نبذة عن حياة الكاتب
الإسلام وإيْديُولوُجيَّة الإنْسان
الطبعة : الطبعة الرابعة
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ٣٦٢
تاريخ النشر : ١٩٨٩
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَـدّمـة
المَبْدأ
التَخطيط وَالتنمية الاقتصَاديّة وتوجيههما المتعَمد
مشَاريع الإنتَاج أي التنميَة الإقتصاديَّة
العَدالة الإجتماعيّة
المجْتمع
المجْتمع الإسْلامي في المدينة
النظام الإجتماعي في الإسْلام
الإنسَان هُو المَرأة والرجل
الأخلاق
علوم النفسِ والاجتماع والتربيَة
سياسة التعْليم
الأشيَاء وَالأفعَال
الشركاتُ الرأسماليّة
التَأمين
الجمْعيّات التعاونية
المصَارف «البنوك»
الرِّبَا
الرِّبَا والصّرفْ
النقود
نظَامُ الذهَب
الشركاتُ في الإسْلام
الحوالة
الرهنْ
الرشوة والهَديّة
البَيْع
التسعير
الاحتكار
التجارة الخارجيّة
السيَاسَة الصناعيّة
أخْطار القروض الأجْنبيَّة
الحركة العمّاليّة وسَبب قيامها في العَالم
البورْصَة
التّضَخُم المَاليْ
الحاكمْ
نظام الحكم في الإسلام
الإسْلامُ يسَاوي بين جَميع المَواطنين
الدسْتور وَالقَانون
العمَل برأي الأكثرية ومَتى يجوز
الإقتصَاد في الإسلام
الصناعة
التجارة
الجهْد الإنسَاني
النظام الإسْلاميّ وحده الذي يضمن الحاجات الأساسيّة
الخاتمَة

السيَاسَة الصناعيّة
تقومُ السياسةُ الصناعيةُ على تصنيع البلاد، والطريقُ لذلكَ واحدٌ، وهو إيجادُ صناعة الآلات أوّلًا، ومنها تتفرّعُ باقي الصناعات. وليسَ هناكَ طريقٌ آخر لجعل البلاد صناعيةً إلّا بالتصنيع الثقيل أولًا وقبلَ كلّ شيء، وعدم القيام بإيجاد أيّ مصنعٍ إلّا من الآلاتِ المصنوعةِ في البلادِ. أمّا القولُ بأنّ إيجادَ صناعةِ الآلات يحتاجُ إلى وقْتٍ طويلٍ، ولا بدّ قبلَ ذلكَ من أن نبدأ بصناعةِ الحاجاتِ الأساسيةِ، فهو قولٌ هُراء، أو دسيسةٌ يُرادُ بها تعويقُ صناعةِ الآلاتِ، وصَرْفُ البلادِ إلى الصناعةِ الاستهلاكية حتى تظلّ سوقًا لمصانع أوروبا وأميركا وروسيا. على أنّ الواقع يكذّبُ هذا القول، فإن روسيا القيصريةَ حينَ خَرَجَتْ منَ الحربِ العالميةِ الأولى كانتْ عالَةً على أوروبا، ولمْ تنشَأ لديها صناعةُ الآلاتِ. وقد نُقلَ عن لينين بأنَّهُ قدْ طُلِبَ منهُ تحسينُ الإنتاجِ الزراعيّ بإحضارِ آلاتِ حراثةِ (تركتورات) للسيرِ في الزراعةِ بالآلاتِ الحديثةِ، فأجابَ: «لنْ نستعمِلَ التركتورات حتى نُنْتِجها نحنُ، وحينئذٍ نستعملها». وفي مدّة ليْسَتْ بالطويلَةِ تمّتْ صناعةُ الآلاتِ في روسيا. والقولُ إنّ صناعةَ الآلاتِ تحتاجُ إلى إيجاد وسَطٍ صناعيٍّ من مهندسينَ وعمّالٍ فنيينَ وما شاكلَ ذلكَ، لا يُقصَدُ بهِ سوى المغالطةِ والتدليسِ، فإنّ دولَ أوروبا الشرقيّة والغربية لدَيْها فائض من المهندسينَ والعمال الفنيينَ، ويمكِنُ استحضارُ المئاتِ منهُمْ. وفي الوقت ذاتهِ يمكنُ إرسالُ المئاتِ، بلِ الآلافِ من شبابِنا لتعلّمِ صناعةِ الهندسةِ الثقيلةِ وصناعاتِ الفولاذِ، وهذا سهلٌ ميسورٌ وفي مُتناوَلِ اليدِ.
وإني لأرى أنّ الدولَ الأجنبية تقومُ بأنواعٍ منَ الخداعِ والتضليلِ لصرفِ الدول الإسلاميةِ عن تصنيع البلادِ والحيلولةِ بينها وبينَ تكوينها تكوينًا صناعيًا. وقدْ صدرَتْ كُتُبٌ في الاقتصادِ بخاصّةً في الشرقِ الأوسطِ حولَ التنميةِ الاقتصاديةِ، وصيغتْ صياغةً تجعَلُ الناسَ يعتقدونَ أنّ عليهِمْ أن يسيروا مراحلَ حتى يصلوا إلى مرحَلَةِ التقدّمِ الصناعي.
كما أنّ الأجانب قسّمُوا دُوَلِ العالمِ إلى ثلاثِ فئاتٍ، الأولى: تُنْتِجُ الموادّ الخامَ ولا تصنعها، وقد اعتبروها دوَلًا متخلّفَةً. الثانية: السائرةُ في طريق التصنيعِ، واعتبروها دوَلًا ناميَةً. الثالثة: صانعةُ الموادّ الخامِ، سواءٌ كانتْ منْ إنتاجِها المحليّ، أو منْ غيرِ إنتاجِها، وعدّوها دولًا متقدمةً. وقد أكّدوا أنّ من المحتّم على الدولِ أنْ تمرّ بهذهِ المراحل الثلاثِ، أو بعبارة أُخرى لا بدّ أنْ يمرّ المجتمَعُ بمرحلةٍ تقليديةٍ ثم ينتقلُ إلى مرحلةِ الانطلاقِ، تليها مرحلةُ النضوجِ، ثم مرحَلَةُ الاستهلاكِ الشعبيّ العالي. وكلّ مرحلةٍ من هذهِ المراحلِ لها شروطٌ تؤهّلُ لها، ولا بدّ أنْ تمرّ الدولة أو المجتمعات بزمنٍ يستوفي هذهِ المراحلَ. والغرضُ من كلّ ذلكَ صرْفُ الناسِ عنِ الثورةِ الصناعيةِ.
والحقيقةُ أنّ الثورةَ الصناعيةَ هي العلاجُ الوحيدُ للمشكلة، وهي منبع الصناعة ورأسها، وبيدها زمامُ أمورها كافّة. وصناعةُ الآلاتِ في البلادِ لها عدّةُ أسبابٍ تدعو للتعجيلِ بإيجادها. إنّ كثيرًا منَ المصانعِ عندنا ـــــــ مثلًا ـــــــ يُصيبُها عَطَبٌ بكسرِ جزْءٍ منها، فنضطرّ لاستيرادِهِ من الخارجِ، أو تتعطّل الآلةُ كلّيًا، وهذا يُكلّفُنا نفقاتٍ طائلةٍ. كما أنّ شراءَ المصانعِ والآلات منَ الخارجِ يُكلّفُنا ثمنًا غاليًا لأنها تُباعُ بأسعارٍ عاليةٍ. فإذا أوْجَدْنا نحنُ مصانعَ الآلاتِ، والنّفْطُ متوفّرٌ في بلادنا، فنحْصُلُ كأفرادٍ ودولةٍ على المصانع والآلات بأرخَص مما نشتريها منْ أوروبا وروسيا.
والثورةُ الصناعيةُ بمفهومها الحديث هي صناعةُ الآلات بعمليةٍ انقلابية في الصناعة، وعدم التلهي بأي عمل اقتصادي آخر سوى الضروريات.
إن صناعةَ الآلات في البلادِ لها عدة أسباب تدعو للتعجيلِ بإيجادها، فالشرق الأوسط كله لا توجدُ فيه مصانع للآلات، وهو يستوردُ ما يحتاجُهُ من المصانعِ والآلات من الخارج، كما أنه مقبلٌ على إنشاءِ مصانع استهلاكية كثيرة لأنه سوقٌ رابحة. ولهذا فمن الناحيةِ التجارية يُعتبرُ التعجيل بإيجاد مصانع الآلات أمرًا ضروريًا لكسب هذه السوق المفتوحة التي لا مُزاحمَ لنا فيها إذا ما وُجدت عندنا صناعة الآلات. ويجبُ أن يكونَ واضحًا أننا ننادي بضرورة صناعة الآلات، لا لهذه الأسباب ولا لغيرها، وإنما لتحقيق سياسة اقتصادية معينة، هي جَعْلُ بلادنا بلادًا صناعية، سواءٌ أنتج هذا ربحًا أم خسارة، وسواء وُجدت لها أسواق في الخارج أم لم تُوجدْ.
فالدافع لإيجاد صناعة الآلات هو تحقيقُ هذه السياسة، والهدف من تحقيق هذه السياسة هو ما تتجهُ إليه البلادُ الإسلامية أي التخلص من طريقة العيش الرأسمالية التي بلغَ التذمر منها حدًا يقربُ من الانفجار. فالمسلمون اليوم ازداد شعورهم بضرورة فصلهم عن الاستعمار، وبضرورةِ تغيير طريقة عيشهم، لهذا لا بد أن تكونَ السياسةُ الصناعية متّجهةً نحو جعل البلاد بلادًا صناعية للاستغناء عن كل ما يربطنا بالتبعية إلى أية جهة كانت. فإن أوروبا لم تحصلْ فيها الثورة الصناعية إلا عندما وجدت فيها صناعة الآلات، وأميريكا كانت مستعمرة لعدةِ دول، ولم تتقدّمْ ماديًا إلا عندما حصلت فيها الثورة الصناعية، وروسيا لم تكملْ ثورتها الاشتراكية الشيوعية إلا بعد أن حصلت فيها الثورةُ الصناعية.
لذلكَ يجبُ أنْ تكونَ السياسةُ الصناعيةُ قائمةً على جعْلِ البلاد صناعية للاستغناءِ عن الغربِ والشرقِ معًا. ومن أجل هذا لا بدّ من البدْءِ بإيجاد صناعةِ الآلات، وأنْ يكونَ هذا البدْءُ ثورةً صناعيةً وبشكلٍ انقلابيٍّ، لا عن طريقِ التدرّجِ ولا عن طريقِ السيرِ في مراحلَ حتى نقطع مسافاتٍ في الصناعةِ، أو حتى نقْطَعَ مراحلَ وهميةً تُرْسَمُ لنا لإعاقتنا عنِ السيرِ وللحيلولةِ بيْنَنا وبينَ الثورةِ الصناعيةِ.
ولكنّ ذلكَ لا يعني أنّ ما عندنا من مصانعِ استخراجِ النفطِ وتصفيتهِ، واستخراجِ غيرِهِ منَ المعادنِ وما شاكَلَ ذلكَ، يجبُ أنْ يتوقف عن العملِ حتى نصنعَ نحنُ الآلاتِ. كما أننا لا نستطيعُ أنْ نُنْكِرَ أنَّ لدينا صناعاتٍ استهلاكيةً كصناعةِ الغزلِ والنسيجِ والسكّرِ والمحفوظاتِ والخشبِ وغير ذلكَ، وهذهِ الصناعاتِ لا تزالُ في بدايةِ النشوءِ. ولذلكَ لا يرد سؤال: ماذا نفعلُ بها؟ لأنَّها ستظلّ كما هيَ، ولكن لا نسيرُ فيها شوطًا أكبر ولا نُنْشئُ غيرَها، بلْ يجبُ التوقّفُ عندَ حدِّ ما هو موجودٌ منها، وتغييرُ الطريقِ تغييرًا فجائيًا وحصرُهُ باتجاهِ إنشاءِ صناعةِ الآلاتِ، وذلك لا يعني قَفْلَ باب الاستيراد، لأنَّ رعايا الدولة لهُمْ أنْ يشتروا ما يُريدونَ من داخل البلادِ وخارِجها، حسبَ سياسةِ الاقتصادِ في الإسلامِ، بل إنّ معنى تغْيير الطريقِ هوَ إيجادُ مصانعِ الآلاتِ، وجعْلُها كأرقى المصانع الآلية، وحينئذٍ يحصُل الشراءُ منها، ويتوقف الاستيرادُ بشكلٍ طبيعيّ، منْ غيرِ حاجة لأن تمْنَعَهُ الدولَةُ.
الثورة الصناعية:
«أي تغيير أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج»
ضرورة وجود الثورة الصناعية
عدمُ وجودِ مصانعِ الآلاتِ لَدى الأمّةِ، يجعلُ البلادَ مُعتمدةً في صناعتِها وفي تسليحِها على الدوَل الأجنبيةِ، ويجعلُها مربوطةً بها. وفي ذلكَ ضررٌ كبيرٌ على الأمّةِ، والدولَةُ مُلْزَمةً بإزالةِ هذا الضّرَرِ. فإيجادُ مصانع الآلات، إذًا، مفروضٌ علينا. والطريقةُ لتمويلِ المشاريعِ الإنتاجيةِ تتعينُ في أنْ تَنْظُرَ الدولةُ فيما يلزَمُ للأمّةِ منْ مصانعِ الآلاتِ، ثمّ تقومُ بدراسةِ هذهِ المشاريعِ لمعرفةِ مقدارِ تكاليفِها، ثمّ تفرضُ ضرائبَ على الأمّةِ منْ أجلِ القيامِ بهذهِ المشاريعِ، وتجمُعها منها جبرًا وبمقاديرَ كافيةٍ لإحداثِ الثورةِ الصناعيةِ.
ولا بأسَ أنْ تقومَ الدولةُ بالاتصالِ بالدولِ الأجنبيةِ، وبالشركاتِ الكبرى للْحُصُولِ على التسهيلاتِ الائتمانيةِ التي تعني استيرادَ الآلاتِ والأدواتِ والموادّ اللازمةِ للمشاريعِ الإنتاجيةِ لحينٍ مؤجّلٍ، على أنْ يكونَ بمعاملةِ بَيْعٍ لا بمعامَلَةِ ربا. ويجوزُ بيْعُ الشيءِ بأكثرَ منْ سعْرِ يومهِ لأجلِ تأخيرِ دفْعِ الثمنِ. وقدْ قالَ عليّ سلامُ اللهِ عليهِ: «مَنْ ساوَمَ بثمنينِ أحدُهما عاجلٌ والآخر نظِرَةٌ فلْيُسَمِّ أحَدَهُما قبلَ الصّفْقَةِ». كما روى جمهَرَةُ الفُقَهاءِ أنَّهُ يجوزُ أنْ يقولَ البائعُ: أبيعُكَ بالنقْدِ بكذا، وبالنسيئةِ (البيع بثمن مؤجَّل) بكذا، فيُذهَبُ على أحدهما. وعليهِ فإنّ التسهيلاتِ الائتمانيةَ التي تعْني استيرادَ الآلاتِ والأدواتِ الإنتاجيةِ والموادّ اللازمةِ للمشاريعِ بثمنٍ مؤجّلٍ هيَ غيرُ القروضِ. والحكْمُ الشرعيّ بشأنها هوَ الحكْمُ الشرعيّ للبيع وبثمَنٍ مُؤجَّل فقط.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢