نبذة عن حياة الكاتب
المسلمون من هم

المقَـدّمـة
قالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
المسْلِمُ أَخو المسْلِم لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ.
وَقَال: سِبابُ المسْلِم فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ.
وفي حِجَّةِ الوَداع أيْ في آخِرِ حجَّة حَجَّها رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إِلى بِيْتِ اللهِ الحَرامِ في مَكَّةَ المــُكَرَّمَة.
دَعَا المــُسْلِمِينَ جَميعًا لِمُمَارَسَةِ وَتَطْبِيقِ الشَّرِيعَةِ الإسْلاَمِيَّةِ مُرَكِّزًا عَلَى نُقْطَةٍ مُهِمَّةٍ تُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ النّقَاطِ لِصِيَانَةِ المــُجْتَمعِ وَتماسُكِهِ وَوَحْدتِهِ وَهيَ: نَبْذُ الخُصومَةِ، وَعَدَمُ الاعْتِدَاءِ في مَا بَيْنَهُمْ، وَمُحافَظَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى حُرْمَةِ بَعْضٍ، فَقَالَ:
أيُّ بَلَدٍ هذا، ألَيْسَتْ بالبَلْدَةِ الحَرَامِ؟
قُلْنَا بَلَى يا رَسُولَ اللهِ: قَالَ: فَإنَّ دِماءَكُمْ وَأَمْوالَكُمْ وَأعْرَاضَكُمْ وَأبْشارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذَا، في بَلَدِكُمْ هذا أَلاَ هَلْ بَلْغْتُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغ الشاهِدُ الغَائِبَ فإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغ يُبلِّغُهُ هُوَ أَوْعَى لَهُ فكانَ كذلِكَ: قالَ: لا تَرْجِعُوا بَعْدِيَ كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.


المقَدّمة

من هم المسلمون حقًّا؟
هلِ الَّذينَ ينتسبونَ إلى الإسلامِ انتسابًا، هُم المسلمونَ؟
هلِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الإِسلامَ ادّعاءً ولا يلتزمُونَ بهِ، هُمُ المسلِمونَ؟
هلِ الَّذينَ يُخَاصمونَ في الدِّينِ الإِسلاميِّ ويُقسِّمونَ أَنفُسَهُمْ طوائف وشِيَعًا وفِرَقًا وأحْزابًا طوائفَ، كلُّ حزبٍ بما لديهمْ فَرِحونَ؛ عاملونَ بالإِسلامِ؟
علينا أَن نُفَرِّقَ بعدَ اليومِ بينَ الإِسلامِ والمسلمينَ.
فالإِسلامُ هو اسمُ الدين السماوي الذي ارتضاه الله سبحانه للناس لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران: 19] وكلّف النبي محمدًا (صلى الله عليه وآله وسلم) بإيصاله إلى العقول والقلوب. وهو الدين الذي يتضمن العقيدة والنظام كما نجدهما في القرآن الكريم ونتلمسهما في السنّة النبوية الشريفة. وَأَمَّا المسلمونَ فَهُمُ الَّذين يعتنقون الإسلام عقيدة ويطبّقونه على أَنفسِهِمْ وفي تعاملهم مع الغير بالعمل الصالح وَيَدْعُونَ سواهُمْ إِلى تَطْبيقِهِ بالحكمةِ والموعِظَةِ الحسنةِ ويقولُون بعدها إِنَّنا منَ المسلمين لقولِهِ تعالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
وَأمّا من يقومُ بالقبائحِ والمعاصِي ويدعُو إلى التفرقةِ بينَ المسلمينَ والمحافظَةِ على بقائِهِم كطوائفَ متعدّدةٍ حتَّى يحقق غايات محض دنيوية كأن يكون لَهُ نصيبٌ مادّيٌّ أو مركزٌ مرموقٌ يُريدُ أَنْ يحافِظَ عليهِ في هذِهِ الطَّائِفةِ أَو تلكَ، فَهذَا وَأَمْثَالُهُ بَريءٌ مِنْهُمْ الإِسلامُ وَنَبِيُّ الإسلامِ محَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم) وبَريءٌ مِنْهم القرآنُ الكريمُ لقولِهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] أَيْ لَسْتَ مِنْهُمْ يَا مُحَمَّدُ.
نحنُ المسلمينَ اليومَ نَعيشُ في أَواخِرِ القرنِ العشرينَ ونُشاهِدُ الأُمَّمَ تسعَى لجمعِ كَلِمتها حتَّى يكون لكلٍّ منها سيادتها ومكانتها على وجهِ هذه الكرةِ الَّتي نحيَا على ظهرِهَا مُتنَافِسينَ: فهذِهِ الدُّولُ الأُوروبيَّةُ رأَتْ أَنَّ العالَمَ يحكمُهُ دولتان عملاقَتَانِ مُتَنَافِسَتَانِ عَلَى التَّحَكُّمِ، واستغلالِ الشُّعوبِ الممَزَّقَةِ والشُّعوبِ المسْتَضْعَفَةِ. فعمدت عَنْ طَرِيقِ ساسَتِها ومُفَكِّرِيها لجمْعِ كلمةِ أُوروبا حولَ أَهدافٍ مُشتَركةٍ تعودُ بالمصلحةِ على جميعِها، فاسْتَطَاعَت بعد الانهيارِ الاقتصاديِّ، والتأخُّرِ التكنولوجيِّ، اللَّذَيْنِ أَصابَا بلادَها بعد الحرب العالميَّةِ الثَّانيةِ أَنْ تثبتَ أَمامَ المنافسةِ التَّجاريَّة القويَّةِ الَّتي غَزَتْ فيها أميركا العالَمَ، وأن تعود فتتبوأ المركزَ اللائِقَ بها عالميًّا.
وَأَمَّا العربُ ـــــــ وهم في الغالبية الساحقة مسلمون ـــــــ فَقَدْ أَصبحتْ لهم في أَواخِرِ السّبعينياتِ مِنَ القرنِ الشعرينَ اثنتانِ وعشرونَ دولةً منضمّةً إلى الجامعةِ العربيّةِ، وهم منشقُّونَ داخلَها وخارجَها، يكيدُ بعضُهُمْ لبعضٍ، ويفتِّتونَ ثرواتِهِمْ، ويشرِّدُونَ رعايَاهُمْ، ويَقْتُلُونَ أبناءهُمْ، وبهذا يُسَاعِدُونَ أَعداءَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
عودةً أَيها المسلمُ إِلى قرآنِكَ الَّذَي يدعُوكَ إِلى التآخي لا البغضاءِ. وإِلى الاجتماع لا التَّفرقةِ، واستمعْ إِلى قولِهِ تعالَى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]. واعلَمْ أَنَّ بِالاجتماعِ وَالإِخاءِ يكونُ التَّحابُّ وَالنَّصرُ وَبِالتَّفْرِقَةِ وَالبَغضاءِ يكونُ الخذلانُ والقهرُ، وضَعْ نُصْبَ عَيْنَيْكَ قولَهُ تعالَى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].
وَلا أُخْفِي عليكَ أَيُّهَا القارئُ الكريمُ أَنَّ الَّذي دَعَانَا لِتأْليفِ هذا الكتابِ هُوَ التَّفرقةُ العمياءُ التي ما زالت تعمُّ العالم الإِسلامي وأَخصها التَّفرقةُ الواقعةُ بينَ المسلم الشِّيعيِّ وأخيه المسلمِ السُّنيِّ وَالَّتِي أورثتها عصور من الجهل والأَنانية وكان يجب أن تزول بزوال أسبابها البعيدة وأن تتبخّر مع تبخر الجهل وحلول الوعي محلّه ولكنْ مَعَ الأَسفِ ما زالَ لها بعضُ الجذورِ في النُّفوسِ المريضةِ. لأَنَّ غرْسَهَا كانَ محكمًا مِنْ قِبَلِ الفئةِ الَّتي حكمت العالَمَ الإِسلاميَّ على أَساسٍ منَ التَّفْرِقَةِ، وَمِنَ الدسَّاسينَ أَعداءِ هذا الدّينِ، وَمِنَ المنتفعينَ الَّذينَ أَبَوْا أَنْ يعشُوا إلا كما تعيشُ الطُّفيليَّاتُ على دماء الغير.
وسأَسرُدُ لكَ في هذا الكتبِ يا أَخي المسلمَ أَهمَّ حقائقِ الاختلافِ بينَ السُّنةِ والشِّيعَةِ والَّتي لم تكنْ يومًا من الأَيَّام اختلافًا على الكتابِ والسّنّةِ، بل كانت اختلافًا في فهمِ الكتابِ والسنَّةِ.
ولا تعجبْ، يا أَخي المسلمَ، إِذا قلتُ يا أَخي المسلمَ الشيعيَّ، لأَنَّ المسلمينَ جميعًا هُمْ حقيقةً ومن دونِ شكٍّ شيعةُ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأَهلِ بيتهِ، ولا تعجبْ كذلك إذا قلتُ يا أَخي المسلمَ السنيَّ، فالمسلمونَ جميعًا هُمْ حقيقةً ومن دون ريبٍ على سنَّةِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أَحدَ من المسلمينَ ينكُر الشِّيعةَ والسُّنةَ على هذا النَّحو.
أَما وَقَدْ أَصبَحَتْ كلمةُ الشِّيعةِ وكلمةُ السُّنةِ تعنيانِ التَّفرقةَ والطائفيَّةَ البغيضةَ فإنَّنَا نُنْكِرُهما ونَبْرَأُ مِنْهما أَمامَ اللهِ ورسولِهِ ونعودُ إلى قولِهِ تعالى: {إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] مُقتصرينَ على هذا القولِ أَنَا مسلمٌ ولا زيادةَ عَلى هذه التَّسْمِيةِ ولا نقصانَ.
وأَيضًا لا يجوزُ لنا أَنْ نقولَ الطائفةُ السُّنيةُ أَو الطائفةُ الشيعيَّةُ لأنَّنَا نحنُ المسلمينَ لسنَا بطائفيّين بَلْ نحنُ أُمَّةٌ إسلاميَّةٌ واحدةٌ كما وَصَفَنا اللهُ تعالى بقوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52].

سميح عاطف الزين

مقدمة الكتاب
القسمُ الأوّل
القِسم الثاني
القِسم الثالِث
القسم الرابع
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢
الإسلام وثقافة الإنسان
الطبعة: الطبعة التاسعة
المؤلف: سميح عاطف الزين
عدد الصفحات: ٨١٦
تاريخ النشر: ٢٠٠٢