نبذة عن حياة الكاتب
حركة التاريخ في المفهوم الإسلامي

المقَـدّمـة
1 ـــــــ تحركت الآلةُ العَسْكريةُ العالمية بكامل أجْهزتهَا وأسَاطيلهَا الحَربيّة، واتّجهت إلى منطقةِ الخليجِ، حيثُ تجمعت أعْظمُ قوةٍ قتاليةٍ وأشدّها شراسةً في العالم.
فهل هذه تباشيرُ حربٍ عالميةٍ ثالثةٍ يا تُرى؟؟
2 ـــــــ إزاء بترول الخليج، فإنَّ خيرَ ما نتمثلُ به حديث رسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال:
يوشكُ أن تَتَداعى عليكم الأُمَمُ كما تداعى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتهَا. قلنا: أَوَ مِنْ قِلَّةٍ نحن يومئذٍ يا رسولَ الله؟ قال: إِنكم يومئذٍ لكثير ولكنكم غُثاءٌ كغثاءِ السَيل.
ولينزعنَّ الله مهَابتكم من صدورِ عدوكم وليقذفنَّ في قلوبكم الوَهَنَ: قلْنا: وما الوهنُ؟ قال: حبُّ الدنيَا وكراهيَةُ الموت.فهَل يدلُّ هَذا الحديثُ على غير البترول في ديَار المسْلمين، وتداعي الأمم عليهم بسببه...؟وَلِمَ؟ أَو ليْس البترول هو عصَبُ حياة الدول الصناعية سِلْمًا وحَرْبًا، بل عصبُ حياة الناس جميعًا في هذا العَصر كونه طعامًا لمخْتلف الآلات الحديثة، التي تقدِّمُ للناس سُبُل عيشهم في المأكلِ وَالملبسِ والمسكن، ولولاه لأصبحت تلك الآلات رُكامًا معدنيًّا، لا جَدوى منه ولا نفعَ... فهَل عجيبٌ أن تتداعى أُمَمُ الأرضِ بأسَاطيلها لتشبع جوعهَا من هذا البترول؟
وهَل تبقى البلاد الإسلاميّة قصعَة طعام يتداعى عليها المستعمرون المستغلون الظالمون؟
3 ـــــــ هَل شرعت حركةُ التاريخ ـــــــ وتأكيدًا لقضَاء الله تَعالى في الكتاب ـــــــ في استخدام الجهود الدولية للمَجيءِ باليهود جماعاتٍ جماعاتٍ إلى أرض فلسطين. حتى يتحقق {وَعْدُ الآخِرَةِ} ويكون مصير اليهود الفناء، والزوَال من الوجود وذلك بتسخيرهم في إحداث حرب عالميَّة ثالثة تكون فيهَا نهَاية مزاعمهم وإخْمَاد نَار فتنهم؟
أيهَا القَارئ الكريم.
قد تجد في كتاب «حركة التاريخ في المفهوم الإسْلامي» إجَابات صَادقة عن هَذه التساؤلات، وعن كثيرٍ من الأسئلة التي يطرحها الإنسان على نفسه في عصرنا هذا.

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

تعيش الجماعات البشرية اليوم حالاتٍ من الفوضى في مختلف النواحي، حتى إنه لم يسلم من هذه الفوضى المتزايدة أي مجتمع على ساحة الكرة الأرضية، سواء كان متقدمًا أو مجتمعًا متخلفًا، مع الفارق في نوعية الفوضى ومداها، وفي أسبابها ونتائجها... والمذهل فعلًا أن المفكرين وأهل العلم، وكل أصحاب الشأن، يعرفون ذلك. لكنهم على الرغم من هذه المعرفة لم تكن عندهم محاولات جادة وهادفة للتخلص من العوامل التي تُدَعّم هذه الفوضى، وتشيع تلك الحالات من التوتر وعدم الاستقرار في حياة الناس جميعًا...
وقد يكون أحد أهم العوامل التي أدت إلى ما تعاني منه البشرية اليوم هو الجهل بحركة التاريخ، أو تجاهل هذه الحركة عن قصد، لكي تستمر الأمور على عواهنها، فيزداد المستبد استبدادًا في حين يزداد المستضعف استضعافًا.
من هنا كانت دراستنا لحركة التاريخ، وكان وضع هذه الدراسة بين أيدي الأمة الإسلامية من أجل هدفين رئيسيين:
الأول: هو أن المسلمين معنيّون بصلاح وإصلاح الناس بحكم العقيدة السماوية العادلة التي يدينون بها، ومن ثَمَّ تقع على عاتقهم مهمة العمل من أجل تحقيق الصلاح عن طريق إيصال الإسلام إلى الناس كافة، لتطبيق أحكامه، ونشر أفكاره التي أمر الله سبحانه وتعالى أن تكون المصدر الوحيد لمعرفة نفس الإنسان، ولتدبير شؤونه في الدنيا والآخرة، وبالتالي لضبط مسار البشرية وتوجيهه نحو الارتقاء والسمو بما يحقق لها إنسانيتها بصورة تامَّة وشاملة.
والثاني: هو أن المسلمين، وهم المسؤولون أمام الله تعالى عن مصيرهم، ومصير غيرهم من الأمم والشعوب، لا يزالون تائهين عن الحقائق التي أتى بها الإسلام، كما أنزله رب العالمين. فها هم حتى اليوم، أي في أوائل القرن الخامس عشر الهجري وأواخر القرن العشرين الميلادي، نجدهم لا يأبهون لحركة التاريخ ولا يحاولون التعرُّف إلى أبعادها الكثيرة التي منها: البعدان الزماني والمكاني وما يدور فيهما من الأحداث والقضايا، بالإضافة إلى البعد الذاتي الذي هو المحتوى الداخلي للإنسان، والذي يتكوَّن من التفكير والطاقة الحيوية. كما نراهم وكأنهم يعيشون خارج دورة التاريخ، لا يأخذون عبرة من الماضي، ولا يبدون اهتمامًا بالمستقبل، غير عابئين إلّا بحاضرهم. ومع أنهم يتحدثون بالقول المأثور: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا»، تراهم يتصرفون بنقيض مفهوم هذا الحديث، حيث يعملون لدنياهم كأنهم يموتون غدًا ـــــــ فاقدين كل تصوُّر أو تخطيط للمستقبل ـــــــ ويعملون لآخرتهم كأنهم يعيشون أبدًا ـــــــ من غير أن يدركوا ما هم قادمون عليه ـــــــ. وهم يتخبطون في واقعهم السيئ، ولا يحاولون التخلص منه عن طريق الإفادة مما بين أيديهم من مفاهيم الإصلاح والصلاح التي احتواها دينهم القويم. إذ هم قد أغفلوا، منذ ستة قرون، دراسة حركة التاريخ، فتاهوا عن حقيقة التاريخ، معرضين عن جوانب الحياة النيرة، واقعين في متاهاتها المظلمة. بخلاف أسلافهم الذين حاولوا اكتشاف حركة التاريخ والاستفادة منها حتى كانت لهم تلك المآثر النبيلة التي أهمُّها الاستجابة لنداء الحق، وتربية الإنسان المسلم، وإقامة الروابط الإنسانية وتدعيمها بين مختلف الجماعات التي وصلوا إلى بلادها وحكموها على أساس من المفاهيم الإسلامية... فيكون الإسلام، وقد سار أولئك السلف على هديه، قد امتلك مفاهيم أحاطت بالزمن ولم يحط بها الزمن. وهي نفسها المفاهيم التي تصلح لكل زمان ومكان. وقد حملها رجال سطروا بأفعالهم تاريخًا جديدًا للإنسان نتيجة فهمهم لجوانب كثيرة من حركة التاريخ، بحيث يجدهم الزمن مهما تقدم في مضامير الرقيّ والتقدم، أمامه نبراسًا يستضاء به.
إنّ المسلمين بإغفالهم لحركة التاريخ، وبعدم إعارتهم لها الاهتمام الذي تستحقه، قد ارتكبوا خطأً فادحًا أدّى بهم إلى هذا الواقع الذي باتوا فيه لا يعون شيئًا مما تديره هذه الحركةـ وما ترسمه في الأُطر الحتمية التي ترافق المسيرة البشرية عبر تقدمها منذ فجر الخليقة وحتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. لذا نرى أن الواجب الأهم الملقى على عاتق قادة المسلمين في عصرنا الحاضر، هو أن يعوا حركة التاريخ، ويفهموا مقاصدها، وأن يتفاعلوا معها من خلال تدبُّرهم لمعاني القرآن الكريم والسنَّة النبوية الشريفة، حتى يكون في استطاعتهم العمل من ضمن المنهجية التي تسير عليها هذه الحركة، لكي تأتي النتائج التي تترتَّب عليها متوافقة مع مصلحة إسلامهم، ومصالح أمتهم.
من هنا كانت دعوتنا الخالصة التي تهيب بهم، وخصوصًا الدُّعاة منهم، أن يهبُّوا من غفلتهم متنبهين إلى حركة التاريخ، وأن يعوا كيف كانت تدور في الماضي، وكيف تعمل في الوقت الحاضر حتى يسيروا متجاوبين معها لبناء المستقبل الأفضل.
وعسى أن يكون هذا الكتاب شمعةً تنير الطريق أمام المسلمين لفهم حركة التاريخ والعمل بمقتضى السنن التي أرادها الله سبحانه وتعالى لهذه الحركة، بحيث تتمكن الأمة الإسلامية من السير على الصراط السويّ الذي أراده لها الله تعالى، وبحيث تكون المبادرة بيدها في مجال الإنشاء والبناء، وفي مجال قيادة العالم إلى ما فيه خيره وأمنه واطمئنانه... ونسأل الله تعالى أن يهدي هذه الأمة لما يحبُّه ويرضاه. إنه وليُّ التوفيق.


المصادر
1 السُّنن:جمع سنّة. وهي السيرة والطريقة والطبيعة والشريعة.
ــ السنة الكونية: الطريقة التي يسير عليها الكون.
ــ سنّةُ الله تعالى: طريقة طاعته. وسنّة النبيّ: طريقته.
ــ سنّةُ الطريق: نهجُه وجهتُه. يقال: طريقٌ مُسْتَسَنٌّ: أي مسلوك.
وعندما نكتشف شيئًا جديدًا نكون قد اكتشفنا الطريق إليه، فنستفيد منه كما نستفيد بمعلومات عنه.
مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢