نبذة عن حياة الكاتب
لمن الحكم
الطبعة : الطبعة الاولى
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ١١١
تاريخ النشر : ١٩٨٨
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَدِّمة
وَاقِعُ العَقْل
الإدرَاكُ الشعُوريّ أو التميِيزُ الغَريْزِيّ
الطَريقَةُ العَقْلِية والطَريقةُ العِلْميّة
أقسَامُ الفِكْرِ
حَلُّ العُقْدَةِ الكُبْرَى أو الإِيمانُ بِالله عَنْ طَريقةِ الفِكْرِ المُسْتَنِير
خُلاصة
التفكيرُ البَطيءُ وَالتفكيرُ السَّريعُ أو الإدراكُ البَطيءُ وَالإِدراكُ السَّريعُ
فِطْرَةُ الإنْسَان
الطَاقةُ الحيويَّةُ غَريزَةُ البَقَاء
غَرِيزَةُ النَّوْعِ مِنْ مَظاهِرِهَا الشُعورُ الجِنْسِيّ
التَدَيُّن
الخوفُ: مظهَرٌ مِنْ مظاهِرِ غَريزَةِ حُبِّ البَقاء
العِبَادَةُ
حاجَةُ الإنسَانِ إلى الرُّسُل
لِـمَنِ الحُكْمُ؟
الشَرعُ أو الشَرِيعَة
القُرآنُ عَرَبيٌّ
الحَقِيقَةُ العُرفيَّةُ وَالحقِيقَةُ الشَرعيَّةُ
المُجْتَمَع
تَكْوينُ المُجْتَمع وتنظيمُه عِنْدَ الشيُوعِيين
كيفَ يَنْهَضُ المُجْتَمَع
الأهْدافُ العُلْيَا لِصِيَانةِ المُجْتَمَعِ الإسْلاميّ
القانونُ الرُّوماني
الاقتِصاد
الإجَارة
النظامُ الاجتماعيّ في الإسلام
تنظِيمُ العَلاقات
مقاصِدُ كُلِّ حُكْمٍ بعَيْنِه
الخاتِمَـة

لِـمَنِ الحُكْمُ؟
بعد أن عرفنا واقع العقل وعرفنا قدرته الإنتاجية وطريقته التفكيرية وأيقنا بوجود تشريع سماوي منزل من عند الله سبحانه وتعالى عرفنا أن هذا العقل هو الذي اهتدى إليه وهو الأداة الصالحة الوحيدة لفهمه وهو الذي حكم أن هذا الشرع من عند الله. ومن أهمّ الأبحاثِ المتعلّقةِ بالحكم على الأفعالِ والأشياءِ وأولاها وألزمِها بيانًا معرفةُ مَنِ الذي يرجعُ له إصدارُ الحكمِ عليها: العقلُ أم الشرع. لأنّ ما في الوجودِ من المحسوساتِ لا يخرجُ عن كونهِ أفعالًا وأشياء من صنع الإنسانِ أو أشياءَ ليست من صنعِ الإنسانِ، ولما كانَ الإنسانُ بصفتهِ يحيا في هذا الكونِ هو موضعَ البحثِ، وكانَ إصدارُ الحكمِ متعلقًا به ومن أجلهِ، فإنّه لا بدَّ من الحكمِ على أفعالِ الإنسانِ وعلى الأشياءِ المتعلّقةِ بها، فمن الذي له وحدَهُ أن يُصدرَ الحكمَ على ذلك؟ هل هوَ اللهُ أمِ الإنسانُ نفسُهُ؟ وبعبارةٍ أخرى هل هو الشّرعُ أم العقلُ؟ لأنّ الذي يعرّفنا أنّ هذا هو حكمُ الله هوالشرعُ، والذي يجعلُ الإنسانَ يحكمُ هو العقلُ، فمن الذي يحكمُ إذًا؟
أما موضوعُ إصدارِ الحكمِ على الأفعالِ والأشياءِ فهو الحسنُ والقبحُ لأنّ المقصودَ من إصدارِ الحكمِ هو تعيينُ موقفِ الإنسانِ تجاه الفعلِ، هل يفعلُهُ أم يتركُهُ أم يُخيّرُ بينَ تركِهِ وفعلِهِ؟ وتعيينُ موقفِهِ تجاهَ الأشياءِ المتعلقةِ بها أفعالُهُ هل يأخذُها أم يتركُها أم يُخيّرُ بينَ الأخذِ والترك؟ وكلُّ هذا متوقفٌ على نظرتهِ للشيءِ هل هو حسنٌ أم قبيحٌ أم ليس بالحسنِ ولا بالقبيحِ؟ ولهذا كان موضوعُ الحكمِ المطلوبِ هو الحسنُ والقبحُ، فهل الحكمُ بالحسنِ والقبحِ هو للعقلِ أم للشّرع؟ إذْ لا ثالثَ لهما في إصدارِ هذا الحكمِ.
والجوابُ عن ذلك هو أنَّ الحكمَ على الأفعالِ والأشياءِ إمّا أن يكونَ من ناحيةِ واقعِها ما هو؟ وإمّا من ناحيةِ ملاءمتِها لطبعِ الإنسانِ وميولهِ الفطريةِ ومنافرتِها لها، وإمّا من ناحيةِ المدحِ على فعلِها والذمِّ على تركِها أي من ناحيةِ الثّوابِ والعقابِ، فيكونُ حكمُ الإنسانِ على الأشياءِ يتمثّلُ بثلاثِ جهاتٍ:
1 ـــ مِنْ حيثُ واقعُها ما هو؟
2 ـــ مِنْ حيثُ ملاءمتُها لطبعِ الإنسانِ ومنافرتُها له.
3 ـــ مِنْ حيثُ الثّوابُ والعقابُ أو المدحُ والذمُّ.
فأمّا الحكمُ على الأشياءِ من ناحيةِ واقعِها ومن جهةِ ملاءمتِها للطّبعِ ومنافرتِها له، فلا شكَّ في أنَّ ذلكَ كلّهُ إنّما هو للإنسانِ نفسهِ أيْ هو للعقلِ لا للشّرعِ، فالعقلُ هو الّذي يحكمُ على الأفعالِ والأشياءِ في هاتينِ الناحيتينِ ولا يحكمُ الشّرعُ في أيٍّ منهما، إذ لا دخلَ للشّرعِ فيهما. وذلكَ مثل: العلمُ حسنٌ والجهلُ قبيحٌ، فإنّ واقعهما ظاهرٌ منه الكمال والنّقصُ، ومثل: إنقاذُ الغريقِ حسنٌ وتركُهُ يهلكُ قبيحٌ، فإن الطّبعَ يميلُ لإسعافِ المشرفِ على الهلاكِ. فهذا وما شاكلَهُ يعودُ إلى طبعِ الإنسانِ وفطرتِهِ وهو يشعرُ به ويدركُهُ، لذلكَ كان إصدارُ الحكمِ على الأفعالِ والأشياء من هاتينِ الجهتينِ هو للإنسانِ. فالحاكمُ فيهما هو الإنسانُ. أما الحكمُ على الأفعالِ والأشياءِ من ناحيةِ المدحِ أو الذمِّ في الدنيا، والثوابِ والعقابِ عليها في الآخرة فلا شكَّ في أنّهُ لله وحدَهُ وليس للإنسانِ أي هو للشّرعِ، وليس للعقلِ، وذلك كحُسْنِ الإيمانِ وقبحِ الكفرِ وحسنِ الطّاعةِ وقبح المعصيةِ وهكذا. والعقلُ هو إحساسٌ وواقعٌ ومعلوماتٌ سابقةٌ ودماغٌ. فالإحساسُ جزءٌ جوهريٌّ من مقوّماتِ العقلِ فإذا لم يحسّ الإنسانُ بالشّيءِ لا يمكنُ لعقلهِ أن يُصدرَ حكمًا عليهِ لأنّ العقلَ مقيّدٌ حكمُهُ على الأشياءِ بكونها محسوسةً ويستحيل عليه إصدار حكمٍ على غيرِ المحسوساتِ، وكون الظّلمِ مما يُمدح أو يُذمُّ ليس مما يحسُّه الإنسان لأنه ليس شيئًا يُحَسُّ، فلا يمكن أن يُعقلَ، أي لا يمكن للعقلِ إصدار حكمٍ عليه وهو أي مدح الظلمِ أو ذمّه وإن كان يشعرُ الإنسانُ بفطرتهِ بالنّفرةِ منه أو الميلِ إليه لكنّ الشعورَ وحده لا ينفعُ في إصدارِ العقل حكمَهُ على الشيء بل لا بدَّ من الحس. لذلك لا يمكنُ للعقلِ أن يُصدرَ حكمَهُ على الفعلِ أو على الشّيءِ بالحسنِ أو القبحِ، ومن هنا لا يجوزُ للعقلِ أن يُصدرَ حكمَهُ على الأفعالِ أو الأشياءِ بالمدحِ أو الذمِّ لأنّهُ لا يتأتَّى له إصدارُ هذا الحكم ويستحيلُ عليه ذلك. ولا يجوزُ أن يُجْعَلَ إصدارُ الحكمِ للمدحِ والذمِّ لميولِ الإنسانِ الفطريّةِ لأن هذه الميولَ تُصدرُ الحكمَ بالمدحِ على ما يوافقُها وبالذَمِّ على ما يخالفُها. وقد يكونُ ما يوافقُها مما يُذمُّ كالزنا واللواطِ والاسترقاقِ وقد يكونُ ما يخالفُها مما يُمْدَحُ كقتال الأعداءِ والصّبرِ على المكارهِ وقولِ الحقِّ في حالاتِ تحقّقِ الأذى البليغِ.
لذلك كان جعلُ الحكمِ للميولِ والأهواءِ خطأً محضًا، لأنّهُ يجعلُ الحكمَ خاطئًا مخالفًا للواقعِ، فضلًا عن أنّهُ يكونُ الحكمُ بالمدحِ والذمِّ بحسب الهوى والشهواتِ ولهذا لا يجوزُ أن يُجعلَ للإنسانِ إصدارُ الحكمِ بالمدحِ والذمّ، فيكون الذي يُصدرُ حكمَهُ بالمدحِ والذمِّ هو اللهُ سبحانَه وتعالى وليس الإنسانَ، وهو الشّرعُ وليس العقل. وأيضًا فإنّهُ لو تُرِكَ للإنسانِ أن يحكمَ على الأفعالِ والأشياءِ بالمدحِ والذمِّ لاختلف الحكمُ باختلافِ الأشخاصِ والأزمانِ وليس في مقدورِ الإنسانِ أن يحكمَ عليها حكمًا ثابتًا والمشاهدُ المحسوسُ أنَّ الإنسانَ يحكمُ على أشياءَ أنها حسنةٌ اليومَ ثمّ يحكمُ العكسَ غدًا. ويكونُ قد حكمَ على أشياءَ أنها قبيحةٌ ثمَّ يعودُ فيحكمُ عليها نفسها أنّها حسنةٌ، وبذلك يختلفُ الحكمُ على الشيء الواحدِ ولا يكونُ حكمًا ثابتًا فيحصلُ الخطأ في الحكمِ، لذلك لا يجوزُ أن يُجعلَ للعقلِ ولا للإنسانِ الحكمُ بالمدحِ والذّمِّ. وعليه فلا بدَّ من أن يكونَ الحاكمُ على أفعالِ العبادِ وعلى الأشياء المتعلّقةِ بها من حيثُ المدحُ والذمُّ هو اللهَ سبحانَهُ وتعالى وليس الإنسانَ أي يكونُ الشّرعُ وليس العقلُ، هذا من حيثُ الدليلُ العقليّ على الحسنِ والقبحِ. أما من حيثُ الدليلُ الشّرعي فإنّ الشّرعَ التزمَ التحسينَ والتقبيحَ لأمرهِ باتّباعِ الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وذم الهوى، لذلك كان من المقطوعِ به شرعًا أن الحسنَ ما حسنّه الشّرعُ والقبيحَ ما قبّحهُ الشّرعُ من حيثُ الذمُّ والمدحُ، والحكمُ على الأفعالِ والأشياءِ بالمدحِ والذمِّ هو لتعيينِ موقفِ الإنسانِ منها. فهو بالنسبةِ إلى الأشياءِ يبيّن هل يجوزُ له أخذُها أو يحرمُ عليهِ، ولا يتصوّرُ غير ذلك من حيثُ الواقعُ. وبالنّسبةِ إلى أفعالِ الإنسانِ هل يطلبُ منه أن يقومَ بها أو يطلبُ منه أن يتركَها أو يخيّرُ بينَ الفعلِ والتركِ. ولما كان هذا الحكمُ من هذه الجهةِ لا يكونُ إلا للشّرعِ لذلك يجبُ أن تكونَ أحكامُ أفعالِ الإنسانِ وأحكامُ الأشياءِ المتعلقةِ بها راجعةً للشّرعِ لا للعقلِ.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢