نبذة عن حياة الكاتب
علم اصول الفقه الميسر

الخَاتِمَة
الإسلام دين كامل، ونعمة تامة، وقد رضيه لنا ربُّ العالمين دينًا للهدى والحق، فكان جديرًا بنا أن نتمسك به، وأن نحرص عليه حرصنا على الحياة نفسها، لأنه هو قوام حياة الناس، وسبيلهم الأوحد للخلاص من موبقات الدنيا ومفاسدها، والانتصار على شرورها وآثامها.
فقد جعل الله تعالى ديننا متضمنًا كثيرًا من الأحكام الشرعية التي أوردها القرآن الكريم، ثم جاءت السنّة النبوية الشريفة فأكملت تلك الأحكام عن طريق الوحي. فتمَّت بالكتاب والسنّة أحكام الإسلام الشرعية ولم يبقَ أمام أهل العلم والاختصاص إلَّا تتبّع هذَين المصدرَين الرئيسييَّن حتى يكون في استطاعتهم إيجاد الأحكام الشرعية الجديدة لكل حدث أو أمر طارئ أو واقعة مستجدة. فإن صحابة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، الأخيار، لم تكن بينهم إلَّا قلة قليلة ممن يعرف القراءة والكتابة، ومع ذلك كان معظمهم أهل علم واجتهاد، لأنهم كانوا يعرفون الأدلة الشرعية من الكتاب والسنّة. ثم توالت من بعدهم عصور الجهل والظلام، حيثُ ابتعد المسلمون عن دينهم، وبصورة أدق عن كتابهم وسنّة رسولهم، فكان من الطبيعي أن يحصل ما حصل لهم من تفرقة، فسادَ حياتهم الانحطاط والخنوع والاستكانة، إلى أن كانت الصحوة الإسلامية، التي بدأنا نشعر بدبيبها في أوصال الأمة منذُ مدة وجيزة لا تبعد عن أوائل الثمانينيات الميلادية، أي في أوائل القرن الخامس عشر الهجري، تلك الصحوة التي يمكن أن نسميها إلى الآن صحوة على الإسلام المذهبي، أي صحوة على التفرقة المؤدية إلى الضعف والخنوع...
إن أمتنا في أمس الحاجة إلى الصحوة على الإسلام كدين ارتضاه الله تعالى لنا، لا إلى الصحوة على الإسلام كمذاهب وطوائف. وهي في حاجة إلى الصحوة لفهم الكتاب والسنّة اللَّذَين يتضمَّنان المبدأ الأوحد للعالم أجمع. بخلاف ما كانت عليه الحال حتى الآن حيث كانت الأمة تتغنى بمذاهبها في حين أن الإدراك الصحيح لحقيقة ما درج عليه المسلمون في اتباع المذهب يبيِّن لنا بوضوح أن المذهب يقيِّد ولا يُطلق، يحجِّر على المسلم ويجعل فهمه منغلقًا على ما فهمه السابقون، وفكره مرتبطًا بما توصل إليه المجتهدون في سالف العصور!
وهل تريد أيها المسلم أن تبقى مقيدًا هكذا بين جدران المذهب المقفلة، أم تريد أن تكون منفتحًا على الحقيقة، تفهم واقعها وأحداثها؟ طبعًا أنت تريد أن تكون إنسانًا واعيًا، مدركًا منفتحًا إلى أقصى درجات الانفتاح على كل جديد وحديث، فأمامك طريق واحد إلى ذلك وهو العودة فعلًا إلى الكتاب والسنّة، لتأخذ منهما بنفسك مباشرة ما تبتغي من أحكام، من غير أن يعيب عليك أحد أن تأنس بكل ما قاله المجتهدون في هذا المجال. وليست دعوتنا هذه إليك يا أخي المسلم بالاعتماد على نفسك في فهم الأحكام الشرعية من الكتاب والسنّة بدعةً نسوقها، بل الحقيقة أن كثيرًا من الدعاة إلى دين الله الحق، كانوا يحثون علماءَ المسلمين على الاجتهاد ويثنونهم عن التقليد، مظهرين لهم محاسن إعمال الفكر والاستنباط، ومزاياه وأهدافه النيرة الخيرة؛ على الرغم من أن الاجتهاد ليس بالسهل اليسير، ولا يأتي عن طريق التَّمني، بل يحتاج إلى جهد ومثابرة، وإلى سعة معرفة بالكتاب والسنّة واللغة العربية، وما دلَّ عليه الكتاب والسنّة واللغة، كما أنه يحتاج إلى مواهب من الله تعالى كالذكاء والبصيرة، وسلامة الذوق كي يستطيع الواحد أن يربط بين مدلول النص والواقع الذي يتعلق بمسألة معينة ربطًا سريعًا وسليمًا.
وإننا ندرك تمام الإدراك أن هنالك كثيرين من المسلمين، بل غالبيتهم لا يقدرون على ذلك، فهل معنى ذلك أنه يجوز بقاؤهم على هذه الحالة أم يجب أن نأخذ بأيديهم حتى ندفع بهم إلى الأمام؟
من أجل ذلك أحببنا أن نسهل على المسلمين، وعلى مثقفيهم بخاصة، ولوج باب الاجتهاد، بحيث نقدم لهم «الحكم الشرعي» المرتبط مباشرة بالكتاب والسنّة، من دون أن نغفل أقوال المجتهدين المتعلقة بالمسألة لنأنس بما قالوا فيها، بحيث يكون مجال الاجتهاد في هذه الحالة واسعًا إن شاء الله تعالى، خصوصًا أمام العلماء من أبناء هذه الأمة الكريمة وخصوصًا بعد وقوفهم على الأحكام الشرعية المستقاة من كتاب الله وسنّة رسوله، والتمعّن بهذه الأحكام التي قد تنير سبيلهم في محاولاتهم.
نعم نريد جيلًا من المسلمين المفكرين، القادرين على استيعاب جميع المستجدات وإعطاء الأحكام الشرعية المناسبة لها. ولكن لن يكون لنا مثل هذا الجيل إلَّا بعد الجهد وبذل النفس في الدرس والبحث والتنقيب.
ونحن في محاولة منا لتنشئة أجيالنا تنشئة فكرية صحيحة قدمنا تفسيرًا موضوعيًّا للقرآن الكريم، فأنجزنا بعون الله تعالى منه حتى الآن ستة مجلدات هي:
1 ـــــــ تفسير معاني مفردات القرآن الكريم.
2 ـــــــ الإعراب في القرآن الكريم.
3 ـــــــ الأمثال في القرآن الكريم.
4 ــــــ قصص الأنبياء في القرآن الكريم.
5 ــــــ خاتم النبيين (سيرة الرسول محمد، صلى الله عليه وآله وسلم) في مجلدين.
وقريبًا إن شاء الله الموفق الكريم نقدِّم كتاب معرفة النفس الإنسانية في القرآن الكريم.
وها نحن نقدم الآن «موسوعة الأحكام الشرعية في القرآن الكريم» في أربعة مجلدات من خلال الكتاب والسنّة مع نظرة عامة للمذاهب الإسلامية. آملين من خلال هذه المحاولة أن يزال الواقع الذي عليه جميع المسلمين الآن في العالم، الذين ينظرون إلى الإسلام من خلال المذهب الذي يقلدونه أو الشيخ الذي يتبعونه، أو الطائفة التي يتقوقعون داخل جدرانها، في حين أن المطلوب من كل مسلم أن يحكم من خلال فهمه الإسلام أنه ينتمي إلى أمة عريقة منفتحة على العالم، لا إلى طائفة منطوية على نفسها، وأن ينظر إلى المذاهب جميعها من خلال الكتاب والسنّة، لا أن ينظر إلى الكتاب والسنّة من خلال المذاهب.
وأخيرًا فإننا نحمد الله تعالى، ونصلّي ونسلّم على سيدنا محمد، سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
وإننا نسأل المولى العلي القدير أن يوفقنا في جهدنا في هذه الموسوعة التي تتناول الأحكام الشرعية مقرونة بأدلَّتها من صريح الكتاب وصحيح السنّة. وقد حاولنا عرضنا في سهولة ويسر كي يقدر المسلم أن يستوعب ما يحتاج إليه في حياته العملية، وقد تجنبنا الخلاف في الآراء إلا ما اقتضى بيانه توضيحًا للمعنى المراد.
وإننا لنأمل أن يعطي هذا الكتاب صورة صحيحة واضحة للفقه الإسلامي وأن يفتح للناس باب الفهم مباشرة من الكتاب والسنّة، وأن يجمع المسلمين على طريقة واحدة للفهم وأن يقضي على الخلافات في الرأي، وبدع التعصب للمذاهب، كما يقضي على الفكرة السائدة عند معظم المسلمين بأن باب الاجتهاد قد سدّ. كما يخفف كذلك كثيرًا من حدة التقليد ويفتح باب الاجتهاد واسعًا أمام القادرين، إن شاء الله العليم الحكيم.
ونرجو الله تعالى أن نكون في هذه المحاولة، قد قدمنا خدمة لديننا ومنفعة لإخواننا المسلمين جميعًا، وأن يكون عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. وأن يوفقنا ويسهل علينا أمرنا بأن نبتدئ إن شاء الله الحكيم العليم في المجلد الأول بأحكام العبادات.
إنه سميع مجيب.

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢