نبذة عن حياة الكاتب
علم النفس: معرفة النفس الإنسانية في الكتاب والسنة - الجزء الأول

البحث الثاني: الشعور والإحساس
يقال في اللغة: شَعَرَ وشَعُرَ شعوراً بالشيء: فَطِنَ له، وأدركه إدراكاً غريزياً، والشِّعر (مصدر) بمعنى العلم (ليت شعري فلاناً أو عن فلان أو لفلان ما صنع: أي ليتني علمت بما صنع). والشِّعر عند أهل اللغة العربية: «الكلام الذي يقصد به الوزن والتقفية، أو قيل: للموزون المقفَّى من الكلام». والشاعر هو الذي يقول الشعر، وسُمِّي شاعراً لفطنته، ودقة معرفته بصياغة الشعر.
والشعور هو العلم بالشيء وإدراكه إدراكاً غريزياً، والإحساس بالشيء لا يكون إلا على الظواهر الخارجية أو على الموجودات والأشياء، فتدرك حركاتها وصفاتها وتفاعلاتها عندما تتأثر أعضاء الحس بالتنبهات الحسية فتنطلق منها نبضات عصبية تمر خلال الأعصاب حتى تصل إلى مراكز الإحساس بالدماغ حيث يحصل الإدراك الحسي، فإدراكنا إذًا للعالم الخارجي إنَّما يتم عن طريق الحواس.
أما الشعور أو الإدراك الداخلي فهو الذي يجعلنا نعي ما في أنفسنا من كوامن أو دوافع أو انفعالات غريزية.. وهذا يعني أنَّ الشعور والإحساس يشكلان عنصرين متداخلين في نفس الإنسان، يمكن أنْ يعلم أو يدرك بواسطتهما كلّ ما يجول في دخيلته - أو ذاته - وأنْ يحسّ بالأشياء الخارجية ومعانيها، ممَّا يجعل للتغيرات التي تحدث في النفس تأثيراً كبيراً على سلوكنا، إنْ من ناحية ما يجب أنْ نقومَ به أو يجب أنْ نتجنَّبَهُ. ومن أهم مزايا خلق الإنسان - كما أكدّنا مراراً - هبة العقل التي تقترن بهبة الإحساس، فينتج من هذا الاقتران الإِدراك الذي لا يعي فقط المدركات الحسية، بل والمعاني والصفات والمزايا لكل ما هو معنوي أو غير حسيّ، وهذا ما يجعل عملية النشوء والارتقاء في الوجود البشري إنَّما تقوم على التزاوج والتلاحم ما بين الشعور والإحساس، وتدفعنا للسعي نحو القيم والمُثُل، والتمييز بين الخير والشر، والحق والباطل، والحسن والقبيح.. وتتم عملية الإدراك هذه (تفاعل العقل والحواس) بفعل الترابط المحكم القائم ما بين الجهاز العصبي والدماغ فيكون الإنسان كتلة من الأحاسيس والمشاعر.
دماغ الإنسان
لقد أثبتت الدراسات التشريحية أنَّ في لُحاء الدماغ مناطق عديدة ومتنوعة تقوم كل منها بوظائف نفسانية معينة، ومن أهمها: المنطقة الحركية التي تسيطر على حركات جميع أجزاء الجسم، والمنطقة الحسية التي تنتهي إليها الأحاسيس، مثل الإحساس باللمس، أو الإحساس بدرجة الحرارة والبرودة، أو الإحساس بالألم؛ والمنطقة البصرية التي هي مركز الإبصار وإليها تنتهي النبضات العصبية الواردة من العين؛ والمنطقة السمعية وهي مركز السمع حيث تنتهي إليها النبضات العصبية الواردة من الأذنين؛ ومنطقة الترابط التي توجد في الجبين حيث تتجمع الرسائل الواردة من مختلف أنحاء الجسم فتقوم بتنسيقها وردها إلى أجزاء الجسم المختلفة. وهي التي تتدخل أيضاً في الأنشطة التي يتحكم فيها الدماغ، كما أنها تعتبر مركز العمليات العقلية العليا كالتفكير والكلام والكتابة والقراءة والتعليم...
ويتكون لحاء الدماغ من بلايين الخلايا العصبية التي توجد في داخل الجمجمة، لذلك نجد في هذا اللحاء كثيراً من الانخفاضات والمرتفعات، كما أن سطحه كبير جداً في الحقيقة، بحيث إنه لو جرى تسطيحه لبلغت مساحته حوالى 16 قدماً مربعاً.
وهكذا فإنًّ الدماغ يحتوي على المراكز التي تسيطر على جميع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان، بحيث إنَّ كل نشاط لا بدَّ أنْ يصعد إلى الدماغ ويترك أثراً فيه. ففي مجال اهتمام العلماء بالذاكرة مثلاً، تبين لهم أنَّ كل ما يصدر عن الإنسان يتم تسجيله في خلايا الدماغ. ومن التجارب التي أجروها إثارة أحد مراكز الدماغ لدى شخص بتيار كهربائي، فسمع لحناً موسيقياً كان قد سمعه من قبل. وعند إثارة مركز آخر في دماغه رأى مشهداً معيناً كان قد رآه من قبل، أي إنَّ تلك التجارب هي التي جعلتهم يعتبرون لحاء الدماغ بمثابة سجل كبير لكل ما يقوم به الإنسان. ولعلَّ خلايا دماغ الإنسان هذه التي يتم فيها تسجيل أعماله هي إحدى معجزات الله تعالى في خلق الإنسان ليكون سجل أعماله المحفوظ في تلافيف دماغه حُجَّة عليه إذا ما أرادَ إنكار أعماله التي يتم عليها حسابُهُ يوم الدين؛ وهذا ما يفسر ما جاء في آيات القرآن الكريم من أنَّ السمعَ والأبصارَ والألسنةَ والجلود ستشهد على الإنسان يوم القيامة بما كان يعمل في دنياه. ومن قبيل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسرَاء: 36]، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [فُصّلَت: 20]، وقوله تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فُصّلَت: 21]، وقوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [النُّور: 24].
وهذا ما يفسِّر أيضاً قولَ الله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ *} [الرَّحمن: 41]. أما «النواصي» فهي مقدم الجبين الذي من ورائه مباشرة مركز الربط بين كل ما يجري تسجيله في الدماغ من الأنشطة التي يقوم بها الإنسان؛ وأما «الأقدام» فهي تعبير عن السعي، أي عن كل ما يفعل الإنسان أو يعمل.. فتبارك العلي العظيم الذي وهبنا من الملكات ما يمكن أن ندرك بها بعض معاني قرآنه المجيد..
نظرية اللاشعور أو اللاوعي
لقد أشرنا في المقدمة إلى أنَّ تعبير «اللاشعور» هو تعبير خاطئ.. ولكنْ نظراً لما يوليه علم النفس من أهمية لـ«اللاشعور»، فقد رأينا أنْ نوضّح للقراء الكرام مدى المغالطة التي وقع فيها أصحاب هذه النظرية، عندما يزعمون أنَّ في النفس البشرية شعوراً غيرَ مدرك، وهو ما أطلقوا عليه اصطلاح «اللاشعور» أو «اللاوعي»، ويذهبون من منطلق هذه النظرية إلى أنَّ الإنسان قد لا يعرف كل ما تنطوي عليه نفسه من أحوال باطنية. فقد لا يعرف - أحياناً كثيرة - لماذا يحبُّ هذا الشخص أو يكره الآخر، ولماذا يقدم على عمل معين بدافع قويٍّ، ويبتعد عن القيام بعمل آخر، أو يستنكف عنه..ويقولون إنَّ الإِنسان يستطيع أنْ يسيطرَ على مشاعره، ولكنْ بعد مجاهدة للنفس قوية، أو قد لا يستطيع ذلك أبداً، فتظهر لديه حالات مرضية أو اضطرابات أو عقد.. وكلها أنواع من الأمراض النفسية تأتي من المكامن الدفينة أو من مواضع اللاشعور، ما يعني أنَّ في نفس الإنسان نزعاتٍ تبقى دفينة، ولا يشعر بها إلا إذا ظهرت بعوارض معينة، أو إذا اشتد ظهورها لسبب من الأسباب، فكأنَّ الشعور لا يوجد في النفس كلها، لأنَّ هنالك جزءاً منها يشكل نطاق اللاشعور، وهو ما يمكن وصفه بأنه طبقة ثانية تقع تحت الشعور الذي نحسّ أو ندرك به..
ولقد ضربوا مثلاً عن «اللاوعي» بالتواعد على لقاء شخص معين، فأنت قد تذهب في الصباح إلى عملك وقد تنهمِكُ بمشاغلك إلى درجة تنسيك نفسك، وفجأة تهب عن الكرسي وتنظر إلى ساعتك فتتذكر موعدك. في هذه اللحظة بالذات يكون تواعدك مع شخص آخر قد برز في حقل دائرة وعيك، أي إنه كان قبل ذلك - وقت الانهماك بالعمل - في منطقة اللاوعي. لذلك فقد اعتبر أصحاب هذه النظرية أنَّ كثيراً من الذكريات والأفكار والمشاعر والرغبات يكون لا شعورياً، أي إنها تكمن في منطقة «الشعور اللاواعي» أو هي تتخفّى في «منطقة الشعور» وتظل متخفيةً حتى تُستدعى في ساعة الحاجة إليها.
ويقولون بأنَّ اللاوعي، أو الشعور الباطن إنَّما يقوم بدور هام في حياة الإنسان، ولا سيما لدى المصابين بالعصاب، الذي يعرّفه علم النفس بأنه «اضطراب وظيفي - دينامي - انفعالي - وهو نفسي المنشأ، ويتصف بأعراض عامة تؤدي إلى اضطرابات في العلاقات الشخصية وحالة عدم كفاية وعدم سعادة». وهو يتكون - بحسب نظريات علم النفس - في السنوات الأولى من عمر الإنسان. وقد يكون نتيجة للقمع الاجتماعي والأخلاقي الذي يمارسه الآخرون على الطفل، ولا سيما أهله؛ وهذا ما جعلهم يستنتجون أنَّ مجال اللاوعي العاطفي يبقى أوسع من التعقل.
ويخضع اللاوعي أكثر ما يخضع للّذة، ويتميز بأنه انفعال، دينامي (حركي)، وهو بحيويته مؤلف من مجمل التفاعلات والعمليات النفسية المكبوتة، وبذلك فهو نواة الشخصية الحقيقية، ومركز الطاقة لحياة الإنسان، كما أنه يوجِّهُ السلوك إلى حدٍّ بعيد، وخاصة فيما يتعلق أو يقرب من المكبوتات فيه.
ويظهر اللاوعي بمظاهر شتى: فالذكريات المنسية تصبح في دائرة الوعي عن طريق الأحلام، والصدمات الانفعالية. والاضطرابات الوجدانية يعكسها قضم الأظافر أو تقطيب الحاجبين، أو بلع الريق أو السعال أحياناً، إلخ... وكلها مظاهر تخفي صراعات وجدانية لاواعية.
نظرية التحليل النفسي عند فرويد
من الأبحاث التي نجدها في علم النفس اهتمام «فرويد» وتلامذته بالدور الذي يقوم به اللاوعي في حياة الإنسان، وذلك من خلال نظريته المعروفة بـ«التحليل النفسي»، أو طريقة استكشاف عمليات اللاوعي في النفس البشرية، وما تؤمّن هذه الطريقة من وسائل لمعالجة المصابين ببعض الأمراض العصبية أو الذهنية.
وقد بدأ «فرويد» في بناء نظرية التحليل النفسي، بعد أن تخلى عن التنويم المغناطيسي. وترتكز طريقته الجديدة على دراسة الأفكار التي ترد إلى خاطر المريض عندما يفسح له في المجال، ودون رقابة من أحد، أنْ يكوِّن نوعاً من الترابط في أفكاره. فمثلاً الذكريات المؤلمة التي تسبب الجرح النفسي أو الصدمة النفسية تكون مكبوتة، فيأتي التحليل النفسي ليتولى التعامل مع تلك الذكريات، ونقلها إلى إطار الوعي، وذلك بإخراج الكبت الكامن في نفس الإنسان. أي إنَّ مهمة الطبيب أو المحلل النفسي اكتشاف الكبت من خلال معرفة مسبِّبات المشاعر المكبوتة ومواجهة المريض بها، بحيث يكون عليه أن يتقبلها أو يرفضها. هذا هو التحليل النفسي، باختصار. وقد كان لهذه النظرية تأثير قوي في دراسة الشخصية عند الغربيين، من حيث كونها شخصية مستقرة أو غير مستقرة نفسياً، كما كان لها أهمية كبرى لتطبيق طرق معالجة الاضطرابات العقلية.
وتتكون الشخصية، وفقاً لما ذهب إليه «فرويد»، من ثلاثة أقسام: الـ«هو»، والـ«أنا»، والـ«أنا العليا»، وهي جميعها تتفاعل فيما بينها لتكوين طاقة نفسية، تظهر من خلالها الشخصية.
أمَّا الـ «هو»: فكل ما يحمل الإنسان معه عند ولادته، وكل ما يتأتَّى عن الطاقة النفسية من دوافع وحوافز، أي هو جملة من الميول الموجّهة لبعض النشاطات الفردية، وتربطه باللاوعي علاقة وطيدة، لأنَّه مكمن الغرائز والعادات والذكريات. وعلى هذا فإنَّ العواطف تكون كامنة في الـ«هو» وتحتفظ بشحنات من الانفعال، إلا أننا لا نشعر بوجودها إلاَّ عندما تبرز بعض الأعراض على سطح الوعي.
- والـ«هو» لاشعوري، ولكنه يرتبط بالجسم ارتباطاً شديداً. وهو لا يتأثر بتقدم العمر، بل يبقى ذاتياً، أنانياً، طالباً للّذة، مبتعداً عن الألم ويتأبّاه.
- وأمَّا الـ«أنا» فهو في الأصل من الـ«هو»، ولكنه تحوَّلَ إلى كينونته بفعل الظروف الخارجية، فأصبح يكوِّنُ ذات الإنسان. ويقال عنه الشعور أو الإدراك، وهو الذي «يمثل الميول المكتسبة، والتعلم الاجتماعي، ويرتبط بالواقع، وينظم العلاقات مع الآخرين في المجتمع».
و«الأنا» يسمح بإشباع الرغبات بطريقة معتدلة، لا إفراط فيها ولا تفريط. وإذا تمادت الرغبات واشتدت لتلبي مطالب الـ«هو» فإن «الأنا» يحول دون ذلك التمادي، مستعملاً ما لديه من وسائل دفاعية كالكبت مثلاً. بمعنى أنَّ الرغبات العدوانية وما يتعلق بها يدفعها «الأنا» إلى العقل الباطن أو اللاشعور لتبقى فيه، ما لم تظهر في التخيلات والأحلام، أو ما لم يضعف «الأنا» ويقوى عليه الـ«هو» فينهار الجهاز الدفاعي وتسيطر الرغبات والأهواء. وعلى هذا فإن «الأنا» هو الذي يقيم التوازن بين الدوافع الغريزية والنزوات من ناحية، والضمير الحي من ناحية ثانية، بما يؤمن استمرارية التفاعل والحركة بينهما.
- «الأنا العليا» هو في الأساس جزء من الذات التي تكوِّن «الأنا»، إلا أنه يعمل مستقلاً عنه من حيث الكمال والمثالية، ويعرف لدى الناس بالضمير أو الوجدان، وهو يتكوّن بفعل القيم الخارجية والمثل العليا والتقويم والتربية والضغط المجتمعي. أي «إنه مجموعة القواعد التي تعلم الخير والشر، وتكتسب من الوالدين وممثلي السلطة ورموزها، ولا ينفصل عن العقوبات والمكافآت لأنه سلطة تكافئ وتعاقب بغية تنظيم الدوافع وردعها عن التعدي على القانون أو السلطة أو الانضباط أو المجتمع. ولذلك فهو يوفر الاستقرار والامتثال للمعايير السائدة امتثالاً واعياً مراتٍ، وغير واع مراتٍ أخرى»، باعتبار أنه في «الأنا العليا» غالباً ما تكون الذكريات المحظورة لا واعية.
ويعتبر «فرويد» أنَّ الـ«هو»، وبعض أجزاء من «الأنا»، ومن «الأنا العليا» تكون لاشعورية، وعلى هذا الأساس أعطى «فرويد» دوراً هاماً للجنس فيما يتكوَّن لدى الإنسان من أفكار، وما قد يأتي من تصرفاتٍ أو أفعال.. وهذا في حين يجعل للحافز لديه صفةً عدوانية. كما اعتبر أنَّ الحوافز الجنسية هي التي تولد الطاقة النفسية للسلوك، والنشاط العقلي المتثمل بالمكونات الثلاثة: الـ«هو» و«الأنا» و«الأنا العليا» أو ما يسميه «اللبيدو». ومن هذه المكونات الثلاثة تتكون الشخصية.
ويعتبر التحليل النفسي في «علم النفس» من طرائق العلاج الهامة للاضطرابات النفسية، ولاسيما ما يظهر منها بمظاهر مرضية كالهستيريا وازدواج الشخصية وغيرهما، فالمصاب بالهستيريا قد يكون لتصوراته تأثير قوي في اختلال حساسيته وذاكرته وإرادته وحركاته. ولذلك اعتبرت الهستيريا من الأمراض النفسية، أما من حيث العلاج فإذا كان أحدهم مصاباً بفقدان الحس في عضو من أعضائه أمكن شفاؤه بالإيحاء. ومن خواص هذا المرض أنه غير قابل للشفاء على يد أيِّ طبيب كان، بل بالمعالجة من قبل طبيب يألفه المريض ويفضله في نفسه على غيره. وهذا ما يسمى بـ«الانتخاب اللاشعوري».
وكذلك الأمر إذا أصيب المريض بفقدان الذاكرة، وهو مرض ينسى فيه المريض بعض الأمور التي تتعلق بشخص معين أو بشيء معين. فقد يكون سلوك هذا المريض عادياً، ولكنه لا يذكر شيئاً عمّا حدث معه سابقاً، فكأنما نزعت صور الماضي من ذاكرته تماماً. والصحيح أنه لم ينسَ الماضي نسياناً حقيقياً، لأن الذكرى تبقى في ذهنه، وهي لا تزال تؤثر في نفسه، ولكن الذي حصل أنها انتقلت من نطاق الشعور لديه لتكمن في نطاق اللاشعور.
ومن طرائق العلاج التي يعتمدها التحليل النفسي أيضاً، بل وأهمها في علم النفس، طريقة «التداعي الحر». وهي تقوم على أن يسرد المريض كل ما يرد في خاطره دون رقابة عليه من أحد، أو وقوعه تحت أي تأثير. ويكون ذلك بدافع الإرادة الحرة لقول أي شيء دونما اختيار لألفاظ معينة، ودونما خجل. إذْ مجرد أنْ يلقي عليه الطبيب أو المحلل السؤال فإنه يجيب بما يحلو له من غير تكلف أو تقصّد أو تعمّد.
ويأتي بعد ذلك، دور المحلل الذي يمكن أنْ يعثر وهو يستعرض حديث المريض على تعابير يعتقد أنها توصله إلى «لاوعي» هذا المريض، بسبب ما يستشف من الأفكار والرغبات والمشاعر التي تكون مدفونةً أو مكبوتةً في نفسه. ويرى «فرويد» أن إظهار هذه المكبوتات يجعل وعي المريض يأخذ بها، ويجعل بالتالي السيطرة عليها، بقبولها أو رفضها، ممكنة.
إن نظرية التحليل النفسي هذه يقولون إنها لاقت نجاحاً كبيراً في ميدان «علم النفس» العلاجي. إلا أن أصحاب مدرسة التحليل النفسي الجديد انتقدوا «فرويد» في كثير من نظرياته، بل وخالفوه بمبالغته في أهمية الدوافع الجنسية، واعتباره لها مصدراً للعصاب، واضطرابات الشخصية، قائلين بأن هناك أسباباً كثيرة أخرى تكون بدورها مؤثرات فعالة في تكوين الحالات العصبية أو الاضطرابات، ومنها بشكل خاص المؤثرات العائلية والاقتصادية والوسط الاجتماعي وغيرها.
وكثير من الناقدين يعتبر التحليل الفرويدي في حقيقته عبارة عن «عملية غسل دماغ». وهنالك دلائل لديهم تشير إلى أن «فرويد» نفسه كان مريضاً، وكانت شخصيته مضطربة، وكان يعاني من العُصاب والإدمان على التدخين، ويتعرض لحالات غريبة».
ويقرر «ثيودور ريك»، وهو أحد المحللين النفسانيين، في كتابه «الإنصات بالأذن الثالثة»: «أنَّ من أهم سمات المحلل قدرته على الإصغاء الدقيق لما يجول في نفس المريض». ويعلق الدكتور «أرنست جونز»، صديق «فرويد»، الذي ظل مرافقاً له حتى وفاته عام 1939م قائلاً «بأن أذن فرويد الثالثة كانت صماء».
ولعلَّ أهم ما أتت به مدرسة التحليل النفسي الجديد أنها حاولت أن تكشف النزعة اليهودية - الصهيونية التي اتسمت بها كتابات «فرويد» الخاصة بالصوفية اليهودية، وخرافة الشعب المختار، وعلى الأخص إظهار المشكلات العصابية التي كان يعاني منها «فرويد» شخصياً، مما يظهر المخططات الخفية الكامنة وراء بروز هذا الشخص وأمثاله، وجعلهم من ذوي النظريات البراقة، والفضل الكبير على الإنسانية، بينما هم في حقيقتهم أدوات لأغراض سياسية أو عقائد تعصبية أو مطامع دنيوية بعيدة المدى، ولكنها ترتدي لباس العلم ولباس الخدمة الإنسانية!!.
تلك نظرة وجيزة عما ذهبت إليه أبحاث «علم النفس» عن اللاشعور أو العقل الباطن. وتبقى أبحاثها واستنتاجاتها - بنظرنا - مجرد نظريات وافتراضات، إنْ بالنسبة إلى الوسائل العلمية والمخبرية التي تتبعها، أو للنتائج التي تتوصل إليها، أي إنها لا يمكنها أن تصل إلى معرفة الإنسان على حقيقته في تكوينه النفسي والفيزيولوجي. ولذا يجب أن يكون جهدنا منصباً على إدراك ذاتية الإنسان بما أُودِع فيه من خصائص مميزة، والتعامل معه ككائن حي متفاعل مع الحياة، وككائن مبصر يمكن أن يدرك ما في الكون من ترابط، وأن يميّز الوقائع والأحداث في حياته الفردية، وحياته الإنسانية العامة. من هنا كانت أهمية الإدراك الحسي الذي يعرفنا إلى العالم الخارجي، وأهمية الإدراك الفكري أو العقلي الذي نستدل به على المعاني المجردة، وعلى الأفكار والتصورات التي تمثل القيم العليا أو المثل الأعلى في حياة الإنسان. إذ من خلال الإدراك الفكري والشعوري نستطيع أن نستدل على حقيقة وجود الله تعالى، وعلى قدرته في بديع خلق السماوات والأرض، وخلق الإنسان والحياة..
ولئن كانت قدرة العقل على الإدراك والمعرفة محدودة، أو قوة القلب ضعيفة لأنه معرَّضٌ لتقلبات أهوائه، إلاَّ أنَّ القلب والعقل هما النفس الإنسانية، يبقيان من المكونات الجوهرية التي خلقها الله تعالى في الإنسان حتى تكون له تلك الميزة على سائر مخلوقاته الأرض؛ فالإنسان يولد بالطاقات الذاتية والاستعدادات الفطرية التي تكون جاهزة للتلقي.. ثم لا تلبث حواسه أنْ تبدأ في أداء وظائفها، لمجرد خروجه إلى هذه الحياة، حيث يتأثر بكل ما تقع عليه حواسه، أو ما يحدث في داخله من الأحاسيس والمشاعر، والتي تكوِّن جميعها إدراكه للعالم الخارجي، وشعوره بعالمه الداخلي، يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *} [النّحل: 78].
إنَّ هذه الآية الكريمة، وهي تذكر السمع والأبصار والأفئدة، إنما يعني أنها تشتمل على الإدراك الحسي (السمع والأبصار) والإدراك الفكري (الأفئدة). ويركز القرآن الكريم - دائماً - على «السمع» و«الأبصار» باعتبارهما من أدوات الإدراك الحسي، وفيهما دلالة كافية على أهمية الحواس جميعاً في عملية الإدراك، ولا سيما أنَّ العلاقة ما بين السمع والأبصار والأفئدة هي التي تجمع كل معاني الفهم والتدبر والتفكير والتصور والتبصّر.. يقول الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ *} [المُلك: 10].
ويأتي التركيز القرآني على أهمية الإدراك من أجل تنظيم الحياة الفكرية والنفسية والجسمية والمجتمعية تنظيماً شاملاً، بحيث لا يكون هنالك أي معنى من معاني الوجود، أو أية ظاهرة من ظواهره إلا وتكون لدى الإنسان القابلية للإحساس بها، أو إدراكها، وهذا ما يؤكده القرآنُ الكريمُ بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عِمرَان: 52]، ومعناه: فلما أحسَّ، أي رأى وأدرك عيسى عليه السلإم من بني إسرائيل الكفر.. وكان إدراكه لكفرهم بعدما أراهم كلَّ تلك المعجزات[*] التي لم تتهيأ لبشر أصلاً، وإنّما أتاها الله تعالى على يدي رسوله عيسى ابن مريم (عليه السلام) لتنويره في دعوته إلى الله الواحد الأحد..وعلى الرغم من المعجزات الخارقة التي رأوها، فإنَّ معظم بني إسرائيل لم يؤمنوا به، ولم يلبّوا دعوة الحق التي يحمل، فقال عندها عيسى (صلى اللّه عليه وآله وسلم) : {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [الصَّف: 14] وفي قوله هذا تنبيه بأنه ظهر منهم الكفر ظهوراً بيِّناً للحسّ، فضلاً عن الفهم والإدراك.
والحسُّ بمعنى الإدراك، ورد أيضاً في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ *} [الأنبيَاء: 12]. أي إنَّ أهل القرى الذين ظلموا أنفسهم - بالكفر - لمّا جاءتهم إمارات العذاب وأحسُّوا بأنَّه واقع بهم لا محالة، راحوا يتدافعون منها وهم يركضون، كأنما يريدون النجاة من بأس الله تعالى، وهذا منتهى إدراكهم الحسي والعقلي لقوة الله تعالى وهي تُنزل بهم قضاءه. بسبب كفرهم وإصرارهم على هذا الكفر وهو ما بيَّنه قول الحق تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} [الأنبيَاء: 12].. أما القصور في هذا الإدراك فهو الجهل بأنَّ الموت إنما يدركهم أينما ذهبوا، ولو كانوا في بروج مشيدة..
وأما قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا *} [مَريَم: 98] فهو واضحٌ لناحية أنَّه لا يمكن أنْ تشعر بوجود أحدٍ من الذين أهلكهم الله - تعالى - أو أن ترى منهم أحداً، أو أن تسمع لأحد منهم صوتاً خافتاً.. وهذا يعني أنَّ النصَّ القرآني يجعل جميعَ الحواس الخارجية ومواطن الوعي الداخلية تشترك في إدراك مصير تلك الأمم الغابرة التي نزل بها أمرُ الله تعالى، فأهلكها عن بكرة أبيها، بحيث لم يعد لأحدٍ منهم أي وجود يمكن الإحساس به.. أما لماذا تركيز النص القرآني على مشاركة كل ملكات الإنسان لاستيعاب ذلك المصير فلأنه يحمل عظةً بالغةً للإنسان من شأنها أن تجعله يتفكَّر في مصيره المحتوم وهو الموت، الذي تنقطع به أية صلة له بهذه الحياة، بعد أن ينعدم وجوده فيها كاملاً، وينتقل إلى دارٍ يخيم عليها الصمت، فلا حسّ له ولا حركة ولا همس، ولا نَفَسٌ..
والحركة التي تنبعث من الوجود، من كل موجود، يعبر عنها النص القرآني بالحسيس كما في قوله تعالى: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبيَاء: 102].حيث يُفهم من سياق الآيات الكريمة التي تحيط بهذا النص أنَّ الذين زحزحوا عن النار لا يسمعون لها صوتاً وهم في منازلهم التي جعلها لهم ربهم تبارك وتعالى المنزلة الحسنى في الجنّة. وأمَّا قوله تعالى: {فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يُوسُف: 87]. يعني: التمسوا وجود يوسف وأخيه، بكل ما أوتيتم من عزم وقوة، وما تقدرون عليه من صبر واحتمال في البحث والتنقيب حتى تعثروا على أثر لهما. وليكن ذلك بدافع الإدراك الواعي والقاصد من غير يأس لأنه لا ييأس من روح الله - أي رحمته تعالى - إلاَّ القوم الكافرون.
من هنا كان للدوافع والانفعالات حسيسُها فينا، أي تأثيرها القوي في تفكيرنا وفي إدراكنا الحسي. فمثلاً عندما نحب شخصاً معيناً فإن هذا الحب - وهو من قبيل الدافع أو الانفعال العاطفي - يجعلنا ندرك محاسنه، ونغفل عن مساوئه، والعكس صحيح في حالة كرهنا لشخص ما.. وهذا التأثير للدوافع والانفعالات أشار إليه رسول الله (صلى اللّه عليه وآله وسلم) بما ورد عن أنس من أنَّ الرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال: «حب الدنيا رأس كل خطيئة. وحبك الشيء يعمي ويصمّ»[*] .
والرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كان يحدّث الصحابة بأمورٍ تخرج عن نطاق الإدراك الحسي. وهذا أمر طبيعي لأن الوحي يتنزَّل عليه، ولأنَّ الله سبحانه وتعالى أمدَّه ببصيرة النبوة، وزوَّده بطاقات لا يمكن توافرها لغيره من البشر، وكل ذلك ليكون قادراً على حمل الرسالة وإيصالها إلى الناس. وما حادثة الإسراء والمعراج[*] إلاَّ دليل على تلك الطاقات التي تخرج عن طبيعة البشر واحتمالهم، وهي من ناحية معرفة النفس الإنسانية فوق مستوى أي إدراك عقلي أو تصور حسي. ولكن الرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) أوتيها، وأدرك بحواسه وقائعها جميعاً وذلك بمشيئة الله سبحانه وتعالى.
ثم إنَّ هنالك أحاديث نبوية كثيرة تَنقُلُ عن نبيّنا المصطفى أنَّ الله تعالى قد وهب الرسلَ - صلوات الله عليهم - من الإدراك ما يختلف بمضامينه الحسية والعقلية، عن أي مفهوم آخر للإدراك البشري بوجهٍ عام.. فهو إدراك من نوع خاص، ويختص بالنبي أو الرسول من دون سائر الناس، ومن قبيل ذلك أنَّ محمداً رسول الله (صلى اللّه عليه وآله وسلم) كان يسمع أصوات الموتى في القبور، فقد روي عن ابن عباس أنَّ «النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) مرَّ بقبرين فقال: «إنهما ليُعذَّبان، وما يعذبان من كبير». ثم قال (صلى اللّه عليه وآله وسلم) : بلى، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ، أو لا يستتر، في رواية أخرى». والرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) كان يرى الملائكة، فعن أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) أنَّ الرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال: «إِنّي أَرَى ما لا تَرَوْنَ، وأَسْمَعُ ما لا تَسْمَعُونَ. أطَّتِ[*] السماءُ وَحَقَّ لها أنْ تَئِطَّ. ما فيها مَوْضِعُ أربَعِ أصابَعِ إلاَّ ومَلَكٌ واضعٌ جبهَتَهُ، ساجِدٌ لله تعالى» .
والرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) يعزو إلى بني آدم إمكانية رؤية ملكوت السماء. ذلك أن الاتصال بالله تعالى يتم من قبل الإنسان المؤمن بصورة مباشرة إذا كان لديه من صفاء القلب، وشفافية النفس، وذَكَرَ الله تعالى كثيراً بالثناء والشكر، ولا سيما عند قيامه بالصلاة، وتضرّعه بالدعاء، ما يؤهله لذلك الاتصال، يقول رسول الله (صلى اللّه عليه وآله وسلم): «لولا أنَّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء»[*] ، فما يبدو من هذا الحديث الشريف أن نفسَ المؤمن، عندما تقاوم غواية الشيطان، وتتوجه بالإيمان الصادق، والنية الخالصة لبارئها، يمكنها أن تصلَ إلى حالةٍ من الإدراك العقلي والشعوري لا علاقة لها بالمحسوسات، وعندئذٍ يتحقق لها من خلال رؤية البصيرة نوع من العلم بما في ملك الله الواسع من الموجودات والخلائق، الذي يعبّر عنه القرآن بـ«علم اليقين»، أي كأنَّما تصير لديها تلك الموجودات بمثابة المحسومات المرئية.. وإذا كان هذا الإدراك مما يختصُّ به الأنبياء والمرسلون، إلاَّ أنه يمكن أيضاً للمؤمنين الأتقياء بلوغه، أي إنه يمكنهم، بصفاء القلب وشفافية النفس، وتعلقها بالملأ الأعلى، أن يدركوا ما لا يستطيع غيرهم من بني آدم الآخرين إدراكه. وهذا أيضاً ما أشارت إليه رواية أبي سعيد الخدري من أنَّ الرسول (صلى اللّه عليه وآله وسلم) قال: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله تعالى[*] ، ثم قرأ (صلى اللّه عليه وآله وسلم) {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ *} [الحِجر: 75]، أي لأصحاب الفراسة والرؤية، العارفين المعتبرين.
مما تقدّم يتبين لنا - بوضوح - أن نظريات علم النفس حول «اللاشعور أو اللاوعي» لا تستند إلى أساس صحيح في تكوين الكائن البشري، ذلك أنَّ الله - تعالى - خالقه، قد حباه بالحواس لإدراك العالم الخارجي، وزرع فيه ملكة الشعور إلى جانب مَلَكَة العقل لإدراك كوامن نفسه، ما يبعد تلك التقسيمات المزيفة للشعور، وجعله بمثابة طبقات في أسفلها «اللاوعي» أو «اللاشعور»، ومن فوقها الوعي أو الشعور، باستثناء فقط إدراك الرسل (عليهم صلوات الله تعالى) والمتقين من عباد الله المخلصين، لبعض القضايا التي يخرج إدراكها عن علم سائر الناس غيرهم؛ والتي ما كان لهم أن يُؤْتَوْها إلاَّ بإذن الله تعالى..

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢