نبذة عن حياة الكاتب
الإسلام وإيْديُولوُجيَّة الإنْسان
الطبعة : الطبعة الرابعة
المؤلف : سميح عاطف الزين
فئة الكتاب : فكر معاصر
عدد الصفحات : ٣٦٢
تاريخ النشر : ١٩٨٩
الفهرس (اضغط على الرابط للقراءة)

المقَـدّمـة
المَبْدأ
التَخطيط وَالتنمية الاقتصَاديّة وتوجيههما المتعَمد
مشَاريع الإنتَاج أي التنميَة الإقتصاديَّة
العَدالة الإجتماعيّة
المجْتمع
المجْتمع الإسْلامي في المدينة
النظام الإجتماعي في الإسْلام
الإنسَان هُو المَرأة والرجل
الأخلاق
علوم النفسِ والاجتماع والتربيَة
سياسة التعْليم
الأشيَاء وَالأفعَال
الشركاتُ الرأسماليّة
التَأمين
الجمْعيّات التعاونية
المصَارف «البنوك»
الرِّبَا
الرِّبَا والصّرفْ
النقود
نظَامُ الذهَب
الشركاتُ في الإسْلام
الحوالة
الرهنْ
الرشوة والهَديّة
البَيْع
التسعير
الاحتكار
التجارة الخارجيّة
السيَاسَة الصناعيّة
أخْطار القروض الأجْنبيَّة
الحركة العمّاليّة وسَبب قيامها في العَالم
البورْصَة
التّضَخُم المَاليْ
الحاكمْ
نظام الحكم في الإسلام
الإسْلامُ يسَاوي بين جَميع المَواطنين
الدسْتور وَالقَانون
العمَل برأي الأكثرية ومَتى يجوز
الإقتصَاد في الإسلام
الصناعة
التجارة
الجهْد الإنسَاني
النظام الإسْلاميّ وحده الذي يضمن الحاجات الأساسيّة
الخاتمَة

الرشوة والهَديّة
كلّ منْ يتوجّبُ عليهِ قضاءُ مصلحةٍ منْ مصالحِ الناسِ ويأخذُ مالًا من أجلِ قضاءِ هذه المصلحةِ، لا يكونُ المالُ الذي أخذهُ أجرةً ولا بحالٍ من الأحوالِ، بل يكونُ رشوةً. فالرشوةُ هي المالُ الذي يُعطى من أجلِ قضاءِ مصلحةٍ يجبُ على الآخذِ قضاؤها، أو يُعطى لكي لا يقومَ الآخذ بتنفيذِ ما يجبُ عليهِ القيامُ به.
ويقالُ لدافعِ الرشوةِ الرّاشي، وللقابضِ لها المرتشي، وللوسيطِ بينهما الرائش.
والرشوةُ حرامٌ بصريحِ النصوصِ. قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعنةُ اللهِ على الراشي والمرتشي». وروى أحمدُ عن توبان قالَ: «لعنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الراشيَ والمرتشيَ والرائش». وهذِهِ الأحاديثُ عامةٌ فتشملُ كلّ رشوةٍ سواءٌ أكانت لطلبِ حقٍّ أم باطلٍ، وسواء أكانت لدفعِ أذى أمْ لجلبِ منفعةٍ، لرفعِ ظلمٍ أم لإيقاعِ ظلمٍ، فكلُّها حرامٌ. ولا يقالُ: الرشوةُ حرامٌ لأنها طلبُ باطل أو إضاعةُ حقّ، فإن كانتْ كذلكَ فهيَ حرامٌ، أمّا إنْ كانتْ لطلب حقٍّ أو رفعِ ظلمٍ فهيَ حلالٌ، لا يقالُ ذلكَ لأنّ هذا يعني أنّ تحريمَ الرشوةِ جاءَ معللًا بعلةٍ، فإذا وُجدتْ وُجدَ الحكمُ، وإذا ذهبت ذهبَ الحكمُ. وهذا غيرُ صحيحٍ، لأنّ جميعَ النصوص التي جاءت في تحريمِ الرشوةِ لم تُعلّلْ.
ولا يُقالُ إن قضاءَ الحقِّ، ولو أُخذَ مِنْ صاحبِهِ رشوةٌ، جازَ لأنّهُ أخْذُ مالٍ للقيامِ بعملٍ حلالٍ وهوَ قضاءُ الحقِّ، لا يُقالُ ذلكَ لأنّ النصوصَ التي حرّمتِ الرشوةَ جاءت عامّةً فتبقَى على عمومها تشملُ جميعَ أنواعِ الرشوةِ. فإذا أُريدَ تخصيصُها واستثناءُ بعضِ أنواعِ الرشوةِ احتاجَ الأمرُ إلى نصٍّ آخرَ يخصّصُها، لأنّ النصَّ لا يخصّصُهُ إلا نصٌّ منْ كتابٍ أو سنةٍ، ولم يردْ نصٌّ فتبقى عامّةً دونَ تخصيصٍ.
ولا فرقَ في تحريمِ الرشوةِ بينَ أن تكونَ للحاكمِ أو للموظّفِ أو للقاضي أو لغيرِ هؤلاء فكلُّها حرامٌ.
ومثلُ الرشوةِ في الحرمةِ الهديةُ تهدَى للحكامِ والقضاةِ وغيرهم من أصحابِ النفوذِ، حتّى أنّ بعض الفقهاءِ عدّها من الرشوةِ لأنّها تُشبهُها من حيثُ كونُها مالًا يُؤخذُ من أجلِ القيامِ بعملٍ يجبُ القيامُ بهِ. والفرقُ بينَ الرشوةِ وبينَ الهديةِ التي تُهدى للحكامِ والقضاةِ وأمثالِهِمْ هوَ أنّ الرشوة يُعطى فيها المالُ مقابلَ قضاءِ المصلحةِ، أمّا هدايا الحكّامِ والقضاةِ وغيرهم مِن أصحابِ النفوذِ فإنّ المالَ الذي يُهدى لهم مِن صاحب المصلحةِ لا مقابلَ قضاءِ مصلحةٍ معينةٍ بل لأنهم يتولونَ فعلًا قضاءَ المصالحِ بأنفسهم وبواسطتهم.
ومِنْ هنا كانتِ الرّشوةُ والهديةُ التي تهدى للقاضي وأمثالهِ متشابهتينِ، وتُقاسُ إحداهما على الأخرى، ولكنَّ واقعَهما فيهِ شيء من الاختلافِ.
وقد جاءَ تحريمُ الهديةِ في هذا المقام صريحًا في الأحاديثِ. فقد روى أبو حميدٍ الساعديُّ أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم استعملَ رجلًا على صدقاتِ بني سليمٍ فلما جاءَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ: هذا لكم وهذهِ هديةٌ أهديت لي. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «فهلّا جلستَ في بيتِ أبيكَ وأمّكَ حتى تأتيكَ هديتُكَ إن كنتَ صادقًا!» ثم قامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فخطبَ في الناسِ وحمدَ الله وأثنَى عليه ثمّ قالَ: «أما بعدُ فإني أستعملُ رجالًا منكم على أمورٍ مما ولّاني اللهُ فيأتي أحدُكم فيقول: هذا لكم وهذهِ هديةٌ أهديت لي. فهلّا جلسَ في بيتِ أبيهِ وأمهِ حتى تأتيَهُ هديتُهُ إن كانَ صادقًا! فواللهِ لا يأخذُ أحدُكم منها شيئًا بغيرِ حقّهِ إلا جاءَ اللهَ يحملُهُ يومَ القيامةِ». وعن بريدةَ عنِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من استعملناهُ على عملٍ فرزقناهُ رزقًا فما أخذهُ بعدَ ذلكَ فهو غلولٌ» . فهذه الأحاديثُ كلُّها صريحةٌ في أنّ الهدايا التي تُهدى لمن يتولَّونَ الأعمالَ العامّة حرامٌ، سواءٌ أُهديت بعدَ القيامِ بعملٍ معين أو قبلَ القيامِ بهِ، أو أُهديت له لأنّهُ صاحبُ صلاحيةٍ في أمرٍ من الأمورٍ، أو أُهديتْ لهُ لأنّ لهُ وجاهةً عندَ مَنْ بيدِه قضاءُ المصلحةِ، فهذِه كلُّها حرامٌ.
إلّا أنَّ الهديةَ لهؤلاءِ تكونُ حلالًا إن كانَ من عادةِ المهدي أن يُهديَ لهم، سواءٌ أكانوا يتولَّونَ قضاءَ مصالحِ الناسِ أم لا، فإنّهُ تجوزُ الهديةُ لهم ولا غبارَ عليها. لأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ في الحديث: «فهلا جلستَ في بيتِ أبيكَ وأمكَ حتى تأتيَكَ هديتُكَ إن كنتَ صادقًا». وهذا يعني أن الهديةَ التي من شأنِ مُهديها أنْ يهديَها جائزةٌ في حال توليةِ قضاءِ المصالحِ، كما هيَ جائزةٌ في حالِ عدمِ توليةِ قضاءِ المصالحِ، ولا تنطبقُ عليها أحاديثُ النهي فهيَ مستثناةٌ منها بمفهومِ الحديثِ.


المصادر
6 غُلول: خيانة. غَلّ المغنمَ يغُلّ غلولًا: خان.
مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢