يحملونَ التابعية، وكلّهم يتمتعُ بالحقوقِ التي قررها الشرع، سواء أكان مسلمًا أو غير مسلم، وكل من لا يحمل التابعية يحرم من هذه الحقوق ولو كان مسلمًا.
هذا من حيثُ الحكمُ ورعايةُ الشؤونِ. أما من حيثُ تطبيقُ أحكامِ الإسلامِ فإنه يأخذ بالناحيةِ التشريعيةِ القانونيةِ لا بالناحيةِ الروحيةِ، ذاكَ أنَّ الإسلامَ ينظرُ للنِّظامِ المطبقِ عليهم باعتبارٍ تشريعيٍّ قانونيٍّ، لا باعتبارٍ دينيٍّ روحي.
فالذين يعتنقون الإسلام يكون اعتناقُهُمْ له واعتقادُهُمْ بهِ هو الذي يلزمُهُمْ بجميعِ أحكامهِ، لأنَّ التسليمَ بالعقيدةِ تسليمٌ بجميعِ الأحكامِ المنبثقةِ عنها، فكان اعتقادُهُمْ ملزمًا لهم بجميعِ ما أتت به هذه العقيدةُ إلزامًا حتميًّا.
ثم إنَّ الإسلامَ جعلَ المسلمين يجتهدون في استنباطِ الأحكام، وبطبيعةِ تفاوتِ الأفهامِ حصل الاختلاف في فهمِ الأفكار المتعلقةِ بالعقائدِ وفي كيفيةِ الاستنباطِ، وفي الأحكامِ والآراء المستنبطة، فأدى ذلك إلى وجودِ الفرقِ والمذاهب. وقد حث الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، على الاجتهاد وبيَّن أنَّ الحاكمَ إذا اجتهد وأخطأ فله أجرٌ واحدٌ وإذا أصاب فله أجرانِ اثنانِ.
إذن، فتح الإسلام باب الاجتهاد، لذلك لم يكن عجيبًا أن يكون هنالك أهل السنّة والشيعة والمعتزلة وغيرهم من الفرق الإسلامية، ولم يكن غريبًا أن يكون هنالك الجعفرية والشافعية والزيديةُ والحنفية والمالكية والحنابلة وغيرُهم من المذاهب الإسلامية. وجميع هذه الفرق والمذاهب الإسلامية تعتنق عقيدة واحدة هي العقيدة الإسلامية، وجميع هؤلاء مخاطبون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ومأمورون باتباعِ الحكمِ الشرعيّ لا اتباع مذهب معين.
أما المذهب فهومَعينٌ للحكم الشرعي يقلده غير المجتهد حين لا يستطيع الاجتهاد. هو يأخذ هذا الحكم بالاجتهاد إن كان قادرًا عليه، وبالاتباع أوالتقليد إن كان غير قادر على الاجتهاد. وعلى ذلكَ فإنَّ جميعَ الفرقِ والمذاهبِ التي تعتقدُ العقيدةَ الإسلامية تُطَبّقُ على أتباعِها أحكامُ الإسلام.
وعلى الدولةِ ألّا تتعرض لهذه الفرق الإسلامية، ولا لاِتِّباع المذاهب الفقهية، ما دامت لا تخرج على عقيدةِ الإسلام. والمسلمون مطالبون بجميعِ أحكامِ الإسلام، إلا إنّ هذهِ الأحكامَ منها ما هو قطعيّ ليس فيه إلا رأي واحد كتحريم الربا ووجوب الزكاة، وكون الصلوات المفروضة خمسًا، وما شاكل.
وهناك أحكامٌ وأفكارٌ وآراء قد اختلف المسلمون في فهمها. فهمها كلُّ مجتهدٍ خلافَ فهم الآخر، مثل صفات الخليفةِ وإجارة الأرض، وتوزيع الإرث وغير ذلك، فهذه الأحكامُ المختلفُ فيها يتبنى الخليفة رأيًا منها فتصبح طاعته واجبةً على الجميع.
لكن العبادات لا يتبنى الخليفة منها شيئًا لأنَّ تبنيه في العباداتِ يجعلُ المشقّةَ على المسلمين في عباداتهم، لذلك لا يأمر برأي معيّن في العقائد مطلقًا، ما دامت العقيدة التي يعتقدونها إسلامية، ولا يأمر بحكمٍ معينٍ في العبادات ما عدا الزكاة، ما دامت هذه العبادات أحكامًا شرعية، وفي ما عدا ذلك يتبنى في جميع المعاملات، كالإجارة والبيع والنفقة والشركة إلخ.
وفي العقوبات جميعها من حدودٍ وتعزير.
نعم، إنَّ الخليفة ينفذ أحكامَ العباداتِ فيعاقبُ تارك الصلاة والمفطرَ في رمضانَ، كما ينفذُ سائرَ الأحكامِ سواءً بسواء، وهذا التنفيذ هو واجبُ الدولة، لأنَّ وجوبَ الصلاةِ ليس مجالَ اجتهادٍ ولا يُعدّ تبنيًا بل هو تنفيذ لحكم شرعي مقطوع به عند الجميع،ويتبنى لتنفيذ العقوبات على تارك العبادات رأيًا شرعيًّا يلزم الناسَ بالعملِ به، هذا بالنسبة إلى المسلمين.
وأما غير المسلمين، فيتركون وما يعتقدون وما يعبدون، فيسيرون في أمور الزواج والطلاق بحسب أديانهم، وتعين الدولة لهم قاضيًا منهم، ينظر في خصوماتهم في محاكم الدولة. أما المطعومات والملبوسات فإنهم يعاملون بشأنِها بحسبَ أحكام دينهم ضمن النِّظَام العام. وأما المعاملاتُ والعقُوباتُ فتنفذُ على المسلمين وغير المسلمين سواءً بسواء، من غير تمييز أو تفريق على اختلاف أديانهم وأجناسهم ومذاهبهم، فهم جميعًا مكلفون باتباع الأحكام والعمل بها. غير أنَّ تكليفَهُمْ بذلك إنما هو من ناحيةٍ تشريعيّة قانونية، لا من ناحية دينية روحية، فلا يجبرون على الاعتقاد بها، لأنهم لا يجبرون على الإسلام، قال تعالى: [لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] ونهى الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، عن أن يفتن أهل الكتاب في دينهم.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢